«هدنة غزة»: ما تأثير «جولات بلينكن» بالمنطقة في الوساطة؟

عقب حديث الوزير الأميركي في القاهرة عن إمكانية التوصل لاتفاق

جانب من مباحثات وفدي الخارجية المصرية والأميركية في القاهرة (الخارجية المصرية)
جانب من مباحثات وفدي الخارجية المصرية والأميركية في القاهرة (الخارجية المصرية)
TT

«هدنة غزة»: ما تأثير «جولات بلينكن» بالمنطقة في الوساطة؟

جانب من مباحثات وفدي الخارجية المصرية والأميركية في القاهرة (الخارجية المصرية)
جانب من مباحثات وفدي الخارجية المصرية والأميركية في القاهرة (الخارجية المصرية)

في أعقاب جولة سادسة بالمنطقة لوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، لا تزال جهود التوصل إلى اتفاق بشأن التهدئة في قطاع غزة تراوح مكانها، رغم ما يبديه الوسطاء من «تفاؤل»، وحديث الوزير الأميركي عقب مباحثاته في القاهرة عن «إمكانية التوصل إلى اتفاق».

ورغم قول بلينكن إن واشنطن تعمل مع مصر وقطر على «مقترح قوي لوقف النار، وأن (حماس) استجابت له»، إلا أن مراقبين تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» عن «صعوبات» لا تزال تكتنف عملية التفاوض الجارية حالياً في العاصمة القطرية الدوحة، خاصة في ظل ما وصفه الوزير الأميركي بـ«الفجوات» التي تعمل المفاوضات الراهنة على معالجتها، بهدف التوصل إلى اتفاق يتضمن وقفاً لإطلاق النار، وتبادلاً للأسرى بين إسرائيل و«حماس»، إضافة إلى تيسيرات بشأن دخول المساعدات إلى قطاع غزة.

وأفاد وزير الخارجية الأميركي، في مؤتمر صحافي مع نظيره المصري سامح شكري في القاهرة، مساء الخميس، بأنه لا يزال هناك عمل صعب للتوصل إلى اتفاق، ولكن «ما زلت أعتقد أن ذلك ممكن».

وأكد بلينكن أن الولايات المتحدة تواصل الضغط من أجل التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح «الرهائن»، ووقف إطلاق النار في الصراع بين إسرائيل وحركة «حماس» في غزة، وسط محادثات مستمرة في الدوحة.

وزيرا الخارجية المصري والأميركي خلال جلسة مباحثات في القاهرة (الخارجية المصرية)

والجولة التي أجراها وزير الخارجية الأميركي إلى المنطقة، وشملت السعودية ومصر وإسرائيل، هي السادسة له منذ اندلاع الحرب في غزة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وكان تعزيز جهود التهدئة والسعي من أجل التوصل إلى «هدنة» في قطاع غزة عنواناً مشتركاً في تلك الجولات، إلا أن جهود الوساطة المتواصلة على مدى أسابيع لم تتوصل إلى اتفاق بشأن هدنة جديدة في القطاع، بعد انتهاء الهدنة الوحيدة التي دامت أسبوعاً فقط في أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بوساطة من جانب قطر ومصر والولايات المتحدة.

ورأى أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس والسياسي الفلسطيني الدكتور أيمن الرقب أن الجولة الراهنة لبلينكن، والتي اختتمها بزيارة لإسرائيل التي لم تكن مدرجة في البداية على لائحة الزيارة، «قد تحمل انفراجة ما بالفعل»، مشيراً إلى أن تل أبيب استبقت الإعلان عن زيارة الوزير الأميركي بالموافقة على عودة رئيس الموساد إلى الدوحة لاستكمال التفاوض بشأن اتفاق لوقف القتال، فضلاً عن الإعلان عن مشاركة مدير المخابرات المركزية الأميركية في مفاوضات الدوحة لـ«تحريك الملف».

وأضاف الرقب لـ«الشرق الأوسط» أنه رغم ذلك الحراك، وتقديم الولايات المتحدة مشروع قرار إلى مجلس الأمن يرهن إقرار وقف إطلاق النار باستعادة كل الأسرى الإسرائيليين، فإن الأمر لا يخلو من «خديعة أميركية»، وفق وصفه، مشيراً إلى أن الهدف المتفق عليه بين الأميركيين والإسرائيليين لكل تلك التحركات هو استعادة الأسرى الإسرائيليين من غزة، بينما لا يوجد أي حديث أميركي عن الأسرى الفلسطينيين الذين يربو عددهم على 13 ألف سجين ومعتقل، «الأمر الذي يدفع إلى التشكك في صدق النوايا الأميركية من وراء تلك التحركات».

كان وزير الخارجية الأميركي قد أعلن أن الولايات المتحدة قدمت مشروع قرار إلى مجلس الأمن الدولي يدعو إلى «وقف فوري لإطلاق النار مرتبط بالإفراج عن الرهائن» في قطاع غزة.

وقال عقب مباحثاته في القاهرة مع وزراء خارجية السعودية ومصر وقطر والأردن ووزيرة الدولة الإماراتية للتعاون الدولي وأمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية: «قدمنا بالفعل مشروع قرار، وهو معروض الآن أمام مجلس الأمن، ويدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار مرتبط بالإفراج عن الرهائن، ونأمل بشدة أن يلقى دعماً من الدول»، معرباً عن اعتقاده بأن هذا المشروع «سيبعث برسالة قوية، بمؤشر قوي».

من جانبه، أشار مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي إلى أن أولويات الوزير بلينكن في جولاته الأخيرة بالمنطقة كانت التركيز على ترتيبات ما يسميه الأميركيون «اليوم التالي»، والتي تشمل ترتيبات إدارة قطاع غزة بعد الحرب، ومن بينها مسألة إعادة الإعمار، لافتاً إلى أن تلك الأمور «معقدة وتنخرط فيها أطراف متعددة».

وأضاف هريدي لـ«الشرق الأوسط» أن نتائج جولات بلينكن الستة كانت «محدودة» بالنظر إلى ما تملكه الولايات المتحدة من أدوات للتأثير والضغط على إسرائيل، إلا أن ثمة توافقاً بين الجانبين على الأهداف الكبرى للحرب، رغم التباين في التفاصيل، وهو ما يؤدي إلى استمرار الحرب بطريقة أو بأخرى رغم الحديث الأميركي المتكرر عن الحاجة إلى تهدئة، لكن دون ممارسة ضغوط أميركية حقيقية على حكومة نتنياهو ستتحول الجولات سواء لبلينكن أو لغيره من المسؤولين إلى أداة لاستنزاف الوقت.

اجتماع اللجنة السداسية العربية مع وزير الخارجية الأميركي لبحث سبل التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة وإدخال المساعدات (الخارجية المصرية)

وفيما يتعلق بـ«الفجوات» التي تحدث عنها وزير الخارجية الأميركي والتي تعرقل التوصل إلى اتفاق للتهدئة في غزة، أوضح الدكتور أيمن الرقب أن نوعية الأسرى الذين يتضمنهم الاتفاق تمثل واحدة من تلك «الفجوات»، لافتاً إلى رغبة فصائل المقاومة الفلسطينية في أن يشمل الاتفاق عدداً يصل إلى نحو 150 سجيناً من ذوي المحكوميات الكبيرة، بينما تعرض تل أبيب عدداً أقل بكثير مما تطلبه «حماس»، فضلاً عن اشتراط إبعادهم خارج الأراضي الفلسطينية بعد الإفراج عنهم.

ولفت السياسي الفلسطيني كذلك إلى «الفجوة» المتعلقة بترتيبات عودة النازحين الفلسطينيين إلى مناطقهم في شمال غزة، معتبراً أن هناك «غموضاً كبيراً» في الإجراءات الإسرائيلية بهذا الصدد، في ظل استمرار الترتيبات الأمنية الإسرائيلية التي تقضي بعزل مناطق الشمال، وهو ما قال إنه «لا يمكن أن يتم دون تنسيق مع واشنطن»، رغم ما أعلنه وزير الخارجية الأميركي مراراً عن رفض واشنطن لأي ترتيبات أحادية تتعلق بما بعد الحرب، وهو ما يعكس، في تقديره «التناقض بين التصريحات والأفعال» التي تصدر عن الإدارة الأميركية.


مقالات ذات صلة

مشاورات «اليوم التالي» في غزة... مساعٍ مصرية للتوافق بين «فتح» و«حماس»

شمال افريقيا فلسطينيون يحملون جريحاً في موقع غارة جوية إسرائيلية على مأوى للنازحين وسط قطاع غزة (رويترز)

مشاورات «اليوم التالي» في غزة... مساعٍ مصرية للتوافق بين «فتح» و«حماس»

مشاورات «اليوم التالي» لحرب غزة عادت للقاهرة مجدداً، عقب تباين في وجهات النظر بين حركتي «حماس» و«فتح» التي تتولى السلطة، بشأن تشكيل «لجنة إدارة القطاع».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شؤون إقليمية آثار الدمار الواسع من جراء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ب)

إسرائيل تصنّف الضفة «ساحة رئيسية» للتهديدات

وسعت إسرائيل عمليتها في الضفة الغربية بعدما صنّفتها "ساحة رئيسية" في خريطة التهديدات، وقال وزير الدفاع إن الجيش يستعد للرد وفقاً لذلك.

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي نازحون فلسطينيون ينتظرون لملء المياه في مخيم مؤقت للنازحين بدير البلح وسط قطاع غزة (د.ب.أ)

وسط البرد والمطر... «الصليب الأحمر» يدعو لتسهيل دخول المساعدات إلى غزة

دعا الصليب الأحمر الدولي اليوم إلى توصيل المساعدات الإنسانية «بامان ومن دون عوائق» إلى قطاع غزة، حيث يموت الأطفال بسبب البرد بعد أن مزقته الحرب.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي الدخان يتصاعد من المباني المهدمة في بيت حانون بقطاع غزة (رويترز)

مع اقتراب عودة ترمب للبيت الأبيض... «حماس» تتمسك بمطلب إنهاء الحرب

تمسكت حركة «حماس» بمطلبها، اليوم الثلاثاء، بأن تنهي إسرائيل هجومها على قطاع غزة بالكامل بموجب أي اتفاق لإطلاق سراح الرهائن.

«الشرق الأوسط» (غزة)
الخليج خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز يترأس جلسة مجلس الوزراء (واس)

السعودية تؤكد إدانتها الشديدة لجرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين

شدّدت السعودية على رفضها وإدانتها الشديدة لجرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني وانتهاكاته المستمرة للقانون الدولي الإنساني

«الشرق الأوسط» (الرياض)

إسرائيل تعلن الضفة «ساحة رئيسية» للتهديدات

فلسطينيون يبحثون بين أنقاض مبنى دمر بفعل غارة إسرائيلية في البريج وسط قطاع غزة أمس (أ.ف.ب)
فلسطينيون يبحثون بين أنقاض مبنى دمر بفعل غارة إسرائيلية في البريج وسط قطاع غزة أمس (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تعلن الضفة «ساحة رئيسية» للتهديدات

فلسطينيون يبحثون بين أنقاض مبنى دمر بفعل غارة إسرائيلية في البريج وسط قطاع غزة أمس (أ.ف.ب)
فلسطينيون يبحثون بين أنقاض مبنى دمر بفعل غارة إسرائيلية في البريج وسط قطاع غزة أمس (أ.ف.ب)

بموازاة عمليات عسكرية متواصلة، رأى وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس أن الضفة الغربية أصبحت «ساحة رئيسية» لتهديدات إسرائيل. وتحدث كاتس في لقاء مع مستوطنين بالضفة عن أنها «أصبحت ساحة مركزية في خريطة التهديدات لإسرائيل»، مضيفاً: «نحن نستعد للرد وفقاً لذلك».

وذكر مكتب كاتس أنه أبلغ المستوطنين بتوجيه الجيش إلى «تعزيز الأمن، وزيادة النشاط العسكري»، ونقل أنه خاطبهم بالقول: «نحن نستعد مع الجيش لتقديم الرد القوي اللازم لمنع وقوع أحداث مثل 7 أكتوبر (تشرين الأول) هنا». وقتلت غارة إسرائيلية، أمس، 3 فلسطينيين بينهم طفلان في بلدة طمون شمال الضفة.

في غضون ذلك، أكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، أمس، أن إبرام هدنة في قطاع غزة، يبقى «قريباً للغاية»، معرباً عن أمله في إنجاز الاتفاق في الوقت المتبقي لإدارة الرئيس جو بايدن.

ميدانياً، واصلت إسرائيل غاراتها في غزة، ما أسفر، أمس، عن مقتل ما لا يقل عن 51 فلسطينياً خلال يوم. كما أعلن الجيش الإسرائيلي، أمس، أنّ قواته تمكّنت من استعادة جثّة واحدة لرهينة من قطاع غزة، وليس جثّتين كما كان أعلن وزير الدفاع.