إسرائيل تلاحق الدراجات النارية على الحدود بجنوب لبنان

ثلاثة اغتيالات أسفرت عن سقوط قتلى بينهم مدنيون

النيران تندلع من دراجة نارية استهدفتها غارة إسرائيلية في بلدة حولا بجنوب لبنان (ناشطون ميدانيون)
النيران تندلع من دراجة نارية استهدفتها غارة إسرائيلية في بلدة حولا بجنوب لبنان (ناشطون ميدانيون)
TT

إسرائيل تلاحق الدراجات النارية على الحدود بجنوب لبنان

النيران تندلع من دراجة نارية استهدفتها غارة إسرائيلية في بلدة حولا بجنوب لبنان (ناشطون ميدانيون)
النيران تندلع من دراجة نارية استهدفتها غارة إسرائيلية في بلدة حولا بجنوب لبنان (ناشطون ميدانيون)

انتقل الجيش الإسرائيلي في حربه ضد «حزب الله» في جنوب لبنان، إلى مرحلة استهداف الدراجات النارية في المنطقة الحدودية، دون التمييز بين المدنيين والمقاتلين، حسبما قالت مصادر ميدانية، إذ نفذت مُسيّراته، الأحد، ثلاثة استهدافات لدراجات نارية، أحدها انتحاري، وأسفر عن وقوع ستة قتلى؛ بينهم مدنيون، وإصابة آخرين.

ويعكس التحول الأخير تطويراً لاستراتيجية حظر التجول بالمنطقة الحدودية اللبنانية الجنوبية عبر القصف المكثف. فقد أدت الاستهدافات المتواصلة للسيارات إلى فرض منطقة حظر تجول بالنار على كامل منطقة الشريط الحدودي، كما أدى القصف الجوي العنيف والتدمير الممنهج للمنازل، إلى إفراغ المنطقة الحدودية، قبل أن تتوسع الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية، هذا الأسبوع، لاستهداف الدراجات النارية التي تحاول التنقل في تلك المنطقة.

ويظن السكان أن التنقل بالدراجات النارية من شأنه أن يكشف وجوه راكبيها، مما يتيح للتقنيات الإسرائيلية التعرف على وجوههم، والتيقن بأنهم مدنيون، وفق ما قالت مصادر ميدانية، لافتة إلى أن ما قامت به إسرائيل، الأحد، «يثبت العكس؛ حيث لا شيء يمكن أن يحمي المدنيين، بدليل استهداف مدنيين اثنين يقومان بإطعام الحيوانات الأليفة مثل القطط والكلاب التي بقيت في المنطقة».

وأفادت جمعية «الجنوبيون الخضر»، الأحد، بأن الغارة استهدفت شابين كانا يركبان دراجة نارية في بلدة عيتا الشعب الحدودية، وكانا يواظبان على إطعام القطط. وقالت إن الشاب رفيق حسن قاسم دأب على رعاية الحيوانات وإطعامها في بلدته عيتا الشعب التي تتعرض لاعتداءات إسرائيلية منذ ثمانية أشهر. ولفتت إلى أن الشاب «يعمل ميكانيكياً، وكان يتردد بشكل منتظم على قريته الصامدة حاملاً الطعام لعشرات القطط والكلاب».

وقاسم، قُتل في غارة نفّذتها مُسيّرة مفخخة استهدفت دراجته النارية التي كان يستقلها مع صديقه؛ وهو مدني آخر، مما أدى إلى مقتلهما. وغالباً ما يلاحق الجيش الإسرائيلي المركبات بالمُسيّرات التي تطلق الصواريخ الموجهة، ومن النادر استخدام المُسيّرات المفخخة التي افتتحت استخدامها، في الأسبوع الماضي، عندما قصفت حطام منزل في الناقورة كانت قد استهدفته بغارة جوية، مما أدى إلى تدميره.

وكانت الغارة على دراجة نارية في عيتا الشعب هي الثانية، يوم الأحد، بعد غارة أخرى استهدفت دراجة نارية في الناقورة، مما أدى إلى مقتل قائدها، وإصابة آخرين من المدنيين كانوا موجودين بمحيط المنطقة، بجروح. وقالت المصادر الميدانية إن المستهدف كان عنصراً في «حزب الله»، وقد نعاه «الحزب»، في وقت لاحق، في بيان، ووصف استهدافه بـ«الاغتيال».

وأعلن الجيش الإسرائيلي لاحقاً أنه «جرى التعرف على عنصر من (حزب الله) وهو يخرج من منشأة عسكرية في منطقة الناقورة، وجرى قضفه مباشرة والقضاء عليه».

حطام دراجة نارية استهدفت غارة إسرائيلية مقاتلاً من «حزب الله» كان يستقلها في الناقورة (الوكالة الوطنية)

في السياق نفسه، استهدفت مُسيّرة إسرائيلية بصواريخ موجهة دراجة نارية في وسط بلدة حولا، مما أدى إلى وقوع ثلاثة قتلى على الأقل، بين إصابات انتشلها الدفاع المدني، وأفادت وسائل إعلام لبنانية بأن بين المصابين مدنيين أيضاً.

وأفادت «الوكالة الوطنية» بأن بلدة عيترون تعرضت لقصف إسرائيلي، حيث سجل سقوط قذائف فوسفورية محرَّمة دولياً على أحيائها، مما تسبب باندلاع حرائق واسعة، كما شنّت الطائرات الحربية الإسرائيلية غارة استهدفت بلدة يارون في قضاء بنت جبيل، بصاروخين من نوع جو - أرض، كما استهدف الجيش الإسرائيلي بالقصف الفسفوري العنيف بلدة العديسة، وبلدة كفركلا، وأطراف بلدتي شيحين ومجدل زون، بالتزامن مع قصف على وادي حامول ووادي حسن بعدد من القذائف المدفعية.

الدخان يتصاعد من غارة إسرائيلية استهدفت جنوب لبنان (أ.ف.ب)

«حزب الله»

في المقابل، أعلن «حزب الله» أنه ردّ على الاغتيال في بلدة ‏الناقورة وإصابة المدنيين، بهجوم ناري مكثف بالأسلحة الصاروخية وقذائف المدفعية استهدف موقع جل العلام، وانتشاراً لجنود إسرائيليين في محيطه، كما أعلن أنه رد، ردّاً على الاغتيال الذي قام به العدو الصهيوني في بلدة ‌‏الناقورة ‏وإصابة مدنيين، بقصف ‏مقر قيادة الكتيبة في ثكنة ليمان براجمة صاروخية.

وقال إنه رد على قصف عيتا الشعب باستهداف مبنى يستخدمه جنود إسرائيليون في مستعمرة أفيفيم، كما استهدفوا أيضاً ‏مباني ‏يستخدمها الجنود في مستعمرة مرغليوت بالأسلحة المناسبة، وحقّقوا ‏إصابات.

وأشار، في بيانات لاحقة، إلى استهداف المنظومات الفنية في موقع العباد بالأسلحة المناسبة، واستهداف موقع المالكية وانتشار جنود إسرائيليين في محيطه، فضلاً عن استهداف موقعي الرمثا وزبدين في مزارع شبعا بالصواريخ.

كان الجيش الإسرائيلي قد كثف، ليل السبت، قصفه المدفعي، مستهدفاً أطراف بلدات كفرحمام والناقورة في وادي حامول وراشيا الفخّار، وزبقين، واللبونة، وحرج مركبا، والأطراف الشرقية لبلدة الخيام. وتعرضت بلدة الخيام لأربع غارات عنيفة ليلاً، في أقل من 5 دقائق.

وعلى التوازي، أعلن المتحدث باسم ​الجيش الإسرائيلي​، ​أفيخاي أدرعي​، أن «الجيش هاجم، خلال ساعات الليلة الماضية، من خلال القصف الجوّي والمدفعي، أهدافاً لـ(​حزب الله​) في خمس مناطق ب​جنوب لبنان». وقال إن «طائرات حربيّة أغارت، ليلة الأحد، على بنية تحتيّة ومبان عسكريّة عدّة لـ(حزب الله) في منطقتَي الخيام وعيتا الشعب. كما قصف الجيش بالمدفعيّة مناطق في الخيام وحولا ومركبا وكفركلا في جنوب لبنان».


مقالات ذات صلة

استراتيجية «حزب الله» الانتقامية: تصعيد مدروس بخسائر محدودة

المشرق العربي خلال تشييع القيادي في «حزب الله» نعمة ناصر الذي اغتالته إسرائيل باستهداف سيارته يوم الأربعاء (د.ب.أ)

استراتيجية «حزب الله» الانتقامية: تصعيد مدروس بخسائر محدودة

تراجعت المواجهات على جبهة الجنوب بشكل ملحوظ، الجمعة، بعد يوم تصعيدي غير مسبوق، إثر اغتيال القيادي في «حزب الله» نعمة ناصر.

كارولين عاكوم (بيروت )
المشرق العربي اللقاء الذي جمع نصر الله بوفد من حركة «حماس» في بيروت (الوكالة الوطنية للإعلام)

لقاء بين نصرالله ونائب رئيس «حماس»: تنسيق ميداني وسياسي

عقد الأمين العام لـ«حزب الله» لقاءً مع وفد من «حماس»، حيث كان بحث في التطورات الأمنية والسياسية في فلسطين عموماً وغزّة خصوصاً وأوضاع جبهات الإسناد.

يوسف دياب (بيروت)
يوميات الشرق طوني ناصيف يضع اختصاصه في خدمة لوحاته (الشرق الأوسط)

«فنّ الاندماج البصري» لطوني ناصيف: أرقام وحسابات في لعبة فنّية

ينطلق الفنان التشكيلي اللبناني المهندس طوني ناصيف، من قواعد اختصاصه ليُترجم أفكاره، فيجمع فيها أكثر من تيمة، ويقولبها في خلطة من الرسم واللصق و«الميكسد ميديا».

فيفيان حداد (بيروت)
المشرق العربي هوكستين وبري خلال لقاء سابق لهما في بيروت (رئاسة البرلمان اللبناني)

هوكستين يقترح تسوية تستبعد إلحاق الـ«نقطة-ب» والمزارع بلبنان

سيكون الوضع في جنوب لبنان محور المساعي الدولية بعد غزة على أن تتركز جهود الوسيط الأميركي أموس هوكستين على إبرام تسوية لعودة الهدوء والنازحين إلى أماكن سكنهم.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي القائد العام لـ«اليونيفيل» الجنرال أرلدو لاثارو متوسطاً نواب لجنة الشؤون الخارجية (الوكالة الوطنية للإعلام)

اجتماع بين «اليونيفيل» ونواب لبنانيين على وقع صفارات الإنذار في الناقورة

حثّت قوات الأمم المتحدة في لبنان على التأكيد على ضرورة تنفيذ القرار «1701»، وذلك «للوصول إلى حل سياسي ودبلوماسي يعيد الاستقرار على المدى الطويل إلى جنوب لبنان».

«الشرق الأوسط» (بيروت)

لقاء بين نصرالله ونائب رئيس «حماس»: تنسيق ميداني وسياسي

اللقاء الذي جمع نصر الله بوفد من حركة «حماس» في بيروت (الوكالة الوطنية للإعلام)
اللقاء الذي جمع نصر الله بوفد من حركة «حماس» في بيروت (الوكالة الوطنية للإعلام)
TT

لقاء بين نصرالله ونائب رئيس «حماس»: تنسيق ميداني وسياسي

اللقاء الذي جمع نصر الله بوفد من حركة «حماس» في بيروت (الوكالة الوطنية للإعلام)
اللقاء الذي جمع نصر الله بوفد من حركة «حماس» في بيروت (الوكالة الوطنية للإعلام)

استأثرت محادثات وقف النار في غزّة وانعكاساتها على جبهة لبنان باللقاء الذي جمع أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله بوفد قيادي من حركة «حماس» برئاسة خليل الحية، من دون إغفال «التطورات الأمنية والسياسية في فلسطين عموماً وغزّة خصوصاً وأوضاع (جبهات الإسناد) في لبنان واليمن والعراق». وأعلنت العلاقات الإعلامية في «حزب الله» أنّ اللقاء «تناول آخر مستجدات المفاوضات القائمة ‏هذه الأيام وأجواءها والاقتراحات المطروحة للتوصل إلى وقف العدوان على الشعب الفلسطيني في قطاع ‏غزة»، مشيرة إلى أن الطرفين «أكدا مواصلة التنسيق الميداني والسياسي على كل صعيد بما يحقّق الأهداف ‏المنشودة».

ويحمل اللقاء في توقيته ومضمونه إشارات لافتة، إذ إنه يأتي قبل ساعات من استئناف المفاوضات بين إسرائيل و«حماس» على وقف النار في غزّة بمقتضيات مبادرة الرئيس الأميركي جو بايدن، وأوضح مصدر مقرب من «حزب الله» أن اللقاء «يندرج في سياق التنسيق بين كافة حركات المقاومة الفلسطينية، سواء حركة (حماس) أو (الجهاد الإسلامي)، أو (الجماعة الإسلامية) أو غيرها». وأكد لـ«الشرق الأوسط» أن المشاورات «شملت الملفات التي تعني كلّ فصائل المقاومة، منها محادثات وقف النار في غزّة، لما له من ارتباط وثيق بما يجري على الجبهة اللبنانية». وقال: «تركز على سبل التعاون المستقبلي، سواء خلال الحرب أو بعدها، خصوصاً في مجالات التدريب أو توفير طرق الإمداد وغيرها من الوسائل، وهذا امتداد لتعاون تاريخي يعود لعقود». وشدد المصدر المقرب من «حزب الله» على أن الأخير «جدد تأكيده على أن وقف النار في جنوب لبنان مرتبط بوقفها في غزّة أولاً، ورغم استبعاد الحرب الإسرائيلية على لبنان لأسباب متعددة، فإن الطرفين شددا على الجهوزية الكاملة لمواجهة أي حماقة ترتكبها إسرائيل».

وقال المصدر نفسه إن وفد «حماس»، «طمأن إلى أن الحركة ما زالت تمتلك القوة العسكرية الكافية في غزّة، سواء على صعيد التسليح، أو العديد والعتاد، أو المعلومات الأمنية التي تكبّد العدو خسائر بشرية هائلة»، مشيراً إلى أن وفد «حماس» أكد مجدداً أن «كل ما أنجزته إسرائيل في حربها على غزّة هو تدمير القطاع وقتل آلاف الأبرياء، لكنها عجزت عن تحقيق أي هدف من أهداف الحرب».

ويضع متابعون لتطورات الأحداث على الجبهة الجنوبية هذا اللقاء في سياق الاجتماعات التي يعقدها نصر الله مع قادة فصائل المقاومة، خصوصاً أنه يأتي بعد أيام قليلة على اجتماعه بالأمين العام لـ«الجماعة الإسلامية» في لبنان محمد طقّوش، وقال المسؤول الإعلامي لـ«حماس» في بيروت وليد كيلاني أن اللقاء مع نصر الله «تمحور حول آخر مستجدات ملف التفاوض، وما هو مطروح على الحركة، وما قدمته الأخيرة للوسطاء في هذا الصدد».

وشدد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على أن «الأولوية لدى حركات المقاومة كلها هي وقف النار في غزّة، من هنا وضع الدكتور خليل الحيّة السيد نصر الله في آخر ما توصلت إليه الوساطات التي قامت بها مصر وقطر وتركيا، والضغوط الأميركية على تل أبيب، وضرورة الاتفاق على هدنة تدخل حيز التنفيذ قبل زيارة (رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين) نتنياهو إلى واشنطن». وشدد كيلاني على أنه «لا تغيير في المرتكزات الأساسية التي وضعتها قيادة (حماس) شرطاً أساساً في المفاوضات، وأهمها وقف العدوان على أهلنا في غزة وانسحاب الجيش الإسرائيلي من القطاع قبل البحث بتبادل الأسرى».

في حال التوصل إلى اتفاق على هدنة في قطاع غزّة، فإن نجاحها سيترك تداعيات على الجبهة اللبنانية - الإسرائيلية، وفق تقدير الخبير العسكري والاستراتيجي العميد خالد حمادة، الذي أشار في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «(حزب الله) يتوجّس من إمكانية عدم انسحاب وقف العمليات العسكرية في غزّة على لبنان». وقال «نصر الله يخشى فعلاً أن ينصرف الاهتمام الإسرائيلي نحو لبنان، ولا بدّ له أن يستوضح انعكاسات توقف الحرب على غزّة، وإلى أي حدّ سيستمرّ التعاون بين الجانبين إذا ما نفّذ نتنياهو تهديداته بشنّ حرب على لبنان».