وسط مباحثات الهدنة وخطر المجاعة... غزة تحصي 30 ألف قتيل

فتى فلسطيني يسير وسط الأنقاض في موقع غارة إسرائيلية على منزل برفح وسط الصراع المستمر (رويترز)
فتى فلسطيني يسير وسط الأنقاض في موقع غارة إسرائيلية على منزل برفح وسط الصراع المستمر (رويترز)
TT

وسط مباحثات الهدنة وخطر المجاعة... غزة تحصي 30 ألف قتيل

فتى فلسطيني يسير وسط الأنقاض في موقع غارة إسرائيلية على منزل برفح وسط الصراع المستمر (رويترز)
فتى فلسطيني يسير وسط الأنقاض في موقع غارة إسرائيلية على منزل برفح وسط الصراع المستمر (رويترز)

قتل أكثر من 30 ألف شخص في غزة منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل و«حماس» قبل أكثر من أربعة أشهر، وفق ما أعلنت وزارة الصحة التابعة للحركة اليوم (الخميس)، في وقت يواجه سكان القطاع وضعاً إنسانياً مأسوياً وخطر المجاعة مع استمرار المباحثات بشأن هدنة محتملة، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وقالت الأمم المتحدة إن هذه الحرب التي حولت غزة خلال خمسة أشهر إلى «منطقة موت»، الأكثر حصداً للأرواح بين الحروب الإسرائيلية الخمسة التي شهدها قطاع غزة منذ أن سيطرت عليه «حماس» عام 2007.

وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس على منصة «إكس»، «تجاوزت حصيلة القتلى في غزة 30 ألفاً، غالبيتهم العظمى من النساء والأطفال. أصيب أكثر من 70 ألف فلسطيني. يجب أن ينتهي هذا العنف والمعاناة. أوقفوا إطلاق النار».

ويتزايد القلق الدولي بسبب الظروف التي يعيشها أكثر من مليوني شخص في القطاع منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل و«حركة حماس» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وأعلنت وزارة الصحة التابعة للحركة اليوم أن حصيلة هذه الحرب تخطت 30 ألفاً معظمهم من المدنيين.

وقال المتحدث باسم الوزارة أشرف القدرة إنّ «عدد القتلى تجاوز 30 ألفاً» بعدما وصل إلى المستشفيات ليل الأربعاء - الخميس «79 قتيلاً، غالبيتهم من الأطفال والنساء وكبار السنّ».

امرأة فلسطينية تعلق الملابس لتجف في منزلها المدمر بمخيم النصيرات للاجئين وسط قطاع غزة (إ.ب.أ)

وفي وقت لاحق اليوم، أعلنت وزارة الصحة مقتل 104 أشخاص على الأقل وإصابة المئات برصاص القوات الإسرائيلية أثناء محاولتهم الحصول على مساعدات إنسانية في غرب مدينة غزة بشمال القطاع الفلسطيني المحاصر.

واندلعت الحرب في السابع من أكتوبر عقب هجوم غير مسبوق شنّته الحركة على جنوب إسرائيل، أسفر عن مقتل أكثر من 1160 شخصاً غالبيّتهم مدنيّون، وفق تعداد لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» يستند إلى بيانات إسرائيليّة رسميّة.

كما احتُجز نحو 250 رهينة تقول إسرائيل إنّ 130 منهم ما زالوا في غزّة، ويُعتقد أنّ 31 منهم قُتلوا.

وتوّعدت إسرائيل بـ«القضاء» على الحركة، وتنفّذ عمليات قصف مكثفة أرفقتها اعتباراً من 27 أكتوبر بعمليات برية أدت إلى دمار واسع في شمال القطاع ووسطه.

«مجاعة وشيكة»

حذّرت الأمم المتحدة هذا الأسبوع من «مجاعة واسعة النطاق لا مفرّ منها تقريبا» تهدد 2.2 مليون شخص يشكّلون الغالبية العظمى من سكان القطاع، لا سيما في شماله.

وقال محمد ياسين (35 عاماً) من حي الزيتون في شمال القطاع الذي خرج في الصباح الباكر لشراء الخبز، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «لم نأكل الخبز منذ شهرين. أطفالنا يتضورون جوعاً. آلاف الأشخاص ينتظرون ساعات طويلة للحصول على كيلو أو اثنين من الدقيق».

وأضاف «إنها جريمة. إنه عالم غير عادل».

فلسطينيون يصطفون للحصول على وجبة مجانية في رفح بقطاع غزة (أ.ب)

من جهتها، قالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) إن الحاجات الإنسانية «لا محدودة». وأضافت «المجاعة أصبحت وشيكة. لقد تحولت المستشفيات إلى ساحات قتال. مليون طفل يواجهون صدمات يومية».

وأعلن أشرف القدرة اليوم «مقتل طفلين في مجمع الشفاء الطبي (في شمال غزة) نتيجة الجفاف وسوء التغذية»، مطالباً «المؤسسات الدولية بالتحرك الفوري لمنع الكارثة الإنسانية شمال قطاع غزة».

وسبق للمنظمات الدولية أن حذّرت من أن المساعدات التي تدخل القطاع شحيحة جداً ولا تكفي حاجات السكان.

ولم تتمكن أي قافلة من الوصول إلى شمال قطاع غزة منذ 23 يناير (كانون الثاني)، بحسب الأمم المتحدة التي تندد بالعرقلة التي تفرضها السلطات الإسرائيلية.

ودعت الولايات المتّحدة، أبرز داعمي إسرائيل سياسياً وعسكرياً في هذه الحرب، الدولة العبرية إلى فتح مزيد من المعابر لإيصال المساعدات.

غلاء ومعاناة

تدخل غالبية المساعدات إلى القطاع برّاً عبر معبر رفح الحدودي مع مصر، بعد أن تخضع للتفتيش من قبل إسرائيل.

واليوم، أعلنت قيادة العمليات المشتركة في وزارة الدفاع الإماراتية انطلاق عملية «طيور الخير» لإسقاط المساعدات الإنسانية والإغاثية بطائرات تابعة للقوات الجوية بالشراكة مع طائرات تابعة للقوات الجوية المصرية، على شمال قطاع غزة «سعياً لتخفيف معاناة الأشقاء الفلسطينيين جراء الحرب، ولمساعدتهم على تجاوز الظروف الصعبة التي يمرون بها» وفق ما أفادت وكالة «وام» الإماراتية.

ومنذ أسابيع، تلوّح الدولة العبرية بشنّ عملية برية في رفح التي أصبحت الملاذ الأخير لنحو 1.5 مليون فلسطيني نزحوا من مناطق أخرى في القطاع. وكرّر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن اجتياح المدينة لا مفرّ منه لتحقيق «نصر كامل» على «حماس»، مشيراً إلى خطة لإجلاء المدنيين منها.

في الشمال، تحتدم الاشتباكات في حي الزيتون في مدينة غزة، حيث أعلن الجيش الأربعاء أنه «قتل إرهابيين ودمّر أنفاقاً، واكتشف كثيراً من الأسلحة».

وأفاد الجيش بأن عدداً من مقاتلي «حماس» قتلوا في وسط القطاع وفي خان يونس في الجنوب التي باتت ساحة خراب، حيث يدور قتال عنيف.

فلسطينية تسير مع طفليها بين أنقاض مبنى سكني مدمر في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة (إ.ب.أ)

مباحثات متواصلة

في الأثناء، تواصل قطر والولايات المتحدة ومصر جهود الوساطة بين إسرائيل و«حماس»؛ سعيا لهدنة قبل بدء شهر رمضان في 10 أو 11 مارس (آذار)، تتيح الإفراج عن رهائن محتجزين داخل القطاع، وإدخال مزيد من المساعدات.

ويجري الحديث عن هدنة مدتها ستة أسابيع تطلق خلالها «حماس» سراح 42 إسرائيلياً من النساء والأطفال دون سن 18 عاماً إلى جانب المرضى والمسنين، بمعدل رهينة واحدة في اليوم مقابل إطلاق سراح عشرة معتقلين فلسطينيين من السجون الإسرائيلية. وتطالب الحركة بزيادة عدد شاحنات المساعدات التي تدخل إلى قطاع غزة.

وكان الرئيس الأميركي جو بايدن أشار خلال مقابلة في برنامج على شبكة «إن بي سي»، إلى أنّ شهر «رمضان يقترب وهناك موافقة من الإسرائيليين على وقف العمليات خلال رمضان من أجل إعطائنا الوقت لإخراج جميع الرهائن».

ورغم المحادثات، قال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت: «نحن نبذل كل ما في وسعنا لإعادة الرهائن. وأعتقد أن الضغط العسكري سيعيد مزيداً من الرهائن».

ويأتي ذلك في وقت طالب نحو 150 إسرائيلياً بإبرام اتفاق يتيح الإفراج عن الرهائن، وبدأوا الأربعاء مسيرة تستمر أربعة أيام من بلدة رعيم في جنوب إسرائيل إلى القدس.

وفي موسكو، تبدأ وفود تمثل معظم الفصائل الفلسطينية الخميس اجتماعاً بدعوة من الحكومة الروسية بهدف تحقيق مصالحة وتشكيل حكومة وحدة وطنية.

وانضمّت نيوزيلندا اليوم إلى الدول الغربية التي تصنّف «حماس» بأكملها «كياناً إرهابياً»، عادّةً أنّ هجومها الأخير قضى على أيّ إمكان للتفريق بين جناحيها السياسي والعسكري.


مقالات ذات صلة

بريطانيا تدين مقتل أطفال ونساء أثناء انتظارهم للحصول على إمدادات غذائية بغزة

المشرق العربي فلسطينيون يتوجهون للحصول على مساعدات من مؤسسة غزة الإنسانية في خان يونس بجنوب القطاع (رويترز)

بريطانيا تدين مقتل أطفال ونساء أثناء انتظارهم للحصول على إمدادات غذائية بغزة

ندّدت وزيرة الدولة البريطانية لشؤون التنمية، الجمعة، بمقتل أطفال ونساء، أثناء انتظارهم للحصول على إمدادات غذائية، الخميس، في غزة، ودعت لإجراء تحقيق فوري ومستقل.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي مستوطنون إسرائيليون ملثّمون يرشقون الفلسطينيين بالحجارة في بلدة سنجل بالضفة الغربية (أ.ف.ب) play-circle

قتيل في هجوم لمستوطنين بالضفة الغربية... وألمانيا تطالب بـ«حماية الفلسطينيين»

أفادت وكالة الأنباء الفلسطينية، الجمعة، بمقتل شاب، وإصابة عشرة آخرين، في هجوم لمستوطنين على إحدى البلدات بشمال رام الله بالضفة الغربية.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
تحليل إخباري فلسطينيون يتفقدون الأضرار في موقع الغارة الإسرائيلية الليلية على مدرسة حليمة السعدية بجباليا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري «هدنة غزة» عالقة بين عراقيل الشروط وآمال الانفراجة

دخلت مفاوضات هدنة قطاع غزة يومها السادس في العاصمة القطرية الدوحة، وسط اتهامات من «حماس» لإسرائيل بعراقيل، وحديث أميركي إسرائيلي متفائل

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
المشرق العربي  المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالأراضي الفلسطينية المحتلة فرانشيسكا ألبانيزي (إ.ب.أ)

الاتحاد الأوروبي «يأسف بشدة» على فرض أميركا عقوبات على خبيرة بالأمم المتحدة

قال أنور العنوني المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي، الجمعة، إن التكتل «يأسف بشدة» لقرار الولايات المتحدة فرض عقوبات على فرانشيسكا ألبانيزي.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
المشرق العربي فتاة فلسطينية تتفاعل بينما تنتظر توزيع الطعام من مطبخ خيري وسط أزمة الجوع بمدينة غزة (رويترز) play-circle

«الأمم المتحدة»: نحو 800 قتيل في غزة أثناء انتظار المساعدات

قُتل نحو 800 شخص في غزة أثناء انتظار المساعدات، منذ 27 مايو، غالبيتهم قرب مراكز تديرها مؤسسة غزة الإنسانية المدعومة من الولايات المتحدة وإسرائيل.

«الشرق الأوسط» (غزة)

نتنياهو «يفاوض» وزراءه على هدنة غزة

مخيم للنازحين في خان يونس بعد تعرضه لقصف إسرائيلي الجمعة (أ.ف.ب)
مخيم للنازحين في خان يونس بعد تعرضه لقصف إسرائيلي الجمعة (أ.ف.ب)
TT

نتنياهو «يفاوض» وزراءه على هدنة غزة

مخيم للنازحين في خان يونس بعد تعرضه لقصف إسرائيلي الجمعة (أ.ف.ب)
مخيم للنازحين في خان يونس بعد تعرضه لقصف إسرائيلي الجمعة (أ.ف.ب)

عاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى تل أبيب في ختام زيارته لواشنطن؛ ليجري مفاوضات مع حلفائه من الوزراء في اليمين واليمين المتطرف حول القضايا التي تعرقل اتفاق وقف النار في غزة.

ومع إنهاء نتنياهو زيارته للعاصمة الأميركية التي استمرت من الاثنين إلى الخميس دون الإعلان عن اتفاق بخصوص هدنة غزة، تحدث الوزير الإسرائيلي الأسبق، يوسي بيلين عن تفاهمات مهمة بين رئيس الوزراء الإسرائيلي والرئيس دونالد ترمب حول غزة وغيرها، مضيفاً أن نتنياهو لا يجرؤ على إعلانها خوفاً من حلفائه من أمثال الوزيرين بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير.

في غضون ذلك، أعلنت الأمم المتحدة، الجمعة، أن نحو 800 شخص قُتلوا في قطاع غزة، في أثناء انتظارهم المساعدات، منذ 27 مايو (أيار) الماضي، وغالبيتهم قرب مراكز تديرها مؤسسة غزة الإنسانية، المدعومة من الولايات المتحدة وإسرائيل.