«حزب الله» يحاول استيعاب آثار الحرب مع إسرائيل بوعود التعويضات وإعادة الإعمار

يدفع 20 مليون دولار شهرياً للنازحين

مواطنون يتفقدون مبنى مدمّراً إثر قصف إسرائيلي استهدفه في بلدة دبّين الجنوبية (أ.ف.ب)
مواطنون يتفقدون مبنى مدمّراً إثر قصف إسرائيلي استهدفه في بلدة دبّين الجنوبية (أ.ف.ب)
TT

«حزب الله» يحاول استيعاب آثار الحرب مع إسرائيل بوعود التعويضات وإعادة الإعمار

مواطنون يتفقدون مبنى مدمّراً إثر قصف إسرائيلي استهدفه في بلدة دبّين الجنوبية (أ.ف.ب)
مواطنون يتفقدون مبنى مدمّراً إثر قصف إسرائيلي استهدفه في بلدة دبّين الجنوبية (أ.ف.ب)

يخصص «حزب الله» مبالغ كبيرة لإغاثة النازحين من القرى الجنوبية الحدودية، والذين فاق عددهم 87 ألفاً نتيجة الحرب المستمرة هناك، منذ قراره فتح جبهة الجنوب دعماً لغزة. هو أمّن مساكن لهم، حصصاً غذائية ومبالغ شهرية يوزعها عليهم. كما أنه بدأ منذ فترة وعبر مؤسسة «جهاد البناء» التابعة له بإجراء الكشوفات على الأضرار استعداداً لمرحلة إعادة البناء.

صحيح أنه ضغط على الحكومة اللبنانية فأقرت في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي دفْع ألف مليار ليرة لبنانية، أي ما يعادل 10 ملايين دولار من موازنة عام 2024 تعويضاتٍ مالية للمتضررين مالياً وجسدياً في المناطق الجنوبية، إلا أنه، وبحسب مصادر مطلعة، يخصص نحو 20 مليون دولار شهرياً لإغاثة النازحين، وهو يدفع إيجارات منازل انتقل إليها العديد منهم. كما يعطي الأسرة مبلغاً شهرياً يتراوح بين 100 و200 دولار أميركي.

وكان عضو كتلة «الوفاء للمقاومة»، النائب حسن فضل الله، أعلن في وقت سابق أنّ «(حزب الله) بدأ بدفع تعويضات للمتضرّرين من العدوان الصهيوني على القرى الحدودية»، فيما أكد عضو المجلس المركزي في الحزب الشيخ نبيل قاووق أن «المقاومة استعدت لرفع آثار العدوان وإعادة الإعمار حتى تعود البيوت المدمرة أجمل مما كانت».

ويقول حسن ع (44 عاماً)، أحد سكان الجنوب، إن «الحزب أبلغ من تضررت منازلهم في المناطق الحدودية أنه سيعيد بناءها فور توقف الحرب، لكن بعضهم تمنوا عليه الحصول على مبالغ مالية عوضاً عن إعادة الإعمار؛ كي يشتروا منازل في مناطق بعيدة عن الحدود، حتى لا يتم تدميرها كل فترة، لكن الحزب ليس بصدد التجاوب مع هكذا طلبات». وأشار الرجل الأربعيني في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الحزب يعطي العائلات النازحة كل 15 يوماً 100 دولار أميركي، كما يعطي مبالغ لتأمين مواد التدفئة».

ولا تزال الأرقام المرتبطة بحجم الأضرار والخسائر غير دقيقة باعتبار أن الحرب لا تزال قائمة. وبحسب وزير الأشغال العامة والنقل في حكومة تصريف الأعمال علي حمية، فإن مئات الوحدات السكنية قد تدمرت كلياً، أو جزئياً، وما جاوز 9 آلاف وحدة قد تضررت بشكل جزئي. فيما يتحدث الباحث في «الدولية للمعلومات» محمد شمس الدين لـ«الشرق الأوسط»، عن «1300 منزل متضررة كلياً، و2000 منزل أصيبت بأضرار كبيرة، و3000 منزل بأضرار طفيفة».

كذلك تشير التقديرات الأولية إلى تضرر نحو 100 ألف دونم و500 ألف شجرة.

ووفق شمس الدين، فإنه في بداية الشهر السادس للحرب، وصل عدد النازحين إلى 87 ألفاً، الأكثرية منهم ظلت في مناطق في الجنوب، فيما انتقلت أعداد كبيرة إلى بيروت ومناطق أخرى، حيث تمكث عند أقارب وأصدقاء، لافتاً إلى أن «هناك نحو 1300 شخص يعيشون في مراكز إيواء، أي في مدارس ومستوصفات وفنادق. كما أن نحو 500 أسرة ميسورة استأجرت منازل في جبل لبنان وكسروان». ويشير شمس الذين إلى «أضرار كبيرة لحقت بالقطاع الزراعي، وخصوصاً بمواسم الزيتون والتبغ»، موضحاً أنه «يتم دفع مساعدات غذائية من قبل مجلس الجنوب ومساعدات من قبل (حزب الله)، ويتردد عن دفع 100 دولار للأسرة النازحة شهرياً».

وتختلف تقديرات المعنيين لكلفة الأضرار المباشرة والإجمالية للحزب. ففيما تؤكد مصادر اقتصادية أن الخسائر الكلية التي مُني بها الاقتصاد اللبناني قاربت الملياري دولار، يشير مدير عام وزارة الاقتصاد محمد أبو حيدر إلى أن مجمل الخسائر فاقت الـ1.5 مليار دولار، لافتاً إلى أن 300 مليون دولار هو حجم الخسائر من جراء إقفال المؤسسات في الجنوب. من جهته، يتحدث شمس الدين عن خسائر مباشرة للحرب تقدر بحدود 250 مليون دولار، وعن خسائر غير مباشرة تصل لحدود 900 مليون دولار.

ووفق رئيس الهيئات الاقتصادية في لبنان الوزير السابق محمد شقير، فإن تداعيات حرب غزة كانت مأساوية بالنسبة للاقتصاد اللبناني، وإن توترات البحر الأحمر زادت الكلفة على المستهلك.

وتركت الحرب تداعيات كبيرة على معظم القطاعات. وبحسب أبرز الأرقام، فنسبة الإشغال في قطاع الفنادق لا تتجاوز 10 في المائة، القطاع الصناعي سجل تراجعاً بنسبة فاقت 30 في المائة، فيما ارتفعت أسعار بعض السلع الضرورية بنسبة تصل إلى 20%؜. كذلك ارتفعت قيمة إيجار المنازل 200 في المائة في الجنوب، و400 في المائة في مناطق أكثر أمناً، وبلغت نسبة البطالة المؤقتة نحو 15 في المائة.


مقالات ذات صلة

«أطباء بلا حدود»: المساعدات الإنسانية لقطاع غزة وصلت لأدنى مستوياتها منذ أشهر

المشرق العربي فلسطينيون يحملون أواني معدنية انتظاراً لتلقي الطعام من خان يونس (إ.ب.أ) play-circle 01:35

«أطباء بلا حدود»: المساعدات الإنسانية لقطاع غزة وصلت لأدنى مستوياتها منذ أشهر

حذرت منظمة «أطباء بلا حدود»، اليوم (الجمعة)، من تراجع وتيرة دخول المساعدات الإنسانية لقطاع غزة إلى أدنى مستوياتها منذ أشهر.

«الشرق الأوسط» (غزة)
العالم العربي طائرة تقلع من مطار بيروت يوم 7 أكتوبر 2024 (رويترز)

شركات طيران تعلق رحلاتها للشرق الأوسط مع تفاقم التوتر

دفعت المخاوف من اتساع رقعة الصراع في الشرق الأوسط شركات طيران عالمية إلى تعليق رحلاتها إلى المنطقة أو تجنب المجالات الجوية التي تنطوي على مخاطر.

المشرق العربي إخلاء سكان مخيمي النصيرات والبريج للاجئين خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة (إ.ب.أ)

مصر تحشد دولياً لمؤتمر «مساعدات غزة»

جددت القاهرة، الجمعة، تأكيدها ضرورة «وقف إطلاق النار في قطاع غزة، والنفاذ الكامل وغير المشروط للمساعدات الإنسانية».

أحمد إمبابي (القاهرة)
المشرق العربي فتى فلسطيني يقفز قرب صاروخ غير منفجر بعد انسحاب القوات الإسرائيلية من مخيم النصيرات الجمعة (إ.ب.أ)

دبابات إسرائيلية تنسحب من مخيم النصيرات مخلِّفة عشرات القتلى

قال الجيش الإسرائيلي إن قواته التي تنفذ عمليات منذ الخامس من أكتوبر تستهدف منع مسلحي «حماس» من معاودة تنظيم أنفسهم وشن عمليات.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية إردوغان متحدثاً خلال منتدى إعلامي في إسطنبول الجمعة (الرئاسة التركية)

إردوغان يواجه احتجاجاً على استمرار حركة السفن التركية مع إسرائيل

قاطع شخص خطاباً للرئيس التركي رجب طيب إردوغان حول الحرب الإسرائيلية في غزة صائحاً: «الصهاينة يواصلون أنشطتهم على سفننا وفي موانينا».

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

سوريا: نزوح جماعي يواكب تقدم فصائل مسلحة نحو حلب

عناصر من الفصائل المسلحة السورية يوم الجمعة على مشارف حلب الغربية في سوريا (أ.ب)
عناصر من الفصائل المسلحة السورية يوم الجمعة على مشارف حلب الغربية في سوريا (أ.ب)
TT

سوريا: نزوح جماعي يواكب تقدم فصائل مسلحة نحو حلب

عناصر من الفصائل المسلحة السورية يوم الجمعة على مشارف حلب الغربية في سوريا (أ.ب)
عناصر من الفصائل المسلحة السورية يوم الجمعة على مشارف حلب الغربية في سوريا (أ.ب)

دفعت التطورات العسكرية شمال غربي سوريا وتحديداً في مدينة حلب وريفها الغربي، الآلاف إلى حركة نزوح جماعية كبيرة، تعددت وجهاتها بين أحياء وسط مدينة حلب الواقعة تحت سيطرة القوات الحكومية بدمشق وشمال غربي إدلب على الحدود مع تركيا، ومناطق أخرى آمنة.

وبدأت معارك عنيفة حول حلب بعدما تحركت فصائل مسلحة أبرزها «هيئة تحرير الشام» ومجموعات أخرى متحالفة معها تحت شعار علمية سموها «رد العدوان» بهدف السيطرة على المدينة وردت عليها قوات حكومية. والتطورات العسكرية اللافتة تأتي بعد نحو 4 سنوات من التهدئة شمال غربي سوريا بموجب تفاهمات سورية – تركية.

ودفعت التعزيزات والغارات والمعارك، مدنيين إلى النزوح، وحذرت الأمم المتحدة، الجمعة، من أن الاشتباكات أجبرت أكثر من 14 ألف شخص على مغادرة من منازلهم. فيما قال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن القسم الغربي من مدينة حلب يشهد حركة نزوح كبيرة باتجاه المناطق الشرقية أو خارج المدينة.

وأفاد المرصد، مساء الجمعة، بأن «هيئة تحرير الشام» على مشارف حلب بعدما سيطرت على 55 قرية وبلدة وتلة استراتيجية تقع إما في أطراف حلب الغربية أو في ريف حلب الجنوبي على طريق دمشق – حلب الدولي، الذي انــقـطـع بشكل كامل منذ يوم الخميس.

وبالنسبة للنازحين، فقد بات الخروج مرتكزاً على طريق خناصر الواقع جنوب غربي حلب باتجاه البادية السورية.

ومع ازدياد تهديدات الفصائل المسلحة للقوات الحكومية والميليشيات الرديفة التابعة لإيران و«حزب الله»، أكدت مصادر «نزوح عشرات العائلات خلال اليومين الماضيين من ريف حلب نحو شمال غربي إدلب عند الحدود مع تركيا، حيث أقاموا في خيام مؤقتة في نزوح يعد الثالث لسكان تلك المناطق منذ اندلاع الحرب في سوريا».

وقالت مصادر أهلية في حلب لـ«الشرق الأوسط» إنه تم إخلاء السكن الجامعي في مدينة حلب بعد تعرضه للقصف ومقتل أربعة طلاب وإصابة طالبين آخرين، حيث توجه الطلاب كُل إلى محافظته.

وبثت وسائل إعلام رسمية سورية، صوراً للدمار الذي لحق بالسكن الجامعي، وقال التلفزيون الرسمي إن «أربعة مدنيين قتلوا من جراء قصف الفصائل المسلحة على المدينة الجامعية»، لكن الفصائل المسلحة نفت استهداف المدينة الجامعية، متهمة القوات الحكومية بذلك بهدف إخلائه وتحويله إلى ثكنه عسكرية».

وشهدت أحياء الحمدانية والفرقان وجمعية الزهراء وحلب الجديدة حركة نزوح كبيرة يوم الجمعة، باتجاه أحياء وسط المدينة مع تصاعد حدة الاشتباكات ووصول الجماعات المسلحة إلى مشارف المدينة.

وشرح مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن، أن «هيئة تحرير الشام» والفصائل المتحالفة معها تريد السيطرة على مدينة سراقب الحيوية، وكذلك طريق «حلب – دمشق»، وطريق «حلب – اللاذقية» الدوليين.

ويقدر عبد الرحمن أن «كل المكتسبات التي حققتها القوات الحكومية والميليشيات الرديفة التابعة لإيران و(حزب الله) خلال السنوات الخمس الماضية في مناطق سيطرتها في محافظة حلب (ستنتهي) وسيعود الوضع إلى ما كان عليه أواخر عام 2019». أي قبل التهدئة التركية – الروسية عام 2020.

وأعلنت الفصائل المسلحة المعارضة في الشمال دخولها أول أحياء مدينة حلب والسيطرة على مركز البحوث العلمية في حي حلب الجديدة، وقالت وسائل إعلام داعمة للفصائل المسلحة إنها «سيطرت على أحياء حلب الجديدة والحمدانية، و3000 شقة غرب مدينة حلب، وباتت على بعد 2 كم عن وسط مدينة حلب».

لكن صحيفة «الوطن» السورية المقربة من الحكومة بدمشق نقلت في وقت سابق عن مصادر أهلية في حلب نفيها سيطرة الفصائل المسلحة المعارضة على بلدة المنصورة ومركز البحوث العلمية غرب حلب الجديدة بريف حلب الغربي

وسجل «المرصد السوري» مقتل نحو 254 شخصاً خلال الأيام الثلاثة منذ بدء هجوم «رد العدوان» الذي أطلقته الفصائل المسلحة غرب حلب، بينهم 24 مدنياً و 144 من «هيئة تحرير الشام» والفصائل الحليفة لها، ونحو 86 من القوات الحكومية والميليشيات الرديفة. مشيراً إلى أن القوات الحكومية تتركز في مدينة حلب فيما يتوزع على الجبهات في الريف الميليشيات الرديفة التابعة لإيران وإلى حد ما «حزب الله» الذي تقلص دوره بشكل كبير في شمال سوريا خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة.