أوروبا تحرم الأفارقة من تأشيرة «شنغن» وأكبر معدل للرفض تسجله الجزائر

أطفال يلعبون كرة القدم في قصبة الجزائر 11 أبريل 2019 (أسوشييتد برس)
أطفال يلعبون كرة القدم في قصبة الجزائر 11 أبريل 2019 (أسوشييتد برس)
TT

أوروبا تحرم الأفارقة من تأشيرة «شنغن» وأكبر معدل للرفض تسجله الجزائر

أطفال يلعبون كرة القدم في قصبة الجزائر 11 أبريل 2019 (أسوشييتد برس)
أطفال يلعبون كرة القدم في قصبة الجزائر 11 أبريل 2019 (أسوشييتد برس)

رفضت فرنسا مرتين طلبات تأشيرة تقدم بها نبيل تاباروت البالغ من العمر 29 ربيعاً، وهو مطور مواقع إلكترونية، كان يأمل في زيارة شقيقته هذا العام خلال العطلة، وهو واحد من ضمن عدد كبير من الأشخاص في القارة الأفريقية ممن يحاولون الحصول على تأشيرة لتحقيق الحلم الأوروبي، حسب ما نشرته وكالة «أسوشييتد برس».

وغالباً ما تقابل طلبات الأفارقة الراغبين في الحصول على تأشيرة لدول التكتل بالرفض، وتعد معدلات الرفض الأعلى من أي مكان في العالم، بدءاً من الحصول على موعد، مروراً بإثبات رصيد بنكي وصولاً إلى إظهار الرغبة في العودة إلى الوطن الأم.

يقول الشاب الجزائري الذي حصل على التأشيرة الفرنسية مرة واحدة: «هذا هو الوضع، فكل متعة تستحق المعاناة» على الرغم من أن دول الاتحاد الأوروبي تفرض عقوبات على الهجرة غير الشرعية، وتحاول التركيز على وقف موجة المهاجرين الذي يصلون إلى أراضيها بأعداد كبيرة، فإن العديد من الشباب يختار الوصول إلى الضفة الأخرى بطرق قانونية، إلا أن الإجراءات القانونية غالباً ما تبوء بالفشل.

معدلات رفض منح التأشيرة الأوروبية للأفارقة ارتفعت بنسبة 10 في المائة في القارة السمراء مقارنةً بالمتوسط، وفقاً لدراسة أجرتها شركة الاستشارات المتعلقة بالهجرة «هنلي أند بارتنرز» (Henley & Partners)، والتي تتخذ من المملكة المتحدة مقراً لها. الدراسة وصفت الممارسات المتبعة مع الأفارقة بأنها تمييزية، وحثت دول منطقة «شنغن» على إصلاحها.

وسجلت في الجزائر أكبر نسبة رفض؛ إذ تم رفض طلب أكثر من 392 ألف متقدم للحصول على التأشيرة في عام 2022. تليها نسبة رفض تبلغ 45.8 في المائة في غينيا بيساو، و45.2 في المائة في نيجيريا. وتم رفض طلب واحد من ضمن 25 متقدماً من الولايات المتحدة الأميركية. على الرغم من أن الدراسة وجدت أن المتقدمين من البلدان الأكثر فقراً يواجهون رفضاً أعلى بشكل عام، فإنها لفتت الانتباه إلى أن المتقدمين من تركيا والهند يواجهون نسبة أقل من رفض التأشيرة مقارنة بمعظم البلدان الأفريقية.

تقول الدراسة التي أنجزها ميهاري تاديلي مارو، من مركز سياسات الهجرة التابع للمعهد الأوروبي، إن السبب وراء هذا التحيز ضد أفريقيا قد يكون سياسياً، ويرى أن الحكومات الأوروبية بما فيها فرنسا تستخدم رفض التأشيرة أداةً للتفاوض بشأن ترحيل المهاجرين غير الشرعيين، بعدما رفضت حكومات شمال أفريقيا تزويد مواطنيها بجوازات السفر من القنصليات في أوروبا؛ بهدف ترحيلهم إلى بلدانهم.

في مقابلة، قال مارو إن الجزائر لديها أعلى معدلات رفض على مستوى القارة السمراء، بسبب تفوق عدد المتقدمين منها على أولئك من الدول الأفريقية الأخرى، وذلك لأسباب جغرافية واقتصادية وتاريخية. يقدم العديد من الجزائريين طلبات تأشيرات في القنصليات الفرنسية، لإيجادهم اللغة الفرنسية وبسبب ارتباطاتهم العائلية. وتقع منطقة شمال أفريقيا بالقرب من أوروبا مما يعني رحلات جوية قصيرة ورخيصة، مقارنة برحلات من جنوب الصحراء الكبرى، ما يؤدي إلى زيادة عدد الأشخاص الذين يقدمون طلبات الحصول على تأشيرة فرنسا. وبالإضافة إلى معدلات الرفض، قال مارو إن صعوبة التقديم أيضاً خيار سياسي من قبل حكومات أوروبا. «عندما نتحدث عن زيادة الحواجز للمتقدمين المحتملين، فإنها ليست فقط معدلات الرفض، بل أيضاً القيود على التقديم».

بالنسبة للجزائريين على غرار تاباروت، شركة «في إف إس» هي لاعب جديد في عملية طلب التأشيرة، تم الاستعانة بها من قبل السلطات القنصلية الفرنسية عقب سنوات من الانتقادات حول النظام السابق الذي كان يهيمن عليه ما يسمى «مافيا التأشيرات».

المتقدمون كانوا يواجهون تحديات في حجز مواعيد، كانت تحجز بسرعة البرق من قبل وسطاء من طرف ثالث، ويتم إعادة بيعها للراغبين في التقدم، على نفس المنوال الذي ينتهجه الوسطاء لبيع تذاكر الحفلات. يقول علي شلالي الذي ساعد ابنته مؤخراً في تقديم طلب تأشيرة دراسية في فرنسا: «إنهم عصابة من النصابين كانوا يمارسون هذا منذ سنوات، يحققون ثروات على حساب المواطنين الفقراء من خلال إجبارهم على دفع مبالغ باهظة لحجز موعد لتقديم طلب تأشيرة». تحت النظام السابق، أخبر المتقدمون «أسوشييتد برس» أنهم كانوا يضطرون لدفع مبالغ تتراوح بين 15.000 و120.000 دينار جزائري (103 إلى 825 يورو) فقط من أجل الحصول على موعد.

في الجزائر، يقرر العديد من الشباب متابعة فرص العمل المتوفرة في فرنسا بسبب الظروف الاقتصادية في بلدهم، أو يسعون للإقامة بعد الدراسة في الجامعات الفرنسية بتأشيرات الطلاب. وفقاً لتقرير صدر في عام 2023 من المديرية العامة للأجانب في فرنسا، يقول 78 في المائة من الطلاب الجزائريين «إنهم لا يعتزمون العودة إلى الجزائر» بعد انتهاء دراستهم.

وكانت قضية التأشيرات - تاريخياً - سبباً في التوترات السياسية بين فرنسا والجزائر. ومن المقرر أن يزور الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون فرنسا في وقت لاحق من هذا العام.

يشار إلى أن حزب «التجمع الوطني» الفرنسي اليميني المتطرف أعلن، اليوم الخميس، عزمه إلغاء الاتفاقيات التي تربط فرنسا بالجزائر فيما يتعلق بالهجرة، في حال وصوله إلى سدة الحكم. وقال القيادي في الحزب سيباستيان شينو، في مقابلة مع تلفزيون «بي إف إم»: «نقترح إلغاء اتفاقيات 1968 التي تربطنا بالجزائر، والتي وُضعت لتسهيل الهجرة الاقتصادية استجابة للحاجة إلى العمالة المهاجرة حينها». وتابع شينو: «على أي حال، سنطرحها للمناقشة فور وصولنا إلى السلطة، وسنعيد تعريفها بحيث لا تنتقص من الحق في الهجرة».


مقالات ذات صلة

قادة الاتحاد الأوروبي يناقشون توزيع «المناصب العليا»

أوروبا رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين بين عدد من المسؤولين الأوروبيين في بروكسل (إ.ب.أ)

قادة الاتحاد الأوروبي يناقشون توزيع «المناصب العليا»

ناقش قادة الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، مساء اليوم الاثنين، في بروكسل، توزيع «المناصب العليا» في الاتحاد.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
الخليج ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز (واس)

ولي العهد السعودي ورئيس المجلس الأوروبي يبحثان القضايا الدولية

بحث ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مع رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل، القضايا الإقليمية والدولية، والجهود المبذولة بشأنها لتحقيق الأمن والاستقرار.

«الشرق الأوسط» (منى)
أوروبا رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك أمام باب «10 داونينغ ستريت» بعد إلقاء خطابه الأول رئيساً للوزراء في 25 أكتوبر 2022 (أ.ف.ب)

ماذا حقّق «المحافظون» خلال 14 عاماً من حكم بريطانيا؟

اتسمت الأعوام الـ14 التي قضاها المحافظون في الحكم بالمملكة المتحدة باضطرابات عدة، تمثّلت في خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، والتقصير في مكافحة جائحة …

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف خارج مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل  (رويترز)

الاتحاد الأوروبي يوافق «من حيث المبدأ» على بدء مفاوضات انضمام أوكرانيا ومولدافيا

أعلنت الرئاسة البلجيكية لمجلس أوروبا، أن سفراء دول الاتّحاد الأوروبي الـ27 «اتّفقوا من حيث المبدأ» على بدء مفاوضات انضمام كلّ من أوكرانيا ومولدافيا إلى التكتل.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
أوروبا زعماء مجموعة السبع خلال اجتماعهم في جنوب إيطاليا 13 يونيو 2024 (إ.ب.أ)

«اتفاق سياسي» لـ«مجموعة السبع» على استخدام الأصول الروسية المجمدة لمساعدة كييف

اتفق زعماء «مجموعة السبع»، الخميس، خلال قمتهم في إيطاليا على قرض جديد لأوكرانيا بقيمة 50 مليار دولار باستخدام فوائد الأصول الروسية المجمدة.

«الشرق الأوسط» (باري (إيطاليا))

الاتحاد الأفريقي يدين «المجازر» في جمهورية الكونغو الديمقراطية

متطوعون يزيلون جثة شخص قُتل في أعقاب هجوم شنه متمردون إسلامويون مشتبه بهم من «القوات الديمقراطية المتحالفة» داخل قرية ماسالا في إقليم بيني بشرق جمهورية الكونغو الديمقراطية يوم 9 يونيو 2024 (رويترز)
متطوعون يزيلون جثة شخص قُتل في أعقاب هجوم شنه متمردون إسلامويون مشتبه بهم من «القوات الديمقراطية المتحالفة» داخل قرية ماسالا في إقليم بيني بشرق جمهورية الكونغو الديمقراطية يوم 9 يونيو 2024 (رويترز)
TT

الاتحاد الأفريقي يدين «المجازر» في جمهورية الكونغو الديمقراطية

متطوعون يزيلون جثة شخص قُتل في أعقاب هجوم شنه متمردون إسلامويون مشتبه بهم من «القوات الديمقراطية المتحالفة» داخل قرية ماسالا في إقليم بيني بشرق جمهورية الكونغو الديمقراطية يوم 9 يونيو 2024 (رويترز)
متطوعون يزيلون جثة شخص قُتل في أعقاب هجوم شنه متمردون إسلامويون مشتبه بهم من «القوات الديمقراطية المتحالفة» داخل قرية ماسالا في إقليم بيني بشرق جمهورية الكونغو الديمقراطية يوم 9 يونيو 2024 (رويترز)

دان الاتحاد الأفريقي بشدة «المجازر» التي ارتكبها المتمردون في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، وأودت بحياة 150 شخصاً في يونيو (حزيران).

سيارة محترقة تقف وسط أنقاض سوق بعد هجوم شنه متمردون مشتبه بهم من «القوات الديمقراطية المتحالفة» داخل قرية ماسالا في إقليم بيني بشرق جمهورية الكونغو الديمقراطية يوم 9 يونيو 2024 (رويترز)

وأفاد بيان بأن رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، موسى فقي محمد: «تبلغ –باستياء- بازدياد المجازر التي ترتكبها (القوات الديمقراطية المتحالفة) بحق السكان المدنيين الأبرياء، في مناطق بيني ولوبيرو في مقاطعة كيفو الشمالية، في جمهورية الكونغو الديمقراطية».

وأضاف البيان أن «رئيس المفوضية يدين بشدة هذه الهجمات التي أودت بحياة 150 شخصاً منذ مطلع يونيو».

وحث رئيس المفوضية «السلطات الكونغولية على تكثيف جهودها بالتعاون مع دول المنطقة، للحد من امتداد التهديد الإرهابي في منطقة البحيرات الكبرى».

قوات أمن في حالة استنفار بإقليم شمال كيفو بالكونغو (متداولة)

وأكد رئيس المفوضية مجدداً «التزام الاتحاد الأفريقي المستمر تجاه دول منطقة البحيرات الكبرى في حربها ضد ظاهرة الإرهاب». ومنذ بداية الشهر، قُتل ما لا يقل عن 150 شخصاً، في هجمات نسبت إلى «القوات الديمقراطية المتحالفة» التي كانت تضم في الأساس متمردين جاءوا من أوغندا.

وفي 2019، أعلن المتمردون ولاءهم لتنظيم «داعش» ضمن «ولاية أفريقيا الوسطى»، ونُسبت إليهم أيضاً هجمات شُنت مؤخراً على الأراضي الأوغندية. وشنّت أوغندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية هجوماً مشتركاً عام 2021، لطرد «القوات الديمقراطية المتحالفة»، ووضع حدّ لهجماتها، دون أن تتمكنا حتى الآن من تحقيق ذلك.

وقَتل مسلحون متربطون بتنظيم «داعش»، الأسبوع الماضي، ما لا يقل عن 60 شخصاً في منطقة بيني، بإقليم نورث كيفو.

وقال كامبالي جيرفي، أحد قادة المجتمع المدني في بيني، لـ«وكالة الأنباء الألمانية»، السبت: «هذا الأسبوع فقط، قَتل المهاجمون 29 مدنياً، يوم الثلاثاء، في ماموف، ثم أعدموا يوم الجمعة 28 مدنياً آخرين، بالقرب من ماساو».

وقال مصدر من «الصليب الأحمر» في كينشاسا، إنه «تم نقل نحو 60 جثة... بينما جثث أخرى ملقاة على الأرض في مناطق لا تزال غير آمنة».

عناصر من الشرطة الكونغولية في حالة استنفار أمني (متداولة)

وتقول منظمة «هيومن رايتس ووتش»، إن 175 شخصاً على الأقل اختُطفوا لطلب فدية في شرق الكونغو العام الماضي. ويبدو أن كثيراً من عمليات الخطف ينفذها أعضاء حاليون وسابقون في جماعات مسلحة. وتعتمد الكونغو بدرجة كبيرة على المساعدات من منظمات غير حكومية ووكالات تابعة للأمم المتحدة؛ لكن مسؤولي هذه المنظمات أُجبروا على خفض أنشطتهم في الأشهر القليلة الماضية، بسبب خطر الخطف.