أسبوع من التصعيد في السويداء ينذر بتفجير الأوضاع

مظاهرات ترفض «الترهيب العسكري» واجتماعات للحفاظ على سلامة الجبل

جانب من الحراك وسط مدينة السويداء
جانب من الحراك وسط مدينة السويداء
TT

أسبوع من التصعيد في السويداء ينذر بتفجير الأوضاع

جانب من الحراك وسط مدينة السويداء
جانب من الحراك وسط مدينة السويداء

لا يزال القلق يخيم على الأجواء في محافظة السويداء جنوب سوريا مع تواصل إرسال القوات الحكومية تعزيزات أمنية وعسكرية إلى السويداء، ورغم عدم اتضاح أسباب تلك التحركات، فإن ناشطي الحراك المعارض قرأوا فيه رسائل.

وتصاعد التوتر في السويداء خلال الأسبوع الأخير، على خلفية قيام فصائل مسلحة محلية في السويداء باختطاف عدد من ضباط وعناصر القوات الحكومية والشرطة في المحافظة، بهدف المقايضة مع دمشق للإفراج عن طالب من أبناء السويداء يدرس في جامعة «تشرين» باللاذقية، حيث جرى اعتقاله هناك في فبراير (شباط) الماضي، بتهمة النيل من هيبة الدولة لكتابته منشوراً على «فيسبوك» يؤيد فيه حراك السويداء المناهض للنظام، وتعرّضه للضرب والتعذيب.

وبعد أن باءت بالفشل مطالبات الأهالي بالإفراج عنه، أقدمت فصائل محلية ومجموعات من الأهالي في مناطق متفرقة في السويداء، الخميس الماضي، على اختطاف عدد من ضباط وعناصر الجيش والشرطة في المحافظة، أبرزهم رئيس فرع الهجرة والجوازات في السويداء، ومرافقوه وضابط، رداً على عدم إطلاق سراح الطالب الجامعي. وبعد مفاوضات تم إطلاق سراح الجميع، الاثنين الماضي، في حين بدأت الحكومة منذ الجمعة الماضية في إرسال تعزيزاتها إلى المحافظة.

وسجل ناشطون خلال خمسة أيام وصول ما يقارب 100 سيارة تحمل رشاشات متوسطة، و10 دبابات وأكثر من 500 عنصر، واتجهت أكبر التعزيزات إلى مطار خلخلة العسكري.

على خلفية الأمر، أصدر شيخ العقل، حكمت الهجري، بياناً الاثنين الماضي، حذّر فيه «أي جهةٍ كانت من أي تصعيد أو تحريك أو تخريب أو أذية، مهما كان نوعها، وتحميلها المسؤولية كاملة عن أي نتائج سلبية أو مؤذية هدّامة قد تترتب على أي حماقة أو تصرفات أو إجراءات مسيئة». مشدداً على أن «الشعب مستمر ومثابر بأعلى صوته وسلميّته ورقيّه لطلب حقوقه عبر النداءات المحقّة، بسلمية تحت ظلال الدستور والقوانين الخاصة والدولية». مؤكداً أن «لا تنازل عن الأصول. ولكل واقعة ما تستحقه. وعندنا لكل موقع رجاله».

مواصلة المظاهرات

وفي حين تتوارد الأنباء عن عقد اجتماعات ولقاءات في مضافات زعماء المنطقة الروحيين والمحليين، للتوصل إلى موقف موحد من التصعيد الحاصل والحفاظ على «أمن وسلامة الجبل»، واصل الحراك الشعبي تظاهره في ساحة «الكرامة» وسط السويداء، الأربعاء، وعبّروا عن موقفهم الرافض لـ«الترهيب» الذي تمارسه القوات الحكومية بإرسال التعزيزات العسكرية.

اجتماعات على مستوى المرجعيات الدينية والاجتماعية والفعاليات الأهلية (السويداء 24)

وشهد يوم الثلاثاء حركة لقاءات واجتماعات نشطة في مختلف مناطق المحافظة بين الزعامات الروحية والاجتماعية، وبحسب ناشطين في السويداء، زار قائد «حركة الكرامة» الشيخ أبو حسن يحيى الحجار، دارة الرئاسة الروحية في قنوات، والتقى الشيخ حكمت الهجري؛ لتأكيد دعمه البيان الذي أصدره الهجري يوم الاثنين، لرفض التصعيد من أي جهة كانت والتمسك بسلمية الحراك مع إبداء الرفض لأي تعدٍ عليهم، ونقلت شبكة «السويداء24» عن الشيخ الهجري تجديده تأكيد ما جاء في بيان صدر عنه، يوم الاثنين، والتأكيد على «أن أبناء الجبل وطنيون ومسالمون، وهم دائماً أهل للدفاع عن الوطن عند اللزوم»، وأن «الجبل سيبقى عامراً بأهله بوحدتهم وبتماسكهم عند المحن».

«دار عرى» المبنى التقليد لإمارة آل الأطرش في السويداء

لقاء الحجار مع الهجري بعد اجتماع تشاوري عُقد، صباح الثلاثاء، في دار عرى، دعا إليه أبو شبلي لؤي الأطرش، وحضره قائد حركة «رجال الكرامة» الشيخ أبو حسن يحيى الحجار، وشيخ العقل أبو أسامة يوسف جربوع، المعروف بموقفه الوسطي من النظام، والشيخ أبو وائل حمود الحناوي، الذي أعلن انحيازه للحراك السلمي في السويداء. كما حضر زعيم آل نعيم، الشيخ أبو هاني أدهم نعيم، وممثل عن يحيى عامر من شهبا، وفق ما أفادت به شبكة «السويداء24» بينما لوحظ غياب الشيخ الهجري عن الاجتماع، دون اتضاح أسباب ذلك.

وأفادت شبكة «السويداء24» بأن اجتماع دار عرى توافق على «ضرورة الحفاظ على حالة الاستقرار النسبي الذي تعيشه محافظة السويداء، وببذل كل الجهود الممكنة وتجنيب المنطقة أي تصعيد محتمل».

شيخ العقل حكمت الهجري

مصادر أهلية في السويداء قالت لـ«الشرق الأوسط»، إن لقاء الشيخ أبو حسن يحيى الحجار مع الشيخ حكمت الهجري، كان بهدف نقل ما جرى في اجتماع دار عرى وتوحيد المواقف والصفوف لكبح التصعيد حفاظاً على «استقرار الجبل» سيما وأن الشيخ الهجري بما يمثله من مكانة وثقل اجتماعي أعلن في بيانه استعداد أهل السويداء لصد الاعتداء عليهم بالقوة إذا لزم الأمر، في حين تدفع الزعامات المهادنة إلى تجنب المواجهة حقناً للدماء.

موالون ومعارضون

وأشارت المصادر إلى أن كل الأطراف في المحافظة، معارضين وموالين، يتفقون على ضرورة الحفاظ على سلامة الجبل وأهله. وأن التباين يظهر بين موالين يرون في استخدام النظام للحل العسكري «طريقة لإنهاء الحراك بوصفة حركة انفصالية» وفرض الاستقرار، وبين معارضين يرون أن تحقيق الاستقرار يتم عبر تطبيق القرار الأممي 2254 الذي يقضي برحيل النظام، مع إبداء الاستعداد للرد على أي اعتداء مسلح محتمل، وأضافت المصادر أن الزعامات الروحية الممثلة لكلا الطرفين، تسعى إلى احتواء الموقف وتجنب الوصول إلى المواجهة المسلحة بكل الوسائل الممكنة، أي المهادنة والتوصل إلى موقف وسطي يحفظ «الأمن».

وأفاد ناشطون في السويداء بأن الكثير من قرى المحافظة وبلداتها، شهدت اجتماعات لفعاليات روحية واجتماعية، جميعها يتمحور حول ضرورة «التمسك بوحدة الصف في هذه الظروف، ونبذ كل الخلافات، والاستعداد لأي طارئ». وبحسب شبكة «السويداء24» جرى اجتماع مساء الثلاثاء بين الشيخ أبو حسن مع أبو عمر عاطف هنيدي في دارة المجدل بالريف الغربي للسويداء، وتم التأكيد على الثوابت و «نهج أسلافهم» في «تحريم التعدي منهم وتحريم التعدي عليهم».

ومنذ اندلاع الموجهات المسلحة بين الحكومة وفصائل المعارضة المسلحة أواخر عام 2011 نأت السويداء بنفسها عن المشاركة في الأعمال القتالية، كما تجنب الآلاف من أبنائها من الالتحاق بالخدمة الإلزامية، في حين عملت الزعامات الروحية فيها على ضبط العلاقة مع دمشق والأجهزة الأمنية، دون أن يمنع ذلك حصول توترات بين حين وآخر، إلى أن عاد الحراك السلمي بقوة إلى الشارع في 14 أغسطس (آب) الماضي. واضطر أهم المرجعيات الروحية إلى الوقوف إلى جانبه، لقيادته والحفاظ على سلميته، ومنع الأمور من الخروج عن السيطرة، وسط صمت وتجاهل من قِبل دمشق التي لا تزال تتحين الفرصة للالتفاف على الحراك وإخماده بأقل خسائر ممكنة؛ نظراً لحساسية المنطقة الجنوبية جغرافياً وسياسياً. بحسب ما يقول محللون سياسيون رأوا في التطورات الأخيرة احتمالاً لتغيير دمشق طريقة تعاملها مع السويداء.


مقالات ذات صلة

وزراء خارجية تركيا وروسيا وإيران حذروا من دوامة عنف جديدة في سوريا

شؤون إقليمية جانب من اجتماع وزراء خارجية تركيا وروسيا وإيران على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك (الخارجية التركية)

وزراء خارجية تركيا وروسيا وإيران حذروا من دوامة عنف جديدة في سوريا

ناقش وزراء خارجية تركيا وروسيا وإيران، وهي الدول الثلاث الضامة لمسار أستانا، الأوضاع في سوريا على هامش أعمال الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية تعزيزات عسكرية في الطريق إلى معبر باب الهوى الحدودي بين تركيا وسوريا (وسائل إعلام تركية)

تركيا تدفع بتعزيزات عسكرية ضخمة إلى إدلب وحلب

دفع الجيش التركي بتعزيزات عسكرية ضخمة إلى نقاطه العسكرية المنتشرة في شرق إدلب وريف حلب الغربي الواقعة ضمن مناطق خفض التصعيد في شمال غربي سوريا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة:)
شؤون إقليمية لقاء بين إردوغان والأسد في 2010 (أرشيفية)

أميركا لا تدعم التطبيع بين أنقرة ودمشق قبل الحل السياسي في سوريا

أحدثت التصريحات الأخيرة للرئيس التركي رجب طيب إردوغان التي كرر فيها استعداده للقاء الرئيس السوري بشار الأسد من أجل تطبيع العلاقات بين البلدين ردود فعل متباينة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية أطفال سوريون وُلدوا في مخيمات اللجوء بتركيا (أرشيفية)

لاجئون وخبراء لـ«الشرق الأوسط»: عفو الأسد غير مقنع وسيضر السوريين في تركيا

أثار المرسوم الرئاسي السوري بشأن العفو عن بعض الهاربين في الداخل والخارج بشرط تسليم أنفسهم، جدلاً واسعاً في تركيا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية العفو الرئاسي السوري هل سيحل مشكلة اللاجئين في تركيا؟ (أرشيفية)

هل يمنح عفو الرئيس السوري عن الهاربين تركيا فرصة للتطبيع وعودة اللاجئين؟

رأت أوساط تركية أن قرار العفو الذي أصدره الرئيس السوري بشار الأسد بشأن الفارين داخل البلاد وخارجها، يشكل فرصة لدفع التطبيع وعودة اللاجئين.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

رئيس الوزراء اللبناني: لا خيار لدينا سوى الحل الدبلوماسي

رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي (رويترز)
رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي (رويترز)
TT

رئيس الوزراء اللبناني: لا خيار لدينا سوى الحل الدبلوماسي

رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي (رويترز)
رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي (رويترز)

قال رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان، الأحد، إنه ليس لديه خيار سوى الخيار الدبلوماسي، رداً على سؤال بشأن الجهود الدبلوماسية لوقف تصعيد إسرائيل لحدة القتال ضد جماعة «حزب الله» اللبنانية.

وأضاف ميقاتي، خلال مؤتمر صحافي عقب جلسة للحكومة، أن عدد النازحين في لبنان جراء القصف الإسرائيلي قد يصل إلى «مليون» شخص.

ووصف ميقاتي عملية نزوح اللبنانيين الأخيرة جراء القصف الإسرائيلي على لبنان بأنها قد تكون «الأكبر في لبنان أو بالتاريخ».

وتابع: «في موضوع الهبات التي تصلنا من عدة أطراف، نعمل على تسهيل دخول الهبات بشرط أن نعرف المانح ولأي إدارة ستذهب».

وأشار إلى أن «الدولة تقوم بواجباتها ضمن إمكاناتها»، مؤكداً أنه سيتم عقد «اجتماع مع الهيئات المانحة وسنطلب من الدول المانحة مساعدتنا في هذه الظروف الصعبة». وطالب ميقاتي «بوقف إطلاق النار على كل الجبهات»، مشدداً على ضرورة وقف إطلاق النار على كل الجبهات وحتى في غزة.

وأعلن الجيش الإسرائيلي وجماعة «حزب الله»، السبت، مقتل حسن نصر الله الأمين العام للحزب في قصف إسرائيلي استهدف الضاحية الجنوبية لبيروت الجمعة.

ومنذ الاثنين، كثّفت إسرائيل وتيرة ضرباتها على «حزب الله» في مناطق مختلفة في لبنان، ما استدعى ردوداً من الحزب، في تصعيد غير مسبوق منذ بدء تبادل إطلاق النار بين الطرفين غداة اندلاع الحرب في قطاع غزة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.