اعتراض سوريا على أبراج المراقبة يطرح تساؤلات لبنانية

لبنان يعدّ ردّه ومصادر تربطه بالطرح البريطاني بوضع مثيل لها عند الحدود الجنوبية

برج مراقبة عند الحدود اللبنانية - السورية (موقع قيادة الجيش)
برج مراقبة عند الحدود اللبنانية - السورية (موقع قيادة الجيش)
TT

اعتراض سوريا على أبراج المراقبة يطرح تساؤلات لبنانية

برج مراقبة عند الحدود اللبنانية - السورية (موقع قيادة الجيش)
برج مراقبة عند الحدود اللبنانية - السورية (موقع قيادة الجيش)

تعمل الجهات المعنية في لبنان على إعداد ردّ على المذكرة السورية التي وصلت إلى وزارة الخارجية اللبنانية، والتي تحتج عبرها دمشق على الأبراج البريطانية الموضوعة على الحدود اللبنانية السورية، عادة أنها تشكل تهديدا للأمن القومي السوري.

وكانت المذكرة وصلت الأسبوع الماضي، إلى الخارجية اللبنانية التي قامت بإرسالها إلى رئاسة الحكومة ووزارة الدفاع ومنها إلى قيادة الجيش التي تعمل على إعداد رد تقني بالتنسيق مع رئاسة الحكومة لإرساله وفق الأصول إلى الخارجية السورية.

وطرحت هذه المذكرة وتوقيتها علامة استفهام في الأوساط اللبنانية، وهو ما تتوقف عنده مصادر معنية بالقضية، عادة أن «القلق السوري» من هذه الأبراج التي مر أكثر من عشر سنوات على وضعها يأتي مع الطرح البريطاني الجديد بوضع أبراج مراقبة عند الحدود الجنوبية في سياق الحلول التي يتم التداول بها لإنهاء الأزمة بين لبنان وإسرائيل. وتلفت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الاعتراض السوري المستجد قد يكون سببه اعتبار دمشق أن هذه الأبراج لها وظيفة تتعدى مراقبة الحدود، ما جعلها تقدم اعتراضا عليها. مشيرة إلى أن المذكرة السورية تحدثت عن آليات تجسسيّة في منظومة الأبراج تستطيع جمع معلومات على بعد مسافة طويلة في الداخل السوري، وهو ما يمكّن بريطانيا أن تحصل عليها لترسلها إلى إسرائيل.

مع العلم، أن الطرح البريطاني الأخير الذي كان قد قدمه وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون خلال زيارته المسؤولين اللبنانيين كان قد لاقى رفضا لبنانيا، وفق ما أشارت إليه المعلومات.

وبانتظار ما سيكون عليه الرد اللبناني، تشير مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الردّ سيتضمن توضيحا لوظيفة الأبراج التي تعمل منذ أكثر من عشر سنوات على الحدود بين لبنان وسوريا، وتؤكد أن عدد هذه المراكز التي تعمل فيها الأبراج على الحدود اللبنانية السورية لا يزيد على 38 مركزا عسكريا، وهي تعمل بإدارة الجيش اللبناني وغير موصولة بأي طريقة مع أي سفارة أجنبية، مع تشديدها على أن هذه المراكز ساهمت منذ عام 2013 بمراقبة الحدود والحد من التهريب بشكل كبير.

وكانت صحيفة «التايمز» البريطانية قد نشرت في شهر مارس (آذار) 2013 مقالا بعنوان «الجيش اللبناني يستفيد من الخبرة البريطانية»، قالت فيه إن «الجيش اللبناني يستفيد من خبرة الجيش البريطاني في آيرلندا الشمالية لبناء أبراج مراقبة على طول الحدود مع سوريا»، كاشفة أن «أبراج المراقبة التي يبلغ ارتفاعها 30 قدما، والتي استخدمت في آيرلندا ولاحقا في العراق وأفغانستان، مزودة بنوافذ مضادة للرصاص وكاميرات مراقبة تدار عن بعد».

ووفق المعلومات المنشورة في موقع الجيش اللبناني، فإن أبراج المراقبة المقدمة من بريطانيا والتي تمّ تشييدها على الحدود اللبنانية السورية، مجهّزة بوسائل اتصال وكاميرات مراقبة، وهي مكّنت الجيش اللبناني وتحديدا أفواج الحدود البرية من تغطية ما يقارب 65 بالمائة من الحدود، بعدما كان قد درّب عليها أكثر من ستة آلاف من عناصر الوحدات الخاصة في الجيش.

وأتى تشييد الأبراج ضمن دعم بريطاني للجيش عبر تقديم تجهيزات ومعدات عسكرية جرى تسليمها إلى ألوية الحدود البرية، من ضمنها آليات ودروع للأفراد وأجهزة لاسلكية وسواتر دفاعية وكاميرات مراقبة بعيدة المدى، وذلك بهدف منع ورصد وضرب كل العمليات غير الشرعية عبر الحدود.

وتقوم أفواج الحدود البرية بمهمات خاصة بضبط الحدود عبر أبراج المراقبة ونقاط المراقبة الحدودية، وكاميرات المراقبة الثابتة والمتحركة الموزّعة على كامل قطاعاتها، بحسب الموقع، مشيرا إلى أن عناصر الفوج يخضعون لتدريباتٍ ودورات خاصة تشمل المدافعة عن برج، المهارات القتالية، الكاميرا المتحركة، مراقبة الحدود وضبطها، الإشارة، كذلك، ينفّذ الفوج دورات تدريبية حول نظام DTRA المعتمد في أبراج المراقبة، والذي يؤمّن المراقبة والاتصال بينها وبين قيادة الفوج والوحدات وقيادة الجيش.

وبينما يبقى السؤال المطروح اليوم حول سبب الاعتراض السوري الذي أتى بعد سنوات على وضع الأبراج، يضع مدير «معهد الشرق الأوسط للشؤون الاستراتيجية» الدكتور سامي نادر هذا الأمر في إطار الصراع بين روسيا وبريطانيا وخاصة على خلفية ما يجري في أوكرانيا. ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «لندن هي رأس حربة في المواجهة على الصعيد الأوروبي في الحرب الأوكرانية، وبالتالي ما يحصل اليوم هو عملية تجميع أوراق من أجل الضغط في المواجهة، علما أن النظام لا ينطق خارج الإرادة السورية وبترحيب إيراني طبعا»، ولا يستبعد نادر أيضا أن يكون هذا الاعتراض في «سياق الحرب الإلكترونية والخوف من أجهزة التنصت التي باتت تدخل في أي مواجهة تبدأ ولا تنتهي بالهواتف الخلوية، وهو ما عبر عنه صراحة أمين عام حزب الله حسن نصر الله».

من جهته، يعبر وزير الداخلية السابق مروان شربل عن استغرابه من الاعتراض السوري اليوم، مشيرا لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «القول إنها تهدد الأمن القومي فيه مبالغة، ولو كان كذلك فلماذا لم يتم الاعتراض عليها سابقا؟»، سائلا: هل ما حصل في سوريا كان سببه هذه الأبراج؟ ويؤكد في الوقت عينه أن إدارة هذه الأبراج تقتصر على الجيش اللبناني بعيدا عن أي تدخّل بريطاني، مذكرا بأنها «وضعت أساسا بدعم خارجي لمراقبة حركة الإرهابيين الذين كانوا يتسللون إلى لبنان ومن ثم حركة تهريب البضائع والأشخاص من وإلى سوريا»، عادا أن حل القضية يجب أن يكون بالتنسيق بين الجيشين السوري واللبناني.


مقالات ذات صلة

لبنان مهدد بالانتقال إلى القائمة «الرمادية» لغسل الأموال في الخريف

المشرق العربي صندوق النقد الدولي بدأ منذ هذا العام بحجب التوقعات والبيانات المالية الخاصة بلبنان (رويترز)

لبنان مهدد بالانتقال إلى القائمة «الرمادية» لغسل الأموال في الخريف

عزّزت ظاهرة حجب البيانات المالية الخاصة بلبنان من قبل المؤسسات المالية العالمية ووكالات التصنيف الائتماني الدولية منسوب الريبة من سياسة عدم الاكتراث الحكومية.

علي زين الدين (بيروت)
المشرق العربي الدخان يتصاعد في جنوب لبنان إثر قصف إسرائيلي استهدف المنطقة (رويترز)

إسرائيل تتوعّد بتغيير الواقع الأمني عند الحدود... و«حزب الله» مستعد للمواجهة

يواصل المسؤولون الإسرائيليون تهديداتهم، متوعدين «بتغيير الواقع الأمني على الجبهة الشمالية»، وفق الجنرال أوري غوردين، الذي قال: «إن الهجوم سيكون حاسماً وقاطعاً».

كارولين عاكوم (بيروت)
المشرق العربي قائد الجيش العماد جوزاف عون (مديرية التوجيه)

باسيل يسعى لإسناد قيادة الجيش اللبناني بالوكالة للواء صعب

يسعى رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل لإسناد قيادة الجيش اللبناني بالوكالة للواء بيار صعب مستبقاً التمديد للعماد جوزاف عون.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل (رويترز)

باسيل متردد بفصل نواب خشية تضعضع داخلي في «التيار»

لم يحسم رئيس «التيار الوطني الحر» قراره بشأن فصل النائب آلان عون محاولاً أن يستوعب استباقياً أي ردود فعل ستؤدي لتقلص إضافي بعدد نواب التكتل.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي نواب المعارضة خلال لقائهم نواب الحزب «التقدمي الاشتراكي» لطرح خريطة الطريق الرئاسية (موقع القوات)

المعارضة اللبنانية تدرس خطة «المواجهة» بعد فشل مبادرتها الرئاسية

بدأت المعارضة بدراسة أفكار لما بعد «المبادرة الرئاسية» التي سقطت نتيجة أسباب عدة،أبرزها رفض «الثنائي الشيعي» (حزب الله وحركة أمل) البحث بها وحتى اللقاء بالنواب.

كارولين عاكوم (بيروت)

هجوم مسلح بـ«رسالة سياسية» على مقر بارزاني في كركوك

صورة من الجو لمدينة كركوك (غيتي)
صورة من الجو لمدينة كركوك (غيتي)
TT

هجوم مسلح بـ«رسالة سياسية» على مقر بارزاني في كركوك

صورة من الجو لمدينة كركوك (غيتي)
صورة من الجو لمدينة كركوك (غيتي)

تعرض مقر «الحزب الديمقراطي الكردستاني»، الذي يتزعمه مسعود بارزاني، فجر السبت، لهجوم بأسلحة خفيفة من قبل مجهولين في محافظة كركوك.

يأتي الهجوم في غمرة الحديث عن قيادة بارزاني لمفوضات مع المكونين العربي والتركماني لحسم معضلة الحكومة المحلية ومنصب المحافظ بعد نحو 7 أشهر على إجراء الانتخابات المحلية، فيما نفى مسؤول كردي رفيع ذلك، وذكر لـ«الشرق الأوسط» أن «مسعود بارزاني يوجد خارج البلاد هذه الأيام ولم يلتق أعضاء في مجلس كركوك».

وقالت مصادر أمنية في المحافظة إن مسلحين مجهولين أطلقوا فجر السبت النار على مقر «الحزب الديمقراطي الكردستاني» في منطقة ساحة العمال وسط كركوك ولم يسفر عن الهجوم أي إصابات بشرية أو أضرار مادية.

وحضرت قوة من الشرطة عقب الهجوم إلى موقع الحادث، وفتحت تحقيقاً وعممت أوصاف المهاجمين الذين فروا إلى جهة مجهولة.

وسبق أن أثار مقر «الحزب الديمقراطي» في كركوك أزمة كبيرة داخل المحافظة نهاية العام الماضي، بعد أن طالب قيادة العمليات العسكرية بتسليم المقر الذي تشغله منذ عام 2017، وحدثت مواجهات بين أنصار الحزب والقوات الأمنية أدت إلى مقتل أفراد إلى جانب ضابط في قوات «البيشمركة».

وانتهت الأزمة بعد قيام رئيس الحزب مسعود بارزاني بتسليم وإهداء المقر، في نوفمبر (تشرين الثاني) إلى جامعة كركوك لـ«يكون في خدمة طلب العلم والمثقفين في المدينة».

متظاهرون من الكرد فوق بناية مقر حزب بارزاني في كركوك (أرشيفية - شبكة روادو)

معلومات أولية عن الهجوم

وأعلن المتحدث باسم الفرع الثالث لـ«الديمقراطي» في كركوك عن امتلاك الحزب «معلومات عن استهداف المقر»، في حين قال الباحث الكردي كفاح محمود إن «الشبهات تحوم حول المستفيد من تعطيل عمل مجلس المحافظة وعدم التوصل إلى شخصية متفق عليها لإدارة المحافظة».

وأضاف محمود في حديث لـ«الشرق الأوسط» أنه «باستنتاج بسيط يمكن الربط بين عمليات حرق الأسواق في أربيل وكركوك ودهوك وبين هذه العملية التي كانت تستهدف اختراق سور الحماية والدخول إلى المبنى وإحراقه، خصوصاً وأنها تشبه توقيتات حرق الأسواق التي جرت في ساعة متأخرة من الليل وتحديداً في الساعات الأولى للصباح».

وتابع محمود: «هذه الأذرع لديها مراكز ووجود وتتسبب في إشكاليات إقليمية بين العراق وإقليم كردستان من جهة وبين دول الجوار من جهة أخرى».

وذكر محمود أن «الأمر المتعلق بمعرفة الجناة يبقى معلقاً لحين كشف تسجيلات منظومة الكاميرات التي صورت حركة تلك العناصر التي استخدمت مبنى قيد الإنشاء».

وتتهم أوساط «الحزب الديمقراطي»، منذ فترة طويلة، عناصر «حزب العمال» الكردستاني التركي بالتورط في مختلف الأعمال العدائية التي تقع ضده وضد بعض الشركات النفطية وشركات الغاز العاملة في الإقليم، خصوصاً في محافظتي كركوك والسليمانية، كما تحمله مسؤولية توغل القوات التركية داخل الأراضي العراقية في إقليم كردستان.

وقال المتحدث باسم الفرع الثالث لـ«الحزب الديمقراطي الكردستاني» في كركوك، مريوان جلال، السبت، إن «الفرع كان يمتلك معلومات عن استهداف المقر، وإن الهجوم يحمل طابعاً سياسياً وتزامن مع دور الحزب في تقريب وجهات النظر لتشكيل إدارة كركوك ومجلسها».

وأضاف في تصريحات صحافية أن «الهجوم يحمل طابعاً سياسياً وهو ليس استهدافاً للحزب الديمقراطي الكردستاني، بل يستهدف جميع مكونات كركوك، وجاء في وقت يعمل فيه الحزب الديمقراطي بتقريب وجهات النظر بين مكونات المحافظة للشروع بتشكيل إدارة المحافظة، وتفعيل عمل المجلس لغرض تقديم الخدمات لجميع مكونات المحافظة».

السوداني خلال استقباله نواباً من المكون التركماني (إعلام حكومي)

السوداني يجتمع بالتركمان

من جانبه، استقبل رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، السبت، عضوين من المكون التركماني في مجلس محافظة كركوك، وحثهم على الاتفاق بشأن اختيار منصب محافظ كركوك بما يلبّي تطلعات أبناء المحافظة.

ولم تفلح جهود رئيس الوزراء محمد السوداني حتى الآن في حل أزمة المحافظة برغم لقاءاته المتكررة مع القوى الفائزة في مقاعد مجلسها.

وأشار السوداني، خلال اللقاء، طبقاً لبيان صادر عن مكتبه، إلى «أهمية تقديم مصلحة أبناء كركوك في أي اتفاق بين القوى السياسية التي فازت بالانتخابات، إثر النجاح في إجرائها بعد تعطل استمر منذ عام 2005».

وشدد السوداني على ضرورة «اختيار الإدارات الحكومية المحلية الناجحة، والاتفاق بشأن اختيار منصب محافظ كركوك بما يلبّي تطلعات أبناء المحافظة».

وتتردد منذ أسابيع أنباء عن سعي القوى المتخاصمة في مجلس المحافظة للاتفاق على صيغة لحسم منصب المحافظ من خلال تدويره بين الكتل الفائزة، بحيث يشغل الأكراد المنصب في السنتين الأولى، ثم يذهب إلى العرب في السنتين الأخيرتين من عمر دورة مجلس المحافظة المحددة بأربع سنوات، وهناك حديث عن أن للتركمان حصة في عملية التدوير رغم امتلاكهم لمقعدين فقط من أصل 16 مقعداً في المجلس.