اهتدت الهيئة القضائية للانتخابات أخيراً إلى حلّ للخلاف الحاد الذي نشب بين أربيل والمحكمة الاتحادية في بغداد حول «كوتة» الأقليات في برلمان الإقليم، بعد قيامها في وقت سابق بإلغائها، والبالغ عددها 11 مقعداً مخصصة للمسيحيين والتركمان والإيزيديين.
ومن شأن القرار تسهيل إجراء انتخابات برلمان كردستان، المقررة في يونيو (حزيران) المقبل، لكن المرجح أن رئاسة الإقليم، بالاتفاق مع مفوضية الانتخابات، ستحدد موعداً جديداً حتى يتمكن الحزب «الديمقراطي» الكردستاني من تقديم لائحة مرشحيه للمفوضية بعد امتناعه عن ذلك خلال الفترة المحددة للتقديم سابقاً احتجاجاً على إلغاء «كوتة» الأقليات.
5 مقاعد
وبغضّ النظر عن الجدل حول أحقية الهيئة القضائية بإلغاء قرارات المحكمة الاتحادية «الباتّة»، فإنها وجدت الحل في قرار أصدرته، الثلاثاء، يقضي بمنح مكونات الإقليم 5 مقاعد في برلمان كردستان، الذي حدّدته المحكمة الاتحادية في وقت سابق بـ100 مقعد، بعد أن قامت بإلغاء المقاعد الـ11 المخصصة للأقليات.
وسبق أن أشارت الهيئة القضائية في الانتخابات إلى عدم تخصص المحكمة الاتحادية في الحكم بقضية «كوتة» الأقليات، ما دفع الاتحادية إلى إصدار «توضيح» مقتضب، قالت فيه إنها تختص بـ«الرقابة على دستورية القوانين والأنظمة النافذة».
وبعد قرار سماح الهيئة القضائية بتخصيص 5 مقاعد للأقليات، أصدرت المحكمة الاتحادية، اليوم (الثلاثاء)، قراراً بردّ دعوى رئيس حكومة إقليم كردستان، مسرور بارزاني، وألغت «الأمر الولائي» بشأن عدم دستورية المادة 2 من نظام تسجيل المرشحين.
وتنص المادة 2 المشار إليها على أن «يتكون برلمان إقليم كردستان من (100) مقعد، موزعة على الدوائر الانتخابية الآتية: أربيل (34) مقعداً. محافظة السليمانية (38) مقعداً. دهوك (25) مقعداً. حلبجة (3) مقاعد».
وكانت دعوى رئيس وزراء الإقليم، مسرور البارزاني، تتعلق بإلغاء كوتة الأقليات المؤلفة من 11 مقعداً.
وقررت الهيئة منح مكونات الإقليم من المسيحيين والتركمان مقعدين في أربيل، ومثلهما في محافظة السليمانية، ومقعداً واحداً في دهوك، ما يعني أن الأقلية الإيزيدية لن تكون ممثلة في برلمان الإقليم.
وقالت المتحدثة باسم مفوضية الانتخابات، جمانة الغلاي، في تصريحات صحافية، إن قرار الهيئة القضائية للانتخابات «نقض قرار مجلس المفوضين، الذي تضمن ردّ التظلم المقدم من ممثلي المكونات الدينية والقومية في (كردستان الخاص)».
وأشارت إلى أن مفوضية الانتخابات الاتحادية، التي ستتولى عملية إجرائها في كردستان «قسّمت الـ100 مقعد الموزعة على 4 دوائر انتخابية في كردستان، تتوزع على 43 مقعداً في أربيل، و38 مقعداً في السليمانية، و25 مقعداً في دهوك، و3 مقاعد في حلبجة».
وشددت المتحدثة باسم المفوضية على أن «مجلس المفوضين سيعقد جلسة خاصة لاتخاذ الإجراءات اللازمة بهذا الصدد، كون قرار الهيئة القضائية للانتخابات قراراً باتاً وغير قابل للطعن».
ارتياح كردي
قرار الهيئة القضائية المتعلق بالأقليات وجد ترحيباً وارتياحاً كردياً، واتفق الحزبان المتنافسان في الإقليم («الاتحاد الوطني» و«الديمقراطي الكردستاني») على أهميته بالنسبة لحالة الاستقرار وإنصاف المكونات في الإقليم.
وقال غياث السورجي، القيادي في حزب «الاتحاد الوطني» الكردستاني، الذي يهيمن على السليمانية، لـ«الشرق الأوسط»، إن «القرار جيد، وموضوع إلغاء كوتة الأقليات لم يكن بسبب حزب الاتحاد الوطني كما يزعم البعض. نعم، نحن قمنا برفع دعوى قضائية حول التوزيع السابق للكوتة المؤلفة من 11 مقعداً على الدوائر الانتخابية».
وأضاف أن «الإقليم أصبح 4 مناطق انتخابية بقرار المحكمة الاتحادية، لكننا لم نكن نطالب بإلغاء الكوتة، كان مطلبنا الأساسي توزيعها على الدوائر الانتخابية فقط، وليس لدينا أي اعتراض على قرار الكوتة الجديد، وسبق أن وجد بقرار ودعم من الحزب وزعيمه الراحل جلال طالباني، فيما كان بعض الأحزاب معارضة له بشكل غير علني».
وتابع السورجي: «نرى أن التوزيع الجديد للكوتة منصف وجيد، ويحقق العدالة للإخوة التركمان والمسيحيين، خاصة أنهم جزء أساسي من النسيج السكاني في السليمانية منذ تأسيسها».
ورغم الملاحظات التي ما زال يبديها أعضاء في الحزب «الديمقراطي» الكردستاني، فإنهم رحبوا بالقرار الجديد، ورأى عضو الحزب مهدي عبد الكريم أنه يمثل «جزءاً من الإنصاف للمكونات في كردستان».
وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «عدد الكوتة الجديد قليل جداً بالمقارنة مع العدد القديم، ومع ذلك فهو أفضل من لا شيء، خاصة ونحن نتحدث عن ضرورة تمثيل جميع المواطنين في برلمان الإقليم».
وقال العضو الآخر في الحزب الديمقراطي، شيرزاد قاسم، في تصريحات صحافية، إن «القرار خطوة باتجاه إقامة انتخابات برلمان كردستان، بعد توفر الشروط القانونية وتعديل الأخطاء السابقة، مع بقاء قضية أخرى، وهي عدم قانونية تسجيل الكيانات السياسية من قبل مفوضية الانتخابات، رغم أن التوزيع الجديد لمقاعد الكوتة ليست فيه عدالة كافية، كون أغلب أبناء المكونات هم من سكان أربيل ودهوك».