«عطلة الغدير» تفجر سجالاً حول «حقوق الطوائف» في العراق

3 أعياد لـ«الموسوية اليهودية»... والقانون خلا من اليوم الوطني و«إسقاط الملكية»

جانب من إحدى جلسات البرلمان العراقي (وكالة أنباء العالم العربي)
جانب من إحدى جلسات البرلمان العراقي (وكالة أنباء العالم العربي)
TT
20

«عطلة الغدير» تفجر سجالاً حول «حقوق الطوائف» في العراق

جانب من إحدى جلسات البرلمان العراقي (وكالة أنباء العالم العربي)
جانب من إحدى جلسات البرلمان العراقي (وكالة أنباء العالم العربي)

فجّر إقرار «عيد الغدير» عطلة رسمية في العراق سجالاً طائفياً، في حين فتح نقاشاً سياسياً حول شكل العلاقة بين زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، وبين خصومه في الإطار التنسيقي.

وسبب ربط الصدر بعطلة الغدير يعود إلى أنه صاحب الدعوة لإقرار العطلة، وهو أيضاً من «شكر النواب الشيعة»، بمن فيهم أعضاء الإطار التنسيقي على التصويت لصالحها في البرلمان، في جلسة أمس الأربعاء.

وأقرّ البرلمان «عيد الغدير» عطلة رسمية في عموم البلاد، بعدما صوَّت، على قانون «العطل»، في حين لم يَرد أي ذكر ليوم تأسيس الجمهورية الذي يصادف 14 يوليو (تموز).

وأظهر نص القانون، الذي وزَّعه نواب على وسائل الإعلام، أن «العطل الرسمية ستكون: الجمعة والسبت من كل أسبوع، ورأس السنة الميلادية، ورأس السنة الهجرية، والمولد النبوي، والعاشر من شهر محرم، وعيد الغدير، وعيد الفطر، وعيد الأضحى، وعيد نوروز، وعيد الجيش، وعيد العمال»، وخوَّل القانون الجديد لـ«المدن المقدسة تعطيل الدوام الرسمي بحد أقصى ثلاثة أيام حسب الضرورة، ومنح «كل الديانات والطوائف العراقية كالمسيحية والصابئة والإيزيدية أعياداً محددة، وتكون العطل خاصة لهم».

وكان من اللافت إقرار ثلاثة أعياد خاصة بالطائفة الموسوية اليهودية التي لم يعد لأتباعها وجود قوي كما في السابق، وهي «يوم الكفارة، ويوما عيد الفصح، ويوما عيد المظلة».

أنصار لزعيم التيار الصدري يرفعون الرايات الخضراء احتفالاً بتشريع «عطلة الغدير» (فيسبوك)
أنصار لزعيم التيار الصدري يرفعون الرايات الخضراء احتفالاً بتشريع «عطلة الغدير» (فيسبوك)

سجال شيعي سني

وأصرّ نواب شيعة على إدراج العطلة، رغم الجدل الشعبي والسياسي حول المناسبة الدينية، والتحذير من ردود فعل تثير الانقسام.

وقال نواب، حضروا جلسة التصويت، إنها شهدت غياب النواب السنة والكرد؛ لاعتراضهم على «مناسبة تخص مكوناً بعينه».

وأعلنت أحزاب سنية رفضها الحراك الشيعي لتشريع «عيد الغدير» عطلة رسمية. وقال الحزب الإسلامي العراقي، في بيان صحافي، إن «مقترح اعتماد (عيد الغدير) عطلة رسمية لا يتوافق مع احتياجات العراق اليوم».

و«عيد الغدير»، الذي يصادف في التقويم الهجري 18 من ذي الحجة، يعود لإحدى خطب النبي محمد صلى الله عليه وسلم ألقاها عند منطقة «غدير خم»، في العام العاشر بعد الهجرة، ومضمونها محل خلاف بين المذاهب الإسلامية على مدار قرون، ولا سيما في العراق بين السنة والشيعة.

وقال مدونون إن إقرار مناسبة خلافية كعطلة وطنية بمثابة «فرض أمر واقع على أبناء معتقدات دينية مخالِفة».

ودافع ناشطون مُوالون للإطار عن القانون، على خلفية أن «الشيعة العراقيين يمثلون أغلبية سكانية في البلاد، ويحق لهم التمتع بحقوقهم الديمقراطية».

وقال قيس الخزعلي، زعيم حركة «عصائب أهل الحق»، في بيان مقتضب بعد جلسة التصويت: «لقد نال أغلبية الشعب حقوقهم الغائبة».

ونشر حساب على منصة «إكس» يمثل زعيم التيار الصدري باسم «صالح العراقي»، إنه «لأول مرة يشعر الشيعي العراقي بحريته الحقيقية"، في حين ظهر الصدر في مرقد الإمام علي بمدينة النجف؛ «احتفالاً بعطلة الغدير»، على حد تعبير بيان لمكتبه.

تأسيس الجمهورية

في السياق نفسه، احتج المدنيون على إلغاء عطلة 14 يوليو، التي صادفت إسقاط النظام الملكي في العراق وإعلان الجمهورية عام 1958.

كما لم يمنح القانون المسيحيين عطلة في مناسبة مولد السيد المسيح، ولم يخصص يوماً للعيد الوطني.

وقال عضو اللجنة القانونية في البرلمان، رائد المالكي، إن العيد الوطني سيُحدد، بموجب القانون الخاص بتحديد عَلَم وشعار الدولة العراقية ونشيدها الوطني، مضيفاً «ننتظر إرساله من الحكومة الاتحادية».

وأوضح المالكي أن «الدستور أوجب تحديد علم وشعار ونشيد العراق بقانون، ولأن العيد الوطني مرتبط بتلك الرموز، وهناك خلاف عليها، لذا ترك تحديده لهذا القانون الخاص ولم يدمج مع العطل الرسمية وننتظر إرساله من الحكومة».

مقتدى الصدر (رويترز)
مقتدى الصدر (رويترز)

هدنة مع الصدر أم مصالحة؟

وخارج السجال الذي يأخذ بعداً طائفياً إلى حد ما، ينشط نقاش حول سيناريوهات سياسية للعلاقة بين الصدر وقادة الإطار التنسيقي، وفيما إذا كان تشريع عطلة الغدير يمهد لهدنة أو صلح بين الطرفين.

وقبل أيام من جلسة التصويت، وجّه الصدر رسالة شديدة اللهجة للنواب الشيعة في البرلمان، قائلاً: «إذا صوّت أعضاء البرلمان على هذا، فسأقدم لهم الشكر، وإن لم يصوّتوا فسيكون النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) والإمام علي خصميهم، بسنتهم وشيعتهم».

وتابع الصدر: «أرفض أن يزاودني أحد على نبذ الطائفية فنحن من أسهم في درء التأجيج الطائفي، والمطالبة بعطلة عيد الغدير جاءت تفعيلاً للتعايش السلمي».

واستجاب جميع النواب الشيعة لدعوة الصدر، وقد يعكس هذا مؤشراً على تفاهم بين الطرفين. وقال ناشطون إن التخادم بين الخصمين حول «عيد الغدير» قد يفتح الباب لمصالحة تاريخية، أو على الأقل هدنة طويلة الأمد.

ومع ذلك، استبعد مراقبون تحقق المصالحة بين الطرفين، ولا سيما أن الجميع بدأ يعد العدة للانتخابات المقبلة، لكنهم حددوا مستقبل العلاقة بين الصدر وخصومه بأمرين؛ الأول إذا عاد التيار الصدري مشاركاً في الانتخابات، وفي حال استخدم عطلة الغدير وسيلة للدعاية الانتخابية، فإن الخلافات ستنفجر مع الإطار التنسيقي، صاحب التأثير المباشر في التصويت على القانون.


مقالات ذات صلة

11 نوفمبر موعداً لانتخابات العراق

المشرق العربي 
موظف في مفوضية الانتخابات العراقية يحمل صندوقاً لفرز أصوات الاقتراع المحلي في ديسمبر 2023 (أ.ف.ب)

11 نوفمبر موعداً لانتخابات العراق

حدّدت الحكومة العراقية، أمس (الأربعاء)، يوم 11 نوفمبر (تشرين الثاني) 2025 موعداً لإجراء الانتخابات التشريعية في البلاد.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي مسؤولون يفرزون أوراق الاقتراع أثناء انتخابات مجالس المحافظات العراقية في كركوك (أرشيفية - رويترز)

الحكومة العراقية تُعلن إجراء الانتخابات التشريعية في 11 نوفمبر

أعلنت الحكومة العراقية، الأربعاء، إجراء الانتخابات العامة التشريعية المقبلة في 11 نوفمبر المقبل.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي مقاتلان من فصائل موالية لإيران بالعراق في صورة تم التقاطها في ديسمبر 2023 (رويترز)

تقرير: إيران تُسلِّح الفصائل الموالية لها في العراق بصواريخ بعيدة المدى

كشف تقرير جديد أن إيران نقلت صواريخ بعيدة المدى إلى القوات الموالية لها في العراق لأول مرة، ما زاد من وجودها العسكري في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عربية التعادل السلبي حكم مباراة القادسية الكويتي مع ضيفه دهوك العراقي (نادي القادسية)

«أبطال الخليج»: القادسية يتعادل مع دهوك سلبياً في ذهاب النهائي

خيم التعادل السلبي على مباراة القادسية الكويتي مع ضيفه دهوك العراقي الثلاثاء في ذهاب الدور النهائي من بطولة دوري أبطال الخليج.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
المشرق العربي جانب من اجتماع لتحالف «الإطار التنسيقي» في بغداد (إكس)

العراق: التحالف الحاكم يصر على انتخابات في موعدها

شددت قوى «الإطار التنسيقي» الشيعي على ضرورة إجراء الانتخابات العامة العراقية في موعد أقصاه 25 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

فاضل النشمي (بغداد)

حكومة العراق تطوق غضب المعلمين رغم «عنف الشرطة»

عناصر من «مكافحة الشغب» العراقي يحاصرون معلمين محتجين في الناصرية جنوب البلاد (فيسبوك)
عناصر من «مكافحة الشغب» العراقي يحاصرون معلمين محتجين في الناصرية جنوب البلاد (فيسبوك)
TT
20

حكومة العراق تطوق غضب المعلمين رغم «عنف الشرطة»

عناصر من «مكافحة الشغب» العراقي يحاصرون معلمين محتجين في الناصرية جنوب البلاد (فيسبوك)
عناصر من «مكافحة الشغب» العراقي يحاصرون معلمين محتجين في الناصرية جنوب البلاد (فيسبوك)

قالت الحكومة العراقية إنها اتخذت 7 خطوات لاستيعاب غضب الكوادر التربوية في العراق التي أعلنت إضراباً عاماً انتهى بصدامات عنيفة بين الشرطة ومعملين في الناصرية مركز محافظة ذي قار الجنوبية، أصيب فيها ما لا يقل عن 42 شخصاً، بحسب دائرة الصحة.

ورغم انتهاء الإضراب وعودة الدوام في المدارس والثانويات، فإن انتقادات شعبية واسعة ما زالت توجه للشرطة التي لجأت إلى العنف المفرط في تفريق المتظاهرين، وهي طريقة ذكّرت كثيرين بالطرق التي اتبعتها الأجهزة الأمنية في احتجاجات أكتوبر (تشرين الأول) 2019، وأودت بحياة ما لا يقل عن 800 متظاهر وجرح أكثر من 20 ألف متظاهر، وكانت الناصرية أحد معاقل تلك الاحتجاجات.

ومع حالة التوتر والغضب التي رافقت إضراب الكوادر التربوية المطالبة بتحسين ظروفها المعيشية، لجأت حكومة رئيس الوزراء محمد السوداني إلى اتخاذ مجموعة تدابير من شأنها تطويق الأزمة التربوية التي يمكن أن تهدد العام الدراسي المشارِف على الانتهاء.

7 إجراءات حكومية

وقال بيان لرئاسة الوزراء إنه وبهدف إنصاف الكوادر التربوية والتعليمية وموظفي وزارة التربية، استضاف مجلس الوزراء نقيب المعلمين، وأصدر، الثلاثاء، حزمة قرارات.

وعالج الإجراء الأول مطلب السكن الذي كان في مقدمة مطالب التربويين من خلال «المضي بإجراءات توزيع قطع الأراضي للملاكات التربوية والتعليمية في بغداد والمحافظات، وتشكيل لجنة عليا لإنشاء الأحياء السكنية الخاصة بالكوادر التربوية والتعليمية وموظفي وزارة التربية».

وأوعز الإجراء الثاني إلى وزارة المالية بـ«صرف أجور النقل للمشرفين التربويين، المرصودة ضمن موازنة كل مديرية تربية تابعة للوزارة»، كذلك طلب من وزارة التربية القيام بـ«صرف 100 ألف دينار (نحو 76 دولاراً)، لتسيير عمل إدارات المدارس، لكل فصل دراسي».

وتضمنت الإجراءات الأخرى تفعيل مواد قانون حماية المعلم (8 لسنة 2018)، إلى جانب جرد المدارس النائية، والملاكات التربوية في هذه المدارس، التي تبعد مسافات تزيد على 100 كيلومتر عن مراكز المدن، وتقدم إلى وزارة التربية لإيجاد الحلول المناسبة لإنصافها، وأيضاً، الطلب من وزارة المالية دراسة احتساب سنوات الخدمة المجانية لأغراض العلاوة والترفيع، ومنح قروض مالية للملاكات التربوية والتعليمية من المصارف الحكومية، بنسب فائدة بسيطة لتحسين المستوى المعيشي.

ورحب مصدر مقرب من نقابة المعلمين العراقية بالإجراءات الحكومية، لكنه شكك، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، بإمكانية أن «توفر حلاً بعيد المدى لمشكلة الكوادر التربوية».

وأضاف أن «مطالبة الكوادر تتركز في إضافة مخصصات إضافية بنسبة 100 في المائة على الرواتب الأصلية، وعلى غرار ما هو موجود في وزارات أخرى، إلى جانب أن الوعود الحكومية غالباً ما يتم تجاهلها مع مرور الوقت».

غصب الناصرية

وعقب المصادمات مع المتظاهرين من الكوادر التربوية، دعا النائب محمد نوري عن كتلة «امتداد» ومحافظة ذي قار، إلى عقد جلسة طارئة للبرلمان، على خلفية ما وصفه بـ«الاستهداف المباشر» الذي طال المعلمين في أثناء المظاهرات الأخيرة، ولا سيما في محافظة ذي قار.

وقال في تصريحات صحافية، إن «ما جرى من تجاوزات يمثل مؤشراً خطيراً يستوجب موقفاً وطنياً مسؤولاً»، وحذر من «تداعيات هذه الاعتداءات على المنظومة التعليمية ومكانة المعلم في المجتمع».

وأعربت مديرية تربية ذي قار عن استنكارها الشديد لحادثة الاعتداء التي تعرض لها عدد من الكوادر التربوية خلال الوقفة الاحتجاجية.

وقالت، في بيان، إنها «تعرب عن استنكارها للاعتداء الذي تعرّض له عددٌ من الكوادر التربوية خلال مشاركتهم في وقفة احتجاجية للمطالبة ببعض الحقوق، وهم يمثلون الركيزة الأساسية لبناء الأجيال وخدمة الوطن».

وطالبت المديرية بـمحاسبة كل من حاول المساس بكرامة التربويين، ودعت إلى الحفاظ على الطابع السلمي للمظاهرات.

معلم متظاهر يتلقى إسعافاً أولياً جراء إصابته خلال اشتباك مع قوات الأمن في الناصرية (فيسبوك)
معلم متظاهر يتلقى إسعافاً أولياً جراء إصابته خلال اشتباك مع قوات الأمن في الناصرية (فيسبوك)

وأعرب مجلس محافظة ذي قار، كذلك، عن إدانته الشديدة لأعمال العنف التي طالت الكوادر التربوية والتعليمية خلال المظاهرة التي نُظمت في مدينة الناصرية للمطالبة بحقوق وظيفية.

وقال المجلس، في بيان، إن «ما جرى من اعتداءات واعتقالات طالت عدداً من المعلمين والتربويين، من بينهم عضو المجلس الأستاذ سلام الفياض، يمثل انتهاكاً واضحاً لحقوق هذه الشريحة المهمة التي تمثل ركيزة أساسية في بناء المجتمع والنهوض به».

وأكد المجلس «ضرورة احترام مكانة المعلم، والتعامل مع مطالبه بالطرق القانونية والمؤسساتية، من خلال الحوار والتفاهم، بعيداً عن أي إجراءات تعسفية أو استخدام للقوة». وطالب بالإفراج الفوري عن جميع المعتقلين على خلفية المظاهرات.

وتحدثت مصادر طبية في دائرة صحة ذي قار عن تسجيل 42 إصابة خلال المظاهرات التي شهدتها مدينة الناصرية، الثلاثاء، لكن أوساط الناشطين والمتظاهرين تتحدث عن أرقام أخرى تتجاوز الـ50 إصابة معظمها بين صفوف المتظاهرين. فيما تحدثت المصادر الرسمية عن إصابة 15 عنصراً من الشرطة.