خرائط «غوغل» توقع دورية لـ«اليونيفيل» في شباك «حزب الله»

دخلت الضاحية الجنوبية بالخطأ وتدخل الجيش للإفراج عن أفرادها

دورية لقوات «اليونيفيل» قرب الحدود مع إسرائيل (رويترز)
دورية لقوات «اليونيفيل» قرب الحدود مع إسرائيل (رويترز)
TT

خرائط «غوغل» توقع دورية لـ«اليونيفيل» في شباك «حزب الله»

دورية لقوات «اليونيفيل» قرب الحدود مع إسرائيل (رويترز)
دورية لقوات «اليونيفيل» قرب الحدود مع إسرائيل (رويترز)

تجدد الاعتداء على أفراد قوة الطوارئ الدولية «اليونيفيل» العاملة في جنوب لبنان، لكنه طال هذه المرّة دورية تابعة للكتيبة الإندونيسية في ضاحية بيروت الجنوبية، وتحديداً منطقة «حيّ السلم» المتاخمة لمطار رفيق الحريري الدولي.

وقد تقاطعت المعلومات عن أن الدورية دخلت الضاحية «عن طريق الخطأ»، وأن معترضيها اقتادوها إلى مقرّ اللجنة الأمنية الواقعة تحت سلطة «حزب الله»، وأخضعوا عناصرها للتحقيق والتفتيش، قبل أن يتدخل الجيش اللبناني، وينقلهم إلى أحد مقراته في المنطقة. وقال مصدر أمني لبناني لـ«الشرق الأوسط» إن الدورية كانت تتجه من الجنوب نحو بيروت بالاعتماد على خرائط «غوغل» التي أخذتها في طريق مختصرة عبر الضاحية بسبب زحمة السير.

«اليونيفيل»: خطأ غير مخطط له

وأعلنت كانديس آرديل، نائبة مدير مكتب «اليونيفيل» الإعلامي، أن «آلية تابعة لبعثة حفظ السلام كانت في رحلة لوجيستية روتينية إلى بيروت، الليلة الماضية (ليل الخميس)، انتهى بها الأمر أن وصلت إلى طريق غير مخطط لها»، لافتة إلى أنه «جرى إيقاف السيارة واحتجاز حفظة السلام من قبل أفراد محليين، وأُطْلِقَ سراحهم في ما بعد».

وقالت آرديل: «بالإضافة إلى حرية الحركة داخل منطقة عمليات (اليونيفيل)، يتمتع حفظة السلام بالحرية والتفويض من الحكومة اللبنانية للتنقل في جميع أنحاء لبنان لأسباب إدارية ولوجيستية، وحرية الحركة هذه ضرورية لتنفيذ القرار 1701».

وأعادت الحادثة إلى الأذهان الاعتداءات التي طالت القوات الدولية في السنتين الأخيرتين، والتي ألحقت إصابات بأفراد منها، كان آخرها مقتل الجندي الآيرلندي شون روني (23 عاماً)، وإصابة رفاقه الثلاثة بجروح خطيرة في منطقة العاقبية (جنوب لبنان)، وأدت إلى توتير العلاقة مع «اليونيفيل»، حيث جرى توقيف شخص واحد من المتورطين بالحادثة، ثم أطلق بعد سنة من توقيفه.

وعلّق مصدر أمني لبناني على حادثة حيّ السلم، جازماً بأن «الدورية دخلت الضاحية الجنوبية عن طريق الخطأ». وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن الجيش اللبناني «تدخل سريعاً، واصطحب الدورية التي احتجزها مدنيون إلى مركز تابع لمخابرات الجيش، قبل أن تعود إلى مقرّ عملها في الجنوب»، مشيراً إلى أن الدورية «انتقلت إلى بيروت من ضمن مهمّة إدارية وليس هناك أي بُعد أمني، خصوصاً أن تحركات القوات الدولية، سواء في نطاق عملها في الجنوب، أو خلال تنقلاتها خارج هذه المنطقة، تبقى على تنسيق دائم من الجيش اللبناني».

ودائماً ما تسارع قوات حفظ السلام إلى توضيح أسباب وجودها في أي منطقة يقع فيها إشكال مع مدنيين أو حزبيين، وتجري قيادتها اتصالات بالجيش اللبناني، خصوصاً أن العمل مع الأخير يأتي في سياق مهمّة مشتركة، وتنفيذاً لمندرجات القرار 1701.

مصدر مقرب من «اليونيفيل»: ندرك حساسية الوضع

وجزم مصدر مقرّب جداً من قوات «اليونيفيل»، بأن «دخول الدورية إلى الضاحية الجنوبية حصل عن طريق الخطأ، لكون منطقة حيّ السلّم قريبة جداً من مطار بيروت». وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أنه «لا يمكن أن تكون العملية مقصودة، خصوصاً أن دوريات (اليونيفيل) تأخذ احتياطاتها في الجنوب، وتحاول تلافي الخطأ، ولا يعقل أن تتعمّد دخول الضاحية الجنوبية لدوافع أمنية».

وأشار المصدر الذي رفض ذكر اسمه، إلى أن دوريات الأمم المتحدة في مناطق الجنوب باتت محدودة جداً ومعقّدة، في ظلّ التدهور الأمني وارتفاع وتيرة العمليات العسكرية ما بين «حزب الله» وإسرائيل. وقال: «تعرف قيادة «اليونيفيل» ووحداتها من كلّ الجنسيات، حساسيّة الوضع بالنسبة للناس في هذه المرحلة، وتقدّر الأمور بمسؤولية كبيرة».

وتمنى المصدر المقرب من «اليونيفيل» أن «لا تتكرر مثل هذه الحوادث، وألا يكون العناصر الدوليون الموجودون في الجنوب، ويتحمّلون المخاطر، عرضة للاعتداء والاستهداف».

ومن جهته، اعتبر الباحث السياسي قاسم قصير، المطلع على أجواء «حزب الله»، أن «أسباب دخول الدورية إلى الضاحية باتت واضحة، أي عن طريق الخطأ». وأوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن «ردّ فعل الناس تجاهها والاعتراض عليها هو تصرّف طبيعي في ظروف غير طبيعية». وشدد على أنه «ليس ثمّة عداء بين سكان الضاحية الجنوبية وقوات (اليونيفيل)، لكن الحذر مفهوم، خصوصاً أننا في مرحلة بالغة الدقّة».

سلسلة الاستهدافات للقوات الدولية في الجنوب

جدير بالذكر أن انتشار قوات «اليونيفيل» في جنوب لبنان، يأتي تنفيذاً للقرارات الدولية، لا سيما القرار 1701، وبموافقة الحكومة اللبنانية، إلّا أن دورها أثار دائماً حساسية مفرطة لدى «حزب الله» وجمهوره، لذلك تكررت الاعتداءات التي تتعرض لها هذه القوات، وزادت نسبتها في العامين الأخيرين. ففي شهر يناير (كانون الثاني) 2022، تعرضت دورية لـ«اليونيفيل»، في بلدة شقرا الجنوبية، للاعتداء بحجة قيامها بالتقاط صور داخل البلدة، وجاء الاعتداء بعد ساعات قليلة من مغادرة الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، لبنان مختتماً زيارة استمرت 4 أيام، طالب خلالها بـ «تحول (حزب الله) إلى حزب سياسي كبقية الأحزاب».

وبعد أسبوع واحد، تكرر المشهد في بلدة بنت جبيل، بحجّة تصوير المنطقة التي تعدّ أحد معاقل «حزب الله»، ودعت «اليونيفيل» السلطات اللبنانية إلى «إجراء تحقيق سريع وشامل، ومحاكمة جميع المسؤولين عن هذه الجرائم»، لافتة إلى أنه «على عكس المعلومات المضللة التي يجري نشرها، لم يكن جنود حفظ السلام يلتقطون الصور، ولم يكونوا في ملكية خاصة، بل كانوا في طريقهم للقاء زملائهم في القوات المسلحة اللبنانية للقيام بدورية روتينية».

وفي منتصف شهر ديسمبر (كانون الأول) 2022، تعرّضت دورية آيرلندية تابعة لقوات حفظ السلام لاعتداء مسلّح في بلدة العاقبية الجنوبية، حيث هاجم مسلّحون الدورية التي ضلّت الطريق، وكانت متجهة إلى بيروت، وأطلقوا النار عليها، ما أدى إلى مقتل أحد أفرادها على الفور وإصابة رفاقه الثلاثة بجروح بليغة وتحطيم الآلية، كما تعرّضت في الوقت نفسه دورية آيرلندية لهجوم على الطريق الدولية في الجنوب، وسمح تدخل الجيش اللبناني بتحريرها، وإنقاذ طاقهما.

وفي أواخر ديسمبر 2023، تعرضت قوة حفظ السلام الدولية في جنوب لبنان لاعتداءين خلال أقل من 24 ساعة، استهدفا الوحدتين الفرنسية والإندونيسية، ما أدى لإصابة أحد الجنود الدوليين، حيث هاجمت مجموعة من الشّبان دورية تابعة للكتيبة الإندونيسية في بلدة الطيبة، ما أدى لإصابة أحد الجنود، كما اعترض شبان أيضاً دورية فرنسيّة على الطريق العام في بلدة كفركلا، وأقدموا على تطويقها وضرب الآلية بقطع حديدية. وأدى تدخل الجيش اللبناني والاتصالات التي أجريت مع جهات حزبية إلى السماح لها بالمغادرة إلى مقرّ الكتيبة الفرنسية.


مقالات ذات صلة

حكومة لبنان تعقد أول اجتماعاتها وتوصيات من عون وسلام بإبعادها عن التجاذبات

المشرق العربي الصورة التذكارية لحكومة عهد رئيس الجمهورية جوزيف عون الأولى التي تضمه ورئيس الحكومة نواف سلام والـ 24 وزيراً أمام قصر بعبدا الثلاثاء (الرئاسة اللبنانية - إ.ب.أ)

حكومة لبنان تعقد أول اجتماعاتها وتوصيات من عون وسلام بإبعادها عن التجاذبات

انطلق مسار إعداد البيان الوزاري الذي يفترض أن تنال حكومة نواف سلام ثقة البرلمان اللبناني على أساسه، في أجواء توافقية وتفاؤلية بإنجازه في أسرع وقت ممكن.

كارولين عاكوم (بيروت)
المشرق العربي الرئيس جوزيف عون يرأس أول اجتماع للحكومة اللبنانية الجديدة بالقصر الرئاسي في بعبدا (أ.ف.ب)

الحكومة اللبنانية تعقد جلستها الأولى في بعبدا... وتشكّل لجنة صياغة البيان الوزاري

عقدت الحكومة اللبنانية جلستها الأولى في قصر بعبدا برئاسة الرئيس اللبناني جوزيف عون وحضور رئيس الحكومة نواف سلام والوزراء الجدد.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي مسافرون يخرجون من مطار رفيق الحريري الدولي خلال الحرب بين «حزب الله» وإسرائيل (إ.ب.أ)

إجراءات تفتيش مشددة للطائرات القادمة من العراق إلى بيروت

يفرض جهاز أمن مطار رفيق الحريري الدولي إجراءات أمنية مشددة على الرحلات القادمة من العراق إلى بيروت، وإخضاعها لتفتيش دقيق.

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي الجيش اللبناني يستكمل انتشاره على الحدود اللبنانية - السورية (قيادة الجيش)

هدوء حذر على الحدود اللبنانية - السورية وجهود عسكرية لضبطها من الجانبين

ساد الهدوء الحذر على الحدود اللبنانية السورية إثر التوتر الذي شهدته المنطقة، نتيجة القصف الإسرائيلي والاشتباكات بين إدارة العمليات السورية والعشائر.

كارولين عاكوم (بيروت)
المشرق العربي صورة متداولة لأهالي بلدة الشواغر (قضاء الهرمل) يحرقون إطارات في طريق مؤدٍ إلى الأراضي السورية

اتصالات على أعلى المستويات لتهدئة معارك الحدود اللبنانية - السورية

دفع الجيش اللبناني بتعزيزات عسكرية إلى الحدود الشمالية الشرقية على وقع اشتداد القصف من الجهة السورية خلال الساعات الأخيرة.

حسين درويش (بيروت - شرق لبنان)

ترمب يتمسك بالتهجير... وملامح خطة عربية

الرئيس الأميركي والعاهل الأردني خلال اجتماعهما في البيت الأبيض أمس (أ.ب)
الرئيس الأميركي والعاهل الأردني خلال اجتماعهما في البيت الأبيض أمس (أ.ب)
TT

ترمب يتمسك بالتهجير... وملامح خطة عربية

الرئيس الأميركي والعاهل الأردني خلال اجتماعهما في البيت الأبيض أمس (أ.ب)
الرئيس الأميركي والعاهل الأردني خلال اجتماعهما في البيت الأبيض أمس (أ.ب)

أبدى الرئيس الأميركي دونالد ترمب، خلال اجتماعه مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، في البيت الأبيض، أمس، تمسكاً بمواقفه المتشددة حيال تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، كما جدد تهديده لحركة «حماس» بالعودة إلى الحرب وفتح أبواب الجحيم، إذا لم تفرج عن الرهائن قبل السبت المقبل.

وهدد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بأن وقف إطلاق النار سينتهي، وأن الجيش سيستأنف القتال المكثف، إذا لم يطلق سراح الرهائن قبل السبت.

في غضون ذلك، أعرب مجلس الوزراء السعودي عن «الرفض القاطع للتصريحات الإسرائيلية المتطرفة بشأن تهجير الشعب الفلسطيني الشقيق من أرضه، والتأكيد على مركزية القضية الفلسطينية لدى المملكة العربية السعودية». وشدّد على أن «السلام الدائم لن يتحقق إلا بقبول مبدأ التعايش السلمي من خلال حل الدولتين».

في الأثناء، برزت ملامح خطة عربية للتعاطي مع الوضع، إذ أعلن الأمين العام للجامعة العربية، أحمد أبو الغيط، أن قمة القاهرة المرتقبة «ستناقش طرحاً عربياً يقابل المقترح الأميركي عن التهجير، وسيقوم على التوافق الفلسطيني، والدعم العربي والدولي».