لبنان: الجهود الرئاسية تراوح مكانها... ومبادرة «الاعتدال» أمام الفرصة الأخيرة

مع تمسّك الأفرقاء بمواقفهم واقتناع الجميع بارتباط الاستحقاق بالأوضاع الإقليمية

سفراء «اللجنة الخماسية» في اجتماع سابق مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي (الشرق الأوسط)
سفراء «اللجنة الخماسية» في اجتماع سابق مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي (الشرق الأوسط)
TT

لبنان: الجهود الرئاسية تراوح مكانها... ومبادرة «الاعتدال» أمام الفرصة الأخيرة

سفراء «اللجنة الخماسية» في اجتماع سابق مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي (الشرق الأوسط)
سفراء «اللجنة الخماسية» في اجتماع سابق مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي (الشرق الأوسط)

لا تزال المبادرات الرامية إلى حل الأزمة الرئاسية في لبنان تدور في حلقة مفرغة مع الشروط والشروط المضادة التي يتمسك بها الفرقاء، إضافة إلى ارتباطها بالأوضاع الإقليمية والجبهات المفتوحة، التي تفرمل أي اتفاق أو صيغة حل تؤدي إلى انتخاب رئيس للبلاد بعد نحو سنة ونصف السنة من الفراغ الرئاسي.

وإذا كان سفراء «اللجنة الخماسية» متمسكين بتفاؤلهم ومستمرين في جهودهم في محاولة منهم لإنهاء هذه الأزمة رغم المعطيات السلبية التي تحيط بالاستحقاق، فإن مبادرة تكتل «الاعتدال الوطني» الذي كان يعمل أيضاً على مبادرة رئاسية، تصطدم بدورها بتصلب المواقف، وآخرها الانتقاد الذي وجّهه لها رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية، مرشّح «حزب الله» ورئيس البرلمان نبيه بري إلى الرئاسة، الذي أعلن أيضاً تمسكه بترشيحه.

وهذا التمسك يواجه بشكل أساسي مطلب المعارضة التي، إضافة إلى رفضها تكريس عرف الحوار قبل الانتخابات الرئاسية، ترى أن تراجع «الثنائي الشيعي» (حزب الله وحركة أمل) عن ترشيح فرنجية هو الخطوة الأولى باتجاه التوافق والذهاب نحو خيار ثالث، وترفض أن يترأس رئيس البرلمان نبيه بري الحوار وتطالب بعقد جلسات مفتوحة لانتخاب رئيس، مقابل إصرار «الثنائي» على أن يترأس بري أي حوار والتوافق للدعوة إلى جلسات نيابية لانتخاب رئيس.

وبعدما كان فرنجية قد أكّد لسفراء «اللجنة» الذين التقاهم، الأربعاء، الاستمرار بترشحه، عاد وجدد التأكيد على هذا الأمر إثر لقائه البطريرك الماروني بشارة الراعي، مقللاً من أهمية مبادرة «الاعتدال» وواصفاً إياها بـ«الأفلاطونية»، معتبراً في الوقت عينه أن «معظم نواب التكتل سيصوّتون له»، وهو ما نفاه النائب في «الاعتدال» محمد سليمان الذي شنّ بدوره هجوماً على ترشيح رئيس «المردة»، بالقول: «بعض الترشيحات التي تُعرقل كل المبادرات هي التي يصح وصفها بالهمايونية»، مؤكداً أن «أصوات الاعتدال هي مسؤولية تقع على عاتق نوّاب الكتلة بحسب تلمسهم للمصلحة الوطنية والثقة التي أولاها لهم الناخبون، ولا يعود لأحد التصرّف بها بخطابات أو بأوهام أو بأحلام».

وعلى الرغم من قناعته بصعوبة الوضع نتيجة ما سمعه من قبل الأفرقاء اللبنانيين والانقسام العمودي فيما بينهم، يعطي تكتل «الاعتدال الوطني» الفرصة الأخيرة لنفسه لاستئناف حراكه بناء على تعديلات على مبادرته، قبل أن ينعيها نهائياً، إذا انتهت جولته المقبلة كما انتهت عليه الجولات السابقة، وفق ما تقول مصادر نيابية في التكتل لـ«الشرق الأوسط». وسيستند التكتل في جولته الجديدة إلى تعديل يرتبط بالجهة التي ستدعو للحوار وستترأسه، وهو أن يتداعى النواب للحوار الذي يعود بري ويترأسه قبل الدعوة لجلسات لانتخاب رئيس للجمهورية.

وكان قد رفض كل من «القوات» و«الكتائب اللبنانية» أن يترأس بري الحوار للبحث في الاستحقاق الرئاسي، معتبرين أنه طرف في الخلاف، بينما أعلنت كتلة «حزب الله» النيابية موافقتها على مبادرة «الاعتدال» شرط أن يترأس بري الحوار، وهو الموقف الذي ينسجم أيضاً مع كتلة «التنمية والتحرير» التي يرأسها بري.

وبانتظار ما ستكون عليه نتيجة جولة «الاعتدال» المقبلة مع الأفرقاء التي يفترض أن تظهر خلال أسبوعين، تشير المصادر إلى قناعة لديها بناء على ما سمعته من الأفرقاء بأن الجميع لا يريد إنجاز الاستحقاق قبل اتضاح الصورة في التطورات الإقليمية التي زادت حدّتها أكثر في الأيام الأخيرة.

ومع إقرارها بـ«الوضع الصعب داخلياً وخارجياً لا سيما مع تفاقم المواجهة بين إيران وإسرائيل»، تدعو مصادر نيابية في كتلة «التنمية والتحرير» التي يرأسها بري إلى انتظار ما سيقوم به سفراء «اللجنة الخماسية» الذين من المتوقع أن يلتقوا رئيس البرلمان الأسبوع المقبل، لوضعه في آخر المعطيات التي تكوّنت لديهم نتيجة اللقاءات التي عقدوها مع الأفرقاء اللبنانيين. وفيما يبدو شبه قناعة باستحالة التوصل إلى حل في الفترة الحالية، تقول المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «ليس علينا إلا أن نتأمل ونراهن على أي إيجابية قد تظهر رغم كل الأوضاع الصعبة»، رامية في الوقت عينه المسؤولية على الطرف الآخر الذي يرفض الحوار، متّهمة إياهم بأنهم لا يريدون إنجاز الاستحقاق في الوقت الحالي.

التشاؤم نفسه، تعبّر عنه مصادر في حزب «القوات اللبنانية» بالقول لـ«الشرق الأوسط»: «لم تخرج الأمور يوماً من مرحلة المراوحة ولم تتجاوز عتبة الصفر لأسباب معروفة هي تمسك الفريق الآخر بنفس الخيار الرئاسي ورفض الذهاب إلى خيار ثالث، إضافة إلى أنهم لا يريدون عقد جلسة انتخاب رئيس للجمهورية وإذا دعوا يعمدون إلى إفقاد الجلسة نصابها، ويصرون في المقابل على حوار برئاسة رئيس البرلمان».

وبينما ينتظر «القوات» ما سيحمله تكتل «الاعتدال» من «طرح منقّح» في مبادرته لدرسه وإبداء الموقف بشأنه، ترى المصادر أن المشكلة لا تكمن بتمسك فرنجية بترشيحه، إنما بالفريق السياسي الذي لا يطبق الدستور ويريد تغيير طبيعة الجمهورية من خلال ممارسات مختلفة عن الممارسات المعهودة، ويمسك بالتالي بالاستحقاق تحت مبدأ أن تكونوا معي أو لا رئاسة.


مقالات ذات صلة

مقتل 5 أشخاص خلال ساعات في جنوب لبنان

المشرق العربي مواطنون من جنوب لبنان أمام المنازل المدمر نتيجة القصف الإسرائيلي (إ.ب.أ)

مقتل 5 أشخاص خلال ساعات في جنوب لبنان

قُتل شخصان في قصف إسرائيلي استهدف دراجة نارية كانا يستقلانها في النبطية، في جنوب لبنان بعد ساعات على مقتل 3 أشخاص هم عنصر في «حزب الله» وشقيقتاه.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
تحليل إخباري نائب أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم مستمعاً لكلمة نصر الله في الاحتفال التأبيني للقيادي محمد ناصر الذي اغتالته إسرائيل (رويترز)

تحليل إخباري «حزب الله» يعود إلى لغة التهديد: أزمة داخلية أم استثمار مسبق للحرب؟

عاد المسؤولون في «حزب الله» للغة التهديد والوعيد و«تخوين المعارضين» على خلفية مواقف عدة مرتبطة بالحرب الدائرة في الجنوب من جهة وبالاستحقاق الرئاسي من جهة أخرى.

كارولين عاكوم (بيروت)
يوميات الشرق ممثلون معروفون يشاركون في المسرحية (روان حلاوي)

روان حلاوي لـ«الشرق الأوسط»: موضوع «يا ولاد الأبالسة» شائك ويحاكي الإنسانية

تحكي المسرحية قصص 4 رجال يمثلون نماذج مختلفة في مجتمعنا. لم تقارب في كتابتها موضوعات محرّمة (تابوات)، وتعدّها تحاكي الإنسانية لدى الطرفين.

فيفيان حداد (بيروت)
المشرق العربي نساء وأطفال ورجل عجوز ضمن موجة النازحين السوريين الأخيرة إلى الأراضي اللبنانية (الشرق الأوسط)

تردُّد الوزراء يعوق تفعيل لجنة التنسيق اللبناني - السوري في ملف النازحين

رغم مرور نحو شهرين على توصية البرلمان بتفعيل عمل اللجنة الوزارية لوضع برنامج زمني وتفصيلي لإعادة النازحين، لم تفعّل حتى الساعة هذه اللجنة أو تشكَّل لجنة جديدة.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي دمار في بلدة كفركلا بجنوب لبنان (إ.ب.أ)

مقتل ثلاثة مدنيين في ضربة إسرائيلية على جنوب لبنان

قُتل ثلاثة مدنيين وأصيب ثلاثة آخرون في غارة إسرائيلية على مبنى في بلدة بنت جبيل بجنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

مقتل 5 أشخاص خلال ساعات في جنوب لبنان

مواطنون من جنوب لبنان أمام المنازل المدمر نتيجة القصف الإسرائيلي (إ.ب.أ)
مواطنون من جنوب لبنان أمام المنازل المدمر نتيجة القصف الإسرائيلي (إ.ب.أ)
TT

مقتل 5 أشخاص خلال ساعات في جنوب لبنان

مواطنون من جنوب لبنان أمام المنازل المدمر نتيجة القصف الإسرائيلي (إ.ب.أ)
مواطنون من جنوب لبنان أمام المنازل المدمر نتيجة القصف الإسرائيلي (إ.ب.أ)

قُتل شخصان في قصف إسرائيلي استهدف دراجة نارية كانا يستقلانها في منطقة النبطية، في جنوب لبنان، بعد ساعات على مقتل 3 أشخاص، هم عنصر في «حزب الله» وشقيقتاه في استهداف منزلهم في بنت جبيل.

وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بأن مسيرة إسرائيلية شنت غارة بصاروخ موجه مستهدفة دراجة نارية على طريق النبطية - الخردلي، كان يستقلها شخصان، وعندما حاول عدد من المواطنين الاقتراب منها تعرضت لغارة ثانية وبصاروخ موجه أدى إلى وقوع إصابات مؤكدة براكبيها»، وأفادت وسائل إعلام لبنانية في وقت لاحق بوفاة الشخصين وهما من الجنسية السورية، من دون أن يجري الإعلان عن هويتهما.

وكان جنوب لبنان قد شهد تصعيداً في المواجهات ليلاً، بين «حزب الله» والجيش الإسرائيلي، إثر مقتل 3 أشخاص من عائلة واحدة في بنت جبيل، بعد ساعات على اغتيال إسرائيل، رجل أعمال سوري مقرّب من الرئيس السوري بشار الأسد، ويخضع لعقوبات أميركية وأوروبية، بعد ظهر الاثنين جراء ضربة إسرائيلية استهدفت سيارته في منطقة حدودية قريبة من لبنان، وفق ما أفاد به «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، مشيراً إلى أن «مسيّرة إسرائيلية استهدفت سيارة كان تقل براء القاطرجي عند الحدود اللبنانية - السورية ما أدى إلى مقتله مع شخص آخر كان برفقته».

وكان القاطرجي، وهو رجل أعمال مقرب من الأسد، وفق «المرصد» «مسؤولاً في العامين الأخيرين عن تمويل فصيل المقاومة السورية لتحرير الجولان» الذي أسسه «حزب الله» اللبناني، وترأسه القيادي في الحزب سمير القنطار قبل مقتله في قصف إسرائيلي قرب دمشق نهاية عام 2015. ويتولى الفصيل تنفيذ عمليات ضد إسرائيل من جنوب سوريا.

ومساء الاثنين، أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بارتكاب «العدو الإسرائيلي مجزرة في حق المدنيين في مدينة بنت جبيل قُتل خلالها شقيقان من آل داغر (شقيق وشقيقته)، بينما أصيبت شقيقتهما الأخرى بجروح خطرة عندما استهدفت المقاتلات الحربية منزلهم بغارة وعلى دفعتين فدمرته في حي العويني في المدينة»، قبل أن يعلن عن مقتل الأخت الثانية. ولاحقاً، أعلن «حزب الله» مقتل «المجاهد عامر جميل داغر»، مشيراً إلى أنّه من مدينة بنت جبيل في جنوب لبنان.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي في بيان أنّ مقاتلات تابعة لسلاح الجو «أغارت على مستودع أسلحة في منطقة بنت جبيل، بالإضافة إلى مبنى عسكري تابع لمنظمة (حزب الله) الإرهابية في منطقة كفركلا بجنوب لبنان».

وردّاً على الغارة التي استهدفت بنت جبيل، أطلق «حزب الله» صواريخ باتجاه مستعمرة كريات شمونة. وقال الحزب في بيان إنّه «ردّاً على اعتداءات العدو الإسرائيلي على القرى الجنوبية الصامدة والمنازل الآمنة خصوصاً المجزرة المروّعة التي أقدم عليها العدو في مدينة بنت جبيل»، فإنّ مقاتلي الحزب قصفوا بلدة كريات شمونة شمال إسرائيل «بعشرات الصواريخ».

وكان مدنيان قد قُتلا السبت بعد غارة إسرائيلية على قرية دير ميماس في جنوب لبنان، وفق ما أفادت به «الوكالة الوطنية»، في حين قال الجيش الإسرائيلي إنه استهدف عنصرين من «حزب الله» في المنطقة.

وردّاً على غارة السبت، أعلن «حزب الله» أنّه قصف شمال إسرائيل بعشرات صواريخ «الكاتيوشا»، وقد أعلن الجيش الإسرائيلي أنّ 4 جنود أصيبوا، أحدهم بجروح خطرة.