غزة في 6 أشهر: مجاعة مكتملة الأركان... والحرب مستمرة

وصول المساعدات «شبه مستحيل»... ومفاوضات وقف النار وإطلاق الأسرى تتعثر رغم الوساطات

فلسطيني مصاب يحمل طفله الذي قُتل بغارة إسرائيلية جنوب غزة الخميس (رويترز)
فلسطيني مصاب يحمل طفله الذي قُتل بغارة إسرائيلية جنوب غزة الخميس (رويترز)
TT

غزة في 6 أشهر: مجاعة مكتملة الأركان... والحرب مستمرة

فلسطيني مصاب يحمل طفله الذي قُتل بغارة إسرائيلية جنوب غزة الخميس (رويترز)
فلسطيني مصاب يحمل طفله الذي قُتل بغارة إسرائيلية جنوب غزة الخميس (رويترز)

خُمس سكان غزة قُتلوا أو أُصيبوا، والبقية يواجهون المجاعة الوشيكة في مايو (أيار) المقبل، وبينما يتكدس نصف السكان في رفح، تستعد إسرائيل لاجتياحها رغم التحذيرات من كارثة إنسانية كبرى.

هذه حصيلة 6 أشهر من الحرب، شملت أيضاً تعثر مفاوضات وقف إطلاق النار رغم نشاط الوسطاء، وبينما تتنازع الدوائر الإسرائيلية على صيغة لتخفيف الضغط الدولي، لإنجاز صفقة بشأن الأسرى، تشهد العلاقات الإسرائيلية توتراً غير مسبوق منذ 7 عقود.

وبعد اقتحام مسلحي «حماس» جنوب إسرائيل، في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أدت العملية البرية التي تشنها إسرائيل للقضاء على الحركة إلى تدمير جزء كبير من قطاع غزة ووقوع كارثة إنسانية.

ويحاول الوسطاء التوصل إلى أول هدنة طويلة في الحرب لتسريع تقديم المساعدات لإطعام سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة وتأمين إطلاق سراح بعض الرهائن الإسرائيليين الذين لا تزال «حماس» تحتجزهم.

فلسطينيون وسط الدمار الناتج عن الهجوم الإسرائيلي قرب مستشفى الشفاء في غزة (أ.ب)

جثث وأنقاض

بدأت العملية العسكرية الإسرائيلية في النصف الشمالي من قطاع غزة، وصدرت الأوامر لمئات الآلاف من السكان بالإخلاء والتوجه للجنوب، وبعد وقف إطلاق النار لمدة أسبوع في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني)، حوّلت القوات الإسرائيلية انتباهها نحو الجنوب، وأمرت الناس مرة أخرى بالفرار.

ومنذ فبراير (شباط)، توغلت القوات الإسرائيلية في كل أنحاء غزة تقريباً، باستثناء منطقة صغيرة في وسط القطاع ومدينة رفح على الطرف الجنوبي؛ حيث نزح أكثر من نصف سكان غزة.

تقول السلطات الصحية في غزة إنه تم التأكد من مقتل أكثر من 33 ألف فلسطيني، نحو 40 في المائة منهم من الأطفال، ولا يزال هناك آلاف الجثث تحت الأنقاض.

وأصيب أكثر من 75 ألف شخص، ما يعني أن نحو 5 في المائة من السكان قُتلوا أو أصيبوا، دون احتساب الوفيات الناجمة عن الجوع والظروف غير الصحية وانهيار خدمات الرعاية الصحية.

وتقول إسرائيل إنها قتلت أكثر من 13 ألفاً من مقاتلي «حماس»، وتحمل المسلحين مسؤولية إلحاق الأذى بالمدنيين بسبب الاندساس بينهم، بما في ذلك من خلال شبكة من المخابئ والأنفاق تحت الأرض، لكن «حماس» تنفي انتشار مقاتليها وسط المدنيين.

مساعدات «مستحيلة»

في بداية الحرب، فرضت إسرائيل حصاراً شاملاً. وسمحت تدريجياً بدخول المساعدات، أولاً من خلال معبر مع مصر مخصص للأفراد، ثم عبر نقطة تفتيش قريبة مع إسرائيل نفسها.

وتقول إسرائيل إنها لا تفرض أي قيود على الإمدادات الغذائية والإنسانية، لكن وكالات الإغاثة والدول المانحة تقول إن عمليات التفتيش الإسرائيلية المرهقة تعني إمكانية تعليق الشحنات لأسابيع، ولا يمكن عبور سوى عدد صغير من بين 500 شاحنة يومياً كانت غزة تعتمد عليها في السابق.

ويصعب توزيع أو نقل الإمدادات التي تدخل القطاع بسبب الانفلات الأمني مع تفكك السلطات المدنية.

وتقول إسرائيل إنها تسمح الآن باستخدام نقاط تفتيش برية إضافية وبإسقاط المساعدات جواً وتسليمها بحراً. لكن لا يوجد في غزة ميناء بحري ملائم، وتقول وكالات الإغاثة إن عمليات الإسقاط الجوي محدودة النطاق وخطيرة، ولا يوجد حتى الآن طريق بري إلى شمال غزة، حيث الظروف أكثر سوءاً، ما يجعل وصول الإمدادات أمراً شبه مستحيل.

صورة نشرها الجيش الأردني تظهر عمليات إنزال مساعدات إنسانية جواً فوق قطاع غزة (أ.ف.ب)

مجاعة مكتملة الأركان

للمجاعة ثلاث مراحل تقريباً: نقص حاد في الغذاء مما يؤدي إلى تفشي سوء التغذية، وفي النهاية الموت الجماعي بسبب الجوع والمرض.

ووفقاً للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي - وهو أداة لمراقبة الجوع في العالم - فقد تجاوزت غزة بالفعل المعيارين الأولين؛ نقص الغذاء وسوء التغذية، وأصبح الموت الجماعي «وشيكاً» ما لم تزد المساعدات بشكل فوري، ويتوقع أن تتفشى المجاعة بحلول شهر مايو المقبل.

وذكر التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي منذ أشهر أن غزة تعاني من أكبر حالة لانعدام الأمن الغذائي تشهدها على الإطلاق، طبقاً لما نقلته وكالة «رويترز»

وفي تقريره الصادر في مارس (آذار)، أشار التصنيف إلى أن 100 في المائة من سكان غزة يعانون من نقص حاد في الغذاء، وبالنسبة لنصف السكان، وهو ما يتجاوز بكثير نسبة 20 في المائة المرتبطة بالمجاعة، فقد وصل نقص الغذاء إلى أعلى مستوى، وهي الفئة الخامسة أو «الكارثة».

وتقول «رويترز» إن صحافييها الذين يعملون في جنوب غزة، لاحظوا أن بعض السكان لجأوا إلى إطعام أطفالهم أوراق الشجر بعد غليها، وشاهدوا عدداً من الأطفال يعالجون من سوء التغذية الحاد في مستشفى برفح، في حين أفادت التقارير بأن الظروف أسوأ بكثير في الشمال.

وتقول إسرائيل إن منهجية تقرير التصنيف المرحلي المتكامل معيبة وتدعي أنه لا يوجد نقص في الغذاء في غزة. وتلقي باللوم في أي جوع على عمليات وكالات الإغاثة وعلى المسلحين الذين تقول إنهم يخزنون الطعام.

وبالإضافة إلى الجوع، تشعر وكالات الإغاثة بالقلق إزاء نقص الرعاية الصحية والصرف الصحي، ولم تعد هناك مستشفيات تعمل بكامل طاقتها في الشمال، ولا يوجد سوى عدد قليل منها يعمل في الجنوب.

وداهمت إسرائيل المستشفيات وحاصرتها مراراً، قائلة إن مسلحي «حماس» يستخدمونها قواعد، وهو ما تنفيه الطواقم الطبية.

ويؤدي الاكتظاظ إلى انتشار الأمراض، ويجد العديد من الأشخاص صعوبة بالغة في العثور على مراحيض نظيفة أو أماكن للاستحمام بشكل دائم أو لا يمكنهم الوصول إليها على الإطلاق.

الأمم المتحدة تحذر من حدوث مجاعة في شمال قطاع غزة بحلول شهر مايو (د.ب.أ)

اجتياح رفح

مع تكدس نحو نصف سكان القطاع في رفح حالياً، يقول البعض إنه لم يعد هناك مكان للفرار إليه، وتقول إسرائيل إن وحدات «حماس» المسلحة الرئيسية وقادتها يحتمون في المدينة، وإن الاجتياح البري ضروري لهزيمتهم، ووعدت بالتنسيق مع مصر وإجلاء المدنيين شمالاً داخل غزة دون تقديم أي تفاصيل.

ووصفت واشنطن الهجوم المزمع بأنه خطأ قائلة إن إسرائيل يمكنها استهداف المسلحين بأساليب من شأنها أن تلحق أذى أقل بالمدنيين.

وذكرت الأمم المتحدة أن الهجوم على رفح سيتسبب في كارثة إنسانية. ويقول فلسطينيون إنهم يخشون أن يكون هدف إسرائيل النهائي هو تهجيرهم من غزة إلى مصر، وهو ما تنفيه إسرائيل.

مفاوضات وقف النار

منذ وقف إطلاق النار الوحيد في الحرب في نهاية نوفمبر عندما أطلقت «حماس» سراح نحو نصف الرهائن لديها، أجرى الجانبان محادثات عبر وسطاء للتوصل إلى هدنة أخرى.

واقترح الجانبان وقفاً جديداً لإطلاق النار لمدة 40 يوماً تقريباً، يشمل إطلاق سراح نحو 40 رهينة مقابل مئات المعتقلين الفلسطينيين. ورفض كل طرف مقترحات الطرف الآخر، لكن الوسطاء يقولون إن المحادثات ما زالت بناءة، وفقاً لـ«رويترز».

وذكرت إسرائيل أنها ستناقش فقط وقفاً مؤقتاً للقتال ولن تنهي الحرب حتى القضاء على «حماس»، التي تقول إنها لن تطلق سراح الرهائن دون التوصل إلى اتفاق يُنهي الحرب ويمهد لانسحاب إسرائيل.

الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في اجتماع مشترك بتل أبيب 18 أكتوبر 2023 (رويترز)

توتر غير مسبوق

مع استمرار الحرب، شهدت العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل مشاحنات متزايدة لم يعهدها تحالفهما الوثيق الممتد منذ 75 عاماً إلا قليلاً.

وأيّد الرئيس الأميركي جو بايدن بقوة حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد «حماس» في أعقاب هجومها قبل 6 أشهر، لكنه حثّ الإسرائيليين أيضاً في خطاب ألقاه في تل أبيب على عدم الانسياق للغضب.

ومنذ ذلك الحين، كثّف بايدن ومسؤولون آخرون في الإدارة الأميركية دعواتهم لإسرائيل لبذل المزيد من الجهد لحماية المدنيين والسماح بدخول المساعدات.

وتقول واشنطن إن هدفها هو التوصل إلى اتفاق سلام أوسع نطاقاً لتطبيع العلاقات بين الدول العربية وإسرائيل، وهو ما قد يتطلب آفاقاً لقيام دولة فلسطينية في نهاية المطاف، وهو محور أساسي في السياسة الأميركية منذ عقود، إلا أن نتنياهو يرفض ذلك.

وأثارت خطة إسرائيل لمهاجمة رفح انتقادات أقوى من واشنطن، وفي مارس الماضي، دعا زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ الأميركي الإسرائيليين إلى إجراء انتخابات جديدة تنهي حكم نتنياهو.

وامتنعت واشنطن في وقت لاحق عن استخدام حق النقض (الفيتو) لوقف قرار من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يطالب بوقف إطلاق النار، ورد نتنياهو بإلغاء رحلة مقررة لوفد إسرائيلي إلى واشنطن.

مع ذلك، تواصل الولايات المتحدة تزويد إسرائيل بالأسلحة والذخائر.


مقالات ذات صلة

وزراء خارجية «الأوروبي» يناقشون خطة وقف المباحثات السياسية مع إسرائيل

أوروبا فلسطينية نازحة تحمل أمتعتها أثناء فرارها من بيت لاهيا في شمال قطاع غزة سيراً على الأقدام بطريق صلاح الدين (أ.ف.ب)

وزراء خارجية «الأوروبي» يناقشون خطة وقف المباحثات السياسية مع إسرائيل

من المقرر أن يقترح مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل تعليق الحوار السياسي مع إسرائيل بسبب حربها في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
الخليج جددت السعودية رفضها القاطع لمواصلة الاحتلال الإسرائيلي استهداف المدنيين والوكالات الإغاثية والإنسانية (د.ب.أ)

السعودية تدين وتستنكر الاستهداف الإسرائيلي لمدرسة أبو عاصي في غزة

أعربت وزارة الخارجية السعودية عن إدانة السعودية بأشد العبارات مواصلة قوات الاحتلال الإسرائيلية استهدافها الممنهج لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
سينما الممثلة التونسية درة وعلى يمينها حسين فهمي رئيس مهرجان القاهرة السينمائي مع أبطال فيلم «وين صرنا؟» خلال عرضه الأول في المهرجان أمس (إكس)

«وين صرنا؟»... التجربة الإخراجية الأولى للتونسية درة تلفت الأنظار

لفتت الأنظار التجربة الإخراجية والإنتاجية الأولى للممثلة التونسية درة زروق، بفيلم عن عائلة غزوية نزحت بسبب الحرب.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
المشرق العربي يقف رجلان بجانب شاحنة مساعدات تابعة لبرنامج الغذاء العالمي تمر عبر معبر إيريز 11 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

هل التزمت إسرائيل بالمطالب الأميركية بشأن مساعدات غزة؟

المطالب الأميركية وردود تل أبيب وملاحظات منظمات الإغاثة والأمم المتحدة حول وصول المساعدات لغزة

«الشرق الأوسط» (الأمم المتحدة)
المشرق العربي أطفال في دير البلح يتجمعون للحصول على الطعام الذي توزعه منظمة إغاثة أمس (د.ب.أ)

تقرير أممي: إسرائيل رفضت أو عرقلت 85 % من قوافل المساعدات إلى شمال غزة

قالت الأمم المتحدة إن 85 في المائة من محاولاتها لتنسيق قوافل المساعدات والزيارات الإنسانية إلى شمال قطاع غزة تم رفضها من قبل إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (نيويورك )

«حزب الله» يوسع رقعة استهدافات صواريخه إلى تل أبيب

TT

«حزب الله» يوسع رقعة استهدافات صواريخه إلى تل أبيب

أبنية مدمرة في منطقة الرويس في ضاحية بيروت الجنوبية نتيجة القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب)
أبنية مدمرة في منطقة الرويس في ضاحية بيروت الجنوبية نتيجة القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب)

أعاد «حزب الله» تفعيل معادلة «بيروت مقابل تل أبيب» التي كثيراً ما رفعها، عبر استهداف وسط إسرائيل في رد منه على المجزرة التي ارتكبتها الأخيرة في منطقة البسطة وسط بيروت، في وقت يخوض فيه الطرفان مواجهات برية عنيفة في القطاع الشرقي من جنوب لبنان، عند محور بلدة الخيام التي لم يتمكّن الجيش الإسرائيلي حتى الآن من السيطرة عليها، بينما اشتدت وتيرة الاشتباكات على محور شمع – طيرحرفا، في القطاع الغربي.

صورة وزعها الإعلام الحربي في "حزب الله" عن معادلة "بيروت - تل أبيب"

هذا في وقت تواصلت فيه الغارات الإسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية، إذ شن الطيران الإسرائيلي، بعد ظهر الأحد، غارتين جويتين على منطقة الكفاءات في الضاحية، بعد نحو ساعة من إصداره إنذاراً بالإخلاء. وقالت «الوكالة الوطنية للإعلام»، إن الغارتين على الكفاءات تسببتا بدمار هائل على رقعة جغرافية كبيرة، بدءاً من المباني المجاورة لمدارس المهدي واستكمالاً باتجاه طريق عام الجاموس». وأفادت بأن سحب الدخان الكثيفة غطت أجواء المنطقة المستهدفة، مع انبعاثات لروائح كريهة.

تسارع عملية الخيام

تتسارع وتيرة العملية البرية الإسرائيلية للتوغل في الخيام على وقع الغارات والتفجيرات والقذائف الإسرائيلية، في موازاة استمرار القصف الإسرائيلي على قرى الجنوب حيث يسجل سقوط مزيد من القتلى والجرحى.

و أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بأن بلدة الخيام شهدت ليلة من أصعب الليالي وأعنفها منذ بدء الاجتياح البري عليها، حيث استمر الجيش الإسرائيلي بعملية توغله في البلدة تحت غطاء ناري كثيف، إذ قصفت مدفعيته مختلف أحيائها وشن طيرانه الحربي غارات مسبباً دماراً هائلاً في الأحياء والممتلكات. كما فخخ المنازل والمحال التجارية، وفجر حياً كاملاً في الجهة الغربية من البلدة.

وعلى وقع هذه المواجهات، تلقى بعض سكان المنطقة اتصالات هاتفية من الجيش الإسرائيلي عبر مجيب آلي، محذراً إياهم من الظهور في المناطق المشرفة على أماكن واجودهم، ومهدداً أن أي شخص سيقوم بالتصوير سيعد هدفاً.

دير ميماس

أما في ديرميماس التي مر الجيش الإسرائيلي عبرها باتجاه الخيام، فقد نفذ عدة عمليات تفجير تحت دير مار ميماس، وأغار طيرانه على الوادي والجبال المحيطة بالبلدة تحت قلعة شقيف وعلى ضفاف نهر الليطاني.

وأكد رئيس البلدية جورج نكد أن القوات الإسرائيلية كانت قد وصلت من جهة كفركلا إلى تلة لوبيا الواقعة بين القليعة ودير ميماس، ونصبت فيها حاجزاً، وأن هناك ما يقارب الـ20 شخصاً في البلدة بينهم سيدة حامل على وشك الولادة، ويجري التواصل مع «الصليب الأحمر الدولي» من أجل نقلها إلى بيروت.

وكان الجيش الإسرائيلي قد أعاد قطع طريق الخردلي بالكامل الذي يوصل النبطية بمرجعيون، من خلال الإغارة عليه، والتسبب بفجوة كبيرة، لمنع مرور أي من السيارات والآليات.

شمع طيرحرفا

وفي القطاع الغربي، أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» عن «اشتداد وتيرة الاشتباكات بين المقاومة والعدو الإسرائيلي على محور شمع، طيرحرفا، شمع، حيث يعمد العدو إلى قصف البلدات المذكورة، بينما يكثف الطيران الاستطلاعي والمسّير بالتحليق فوق أرض المعركة الدائرة».

وأفادت «الوطنية» بأن فرق الدفاع المدني التابع لجمعية «كشافة الرسالة» الإسلامية والهيئة الصحية الإسلامية تحتاج لرافعات من النوع الكبير للمساعدة في رفع الأنقاض من المباني التي تتعرض للقصف الإسرائيلي؛ لأن الآليات المتاحة لا تفي بالغرض المطلوب.

وبعد الظهر، أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بأن دبابة إسرائيلية متمركزة في ضهور البياضة تقوم بقصف البياضة وبيوت السياد والمنصوري، وبتمشيط سهل المنصوري. وأشارت إلى «اشتباكات في ضهور البياضة للجهة الجنوبية بين المقاومة وقوة إسرائيلية تحاول التوغل والتقدم نحو الطريق العام لبلدة البياضة للالتفاف على البلدة، كونها منطقة استراتيجية تكشف سهلي صور والناقورة. إلا أن المقاومة وجهت نيران رشاشاتها وقذائفها الصاروخية باتجاه القوة الإسرائيلية المعادية محققة إصابات، الأمر الذي دفع بالعدو إلى قصف محيط البياضة والمنصوري وبيوت السياد»، ليعود بعدها ويعلن «حزب الله» أن دمّر دبابة «ميركافا» عند الأطراف الشرقية لبلدة البياضة.

بيانات الحزب

أعلن الحزب في بيانات متفرقة، أنه «في سياق التصدي لمحاولات العدو التوغل ضمن المناطق الحدودية جنوب لبنان، استهدف مجاهدو المُقاومة 4 مرات تجمعاً للقوات الإسرائيلية شرق مدينة الخيام، برشقة صاروخية»، كما تعرّض تجمع للقوات الإسرائيلية في موقع المطلة، لاستهداف برشقة صاروخية، أعقبه هجوم جويّ بسربٍ من المُسيّرات الانقضاضيّة، على غرفة عمليّات مُستحدثة للاحتلال في مستوطنة المطلة، وأصابت أهدافها بدقّة»، بحسب بيان «حزب الله».

كذلك، أعلن الحزب عن استهدافه مرتين، تجمعاً لقوات الجيش الإسرائيلي في مستوطنة كريات شمونة، وتجمعاً في مستوطنة المنارة برشقات صاروخية.

وفي البقاع الغربي، أعلن بيان لـ«حزب الله» تصدي المقاتلين لطائرة مسيّرة إسرائيليّة من نوع «هرمز 450» في أجواء البقاع الغربي، بصاروخ أرض – جو، وأجبروها على المغادرة.

 

رداً على مجزرة بيروت

 

وهزّت صواريخ «حزب الله» قلب تل أبيب في رد على المجرزة التي ارتكبتها إسرائيل في منطقة البسطة في بيروت، بينما بلغت عمليات الحزب حتى بعد ظهر الأحد 36 عملية.

قوات الأمن الإسرائيلية تقوم بمعاينة موقع أصيب بصواريخ «حزب الله» وأدى إلى تضرُّر أحد المنازل (إ.ب.أ)

وقال مصدر أمني إن استهداف «حزب الله» تل أبيب يعكس إعادة تفعيل معادلة «تل أبيب مقابل بيروت» التي سبق أن أعلن عنها أمين عام «حزب الله» السابق حسن نصر الله، وأعاد التأكيد عليها الأمين العام الحالي نعيم قاسم، مشيراً إلى أن «حزب الله» الذي تلقى ضربات قاسية يحاول أن يثبت من خلال ذلك استمرار قوته الصاروخية، وإرباك عمل المنظومات الدفاعية الإسرائيلية.

250 صاروخاً

وفيما بدا واضحاً ارتفاع عدد الصواريخ التي أطلقها «حزب الله» باتجاه إسرائيل مقارنة مع الأيام الماضية، واتساع رقعة المساحة التي استهدفتها، أفادت «القناة 14» الإسرائيلية بأن «حزب الله» أطلق، الأحد، أكثر من 250 صاروخاً باتجاه إسرائيلي، قال الجيش الإسرائيلي، بعد الظهر، إن «حزب الله» أطلق نحو 160 مقذوفاً من لبنان نحو شمال ووسط إسرائيل ما تسبب في إصابة عدة أشخاص، وإحداث أضرار في المباني والسيارات.

وفيما أفيد عن تعليق العمل بمطار بن غوريون لوقت قصير، قالت وسائل إعلام إسرائيلية إن «انفجارات عنيفة سُمعت في تل أبيب الكبرى بعد استهدافها بصواريخ من لبنان للمرة الثانية»، بينما دوّت صافرات الإنذار في نهاريا وعكا والجليل الأعلى مع إطلاق رشقات صاروخية باتجاهها، بينما سجل وقوع بعض الأضرار في حيفا ونهاريا جراء الصواريخ.

وأفاد الإعلام الإسرائيلي بأن 5 أشخاص أصيبوا في وسط إسرائيل نتيجة سقوط شظايا صاروخ أطلقه «حزب الله».

وبينما أعلن الجيش الإسرائيلي عن انطلاق صافرات الإنذار في شمال البلاد ووسطها، قال في بيان: «حتى الثالثة بعد الظهر، عبر نحو 160 مقذوفاً أطلقتها جماعة (حزب الله) الإرهابية من لبنان إلى إسرائيل، الأحد»، بينما أفادت خدمة الإسعاف الإسرائيلية (نجمة داود الحمراء) بأن بين الجرحى شخصاً إصابته ما بين «متوسطة إلى خطيرة».

وفي بيانات متفرقة، أعلن «حزب الله»، الأحد، أنه قصف «هدفاً عسكرياً» في مدينة تل أبيب وقاعدة استخبارات عسكرية قربها وأخرى بحرية في جنوب إسرائيل، غداة غارة إسرائيلية عنيفة على وسط العاصمة اللبنانية بيروت أودت بحياة 29 شخصاً، وإصابة 66 شخصاً، وفق حصيلة نهائية أعلنت عنها، الأحد، وزارة الصحة.

وفي بيان آخر، قال الحزب إن مقاتليه شنّوا، صباح الأحد، «للمرّة الأولى، هجوماً جويّاً بسربٍ من المُسيّرات الانقضاضيّة، على قاعدة أشدود البحريّة» التي تبعد 150 كيلومتراً عن الحدود مع لبنان، إضافة إلى تنفيذه «عمليّة مركّبة»، صباح الأحد، على «هدف عسكريّ في مدينة تل أبيب، بصليةٍ من الصواريخ النوعيّة، وسربٍ من المُسيّرات الانقضاضية».

وفي بيان ثالث، قال الحزب «إن مقاتليه استهدفوا قاعدة غليلوت (مقر وحدة الاستخبارات العسكرية 8200) التي تبعد عن الحدود اللبنانيّة الفلسطينيّة 110 كيلومترات، في ضواحي مدينة تل أبيب، بصليةٍ من الصواريخ النوعية».

واستهدف مقاتلو المقاومة برشقة صاروخية «قاعدة بلماخيم»، بحسب ما أعلن «حزب الله»، مشيراً إلى أن هذه القاعدة هي قاعدة أساسية لسلاح الجوّ الإسرائيلي، تحتوي على أسراب من الطائرات غير المأهولة والمروحيات العسكرية، ومركز أبحاث عسكري، ومنظومة «حيتس» للدفاع الجويّ والصاروخي، وتبعد عن الحدود اللبنانيّة الفلسطينيّة 140 كلم، جنوب مدينة تل أبيب.

إسرائيليون يقومون بمعاينة أحد المواقع التي استهدفتها صواريخ «حزب الله» في محيط تل أبيب وأدت إلى أضرار في المنازل والسيارات (أ.ف.ب)

وسبق هذه العمليات النوعية، استهداف «حزب الله» بصواريخ مستوطنات حتسور هاجليليت ومعالوت ترشيحا وكفار بلوم وكريات شمونة، وتجمعاً لقوات الجيش الإسرائيلي في مستوطنة المنارة، و«مرابض مدفعية في مستوطنة ديشون التي تعتدي على أهلنا وقرانا»، بحسب بيان «حزب الله».