العراق قريب من تجاوز عقوبات الدولار

السوداني قال إن النظام المصرفي «يسير بالشكل الصحيح»... ومصادر: الأحزاب تكيفت مع نفوذ واشنطن

السوداني متوسطاً أعضاء وفد اتحاد المصارف العربية في بغداد 7 مايو 2024 (إعلام حكومي)
السوداني متوسطاً أعضاء وفد اتحاد المصارف العربية في بغداد 7 مايو 2024 (إعلام حكومي)
TT

العراق قريب من تجاوز عقوبات الدولار

السوداني متوسطاً أعضاء وفد اتحاد المصارف العربية في بغداد 7 مايو 2024 (إعلام حكومي)
السوداني متوسطاً أعضاء وفد اتحاد المصارف العربية في بغداد 7 مايو 2024 (إعلام حكومي)

أفادت المواقف الرسمية بأن العراق قريب من تجاوز تداعيات العقوبات الأميركية على عدد من المصارف، وقال رئيس الحكومة محمد شياع السوداني إن التعاملات المالية بالدولار الأميركي «تسير بالاتجاه الصحيح».

وجاءت تصريحات السوداني بعد نحو أسبوع من زيارته لواشنطن، التي شملت لقاءات مع مسؤولين في الخزانة الأميركية التي سبق لها أن عاقبت مصارف عراقية، وتسببت باختلال بسعر الصرف مقابل الدينار المحلي.

واستقبل السوداني، اليوم (الثلاثاء)، وفد اتحاد المصارف العربية في بغداد، وقال إن «عملية الإصلاح المالي والاقتصادي التي تبنتها الحكومة، لا يمكن أن تحدث من دون نظام مصرفي رصين منسجم مع العالم».

وأوضح رئيس الحكومة، وفقاً لبيان صحافي، أن المصارف العراقية تسير على الطريق الصحيحة في تعاملاتها الخاصة بالتحويلات المالية، وأن تنسيق السياسة المالية والنقدية مع البنك المركزي مستمرّ، مع الحفاظ على استقلالية البنك.

السوداني خلال استقباله وفد اتحاد المصارف العربية في بغداد 7 مايو 2024 (إعلام حكومي)

إصلاح مالي

وجدد السوداني الحديث عن «ما قامت به الحكومة خلال الفترة الماضية من إجراءات ساعدت في معرفة نقاط الخلل في النظام المصرفي وعملت على إصلاحها».

في المقابل، أشاد وفد اتحاد المصارف العربية بـ«إجراءات الحكومة في إصلاح القطاع المصرفي؛ كونها إجراءات واضحة تستهدف تمتين وتعزيز عمل هذا القطاع».

وأعرب الوفد العربي عن «تقديره لخطوات الحكومة الداعمة للقطاع الخاص، وتعزيز دوره في التنمية المستدامة والشراكات الدولية والإقليمية».

وقال علي طارق المدير التنفيذي لرابطة المصارف الخاصة العراقية الذي حضر اللقاء مع رئيس الوزراء، لـ«الشرق الأوسط»، إنه «ناقش تطوير العلاقات المصرفية العراقية العربية والأجنبية، بما ينعكس بشكل إيجابي على الخدمات المصرفية المحلية».

«مجبر لا مخير»

من جانبه، رأى أستاذ المال في كلية الإدارة بالجامعة المستنصرية صادق البهادلي، أن العراق «مجبر ولا خيار أمامه» بالنسبة لقيامه بالإجراء الصحيح المتعلق بالتعاملات المالية الخارجية.

وقال البهادلي لـ«الشرق الأوسط»، إن «البنك الفيدرالي الأميركي يتحكم تقريبا بجميع أموال العراق المتأتية من ريوع النفط، وهي تباع بالدولار الأميركي ولا يسمح الفيدرالي بخروج الدولار إلى بلدان أخرى من دون التأكد من الجهات التي تصلها تلك الأموال».

ورأى البهادلي أن «الإصلاحات في مجال التحويلات الخارجية لا بد أن تقترن بنظام مصرفي رصين، وهذا لم يحدث حتى الآن مع الأسف»، وقال: «ما زال نظامنا المصرفي متخلفا بطريقة كبيرة، لذلك انعكس نظام التحويلات الخارجية الجديد سلبا على عمل معظم التجار والمستوردين المحليين».

«القضية المالية والمصرفية معقدة تماما في العراق»، كما قال البهادلي الذي استدل بقرار الرئيس الأميركي جو بايدن، أخيراً، مواصلة العمل بقرار حماية أموال العراق الذي اتخذه الرئيس الأسبق جورج بوش قبل 21 عاما.

وقال بايدن، خلال توقيعه المرسوم الذي مدد من خلاله حالة الطوارئ الوطنية المتعلقة بالأوضاع في العراق لعام آخر: «ما تزال هناك عقبات تعترض إعادة الإعمار المنظم للعراق، واستعادة السلام والأمن في البلاد والحفاظ عليهما، وتطوير المؤسسات السياسية والإدارية والاقتصادية في العراق».

وسبق أن قامت وزارة الخزانة الأميركية بوضع عدة مصارف عراقية على اللائحة السوداء ومنعت تعاملها بالدولار الأميركي بذريعة قيام تلك المصارف بتهريب العملة وعمليات غسل للأموال.

وفد المصارف العربية أشاد بالإجراءات الإصلاحية في العراق (إعلام حكومي)

نقاش سياسي

وعلق مصدر سياسي على صلة بنقاشات سياسية بشأن العقوبات الأميركية، بأن «القوى السياسية التي لديها مصالح مالية مرتبطة بالمصارف توصلت أخيراً إلى قناعة بأن عليها التكيف مع واقع النفوذ المالي لواشنطن في العراق، لذلك ساعدت على تخفيف آثار التعاملات المشبوهة بما فيها غسل الأموال والاستيرادات الوهمية».

وفي مقابل حديث رئيس الوزراء عن سير المصارف العراقية بالطريق الصحيحة بالنسبة للحوالات والتعاملات المالية، أبدت لجنة الخدمات في البرلمان الاتحادي عن استغرابها ما وصفتها بـ«ازدواجية القرارات» التي يصدرها البنك المركزي بشأن عملية التحويلات الخارجية.

وقالت اللجنة في بيان صحافي، إن «تلك السياسة تشير بكل جوانبها إلى هدر المال العام وتحقيق التخمة لعدد قليل من المستفيدين والتي بمجملها لم تحقق شيئا للعراق وشعبه، ما جعل العراق يخسر سنوياً مليارات الدولارات بسبب فروقات تحويل العملة الصعبة إلى الخارج والتي قدمت خدمة على طبق من ذهب لمافيات الفساد دون أي منفعة للصالح العام».

وذكرت اللجنة أن «واحدة من المفارقات المضحكة المبكية» كما وصفتها هي «تحقيق مصارف أجنبية أرباحا بمليارات الدنانير من تحويلات العملة الصعبة من العراق للخارج دون تقديم أي خدمة أو منفعة للصالح العام».


مقالات ذات صلة

الإمارات والعراق يؤكدان أهمية إيجاد تسويات سلمية لنزاعات المنطقة

الخليج الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات ومحمد شياع السوداني رئيس وزراء العراق (وام)

الإمارات والعراق يؤكدان أهمية إيجاد تسويات سلمية لنزاعات المنطقة

الإمارات والعراق أكدا أهمية إيجاد تسويات سلمية للنزاعات والأزمات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط ودعم كل ما من شأنه تحقيق الاستقرار والازدهار لشعوبها

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
تحليل إخباري السوداني خلال حديثه عن مبادرته لإرساء الأمن في سوريا أول من أمس في الموصل (رئاسة الوزراء)

تحليل إخباري العراق... انكفاء أم خشية من الحدث السوري الجديد؟

رغم تسارع وتيرة الزيارات الدبلوماسية العربية والإقليمية والأجنبية إلى دمشق بعد إطاحة نظام الأسد، خصوصاً في الأيام الأخيرة، ما زالت الحكومة العراقية «مترددة».

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني يترأس اجتماعاً لقيادات الأجهزة الأمنية والعسكرية في محافظة نينوى (رئاسة الوزراء)

السلطات العراقية تراقب محاولات لتسويق «داعش»

بعد أيام من رفع علم تنظيم «داعش» في إحدى قرى محافظة كركوك شمال بغداد، رصدت القوات الأمنية الاثنين في بغداد عبارات تمجد التنظيم الإرهابي.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي عرض عسكري للجيش العراقي و«الحشد الشعبي» في الموصل مؤخراً (أ.ف.ب)

العراق: «كتائب سيد الشهداء» توقف عملياتها و«الفتح» يرفض حل «الحشد»

في حين أكدت كتائب «سيد الشهداء»، أحد الفصائل المسلحة المنضوية في «محور المقاومة»، توقف هجماتها ضد إسرائيل، رفض تحالف «الفتح» الذي يقوده هادي العامري حل «الحشد».

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي المشهداني لدى استقباله السفير السعودي في بغداد (البرلمان العراقي)

المشهداني يدعو إلى تعزيز التعاون بين بغداد والرياض

دعا رئيس البرلمان العراقي الدكتور محمود المشهداني إلى إيلاء التعاون مع المملكة العربية السعودية أهمية قصوى في هذه المرحلة.

حمزة مصطفى (بغداد)

تقرير: فلسطينيون يرفعون دعوى قضائية ضد شركة بريطانية بسبب توريد النفط إلى إسرائيل

ناقلة نفط ترسو في ميناء إيلات جنوب إسرائيل (أرشيفية)
ناقلة نفط ترسو في ميناء إيلات جنوب إسرائيل (أرشيفية)
TT

تقرير: فلسطينيون يرفعون دعوى قضائية ضد شركة بريطانية بسبب توريد النفط إلى إسرائيل

ناقلة نفط ترسو في ميناء إيلات جنوب إسرائيل (أرشيفية)
ناقلة نفط ترسو في ميناء إيلات جنوب إسرائيل (أرشيفية)

قالت صحيفة «غارديان» البريطانية إن فلسطينيين من ضحايا الحرب الإسرائيلية على غزة رفعوا دعوى قضائية ضد شركة «بريتيش بتروليوم» البريطانية لتشغيلها خط أنابيب يزود إسرائيل بالنفط الخام.

والمدعون الرئيسون هم أشخاص من أصول فلسطينية عانوا من خسائر فادحة نتيجة للحرب، وكذلك مواطن بريطاني فقد 16 فرداً من عائلته في الغارات الجوية الإسرائيلية، ويواجه أفراد عائلته الناجون في غزة ظروفاً إنسانية مزرية وكذلك طالب بريطاني فلسطيني آخر عانى أقاربه في غزة من الوفيات والتشرد، حيث مات بعضهم بسبب عدم القدرة على الوصول إلى الرعاية الطبية والإمدادات الأساسية ومن بين المطالبين الآخرين أولئك الذين واجهوا أضراراً جسدية ونفسية كارثية بما في ذلك البتر وفقدان أفراد الأسرة.

وأرسل المدعون خطاباً إلى شركة النفط البريطانية قبل الدعوى، ذكروا فيه أنها تنتهك التزاماتها المعلنة بحقوق الإنسان بموجب القانون الدولي.

وتمتلك شركة «بي بي» وتدير خط أنابيب باكو - تبليسي - جيهان، والذي تزود أذربيجان من خلاله إسرائيل بالنفط الخام.

ويوفر خط الأنابيب، الذي يمر عبر أذربيجان وجورجيا وتركيا، حيث يتم نقل النفط بعد ذلك بالسفن، 28 في المائة من إمدادات إسرائيل من النفط الخام.

وتعتبر إمدادات النفط بالغة الأهمية للعملية العسكرية الإسرائيلية، وقد وردت تقارير تفيد بأن النفط من هذا الخط يتم إرساله إلى مصفاة تنتج وقود الطائرات للطائرات العسكرية التي تسقط الذخائر على غزة.

جنود إسرائيليون خلال العملية البرية داخل قطاع غزة (رويترز)

وقال الخطاب إن «إسرائيل تعتمد بشكل كبير على النفط الخام وواردات البترول المكرر لتشغيل أسطولها الضخم من الطائرات المقاتلة والدبابات وغيرها من المركبات العسكرية والعمليات، فضلاً عن الجرافات المتورطة في تطهير المنازل الفلسطينية وبساتين الزيتون لإفساح المجال للمستوطنات الإسرائيلية غير القانونية».

وأضاف: «يذهب بعض الوقود من المصافي مباشرة إلى القوات المسلحة، في حين يبدو أن معظم الباقي يذهب إلى محطات الوقود العادية حيث يمكن للأفراد العسكريين إعادة تزويد مركباتهم بالوقود بموجب عقد حكومي».

ويطلب الخطاب أن يتم الاستماع إلى القضية في محكمة بريطانية حيث إن شركة «بريتيش بتروليوم» والمدعين مقيمون في إنجلترا.

واتهم الخطاب شركة «بريتيش بتروليوم» بأنها «انتهكت المبادئ التوجيهية للأمم المتحدة بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان، فضلاً عن حظر التواطؤ في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية بموجب القانون الدولي العرفي والالتزامات بموجب سياساتها الخاصة، والتي تتطلب من شركة (بي بي) تجنب المساهمة في انتهاكات حقوق الإنسان».

وتابع: «توصلت لجنة تابعة للأمم المتحدة إلى أن إسرائيل ارتكبت جرائم حرب أثناء الصراع في غزة. كما وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة على قرارات تطالب بوقف فوري لإطلاق النار».

وقال طيب علي، رئيس قسم القانون الدولي في شركة «بيندمانز» للمحاماة ومدير المركز الدولي للعدالة للفلسطينيين، وكلاهما يعمل مع المدعين: «يمثل هذا الإجراء القانوني مرحلة جديدة في المساءلة لأولئك المتواطئين في جرائم الحرب المزعومة والجرائم ضد الإنسانية إن الأدلة ضد شركة (بي بي) تثبت فشلها الواضح في الالتزام بسياساتها الخاصة بحقوق الإنسان والقانون الدولي».

وتابع: «من خلال تسهيل نقل النفط الذي يغذي العمليات العسكرية في غزة، ساهمت شركة (بي بي) في الكارثة الإنسانية التي تتكشف في المنطقة. يسعى عملاؤنا إلى تحقيق العدالة للمعاناة العميقة والخسارة التي تحملوها ويدعون شركة (بي بي) إلى التصرف بمسؤولية من خلال وقف مشاركتها على الفور».

ويطالب الخطاب شركة «بريتيش بتروليوم» بالتوقف فوراً عن توريد وتسهيل إمدادات النفط إلى إسرائيل عبر خط الأنابيب، وأن تقدم شركة النفط إفصاحاً كاملاً عن الوثائق ذات الصلة، بما في ذلك السياسات والعقود وتقييمات المخاطر المتعلقة بعمليات «بريتيش بتروليوم» فيما يتصل بالنفط المورد إلى إسرائيل وأيضاً بالاعتراف بالمسؤولية والالتزام بالوساطة لتقييم الأضرار والاعتذار العلني عن الضرر الذي تسببوا فيه.

ولم تستجب «بريتيش بتروليوم» لطلبات التعليق، بحسب الصحيفة.