إسرائيل تتعمق بفيلادلفيا وتتراجع في جباليا مع اشتداد المواجهات

تركز على استهداف ضباط أمن في حكومة «حماس»

دمار في بيت لاهيا بشمال قطاع غزة الاثنين (رويترز)
دمار في بيت لاهيا بشمال قطاع غزة الاثنين (رويترز)
TT

إسرائيل تتعمق بفيلادلفيا وتتراجع في جباليا مع اشتداد المواجهات

دمار في بيت لاهيا بشمال قطاع غزة الاثنين (رويترز)
دمار في بيت لاهيا بشمال قطاع غزة الاثنين (رويترز)

تواصلت الاشتباكات العنيفة في مخيم جباليا شمال قطاع غزة وفي رفح بأقصى جنوب القطاع، بينما ما زالت الغارات الجوية تحصد مزيداً من أرواح الضحايا الفلسطينيين في مناطق متفرقة في القطاع في اليوم الـ227 للحرب.

وقالت إذاعة الجيش الإسرائيلي إن قوات الجيش تتوغل في حي البرازيل برفح، وأصبحت تحتل ثلثي محور فيلادلفيا الحدودي.

وأكدت مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط» أن قوات الاحتلال الإسرائيلي تعمّق عملياتها البرية فعلاً في رفح خاصة فيما يعرف بـ«محور فيلادلفيا»، عند الحدود مع مصر، بحثاً عن مزيد من الأنفاق.

وقالت المصادر إن اشتباكات عنيفة تدور في تلك المناطق بين قوات الاحتلال وفصائل المقاومة، التي بدورها تبنت سلسلة من العمليات أدت إلى مقتل وإصابة الكثير من الجنود.

وقصفت طائرات حربية ومسيّرة عدة أهداف بمدينة رفح، فيما كثّفت الفصائل استخدام الهاون ضد تجمعات وأماكن الجنود الإسرائيليين.

وأدت الاشتباكات إلى نزوح مزيد من الفلسطينيين من رفح.

وقالت الأمم المتحدة إن عدد النازحين من المدينة باتجاه خان يونس ووسط القطاع قد بلغ 850 ألف فلسطيني منذ الهجوم على رفح قبل نحو أسبوعين، وهو نزوح أسهم في تدهور الأوضاع الإنسانية في مناطق خان يونس والمناطق الوسطى، مع اكتظاظ النازحين إليها، وتراجع حجم المساعدات.

طفل أصيب بجروح يقف بجوار منزل عائلته الذي تعرض لقصف إسرائيلي في رفح الاثنين (أ.ف.ب)

واتهم المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة الاحتلال الإسرائيلي بمواصلة ما وصفها بـ«جريمة التجويع والتعطيش» بحق الغزيين في ظل استمرار احتلال وإغلاق معبر رفح لأسبوعين، ومنع شاحنات المساعدات من الوصول لمستحقيها في مختلف مناطق القطاع، ما ينذر بتفاقم كارثة أزمة الأمن الغذائي سيما شمال غزة، فضلاً عن منع خروج آلاف الجرحى الذين تتطلب حالتهم التحويل للعلاج بالخارج وعددهم قرابة 11 ألفاً، ما يهدد بالقضاء على حياتهم أو تفاقم وضعهم الصحي.

ومع التقدم في رفح تراجعت القوات الإسرائيلية في مخيم جباليا تحت وقع اشتباكات عنيفة.

وأكدت مصادر في المخيم أن الآليات الإسرائيلية تراجعت من بعض المناطق مثل بلوك 2، وشارع أبو العيش، وحاولت أن تلتف تكتيكياً باتجاه حي القصاصيب قبل أن تنسحب منه، وتتراجع وتتمركز بمنطقة بلوك 1 مع مواجهتها مقاومة عنيفة من داخل المخيم.

ومع التراجع على الأرض كثّفت الطائرات الحربية، والمدفعية الإسرائيلية من غاراتها في مخيم جباليا.

واستخدمت القوات الإسرائيلية سلاح المدفعية، إلى جانب الطائرات المسيّرة الصغيرة المسماة «كواد كابتر»، لبسط سيطرتها نارياً على المناطق التي تراجعت منها داخل مخيم جباليا.

الدخان يتصاعد عقب غارة إسرائيلية على قطاع غزة الاثنين (رويترز)

ويشهد المخيم اشتباكات هي الأعنف، كما توصف فلسطينياً وإسرائيلياً، منذ العمليات البرية داخل القطاع في نهاية شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وأطبقت قوات الاحتلال حصارها على المخيم، وفصلته عن بعض مناطق بلدة بيت لاهيا المجاورة، وقطعت الطريق باتجاه مستشفى العودة في تل الزعتر، وكمال عدوان القريب من جباليا، ما زاد من معاناة الطواقم الطبية في نقل أي ضحايا وجرحى، وجعل المستشفيات تعمل بالحد الأدنى من الخدمات.

وتحذر منظمات إغاثية ودولية من تفاقم الأزمات الطبية التي تشهدها المستشفيات في شمال قطاع غزة، مع استمرار العدوان على تلك المناطق.

وإضافة إلى جباليا ورفح، توغلت دبابات إسرائيلية في المنطقة الشرقية من دير البلح وسط قطاع غزة، كما قصفت طائرات الاحتلال عدة منازل في مدينة غزة.

وركزت إسرائيل على محاولة قتل عناصر شرطة في حكومة «حماس».

وقالت مصادر طبية إن 14 ضابطاً وشرطياً من عناصر حكومة «حماس» قتلوا أو أصيبوا خلال 24 ساعة، آخرهم أحمد العطار مسؤول مركز شرطة الشيخ رضوان شمال مدينة غزة، الذي أصيب بجروح خطيرة فيما توفي 6 من أفراد عائلته في استهداف الاثنين.


مقالات ذات صلة

فرنسا: التحقيق مع جمعية إنسانية بشبهة تمويل «حماس»

أوروبا الحركة شنّت هجوماً دامياً على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023 أوقع أكثر من 1000 قتيل (رويترز)

فرنسا: التحقيق مع جمعية إنسانية بشبهة تمويل «حماس»

أعلن مكتب المدعي العام الوطني لمكافحة الإرهاب، اليوم (الأربعاء)، أنه باشر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 تحقيقاً يطول جمعية «أوماني تير».

«الشرق الأوسط» (باريس)
المشرق العربي مسجد مدمّر نتيجة الضربات الإسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة الأربعاء (أ.ف.ب)

«فتح» و«حماس» تسعيان إلى اتفاق على آليات تفصيلية لتفاهمات سابقة

تسعى حركتا «فتح» و«حماس» للتوصل إلى مصالحة ستجري في الصين بداية الأسبوع المقبل، في محاولة ليست الأولى خلال الحرب الحالية على قطاع غزة.

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي مئذنة مسجد تتكئ على منزل بعد تعرّضها لضربة إسرائيلية في مخيم النصيرات وسط غزة (رويترز)

«هدنة غزة»: «إشارات إيجابية» من إسرائيل... والوسطاء يطالبون بضغط دولي

وسط «إشارات إيجابية» داخل أوساط إسرائيلية عليا، تتحدث عن «فرصة سانحة» لعقد اتفاق هدنة في قطاع غزة، تزايدت مطالب الوسطاء بتكثيف الضغوط الدولية لإبرام الصفقة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
خاص دمار في موقع استهدفته إسرائيل في المواصي قرب خان يونس يوم 13 يوليو في إطار عملية لاغتيال قائدي «القسّام» محمد الضيف ورافع سلامة (أ.ف.ب) play-circle 04:00

خاص كيف تجند إسرائيل العملاء في غزة وما دورهم في الاغتيالات؟

أعادت محاولة اغتيال محمد الضيف، قائد «كتائب القسّام»، تسليط الضوء على مسلسل طويل من الاغتيالات التي نفّذتها إسرائيل. فما دور المتعاونين في هذه الاغتيالات؟

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي المنظمة قالت إن الرد الإسرائيلي «لم يكن متناسباً» (إ.ب.أ)

«حماس» ترفض تقريراً يتهمها بارتكاب «جرائم» في 7 أكتوبر

تقرير لمنظمة «هيومن رايتس ووتش» يقول إن فصائل مسلّحة بقيادة «حماس» ارتكبت «العديد من جرائم الحرب» في هجوم 7 أكتوبر، لكن الحركة رفضته وعدته كاذباً.

«الشرق الأوسط» (رام الله)

​«حزب الله» يهدد بقصف مستعمرات جديدة... فهل تتوسّع الحرب؟

نائب أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم ورئيس المجلس التنفيذي بالحزب هاشم صفي الدين وعدد من المشاركين في إحياء ذكرى عاشوراء (إ.ب.أ)
نائب أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم ورئيس المجلس التنفيذي بالحزب هاشم صفي الدين وعدد من المشاركين في إحياء ذكرى عاشوراء (إ.ب.أ)
TT

​«حزب الله» يهدد بقصف مستعمرات جديدة... فهل تتوسّع الحرب؟

نائب أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم ورئيس المجلس التنفيذي بالحزب هاشم صفي الدين وعدد من المشاركين في إحياء ذكرى عاشوراء (إ.ب.أ)
نائب أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم ورئيس المجلس التنفيذي بالحزب هاشم صفي الدين وعدد من المشاركين في إحياء ذكرى عاشوراء (إ.ب.أ)

وضع «حزب الله» سلاحاً جديداً في جبهة «مساندة غزة»، مظهراً بذلك انتقاله من مرحلة الدفاع إلى الهجوم، سواء عبر مسيّرة انتحارية تعمل بالكهرباء ومدفعية ميدانية بعيدة المدى، أو عبر التهديدات التي أطلقها أمين عام الحزب حسن نصر الله بـ«قصف مستعمرات إسرائيلية لم يسبق أن تم استهدافها».

وقال نصر الله إن «التهديد بالحرب لم يخفنا منذ 10 أشهر عندما كانت إسرائيل في عزّ قوتها، وإن تمادي العدو باستهداف المدنيين سيدفع المقاومة إلى استهداف مستعمرات جديدة لم يتم استهدافها في السابق».

تأتي تهديدات نصر الله، بعد ساعات على الغارة التي نفذها الطيران الإسرائيلي، وأدت إلى تدمير منازل سكنية في بلدة أم التوت في جنوب لبنان، كما أدت إلى مقتل ثلاثة أطفال، وقال مصدر مقرّب من الحزب إن تهديدات نصر الله «جدية ولا تقع تحت عنوان الحرب النفسية». وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن الحزب «بدأ في تطوير عملياته العسكرية، وتحديث (الأهداف) التي وضعها لمواقع إسرائيلية في شمال فلسطين المحتلة»، مشيراً إلى أن «حديث الأمين العام عن استهداف مستعمرات يضع معايير جديدة لتوازن الردع الفاعل والحاسم، وليس بموازين التحسب لرد فعل العدو الإسرائيلي». وشدّد على أن الإسرائيلي «سيدفع ثمناً كبيراً، وسيعاقب على جرائمه المتمادية، وقتل المدنيين العزل والأبرياء في لبنان».

جانب من المشاركين في إحياء ذكرى عاشوراء بضاحية بيروت الجنوبية (أ.ف.ب)

وأعلنت إسرائيل أن الحزب «استخدم مسيّرة انتحارية جديدة من طراز (شاهد 101)»، حيث استخدمها مؤخراً في هجوم على قاعدة «كيبوتس كابري» العسكرية، الواقعة على بُعد أربعة كيلومترات شرق مستوطنة نهاريا في شمال إسرائيل، وأدت إلى مقتل الضابط فاليري تشابونوف. وأعلن الجيش الإسرائيلي أن المسيّرة تعمل بمحرك كهربائي، ويمكنها الطيران لفترات طويلة، وتتميز بأنها أقل ضجيجاً، ولقّبت بـ«المسيرة الصامتة» كونها تعمل بمحرك مجهّز بنظام الشحن الكهربائي، ولا يكاد يسمع صوتها من على الأرض، كما أن هناك صعوبة لاكتشافها واعتراضها بواسطة الرادارات. كما أعلن «حزب الله» عن «إدخال مدفع ميداني جديد إلى المعركة».

وقال المصدر المقرب من الحزب، إن «المسيرة شاهد 101 تُعدّ واحدة من أوراق القوة التي تمتلكها المقاومة في لبنان، لكنها بالتأكيد ليست مدرجة ضمن سلاح الردع الاستراتيجي الذي لم يحن أوان استخدامه، والذي سيغير المعادلات الميدانية على الأرض»، عادّاً أن المقاومة «بقدر ما تستبعد شنّ إسرائيل حرباً واسعة وفتح جبهات جديدة تبدو عاجزة عن تحمّل نتائجها، بقدر ما تأخذ في الحسبان إمكانية إقدام حكومة بنيامين نتنياهو على مغامرة قد تجرّ إلى حرب إقليمية، سيكون كلّ محور المقاومة في صلبها».

سيدة شيعية مضرجة بالدماء خلال مشاركتها في إحياء ذكرى عاشوراء بمدينة النبطية بجنوب لبنان (أ.ب)

بموازاة التصعيد الإسرائيلي لا يملك «حزب الله» خيارات سوى التصعيد المقابل والردّ بعمليات موجعة، على حدّ تعبير الخبير الأمني والعسكري العميد ناجي ملاعب، الذي أشار إلى أن «التصعيد المتمادي من قبل إسرائيل من جنوب لبنان إلى العمق السوري واغتيال قادة من (حزب الله)، سيقابل بتصعيد من الحزب الذي لا يزال يلتزم بما يسمى (قواعد الاشتباك)، واستعمال الأسلحة القصيرة المدى».

وقال ملاعب لـ«الشرق الأوسط»: «لا شكّ أن (حزب الله) قدم مفاجآت في الميدان عندما استخدم صواريخ الكاتيوشا لإلهاء القبّة الحديدة، وتمكن من تحديد أماكنها، ووضع معظمها خارج الخدمة عبر ضربها وتدميرها». وشدّد ملاعب على أن «جبهة لبنان تمثل رأس حربة محور الممانعة ومركز قيادتها». وأضاف: «عندما يعلن نصر الله بشكل دائم عن مفاجآت في الميدان، فهذا يعني وجود عناصر غير لبنانية تقود العمليات، وربما تكون شخصيات استشارية»، لافتاً إلى أنه «رغم اغتيال إسرائيل لقادة ميدانيين في الحزب، فإن ذلك لم يخفف من قوّة حضوره على الجبهة، ولا يلغي إمكانية انتقال من خطة الدفاع إلى خطة الهجوم عبر قوات الرضوان».

وتنفيذ «حزب الله» لتهديداته باستهداف مستوطنات جديدة، لا يعني الانتقال إلى حربٍ واسعة، إذ سبق للحزب أن قصف مواقع ومنشآت في العمق الإسرائيلي وخارج «قواعد الاشتباك»، ولم يؤد ذلك إلى تفجير الجبهة على نطاق واسع، وبتقدير الخبير العسكري والأمني العميد ملاعب، فإن «فتح الجبهة اللبنانية الإسرائيلية لا يتوقف على عملية هنا أو غارة جوية هناك، بقدر ما ينتظر الضوء الأخضر الأميركي». وشدّد على أن «الإدارة الأميركية نجحت حتى الآن في كبح جماح نتنياهو وحكومته، لأن هذه الإدارة تسوّق الآن لإمكانية استيعاب إسرائيل في المنطقة وفق تسوية سياسية قيد الإعداد، وليس لإشعال الحرب، وبالتالي فإن موعد الحرب الواسعة لم يحن بعد».