بغداد وأنقرة توقعان اتفاقاً للتعاون

وتشددان على أهمية ضمان أمن البلدين

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في بغداد (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في بغداد (إ.ب.أ)
TT

بغداد وأنقرة توقعان اتفاقاً للتعاون

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في بغداد (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في بغداد (إ.ب.أ)

أكد رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، اليوم (الاثنين)، أن بلاده لن تسمح باستخدام أراضيها منطلقاً للاعتداء على دول الجوار. وأضاف، خلال مؤتمر صحافي مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في بغداد، أن العراق لن يسمح أيضاً بالاعتداء على سيادته. وشدد السوداني على أهمية ضمان الأمن للعراق وتركيا، وقال: «أمن تركيا والعراق وحدة واحدة لا تتجزأ».

كما أعلن رئيس الوزراء العراقي أن بلاده وقعت مع تركيا اتفاق إطار استراتيجي يشرف على التعاون في مجالات الأمن والطاقة والاقتصاد بين البلدين.

من جهته، أكد الرئيس التركي أنه ناقش مع السوداني الخطوات المشتركة التي يمكن أن يتخذها البلدان ضد مقاتلي حزب العمال الكردستاني، ورحّب بتصنيف العراق للجماعة على أنها محظورة.

وبحسب «رويترز»، عبر إردوغان، خلال المؤتمر الصحافي المشترك، عن اعتقاده القوي بأن وجود حزب العمال الكردستاني في الأراضي العراقية سينتهي في أقرب وقت ممكن.

وفي المقابل، أكد إردوغان على استعداده لدعم العراق في الحرب ضد الإرهاب، واصفاً هذا البند بأنه الأهم في المحادثات مع العراق. وقال خلال المؤتمر أيضاً: «أتطلع إلى تعزيز التبادل التجاري والتعاون في مجالات الطاقة والصحة والسياحة مع العراق».

من جانبه، قال السوداني، اليوم (الاثنين)، إن طريق التنمية الاستراتيجي مع تركيا وقطر والإمارات سيؤدي إلى نقلة اقتصادية بالمنطقة.

وأشار، في المؤتمر الصحافي مع إردوغان، إلى أن طريق التنمية لن يختصر المسافات فحسب، بل سيتحول إلى جسر رابط بين شعوب المنطقة وثقافاتها، مضيفاً أن هذا الطريق الاستراتيجي سيدعم الأمن والاستقرار بالمنطقة.

ولفت إردوغان إلى أن حجم التبادل التجاري بين العراق وتركيا ارتفع إلى 20 مليار دولار.

كانت الحكومة العراقية قد أعلنت، اليوم، توقيع مذكرة تفاهم رباعية مع تركيا وقطر والإمارات بشأن مشروع طريق التنمية الاستراتيجي بهدف وضع الأطر اللازمة لتنفيذ المشروع.

وقال المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء العراقي إن المذكرة وقعها عن الجانب العراقي وزير النقل رزاق محيبس، وعن الجانب التركي وزير النقل والبنية التحتية عبد القادر أورال أوغلو، وعن الجانب القطري وزير المواصلات جاسم بن سيف السليطي وعن الجانب الإماراتي وزير الطاقة والبنية التحتية سهيل محمد المزروعي.

وأضاف البيان أن السوداني والرئيس التركي رجب طيب إردوغان شهدا التوقيع.

وأشار البيان أيضاً إلى أن مشروع طريق التنمية الاستراتيجي سيسهم في تحفيز النمو الاقتصادي وتعزيز علاقات التعاون الإقليمي والدولي من خلال تحقيق التكامل الاقتصادي والسعي نحو اقتصاد مستدام بين الشرق والغرب، كما سيعمل على زيادة التجارة الدولية وتسهيل التنقل والتجارة، وتوفير طريق نقل تنافسي جديد، وتعزيز الرخاء الاقتصادي الإقليمي.

وفي وقت سابق من اليوم، أكد الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد ونظيره التركي أهمية تخفيف حدة التوترات في المنطقة ووقف التصعيد المستمر واعتماد التفاهمات والحوار البنّاء.

وبحسب «وكالة أنباء العالم العربي»، ذكرت الرئاسة العراقية، في بيان، أن الرئيسين شددا أيضاً خلال لقاء في بغداد على «أهمية تكثيف الجهود لتدعيم أمن الحدود، ومواجهة تحديات التغيرات المناخية والبيئية وأزمة المياه والاستفادة من الخبرات والتجارب التركية في هذا المجال».

وأكد الرئيس العراقي «أهمية العمل والتنسيق المشترك لمكافحة الإرهاب وضمان الأمن المشترك للبلدين والمنطقة»، مشيراً إلى أن العراق «يرفض أن تكون الأراضي العراقية منطلقاً للاعتداء أو تهديد دول الجوار، كما نرفض أي اعتداء أو انتهاك تتعرض له المدن العراقية»، مشدداً على «وجوب احترام سيادة العراق وأمنه القومي»، بحسب البيان العراقي.

وعبّر رشيد عن تطلع العراق إلى علاقات «متميزة مع الجارة تركيا على مختلف الصعد»، كما قال إنه «يحرص على إقامة علاقات متوازنة مع الدول الشقيقة والصديقة تخدم المصالح المتبادلة في المجالات التاريخية والاقتصادية والتجارية والثقافية».

وقالت الرئاسة العراقية إن الرئيس «تطرق إلى ملف المياه والأزمة التي يعاني منها العراق جراء انخفاض التدفقات المائية عبر نهري دجلة والفرات، وأثرها على مجمل الفعاليات الحياتية»، مؤكداً «ضرورة معالجة ملف المياه وضمان حصة عادلة للعراق لسد احتياجاته، والاستفادة من الخبرات في إدارة ملف المياه وبناء السدود، والتنسيق والتشاور بشأن المشروعات والمنشآت التي تقام على نهري دجلة والفرات».


مقالات ذات صلة

إسرائيل تقتل عشرات في غزة... ومصر تستضيف قادة من «حماس» لمناقشة وقف النار

المشرق العربي فلسطينيون يسيرون بجوار مبانٍ مدمرة بهجمات إسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)

إسرائيل تقتل عشرات في غزة... ومصر تستضيف قادة من «حماس» لمناقشة وقف النار

قال مسعفون إن ما لا يقل عن 40 فلسطينياً لقوا حتفهم في ضربات للجيش الإسرائيلي في غزة، في حين تلقت جهود إحياء محادثات وقف إطلاق النار في غزة دفعة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي فلسطينيون يحملون أواني معدنية انتظاراً لتلقي الطعام من خان يونس (إ.ب.أ) play-circle 01:35

«أطباء بلا حدود»: المساعدات الإنسانية لقطاع غزة وصلت لأدنى مستوياتها منذ أشهر

حذرت منظمة «أطباء بلا حدود»، اليوم (الجمعة)، من تراجع وتيرة دخول المساعدات الإنسانية لقطاع غزة إلى أدنى مستوياتها منذ أشهر.

«الشرق الأوسط» (غزة)
العالم العربي طائرة تقلع من مطار بيروت يوم 7 أكتوبر 2024 (رويترز)

شركات طيران تعلق رحلاتها للشرق الأوسط مع تفاقم التوتر

دفعت المخاوف من اتساع رقعة الصراع في الشرق الأوسط شركات طيران عالمية إلى تعليق رحلاتها إلى المنطقة أو تجنب المجالات الجوية التي تنطوي على مخاطر.

المشرق العربي إخلاء سكان مخيمي النصيرات والبريج للاجئين خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة (إ.ب.أ)

مصر تحشد دولياً لمؤتمر «مساعدات غزة»

جددت القاهرة، الجمعة، تأكيدها ضرورة «وقف إطلاق النار في قطاع غزة، والنفاذ الكامل وغير المشروط للمساعدات الإنسانية».

أحمد إمبابي (القاهرة)
المشرق العربي فتى فلسطيني يقفز قرب صاروخ غير منفجر بعد انسحاب القوات الإسرائيلية من مخيم النصيرات الجمعة (إ.ب.أ)

دبابات إسرائيلية تنسحب من مخيم النصيرات مخلِّفة عشرات القتلى

قال الجيش الإسرائيلي إن قواته التي تنفذ عمليات منذ الخامس من أكتوبر تستهدف منع مسلحي «حماس» من معاودة تنظيم أنفسهم وشن عمليات.

«الشرق الأوسط» (غزة)

اشتباكات سورية جديدة تُهدّد خرائط النفوذ القديمة

سيارة تمر عبر معقل للفصائل المسلحة في خان العسل بحلب شمال سوريا 29 نوفمبر (أ.ف.ب)
سيارة تمر عبر معقل للفصائل المسلحة في خان العسل بحلب شمال سوريا 29 نوفمبر (أ.ف.ب)
TT

اشتباكات سورية جديدة تُهدّد خرائط النفوذ القديمة

سيارة تمر عبر معقل للفصائل المسلحة في خان العسل بحلب شمال سوريا 29 نوفمبر (أ.ف.ب)
سيارة تمر عبر معقل للفصائل المسلحة في خان العسل بحلب شمال سوريا 29 نوفمبر (أ.ف.ب)

غيّرت التحركات العسكرية حول حلب لأول مرة منذ أكثر من 4 سنوات خرائط السيطرة ومناطق النفوذ في شمال غربي سوريا، وحرّكت حدود التماس بين جهات سورية محلية متصارعة، وقوات إقليمية ودولية منتشرة في تلك البقعة الجغرافية.

وتشي سخونة العمليات العسكرية بأن الهجوم قد يتمدد إلى كامل الشمال السوري، وينذر بإشعال جبهة شمال شرقي البلاد الخاضعة لـ«قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية.

وكانت روسيا وتركيا، اتفقتا في مارس (آذار) 2020 على تفاهمات تكرّس خفض التصعيد ووقف إطلاق النار شمال غربي سوريا، بعد سنوات من دعم موسكو للقوات الحكومية السورية بقيادة الرئيس بشار الأسد، ومساندة أنقرة لفصائل مسلحة معارضة.

دبابة مدمَّرة للجيش السوري في قرية عنجارة على مشارف حلب 29 نوفمبر (أ.ب)

الخبير العسكري والمحلّل السياسي عبد الناصر العايد قال لـ«الشرق الأوسط» إن مدينة حلب وحدودها الإدارية خارج دائرة الهجوم، حتى الآن، سيما مركز المدينة نظراً لتشابك وتعقد الحسابات الدولية وخضوعها لتفاهمات روسية - تركية أعقبت الاتفاقية الموقّعة عام 2020.

وتوقع العايد أن يصبح «التركيز بالدرجة الأولى على إخراج الميليشيات الإيرانية من المنطقة، وأن تستمر المعارك بشكل أعنف في قادم الأيام لتشتعل مناطق جغرافية تمتد بين ريف إدلب الشرقي والجنوبي، إلى جانب ريف حلب الغربي والشمالي».

حسابات إقليمية

وتخضع مدينة إدلب ومحيطها ومناطق متاخمة في محافظات حلب واللاذقية وحماة لـ«هيئة تحرير الشام» وفصائل مسلحة معارضة أقل نفوذاً، ويسري منذ 2020 وقف لإطلاق النار أعلنته روسيا الداعمة لدمشق؛ وتركيا التي تدعم الفصائل المسلحة المعارضة بعد هجوم واسع شنّته القوات النظامية بدعم روسي واستعادت آنذاك مناطق شاسعة من قبضة تلك الفصائل.

ويرجع الخبير العسكري عبد الناصر العايد، وهو ضابط سوري سابق منشق يقيم في فرنسا، تقدم الفصائل المسلحة ووصولهم نحو مدخل حلب الغربي، إلى: «شدة الهجوم وزخم التحشيد الذي أُعد له منذ أشهر»، مشيراً إلى أن «المعارك ستتركز في تخوم حلب الغربية والجنوبية، ومناطق شرق إدلب وصولاً إلى معرة النعمان».

وباتت الطريق الدولية السريعة (إم 5) التي تربط مدينتي حلب شمالاً بالعاصمة دمشق خارجة عن الخدمة؛ معيدة للأذهان مشهد توقفها كلياً لسنوات بعد اندلاع الحرب السورية لتجدد العمليات العسكرية خلال الأيام الماضية على طرفي الطريق.

وما يزيد من ضبابية معارك الشمال السوري غياب الدعم الروسي للقوات النظامية وإحجامها عن الهجمات الجوية، كسابق تدخلاتها لصالح الحكومة السورية، ويعزو العايد موقف موسكو إلى عدم رغبتها في دعم الميليشيات الإيرانية المقاتلة هناك، ليقول: «لأن حلب بالكامل خرجت عن السيطرة الروسية ولم يبقَ لها أي تأثير فعلي، علماً أن الروس شاركوا بقوة برياً وجوياً لاستعادة شطر حلب الشرقية من قبضة الفصائل المعارضة منتصف 2016»، ويعتقد أن «عدم مشاركة روسيا، حتى الآن، بمعركة حلب مردّه: (بمثابة عقوبة مضاعفة للميليشيات الإيرانية، ويبدو هنالك أبعاد متعلقة بملفات استراتيجية خارج سوريا)»، على حد تعبير المحلل العسكري العايد.

تبادل لإطلاق النار في محيط حلب بين الجيش السوري وفصائل المعارضة المسلحة (أ.ف.ب)

مقايضة تركية - روسية

وبحسب مقاطع فيديو وصور نشرها نشطاء محليون على منصات التواصل الاجتماعي، وصلت الهجمات لمدخل مدينة حلب الغربي بالقرب من حي الحمدانية العريق، كما أصبحوا على بُعد بضعة كيلومترات من بلدتَي نبل والزهراء وهما بلدتان شيعيتان تتمتع جماعة «حزب الله» اللبنانية المدعومة من إيران بحضور عسكري وأمني قوي هناك، إلى جانب قربهما من بلدة تل رفعت الخاضعة لسيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) المدعومة أميركياً؛ ما ينذر بتوسع وتمدّد المعارك القتالية نحو كامل الريف الشمالي لمحافظة حلب ثاني أكبر المدن السورية.

بدوره؛ يرى براء صبري، وهو باحث مساهم في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن قوات «قسد»، شريكة واشنطن في حربها ضد التنظيمات الإرهابية، تخشى من حصول تركيا على مقايضة عسكرية من روسيا على الأرض «تشمل بلدة تل رفعت مقابل الضغط على (هيئة تحرير الشام) وفصائل (رد العدوان) للتوقف وضبط إيقاع الهجوم».

وتابع صبري حديثه قائلاً: «على الرغم من أن الهجوم السريع على قوات دمشق (القوات الحكومية) والخسائر الكبيرة هناك توحي بتسجيل نصر لصالح المعارضة و(هيئة تحرير الشام)، لكن من غير المتوقع تغطية مدينة حلب ولن يُسمح بسقوطها، لا من قِبل الروس أولاً، ولا من قِبل الإيرانيين و(حزب الله) المنهكين في صراعهما مع إسرائيل ثانياً».

وتشير المعطيات الميدانية لمعركة حلب إلى أن الحدود التي ستشعلها المرحلة المقبلة لن تكون كما سابق عهدها، بعد اتفاق سوتشي 2020، بين الرئيس التركي إردوغان والروسي بوتين، ومنذ 4 سنوات لم تتغير حدود السيطرة بين الجهات السورية المتحاربة والجهات الدولية الفاعلة، بما فيها فصائل المعارضة في شمال سوريا التي تدعمها تركيا، وقوات «قسد» التي يقودها الأكراد في الشمال الشرقي من البلاد.

مسلحون يستولون يوم 29 نوفمبر على دبابة للجيش السوري بالقرب من الطريق الدولية M5 (أ.ف.ب)

الإيرانيون لا يملكون الكثير

وعن الموقف الإيراني ودور جماعة «حزب الله» اللبنانية في حين وصلت العمليات العسكرية إلى بلدتي النبل والزهراء، أوضح صبري أن الإيرانيين: «لا يملكون الكثير ليقوموا به للدفاع عن المنطقة لأن الطيران الإسرائيلي يترصدهم، لكن المتوقع أن يتحول (حزب الله) مجموعة مستميتة عندما يصل الخطر إلى نبل والزهراء وهما معقل الشيعة السوريين هناك».

وحذَّر هذا الباحث من انزلاق المعركة إلى طابع مذهبي، منوهاً بأن الهدنة في لبنان التي دخلت حيز التنفيذ: «ستمكن (حزب الله) من لملمة صفوفه والتحرك أكثر بدعم إيراني، وسيحول الحزب ما يسميه انتصاراً في لبنان إلى حافز لإظهار وجوده من جديد في سوريا».

وقد تكون الهجمات العسكرية لـ«تحرير الشام» محاولةً لإعادة تموضع جغرافي في مساحة واسعة في أرياف حلب وحماة وإدلب غربي سوريا، غير أن الباحث براء صبري شدد بأن الروس ستكون لهم الكلمة الفصل، وقال: «بالنسبة للروس سقوط حلب بمثابة النكبة لانتصاراتهم المدوية التي حققوها خلال الأسبوعين الماضيين في خط الدونباس بأوكرانيا، وداخل روسيا نفسها في منطقة كورسك».

وذكر صبري في ختام حديثه بأن حلب أكبر من قدرات المعارضة المسلحة و«هيئة تحرير الشام»، «وأكبر من استطاعة تركيا نفسها، وإذا أخذنا بأن الهجوم خرج عن تخطيطها أو سُمح له بالمرور دون اعتراض؛ فسيقابله تشدد تركي إذا تسبب بسقوط حلب التي ستُغضّب الروس كثيراً».