«القوات» و«الاشتراكي»: علاقة «تقاطع» بعيدة عن «التحالف» ولا تصل إلى القطيعة

لقاء سابق يجمع رئيس «القوات» سمير جعجع وعدداً من نواب كتلته مع وفد من نواب «الاشتراكي» برئاسة النائب تيمور جنبلاط (الوكالة الوطنية)
لقاء سابق يجمع رئيس «القوات» سمير جعجع وعدداً من نواب كتلته مع وفد من نواب «الاشتراكي» برئاسة النائب تيمور جنبلاط (الوكالة الوطنية)
TT

«القوات» و«الاشتراكي»: علاقة «تقاطع» بعيدة عن «التحالف» ولا تصل إلى القطيعة

لقاء سابق يجمع رئيس «القوات» سمير جعجع وعدداً من نواب كتلته مع وفد من نواب «الاشتراكي» برئاسة النائب تيمور جنبلاط (الوكالة الوطنية)
لقاء سابق يجمع رئيس «القوات» سمير جعجع وعدداً من نواب كتلته مع وفد من نواب «الاشتراكي» برئاسة النائب تيمور جنبلاط (الوكالة الوطنية)

عادت علاقة «التقاطع» التي تربط بين حزب «القوات اللبنانية» والحزب «التقدمي الاشتراكي» إلى الواجهة مجدداً إثر قرار الأخير بمقاطعة «لقاء معراب» الذي دعا إليه رئيس «القوات» سمير جعجع، ومن ثم اعتبار رئيس «الاشتراكي» السابق وليد جنبلاط أن جعجع يريد أن يثبت نفسه زعيماً للمعارضة؛ وهو ما استدعى رداً من «القوات».

وكتب النائب بيار بو عاصي على حسابه على منصة «إكس» متوجهاً إلى جنبلاط قائلاً: «وليد بك اعتقدناك (متشدداً) مثلنا (...)، واجهنا معاً (حزب الله) وحليفه» غير المتشدد! رئيس البرلمان نبيه بري...»، مضيفاً: «لم ولن تسعى (القوات اللبنانية) لاحتكار الخط السيادي... نحن (متشددون) بالدفاع عن المصلحة الوطنية العليا ضمن الثوابت الدستورية والقانونية وبفخر».

وتتسم العلاقة بين «القوات» و«الاشتراكي» بـ«عدم الاستقرار» بعدما كان الطرفان ضمن تحالف فريق 14 آذار المعارض بعد اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري عام 2005 ومن ثم إثر ما يعرف بـ«أحداث 7 أيار» عام 2008 بين «حزب الله» والمعارضة، وعلى رأسهم «الاشتراكي»، حيث سجل مواجهات عسكرية بين الطرفين.

وبينما لا يزال كل من «القوات» و«الاشتراكي» متمسكين بمصالحة الجبل التي أُنجزت عام 2001، بدأت العلاقة بينهما، خاصة بعد الانتخابات النيابية الأخيرة التي تحالفا خلالها، تأخذ طابع «القطعة» أو التقاطع في قضايا محددة، والاختلاف في أمور أخرى، كما حصل أخيراً في التقاطع على ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور، ومن ثم التمديد لقادة الأجهزة الأمنية، لكن من دون أن يصل هذا «التقاطع» إلى مرحلة التحالف، لا سيما مع إعلان جنبلاط الصريح برفضه «سياسة المحاور».

ولا يبدو أن «التقاطع» في ملف الرئاسة سيبقى على ما هو عليه نتيجة الاختلاف في مقاربته، لا سيما بعدما كان جنبلاط قد أعلن سابقاً أنه قد يدعم مرشح «الثنائي الشيعي» (حزب الله وحركة أمل)، قائلاً: «إذا قدم سليمان فرنجية برنامجاً متكاملاً فقد نقبل به»؛ وهو ما استدعى عندها سجالاً محدوداً أيضاً، حيث دعته النائب ستريدا جعجع إلى «التقيد بالشراكة المسيحية – الدرزية واحترام خيارات أكثريّة المسيحيين والبطريركية المارونية في الانتخابات الرئاسية».

ويقرّ كل من الطرفين بأن العلاقة بينهما هي «علاقة تقاطع» تزيد حيناً وتتقلص أحياناً أخرى، وهو ما يتحدث عنه النائب بلال عبد الله، عضو كتلة «الاشتراكي»، مؤكداً عدم وجود قطيعة بين الطرفين إنما اختلاف في مقاربة بعض القضايا. ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «هناك تمايز في مقاربة بعض الملفات في ما بيننا، أبرزها في الوقت الحالي مقاربة الوضع في جنوب لبنان والقرار 1701 والملفات الدستورية المرتبطة بعمل الحكومة ومجلس النواب، ولكن هناك تقاطعاً أيضاً بملفات أخرى». وذلك في إشارة إلى اعتبار «القوات» أن صلاحيات حكومة تصريف الأعمال محدودة في مرحلة الفراغ الرئاسي وتنتقد في بعض الأحيان قراراتها، كما رفض التشريع في مجلس النواب في مرحلة الشغور.

وفي حين يتوقف عبد الله عند رفض «القوات» الدعوة إلى الحوار للبحث في رئاسة الجمهورية، يؤكد: «هذا البلد محكوم بالحوار ولا يحتمل المواقف ذات السقوف العالية والتطرف في بعضها، وبالتالي فإن موقعنا في الموقع الوسطي يجعلنا حكماً متمايزين مع هذا التوجه».

وعن مصير التقاطع في ملف الانتخابات الرئاسية، الذي كان قد جمع «القوات» و«الاشتراكي» ومعظم المعارضة على ترشيح أزعور، يلفت عبد الله إلى أنه «لا تبدل في الموقف حتى الآن وهو يبقى مرهوناً بمسار الأمور وبدعوة رئيس البرلمان إلى جلسة لانتخاب رئيس.

ويبدو واضحاً أن الطرفين لا يسعيان إلى «تصعيد الخلاف» محاولين إبقاءه ضمن سياق التمايز؛ إذ وكما عبد الله، تتحدث مصادر «القوات» عن «علاقة التقاطع بين الطرفين» معتبرة بأن «جنبلاط هو من وضع نفسه خارج إطار أي تحالفات موجودة».

وتقول المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «يرى جنبلاط أننا متشددون، لكن بالنسبة إلينا نحن متمسكون بالمواقف نفسها التي جمعتنا معه منذ مرحلة 2005 وأخيراً في التقاطع على ترشيح أزعور».

وتؤكد: «في السياسة ليس هناك ما يسمى تشدداً وليونة إنما ثوابت وطنية نتمسك بها ونلتقي في كثير منها مع جنبلاط الذي هو نفسه تحدث عن ضرورة تطبيق اتفاقية الهدنة التي تنص على أن تكون الحدود اللبنانية بيد الدولة وهو ما نطالب به من خلال الدعوة لتطبيق القرار 1701»، معتبرة أن «جوهر الموقف هو نفسه».


مقالات ذات صلة

مقتل 5 أشخاص خلال ساعات في جنوب لبنان

المشرق العربي مواطنون من جنوب لبنان أمام المنازل المدمر نتيجة القصف الإسرائيلي (إ.ب.أ)

مقتل 5 أشخاص خلال ساعات في جنوب لبنان

قُتل شخصان في قصف إسرائيلي استهدف دراجة نارية كانا يستقلانها في النبطية، في جنوب لبنان بعد ساعات على مقتل 3 أشخاص هم عنصر في «حزب الله» وشقيقتاه.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
تحليل إخباري نائب أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم مستمعاً لكلمة نصر الله في الاحتفال التأبيني للقيادي محمد ناصر الذي اغتالته إسرائيل (رويترز)

تحليل إخباري «حزب الله» يعود إلى لغة التهديد: أزمة داخلية أم استثمار مسبق للحرب؟

عاد المسؤولون في «حزب الله» للغة التهديد والوعيد و«تخوين المعارضين» على خلفية مواقف عدة مرتبطة بالحرب الدائرة في الجنوب من جهة وبالاستحقاق الرئاسي من جهة أخرى.

كارولين عاكوم (بيروت)
المشرق العربي نساء وأطفال ورجل عجوز ضمن موجة النازحين السوريين الأخيرة إلى الأراضي اللبنانية (الشرق الأوسط)

تردُّد الوزراء يعوق تفعيل لجنة التنسيق اللبناني - السوري في ملف النازحين

رغم مرور نحو شهرين على توصية البرلمان بتفعيل عمل اللجنة الوزارية لوضع برنامج زمني وتفصيلي لإعادة النازحين، لم تفعّل حتى الساعة هذه اللجنة أو تشكَّل لجنة جديدة.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي صورة نشرها «المرصد السوري» للسيارة المستهدفة

مقتل رجل أعمال سوري بغارة إسرائيلية عند الحدود اللبنانية

قُتل شخصان في غارة إسرائيلية استهدفت سيارتهما مساء الاثنين على الحدود اللبنانية - السورية، وفق ما ذكر «المرصد السوري لحقوق الإنسان».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي لا تزال الكتل النيابية في البرلمان اللبناني عاجزة بتوازناتها الحالية عن انتخاب رئيس للجمهورية (أرشيفية - رويترز)

تحذيرات من تصفية لبنان سياسياً بتمدد الشغور في إدارات الدولة

يطرح انسداد الأفق لانتخاب رئيس للجمهورية، مع سقوط المبادرات تباعاً، أكثر من سؤال مع تعذر التوصل إلى هدنة في غزة يفترض أن تنسحب على الجنوب.

محمد شقير (بيروت)

مقتل 5 أشخاص خلال ساعات في جنوب لبنان

مواطنون من جنوب لبنان أمام المنازل المدمر نتيجة القصف الإسرائيلي (إ.ب.أ)
مواطنون من جنوب لبنان أمام المنازل المدمر نتيجة القصف الإسرائيلي (إ.ب.أ)
TT

مقتل 5 أشخاص خلال ساعات في جنوب لبنان

مواطنون من جنوب لبنان أمام المنازل المدمر نتيجة القصف الإسرائيلي (إ.ب.أ)
مواطنون من جنوب لبنان أمام المنازل المدمر نتيجة القصف الإسرائيلي (إ.ب.أ)

قُتل شخصان في قصف إسرائيلي استهدف دراجة نارية كانا يستقلانها في منطقة النبطية، في جنوب لبنان، بعد ساعات على مقتل 3 أشخاص، هم عنصر في «حزب الله» وشقيقتاه في استهداف منزلهم في بنت جبيل.

وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بأن مسيرة إسرائيلية شنت غارة بصاروخ موجه مستهدفة دراجة نارية على طريق النبطية - الخردلي، كان يستقلها شخصان، وعندما حاول عدد من المواطنين الاقتراب منها تعرضت لغارة ثانية وبصاروخ موجه أدى إلى وقوع إصابات مؤكدة براكبيها»، وأفادت وسائل إعلام لبنانية في وقت لاحق بوفاة الشخصين وهما من الجنسية السورية، من دون أن يجري الإعلان عن هويتهما.

وكان جنوب لبنان قد شهد تصعيداً في المواجهات ليلاً، بين «حزب الله» والجيش الإسرائيلي، إثر مقتل 3 أشخاص من عائلة واحدة في بنت جبيل، بعد ساعات على اغتيال إسرائيل، رجل أعمال سوري مقرّب من الرئيس السوري بشار الأسد، ويخضع لعقوبات أميركية وأوروبية، بعد ظهر الاثنين جراء ضربة إسرائيلية استهدفت سيارته في منطقة حدودية قريبة من لبنان، وفق ما أفاد به «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، مشيراً إلى أن «مسيّرة إسرائيلية استهدفت سيارة كان تقل براء القاطرجي عند الحدود اللبنانية - السورية ما أدى إلى مقتله مع شخص آخر كان برفقته».

وكان القاطرجي، وهو رجل أعمال مقرب من الأسد، وفق «المرصد» «مسؤولاً في العامين الأخيرين عن تمويل فصيل المقاومة السورية لتحرير الجولان» الذي أسسه «حزب الله» اللبناني، وترأسه القيادي في الحزب سمير القنطار قبل مقتله في قصف إسرائيلي قرب دمشق نهاية عام 2015. ويتولى الفصيل تنفيذ عمليات ضد إسرائيل من جنوب سوريا.

ومساء الاثنين، أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بارتكاب «العدو الإسرائيلي مجزرة في حق المدنيين في مدينة بنت جبيل قُتل خلالها شقيقان من آل داغر (شقيق وشقيقته)، بينما أصيبت شقيقتهما الأخرى بجروح خطرة عندما استهدفت المقاتلات الحربية منزلهم بغارة وعلى دفعتين فدمرته في حي العويني في المدينة»، قبل أن يعلن عن مقتل الأخت الثانية. ولاحقاً، أعلن «حزب الله» مقتل «المجاهد عامر جميل داغر»، مشيراً إلى أنّه من مدينة بنت جبيل في جنوب لبنان.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي في بيان أنّ مقاتلات تابعة لسلاح الجو «أغارت على مستودع أسلحة في منطقة بنت جبيل، بالإضافة إلى مبنى عسكري تابع لمنظمة (حزب الله) الإرهابية في منطقة كفركلا بجنوب لبنان».

وردّاً على الغارة التي استهدفت بنت جبيل، أطلق «حزب الله» صواريخ باتجاه مستعمرة كريات شمونة. وقال الحزب في بيان إنّه «ردّاً على اعتداءات العدو الإسرائيلي على القرى الجنوبية الصامدة والمنازل الآمنة خصوصاً المجزرة المروّعة التي أقدم عليها العدو في مدينة بنت جبيل»، فإنّ مقاتلي الحزب قصفوا بلدة كريات شمونة شمال إسرائيل «بعشرات الصواريخ».

وكان مدنيان قد قُتلا السبت بعد غارة إسرائيلية على قرية دير ميماس في جنوب لبنان، وفق ما أفادت به «الوكالة الوطنية»، في حين قال الجيش الإسرائيلي إنه استهدف عنصرين من «حزب الله» في المنطقة.

وردّاً على غارة السبت، أعلن «حزب الله» أنّه قصف شمال إسرائيل بعشرات صواريخ «الكاتيوشا»، وقد أعلن الجيش الإسرائيلي أنّ 4 جنود أصيبوا، أحدهم بجروح خطرة.