​«حزب الله» يهدد بقصف مستعمرات جديدة... فهل تتوسّع الحرب؟

أدخل سلاحاً جديداً على الميدان تمثل في مسيّرة «شاهد 101»

نائب أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم ورئيس المجلس التنفيذي بالحزب هاشم صفي الدين وعدد من المشاركين في إحياء ذكرى عاشوراء (إ.ب.أ)
نائب أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم ورئيس المجلس التنفيذي بالحزب هاشم صفي الدين وعدد من المشاركين في إحياء ذكرى عاشوراء (إ.ب.أ)
TT

​«حزب الله» يهدد بقصف مستعمرات جديدة... فهل تتوسّع الحرب؟

نائب أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم ورئيس المجلس التنفيذي بالحزب هاشم صفي الدين وعدد من المشاركين في إحياء ذكرى عاشوراء (إ.ب.أ)
نائب أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم ورئيس المجلس التنفيذي بالحزب هاشم صفي الدين وعدد من المشاركين في إحياء ذكرى عاشوراء (إ.ب.أ)

وضع «حزب الله» سلاحاً جديداً في جبهة «مساندة غزة»، مظهراً بذلك انتقاله من مرحلة الدفاع إلى الهجوم، سواء عبر مسيّرة انتحارية تعمل بالكهرباء ومدفعية ميدانية بعيدة المدى، أو عبر التهديدات التي أطلقها أمين عام الحزب حسن نصر الله بـ«قصف مستعمرات إسرائيلية لم يسبق أن تم استهدافها».

وقال نصر الله إن «التهديد بالحرب لم يخفنا منذ 10 أشهر عندما كانت إسرائيل في عزّ قوتها، وإن تمادي العدو باستهداف المدنيين سيدفع المقاومة إلى استهداف مستعمرات جديدة لم يتم استهدافها في السابق».

تأتي تهديدات نصر الله، بعد ساعات على الغارة التي نفذها الطيران الإسرائيلي، وأدت إلى تدمير منازل سكنية في بلدة أم التوت في جنوب لبنان، كما أدت إلى مقتل ثلاثة أطفال، وقال مصدر مقرّب من الحزب إن تهديدات نصر الله «جدية ولا تقع تحت عنوان الحرب النفسية». وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن الحزب «بدأ في تطوير عملياته العسكرية، وتحديث (الأهداف) التي وضعها لمواقع إسرائيلية في شمال فلسطين المحتلة»، مشيراً إلى أن «حديث الأمين العام عن استهداف مستعمرات يضع معايير جديدة لتوازن الردع الفاعل والحاسم، وليس بموازين التحسب لرد فعل العدو الإسرائيلي». وشدّد على أن الإسرائيلي «سيدفع ثمناً كبيراً، وسيعاقب على جرائمه المتمادية، وقتل المدنيين العزل والأبرياء في لبنان».

جانب من المشاركين في إحياء ذكرى عاشوراء بضاحية بيروت الجنوبية (أ.ف.ب)

وأعلنت إسرائيل أن الحزب «استخدم مسيّرة انتحارية جديدة من طراز (شاهد 101)»، حيث استخدمها مؤخراً في هجوم على قاعدة «كيبوتس كابري» العسكرية، الواقعة على بُعد أربعة كيلومترات شرق مستوطنة نهاريا في شمال إسرائيل، وأدت إلى مقتل الضابط فاليري تشابونوف. وأعلن الجيش الإسرائيلي أن المسيّرة تعمل بمحرك كهربائي، ويمكنها الطيران لفترات طويلة، وتتميز بأنها أقل ضجيجاً، ولقّبت بـ«المسيرة الصامتة» كونها تعمل بمحرك مجهّز بنظام الشحن الكهربائي، ولا يكاد يسمع صوتها من على الأرض، كما أن هناك صعوبة لاكتشافها واعتراضها بواسطة الرادارات. كما أعلن «حزب الله» عن «إدخال مدفع ميداني جديد إلى المعركة».

وقال المصدر المقرب من الحزب، إن «المسيرة شاهد 101 تُعدّ واحدة من أوراق القوة التي تمتلكها المقاومة في لبنان، لكنها بالتأكيد ليست مدرجة ضمن سلاح الردع الاستراتيجي الذي لم يحن أوان استخدامه، والذي سيغير المعادلات الميدانية على الأرض»، عادّاً أن المقاومة «بقدر ما تستبعد شنّ إسرائيل حرباً واسعة وفتح جبهات جديدة تبدو عاجزة عن تحمّل نتائجها، بقدر ما تأخذ في الحسبان إمكانية إقدام حكومة بنيامين نتنياهو على مغامرة قد تجرّ إلى حرب إقليمية، سيكون كلّ محور المقاومة في صلبها».

سيدة شيعية مضرجة بالدماء خلال مشاركتها في إحياء ذكرى عاشوراء بمدينة النبطية بجنوب لبنان (أ.ب)

بموازاة التصعيد الإسرائيلي لا يملك «حزب الله» خيارات سوى التصعيد المقابل والردّ بعمليات موجعة، على حدّ تعبير الخبير الأمني والعسكري العميد ناجي ملاعب، الذي أشار إلى أن «التصعيد المتمادي من قبل إسرائيل من جنوب لبنان إلى العمق السوري واغتيال قادة من (حزب الله)، سيقابل بتصعيد من الحزب الذي لا يزال يلتزم بما يسمى (قواعد الاشتباك)، واستعمال الأسلحة القصيرة المدى».

وقال ملاعب لـ«الشرق الأوسط»: «لا شكّ أن (حزب الله) قدم مفاجآت في الميدان عندما استخدم صواريخ الكاتيوشا لإلهاء القبّة الحديدة، وتمكن من تحديد أماكنها، ووضع معظمها خارج الخدمة عبر ضربها وتدميرها». وشدّد ملاعب على أن «جبهة لبنان تمثل رأس حربة محور الممانعة ومركز قيادتها». وأضاف: «عندما يعلن نصر الله بشكل دائم عن مفاجآت في الميدان، فهذا يعني وجود عناصر غير لبنانية تقود العمليات، وربما تكون شخصيات استشارية»، لافتاً إلى أنه «رغم اغتيال إسرائيل لقادة ميدانيين في الحزب، فإن ذلك لم يخفف من قوّة حضوره على الجبهة، ولا يلغي إمكانية انتقال من خطة الدفاع إلى خطة الهجوم عبر قوات الرضوان».

وتنفيذ «حزب الله» لتهديداته باستهداف مستوطنات جديدة، لا يعني الانتقال إلى حربٍ واسعة، إذ سبق للحزب أن قصف مواقع ومنشآت في العمق الإسرائيلي وخارج «قواعد الاشتباك»، ولم يؤد ذلك إلى تفجير الجبهة على نطاق واسع، وبتقدير الخبير العسكري والأمني العميد ملاعب، فإن «فتح الجبهة اللبنانية الإسرائيلية لا يتوقف على عملية هنا أو غارة جوية هناك، بقدر ما ينتظر الضوء الأخضر الأميركي». وشدّد على أن «الإدارة الأميركية نجحت حتى الآن في كبح جماح نتنياهو وحكومته، لأن هذه الإدارة تسوّق الآن لإمكانية استيعاب إسرائيل في المنطقة وفق تسوية سياسية قيد الإعداد، وليس لإشعال الحرب، وبالتالي فإن موعد الحرب الواسعة لم يحن بعد».


مقالات ذات صلة

لبنان: خيبة قضائية لعدم تسلّم التقرير الفرنسي بشأن «انفجار المرفأ»

المشرق العربي لقطة عامة لمرفأ بيروت... ويظهر في وسطها مبنى الإهراءات المعرّض لتدمير جزئي نتيجة الانفجار عام 2020 (رويترز)

لبنان: خيبة قضائية لعدم تسلّم التقرير الفرنسي بشأن «انفجار المرفأ»

كشف مصدر قضائي لبناني عن أن «الوفد الفرنسي الذي التقى النائب العام التمييزي والمحقق العدلي بقضية انفجار المرفأ لم يسلّم التقرير الفني النهائي الذي وعد بإحضاره».

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي النيران تتصاعد بعد غارة جوية إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت 27 أبريل 2025 (أ.ب)

«حزب الله» يقول إن الغارة الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية «اعتداء سياسي»

عدَّ الأمين العام لـ«حزب الله»، نعيم قاسم، الاثنين، أن الغارة الإسرائيلية التي استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت الأحد هي عبارة عن «اعتداء سياسي» ومن دون «مبرر».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الجيش اللبناني خلال بحثه عن ناجين بعد انقلاب قارب قبالة سواحل طرابلس اللبنانية ليلاً بالقرب من ميناء طرابلس شمال لبنان في 24 أبريل 2022 (رويترز)

الجيش اللبناني يعلن إحباط عملية تهريب سوريين عبر البحر شمال البلاد

أحبطت دورية من القوات البحرية في الجيش اللبناني عملية تهريب 27 سورياً عبر البحر مقابل شاطئ العريضة في شمال لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
تحليل إخباري جانب من المشاركين في حفل إطلاق تجمع «الدستور أولاً» (حساب الدستور أولاً عبر إكس)

تحليل إخباري هل تسمح تحولات المنطقة للبنان باستكمال تنفيذ «اتفاق الطائف»؟

في ظل التحولات السياسية الكبرى التي يشهدها لبنان والمنطقة، أُطلق مؤخراً «تجمّع الدستور أولاً»، وهو مبادرة سياسية تهدف إلى تفعيل تطبيق الدستور اللبناني بشكل كامل

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي سيدة تزيل الركام في أحد المنازل المتضررة نتيجة الغارة الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية يوم الأحد (رويترز) play-circle

النزوح والخوف ينخران الضاحية الجنوبية لبيروت... مجدداً

ذعر وارتباك وفوضى تعمّ المكان وزحمة سير خانقة... هكذا كانت حال سكان منطقة الغارة على الضاحية بعد الإنذار المفاجئ الذي أطلقه الجيش الإسرائيلي بعد ظهر الأحد.

حنان حمدان (بيروت)

بغداد «جاهزة» لاستضافة القمة العربية

جانب من أعمال «مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة» الذي عُقد عام 2021 (رويترز)
جانب من أعمال «مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة» الذي عُقد عام 2021 (رويترز)
TT

بغداد «جاهزة» لاستضافة القمة العربية

جانب من أعمال «مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة» الذي عُقد عام 2021 (رويترز)
جانب من أعمال «مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة» الذي عُقد عام 2021 (رويترز)

أكدت بغداد جاهزيتها لاستضافة القمة العربية الشهر المقبل، في حين شدَّد دبلوماسي مصري بارز على أن موعدها «ثابت، ولم يتغير حتى الآن».

وتستضيف بغداد في 17 مايو (أيار) 2025 اجتماع مجلس جامعة الدول العربية الـ34 على مستوى القمة، وسط انقسام حول حضور الرئيس السوري أحمد الشرع.

وقالت مصادر دبلوماسية عراقية لـ«الشرق الأوسط»، إن الأجهزة المعنية أكملت التحضيرات اللوجيستية لعقد القمة العربية، ولم تُبلَّغ حتى اللحظة بأي تغيير في الموعد المقرر.

وكان وفد من الأمانة العامة للجامعة العربية قد وصل إلى بغداد، الثلاثاء؛ للاطلاع على آخر استعدادات العراق لاستضافة القمة.

«موعد ثابت»

وذكر مصدر حكومي عراقي للصحيفة الرسمية، أن «وفد الأمانة العامة لجامعة الدول العربية برئاسة السفير حسام زكي، الأمين العام المساعد للجامعة، وصل إلى بغداد على رأس وفد رفيع؛ للاطلاع من الجانب العراقي على التفاصيل اللوجيستية والنهائية للقمة العربية المرتقبة».

وبحسب الصحيفة الرسمية، فإن الوفد «اطلع على القاعات الرئيسية لعقد الاجتماعات الأولية، التي تخصُّ القمتين، التنموية والعادية، اللتين ستُعقدان في بغداد من 12 إلى 17 مايو المقبل».

وستبدأ الاجتماعات مع كبار المسؤولين، ثم يعقبهم المندوبون، وبعدها وزراء التجارة العرب، ثم وزراء الخارجية العرب، إلى أن تكتمل القمة يوم 17 مايو بحضور القادة والزعماء.

وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أكد السفير حسام زكي أن «الجامعة تواصل عملها مع الجانب العراقي لاستكمال الاستعدادات لإقامة القمة العربية»، مشدداً على أن «موعدها لم يتغير حتى الآن».

وسيأتي موعد القمة بعد يوم واحد فقط من انتهاء زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى السعودية وقطر والإمارات في الفترة بين 13 و16 مايو المقبل.

وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين (رويترز)

حدٌّ أدنى من التنسيق

استعرض وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، أهداف العراق من انعقاد القمة، وقال في مقابلة مع قناة «الشرق»، إن بغداد تريد «الحد الأدنى من التنسيق مع الدول العربية لمواجهة التحديات الكبيرة».

وشدَّد حسين على «توفر مساحات واضحة وعمل مشترك في المجال الاقتصادي، لحل أزمات المنطقة العربية»، كاشفاً عن «أفكار لتأسيس صناديق مالية لمساعدة شعوب عربية، والسلطة الفلسطينية».

وبشأن العلاقات بين العراق وسوريا، شدَّد الوزير حسين على «أهمية البلد من الناحية الأمنية»، مشيراً إلى جغرافية تنظيم «داعش» الذي سيطر أخيراً على كثير من الأسلحة، كما أن أفكار التنظيم لا تزال حاضرةً، لذلك فإن تحركاته مريبةً بالنسبة لبغداد.