«حزب الله» يعود إلى لغة التهديد: أزمة داخلية أم استثمار مسبق للحرب؟

نائب أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم مستمعاً لكلمة نصر الله في الاحتفال التأبيني للقيادي محمد ناصر الذي اغتالته إسرائيل (رويترز)
نائب أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم مستمعاً لكلمة نصر الله في الاحتفال التأبيني للقيادي محمد ناصر الذي اغتالته إسرائيل (رويترز)
TT

«حزب الله» يعود إلى لغة التهديد: أزمة داخلية أم استثمار مسبق للحرب؟

نائب أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم مستمعاً لكلمة نصر الله في الاحتفال التأبيني للقيادي محمد ناصر الذي اغتالته إسرائيل (رويترز)
نائب أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم مستمعاً لكلمة نصر الله في الاحتفال التأبيني للقيادي محمد ناصر الذي اغتالته إسرائيل (رويترز)

عاد المسؤولون في «حزب الله» للغة التهديد والوعيد و«تخوين المعارضين» على خلفية مواقف عدة مرتبطة بالحرب الدائرة في الجنوب من جهة وبالاستحقاق الرئاسي من جهة أخرى.

وكان آخر هذه المواقف تلك الصادرة عن نائب أمين عام الحزب، نعيم قاسم، الذي اعتبر أن «المقاومة هي الخيار الوحيد الحصري لطرد الاحتلال واستعادة الاستقلال والدفاع عن بلدنا... بعد اليوم لا نستطيع أن نقول لبنان القوي أو لبنان المستقل أو لبنان المستقبل إلَّا ومن مقوماته أهله وطوائفه ومقاومته وجيشه وشعبه، ومن دون هذه الدعامة الأساسية التي هي المقاومة لا يمكن أن يستقر لبنان أو أن يتمكن من عملية المواجهة»، وتوجّه إلى منتقدي الحزب بالقول: «أما الذين يريدون التحرير بالقلم والورقة والذين يريدون الحماية من الشيطان الأكبر أميركا والذين يريدون مستقبلهم من خلال وسائل التواصل الاجتماعي فليبقوا في غرفهم يلعبون ويسرحون ويمرحون، نحن نسير في الطريق الصحيحة والقافلة تشق طريقها».

وفي حين يرى الوزير السابق، النائب أشرف ريفي، أن عودة «الحزب» إلى لغة التهديد هي نتيجة الأزمة التي يعيشها بفعل خياراته التي تخالف الجزء الأكبر من خيارات اللبنانيين، يضعها عضو كتلة حزب «القوات اللبنانية» غياث يزبك في خانة «تخبط» الحزب الذي يعيش مسؤولوه تقلباً في الرأي من الأكثر تصلباً إلى المسايرة وبعث الرسائل العنيفة حيناً والخفيفة أحياناً، معتبراً أن «ذلك ناتج من وصول الحزب إلى السقف الأقصى في استخدامه القوة العسكرية من دون احتضان شعبي وسياسي له وفي غياب مساعدة الدولة له».

ودعا ريفي «حزب الله» إلى الكف عن التهديد، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «لبنان وطن تعددي، لا يمكن أن يقوم مكوّن واحد بحسم خياراته، ونحن لن نتراجع عن الوطن الذي نحن نقرر مصيره وليس إيران وعميلها (حزب الله)، وهذا ما تعكسه الأصوات المسيحية - الإسلامية التي ترفض أن يكون لبنان ولاية إيرانية».

ويذكّر يزبك بما سبق أن قاله رئيس كتلة «حزب الله» النائب محمد رعد بوصفه الذي انتقد ما أسماهم «النازقين من اللبنانيين الذين يريدون أن يرتاحوا وأن يذهبوا إلى الملاهي وإلى الشواطئ، ويريدون أن يعيشوا حياتهم»، وهاجم من يعارض «حزب الله» قائلاً: «الغليان في غزة أفرز كل هذا القيح في الداخل حتى نكون على بصيرة ممن نتعاون معه ويتعاون معنا ومن نصدقه ويكذب علينا... وسنرتّب أوضاعنا على هذا الأساس».

ويسأل يزبك: «هل المشكلة بالنسبة إليهم عقائدية أم تكتيكية، بحيث أنهم يكونون انقلابيين حين تناسبهم الأمور و(مسالمين) حين يرون الوضع ملائماً»، رافضاً من جهة أخرى هجوم قاسم على «من يريدون التحرير بالقلم والورقة»، مؤكداً أن «لبنان قام بأقلامه وبمفكريه وبالعقول الحرة».

وعما إذا كانت هذه المواقف مؤشراً لاستثمار مسبق للحرب وما يعتبره الحزب انتصاراً، يؤكد ريفي: «مهما كانت التسويات، لن نسمح بترجمة ما يدّعون أنه انتصار إلهي في الداخل، نحن نقرر مصيرنا وعلى (حزب الله) أن يعيد حساباته»، مضيفاً «(حزب الله) كان يقول إن لديه 74 نائباً في البرلمان، أما اليوم فهو بالكاد يحصد 51 نائباً في البرلمان، ولو كان قادراً على السيطرة لكان استطاع الإتيان برئيس للجمهورية».

من جهته، يلفت يزبك إلى «منطق ومفهوم مختلف لديهم في مقاربة الربح والخسارة»، ويؤكد: «الانتصار إما أن يكون كاملاً أو لا يكون، ماذا ينفع إذا مات الشعب ودمّرت إسرائيل؟»، ويذكّر بأن المشكلة مع «حزب الله لم تبدأ في 7 أكتوبر (تشرين الأول) عند فتح الحرب في جبهة الجنوب، موضحاً: «مع هذه الحرب تفاقمت المشكلة العميقة بين مفهوم الدولة ومفهوم الدويلة، اليوم صوت المدافع قد يكون طغى قليلاً على الأزمة العميقة، لكنها لم تخف آثارها التي لا نزال نتخبط بها وسنعود إليها عند انتهاء الحرب والعودة إلى ما قبل 7 أكتوبر».

ولا تزال الموقف الرافضة والمنتقدة لزج لبنان في الحرب كما لحصر المفاوضات مع «حزب الله»، وهو ما عبّر عنه رئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميل، متوجهاً إلى المجتمع الدولي الذي يقود المفاوضات قائلاً: «نرفض أن تنحصر المفاوضات بين (حزب الله) وإسرائيل وأن يتم البحث فيما يرضي الطرفين لوقف القتال في حين الشعب اللبناني مغيّب»، داعياً خلال لقاء مع وفد من إقليم زحلة الكتائبي إلى «وضع مصلحة لبنان على الطاولة ونحن على استعداد كمعارضة لخوضها باسم الشعب اللبناني»، معتبراً أن «القرار الدولي 1701 الذي يمنع جر لبنان إلى الحرب ليس كافياً، بل يجب تطبيق القرار 1559 (نزع أسلحة الميليشيات) بالتوازي لتجريد الميليشيات المسلحة من سلاحها، وهذا أهم من القرار الأول الذي لو طُبّق لما احتجنا إلى قرارات جديدة».

واعتبر أن «أهم خطوة اليوم هي إقفال جبهة الجنوب ومهما كانت نتائج الحرب، يجب أن يُدعى إلى جلسة مصارحة بين اللبنانيين للتفكير في حل كل المشاكل دون إلغاء أحد أو استدراج حروب، بل ليعود للجميع حقه»، رافضاً «المساومة على الحرية والكرامة والأرض».


مقالات ذات صلة

رسالة دعم فرنسية إلى لبنان لتثبيت الاستقرار ودعم الجيش

المشرق العربي عون يستقبل المستشارة السياسية للرئيس الفرنسي آن كلير لو جاندر (الرئاسة اللبنانية)

رسالة دعم فرنسية إلى لبنان لتثبيت الاستقرار ودعم الجيش

حملت المستشارة السياسية للرئيس الفرنسي آن كلير لو جاندر، رسالة دعم فرنسية إلى بيروت؛ حيث نقلت دعم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لتثبيت الاستقرار في جنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الأمين العام لـ«حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في الذكرى السنوية الأولى لاغتيال سلفه حسن نصر الله (أ.ف.ب)

لبنان: تفرّد قاسم بطمأنة شمال إسرائيل يحدث صدمة تتجاوز خصومه

انشغل الوسط السياسي اللبناني بمعرفة الأسباب التي أملت على أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم إطلاق مفاجأة من العيار الثقيل أحدثت صدمة سياسية تجاوزت خصومه.

محمد شقير (بيروت)
تحليل إخباري رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام يستقبل وفد وزارة الخزانة الأميركية في بيروت الاثنين (رئاسة الحكومة)

تحليل إخباري لماذا استبعد الوفد الأميركي شيعة لبنان من لقاءاته؟

استبعد وفد وزارة الخزانة الأميركية من لقاءاته في بيروت، مطلع الأسبوع، المسؤولين اللبنانيين الشيعة، رغم أن بعضهم معنيون، وفق مواقعهم، بتنفيذ المطالب الأميركية.

نذير رضا (بيروت)
المشرق العربي رئيس الحكومة نواف سلام متحدثاً في افتتاح الدورة الثانية عشرة من مؤتمر «نساء على خطوط المواجهة» (رئاسة الحكومة)

سلام يحض على مشاركة نسائية كثيفة في الانتخابات النيابية

اعتبر رئيس الحكومة نواف سلام أن «تمثيل المرأة في لبنان متدنٍّ والمشكلة في المنظومة السياسية والاجتماعية التي تحكمها ذهنيّات ذكوريّة متخلّفة».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم خلال إلقاء كلمة متلفزة (إعلام الحزب)

أمين عام «حزب الله» يبعث برسائل طمأنة لإسرائيل حول أمن مستوطناتها الشمالية

حاول أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم، بثّ رسائل طمأنة لشمال إسرائيل، إلى جانب إصراره على رفض مناقشة تسليم سلاحه خارج منطقة جنوب الليطاني الحدودية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

برّاك: سوريا ستُسهم في تفكيك «داعش» و«حزب الله»

لقطة وزعتها وكالة «سانا» السورية تظهر الشرع جالساً قبالة ترمب بحضور كبار المسؤولين الأميركيين والسوريين (أ.ب)
لقطة وزعتها وكالة «سانا» السورية تظهر الشرع جالساً قبالة ترمب بحضور كبار المسؤولين الأميركيين والسوريين (أ.ب)
TT

برّاك: سوريا ستُسهم في تفكيك «داعش» و«حزب الله»

لقطة وزعتها وكالة «سانا» السورية تظهر الشرع جالساً قبالة ترمب بحضور كبار المسؤولين الأميركيين والسوريين (أ.ب)
لقطة وزعتها وكالة «سانا» السورية تظهر الشرع جالساً قبالة ترمب بحضور كبار المسؤولين الأميركيين والسوريين (أ.ب)

أفاد المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا ولبنان، توم برّاك، بأن زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى واشنطن، ولقاءه الرئيس دونالد ترمب في البيت الأبيض، شكّلا «منعطفاً حاسماً في التاريخ الحديث لمنطقة الشرق الأوسط... وتحوّلاً استثنائياً لسوريا من عزلة إلى شراكة».

وأعلن برّاك في تغريدة مطوّلة على حسابه في منصة «إكس» أمس، أن دمشق، بانضمامها إلى التحالف الدولي لمكافحة تنظيم «داعش»، سوف تُسهم في «مواجهة الشبكات الإرهابية وتفكيكها» من بقايا التنظيم و«الحرس الثوري» الإيراني و«حماس» و«حزب الله». وقال إن هذا الانضمام يُعد «إطاراً تاريخياً يُجسّد انتقال سوريا من كونها مصدراً للإرهاب إلى شريك في مكافحته، والتزاماً بإعادة الإعمار والتعاون والإسهام في استقرار منطقة بأكملها».

في هذه الأثناء، أفاد «تلفزيون سوريا»، أمس، بأن واشنطن تعمل على التحضير لاجتماع بين الحكومة السورية و«قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) في دمشق خلال الأيام المقبلة، بمشاركة المبعوث الأميركي توم برّاك وقائد القيادة المركزية الأميركية براد كوبر. ونقلت القناة عن مصدر مطلع قوله إن الاجتماع «سيناقش ملفات حساسة أبرزها آلية دمج (قسد) في الجيش، إضافة إلى ملف النفط، ومؤسسات الدولة، ووضع المعابر، ومطار القامشلي الدولي».


خصوم السوداني يسعون لانتزاع رئاسة الحكومة

فوز السوداني بنحو 46 مقعداً قد لا يكفيه لتشكيل تحالف «الكتلة الأكبر»... (أ.ف.ب)
فوز السوداني بنحو 46 مقعداً قد لا يكفيه لتشكيل تحالف «الكتلة الأكبر»... (أ.ف.ب)
TT

خصوم السوداني يسعون لانتزاع رئاسة الحكومة

فوز السوداني بنحو 46 مقعداً قد لا يكفيه لتشكيل تحالف «الكتلة الأكبر»... (أ.ف.ب)
فوز السوداني بنحو 46 مقعداً قد لا يكفيه لتشكيل تحالف «الكتلة الأكبر»... (أ.ف.ب)

بدأ قادة تحالف «الإطار التنسيقي» الشيعي في العراق مشاورات سريعة لتشكيل «الكتلة الأكبر»، وانتزاع منصب رئاسة الحكومة من محمد شياع السوداني، الذي فاز بعدد وازن من المقاعد في الانتخابات، لكنها قد لا تكفيه لنيل ولاية ثانية.

وحاز السوداني نحو 45 مقعداً، لكن خصومه في ائتلاف «دولة القانون» بزعامة نوري المالكي، و«عصائب أهل الحق» بزعامة قيس الخزعلي و«منظمة بدر» بزعامة هادي العامري، وتيار «قوى الدولة» بزعامة عمار الحكيم، فازوا مجتمعين بأكثر من 90 مقعداً.

وبدأ خصوم السوداني، أمس (الخميس) مشاورات ثنائية لبحث «تشكيل الحكومة الجديدة»، في أعقاب دعوة مجلس القضاء الأحزاب إلى سرعة إجراء الحوارات لتشكيل مجلس النواب والحكومة ضمن السقوف الدستورية.

إلى ذلك، جاء تحالف «تقدم» بزعامة محمد الحلبوسي في صدارة الأحزاب السنية بفارق بعيد عن أقرب منافسيه، مما يمنحه ثقلاً تفاوضياً مهماً في تشكيل التحالفات المقبلة.

من جهته، أشاد المبعوث الأميركي الخاص إلى العراق مارك سافايا، بـ«نجاح» الانتخابات، وأكّد أن بلاده «تبقى ملتزمة بشكل قوي بالحد من المجاميع المسلحة».


إصابة عناصر أمن سوريين في السويداء بقصف لـ«العصابات المتمردة»

عناصر قوى الأمن الداخلي خلال حملات سابقة في مناطق الساحل غرب سوريا (الداخلية السورية)
عناصر قوى الأمن الداخلي خلال حملات سابقة في مناطق الساحل غرب سوريا (الداخلية السورية)
TT

إصابة عناصر أمن سوريين في السويداء بقصف لـ«العصابات المتمردة»

عناصر قوى الأمن الداخلي خلال حملات سابقة في مناطق الساحل غرب سوريا (الداخلية السورية)
عناصر قوى الأمن الداخلي خلال حملات سابقة في مناطق الساحل غرب سوريا (الداخلية السورية)

نقل التلفزيون السوري عن بيان لقوى الأمن الداخلي في محافظة السويداء القول، مساء الخميس، إن عدداً من أفراد الأمن أصيبوا نتيجة قصف «العصابات المتمردة» على ريف المحافظة.

وأضاف التلفزيون أن من وصفهم بـ«العصابات المتمردة» في السويداء جدّدت لليوم الثالث على التوالي انتهاكاتها لوقف إطلاق النار، وقصفت مواقع في ريف المحافظة، ما أدّى لوقوع مصابين من قوى الأمن.

وقالت قوى الأمن الداخلي، في البيان، إنّ «ما يجري من خرق متكرر لوقف النار في السويداء تتحمله العصابات المتمردة والجهات التي تعمل على زعزعة الاستقرار في المحافظة. قوى الأمن الداخلي أحبطت عدداً من محاولات التقدم التي شنّتها العصابات المتمردة من عدة محاور في المنطقة».

كان وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني قد صرّح، في وقت سابق من يوم الخميس، بأن الحكومة حاولت التدخل لضبط الأمن في السويداء، مشدداً على أنه «لا مشكلة مع أبناء المكون الدرزي، ونتعامل بروية لاحتواء الأزمة».

وشدّد الشيباني مجدداً، خلال جلسة حوارية في معهد «تشاتام هاوس» في لندن، على الرفض التام لأي شكل من أشكال تقسيم سوريا، وعلى الرغبة في دمج جميع الأطراف والمكونات في النسيج الوطني السوري.