إدارة بايدن تترافع دفاعاً عن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية

طالبت محكمة العدل الدولية بدعم «الإطار الثابت» المدعوم أممياً للسلام

رئيس محكمة العدل الدولية نواف سلام خلال جلسة في لاهاي حول العواقب القانونية للاحتلال الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية المحتلة (أ.ف.ب)
رئيس محكمة العدل الدولية نواف سلام خلال جلسة في لاهاي حول العواقب القانونية للاحتلال الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية المحتلة (أ.ف.ب)
TT

إدارة بايدن تترافع دفاعاً عن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية

رئيس محكمة العدل الدولية نواف سلام خلال جلسة في لاهاي حول العواقب القانونية للاحتلال الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية المحتلة (أ.ف.ب)
رئيس محكمة العدل الدولية نواف سلام خلال جلسة في لاهاي حول العواقب القانونية للاحتلال الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية المحتلة (أ.ف.ب)

غداة استخدامها حق النقض «الفيتو» في مجلس الأمن ضد مشروع قرار يطالب بـ«وقف فوري ومستدام للنار لأسباب إنسانية» في غزة، دافعت إدارة الرئيس جو بايدن، الأربعاء، عن الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية والقدس الشرقية، معتبرة أنه لا ينبغي لمحكمة العدل الدولية أن تصدر فتوى تدعو إسرائيل إلى «الانسحاب الفوري وغير المشروط» من الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967.

وبطلب من الجمعية العامة للأمم المتحدة، تستمع المحكمة العالمية الأعلى لستة أيام من المرافعات حول شرعية الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، بما في ذلك الضفة الغربية والقدس الشرقية، في قضية لطالما كانت جزءاً من المناقشات الرئيسية والقرارات في الأمم المتحدة. وقررت جلسات الاستماع إلى مواقف وآراء أكثر من 50 دولة، قبل وقت طويل من الحرب بين إسرائيل و«حماس» في غزة، ولكنها صارت جزءاً من جهد عالمي منسق لوقف النزاع وفحص شرعية سياسات إسرائيل تجاه الفلسطينيين.

ورفضت إسرائيل المشاركة في الجلسات، ولكنها وجهت رسالة إلى المحكمة، العام الماضي، ترى فيها أن تركيز الإجراءات فشل في «الاعتراف بحق إسرائيل وواجبها في حماية مواطنيها» أو حقها في الأمن.

وحدَه السلام

وفي مطالعته أمام المحكمة، قال القائم بأعمال المستشار القانوني لوزارة الخارجية الأميركية ريتشارد فيسيك إن الهيئة المكونة من 15 قاضياً ينبغي ألا تسعى إلى تسوية النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي المستمر منذ عقود «من خلال رأي استشاري موجه إلى مسائل تركز على أفعال طرف واحد فقط». وكرر الموقف الأميركي المكرس منذ فترة طويلة على رغم الحرب التدميرية التي تشنها إسرائيل في غزة، معتبراً أن إقامة دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب إسرائيل هو وحده الذي يمكن أن يحقق السلام الدائم. وطلب من المحكمة دعم «الإطار الثابت» للسلام الذي وافقت عليه هيئات الأمم المتحدة، باعتبار أنه إطار مشروط بـ«نهاية أوسع للحرب» ضد إسرائيل، عوض الاستجابة لدعوات الدول الأخرى من أجل «الانسحاب الإسرائيلي الأحادي وغير المشروط» من الأراضي الفلسطينية المحتلة. وتطرق إلى هجمات «حماس» ضد المستوطنات «الكيبوتزات» الإسرائيلية المجاورة لغزة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وأنها كانت بمثابة تذكير بالتهديدات التي تواجه البلاد وحاجاتها الأمنية «المستمرة». وأسف لـ«تجاهل هذه الحاجات من العديد من المشاركين في التأكيد على كيفية نظر المحكمة في المسائل المعروضة عليها»، في إشارة إلى شهادات الدول الأخرى في جلسات الاستماع.

المستشار القانوني لوزارة الخارجية الأميركية ريتشارد فيسيك في محكمة العدل الدولية (أ.ف.ب)

وكذلك قال إن المحكمة «يمكنها معالجة المسائل المعروضة عليها ضمن الإطار المحدد على أساس مبدأ (الأرض مقابل السلام)، وضمن حدود المبادئ الثابتة في قانون الاحتلال»، مضيفاً أن رأي المحكمة «ستكون له عواقب على أطراف النزاع، وعلى الجهود المستمرة التي يبذلها جميع أولئك الذين يعملون لتحقيق سلام دائم».

إنهاء الاحتلال

وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، دعا وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي المحكمة إلى دعم حق الفلسطينيين في تقرير المصير، وإعلان أن «الاحتلال الإسرائيلي غير قانوني، ويجب أن ينتهي فوراً وبشكل كامل، ودون قيد أو شرط».

وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي (رويترز)

ولطالما كانت فكرة «الأرض مقابل السلام» حجر الزاوية في الدبلوماسية التي تقودها الولايات المتحدة لعقود، وكانت الأساس لاتفاقية «كامب ديفيد» بين إسرائيل ومصر.

وأعطت المحكمة، التي تنظر عادة في النزاعات الثابتة بين الدول، الشهر الماضي، رأياً في دعوى قدمتها جنوب أفريقيا تتهم فيها إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في غزة. وأصدر القضاة أمراً مؤقتاً يدعو إسرائيل إلى اتخاذ خطوات لمنع الإبادة في القطاع.

وظلت الولايات المتحدة أقوى مدافع عن إسرائيل على المستوى الدولي. لكن إدارة الرئيس جو بايدن، وتحت ضغط متزايد من أجزاء من الحزب الديمقراطي، أظهرت أيضاً علامات نفاد الصبر من سلوك إسرائيل في الحرب، وارتفاع عدد الضحايا في غزة، ومحنة الفلسطينيين تحت الاحتلال الإسرائيلي. وقال الرئيس بايدن، هذا الشهر، إن الرد العسكري الإسرائيلي في غزة «مبالغ فيه»، وإن معاناة المدنيين الهائلة «يجب أن تتوقف».

وبعد جلسات الاستماع، التي من المقرر أن تختتم الاثنين المقبل، ستصدر المحكمة رأياً استشارياً غير ملزم يتوقع أن يحصل بعد أشهر.


مقالات ذات صلة

ضربات انتقامية إسرائيلية ضد الحوثيين ووعيد باستهداف قادتهم

العالم العربي إسرائيل لأول مرة تضرب أهدافاً في صنعاء الخاضعة للحوثيين (رويترز)

ضربات انتقامية إسرائيلية ضد الحوثيين ووعيد باستهداف قادتهم

شنت إسرائيل ضربات انتقامية من الحوثيين على صنعاء والحديدة أدت إلى مقتل 9 أشخاص، وتوعدت باستهداف قادتهم رداً على هجماتهم بالصواريخ والمسيرات.

علي ربيع
شمال افريقيا منازل فلسطينية تتعرَّض لأضرار بالغة جراء غارات إسرائيلية في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (رويترز)

«هدنة غزة»... الوسطاء يسارعون الخطى لإبرام الاتفاق

جولات مكوكية للإدارة الأميركية بالمنطقة، لبحث ملف الهدنة في قطاع غزة، تتزامن مع حديث متصاعد عن «قرب التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بالقطاع».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي تحتجز إسرائيل أكثر من 10 آلاف و300 أسير ومعتقل فلسطيني (أ.ف.ب)

تقرير فلسطيني: الجيش الإسرائيلي يستحدث معسكرات جديدة لاحتجاز الفلسطينيين

ذكر تقرير فلسطيني، اليوم (الأربعاء)، أن الجيش الإسرائيلي استحدث معسكرات جديدة لاحتجاز الفلسطينيين في ظل ازدياد أعداد المحتجزين بعد هجوم السابع من أكتوبر.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
شؤون إقليمية وزير المالية بتسلئيل سموتريتش يتحدث مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في جلسة للكنيست يوم 24 يوليو الماضي (أرشيفية - رويترز)

سموتريتش رافضاً «صفقة غزة»: نتنياهو يعرف خطوطنا الحمر 

رفض وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش الاتفاق المزمع لوقف النار في قطاع غزة، قائلاً إنه بشكله الحالي «ليس جيداً ولا يخدم أهداف إسرائيل في الحرب.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
المشرق العربي شعار «فيسبوك» (رويترز)

تقرير: «فيسبوك» يمنع المنافذ الإخبارية الفلسطينية من الوصول للمستخدمين

كشف تقرير جديد أن موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» فرض قيوداً شديدة على قدرة المنافذ الإخبارية الفلسطينية على الوصول إلى مستخدميه أثناء حرب غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)

التأهّب التركي - الكردي على أشده في شمال شرقي سوريا

التأهّب التركي - الكردي على أشده في شمال شرقي سوريا
TT

التأهّب التركي - الكردي على أشده في شمال شرقي سوريا

التأهّب التركي - الكردي على أشده في شمال شرقي سوريا

بلغ التأهُّب التركي - الكردي أشده، في شمال شرقي سوريا، استعداداً لتصعيد عسكري بين قوات تمثل الجانبين، وفي حين نفت أنقرة ما أعلنته واشنطن عن اتفاق لهدنة بين قوات كردية مدعومة أميركياً وفصائل موالية لأنقرة، أعلنت وزارة الدفاع التركية، الخميس، أن استعدادات الجيش «ستتواصل» عند الحدود التركية – السورية، إلى أن يقوم المقاتلون الأكراد في شمال سوريا بـ«إلقاء السلاح».

وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، باندلاع اشتباكات عنيفة بين قوات «مجلس منبج العسكري» التابعة لـ«قوات سوريا الديمقراطية» التي يقودها الأكراد، المدعومة أميركياً، وفصائل «الجيش الوطني السوري»، الموالي لتركيا، بعد منتصف ليل الأربعاء بريف منبج؛ ما أسفر عن مقتل 21 شخصاً من الفصائل و«قوات سوريا الديمقراطية» تقودها «وحدات حماية الشعب»، التي تعتبرها تركيا امتداداً لحزب العمال الكردستاني المحظور الذي يقاتل مسلحوه الدولة التركية منذ 40 عاماً.

ونفت تركيا ما أعلنته أميركا بشأن اتفاق هدنة أو وقف لإطلاق النار مع «قوات سوريا الديمقراطية (قسد)» في منبج، معتبرة أن ذلك قد يكون «زلة لسان» من جانب واشنطن.

وقال مسؤول في وزارة الدفاع التركية، رداً على سؤال حول إعلان وزارة الخارجية الأميركية، الثلاثاء، تمديد هدنة أعلنتها، الأسبوع الماضي، بين تركيا وقوات «قسد»، إنه «من غير الوارد بالنسبة لنا أن نتوافق مع أي منظمة إرهابية. نعتقد أن ذلك مجرد زلة لسان».

وأضاف المسؤول العسكري، خلال إفادة صحافية أسبوعية لوزارة الدفاع التركية، الخميس: «تركيا لا يمكن أن تكون مخاطبة مع أي منظمات إرهابية أو طرفاً في اتفاقات من أي نوع معها، ونؤكد أننا سنواصل اتخاذ الإجراءات الوقائية والمدمرة ضد المنظمات الإرهابية، وسنتعاون مع الإدارة الجديدة في سوريا في مكافحة الإرهاب».

الحرب على «الوحدات» الكردية

المسؤول العسكري التركي قال كذلك: «ستستمر استعداداتنا وإجراءاتنا في نطاق الحرب ضد الإرهاب، حتى تُلقى منظمة حزب العمال الكردستاني وذراعها السورية (وحدات حماية الشعب الكردية) أسلحتها، ويغادر مقاتلوها الأجانب سوريا».

وقال المسؤول العسكري التركي: «نعتقد أن الإدارة الجديدة في سوريا وجيشها (الجيش الوطني السوري)، الموالي لأنقرة، بالتعاون مع الشعب السوري، سوف يحررون المناطق التي تحتلها وحدات حماية الشعب الكردية (الإرهابية)».

مقاتلون من «الوحدات الكردية» في أحد الأنفاق قرب سد تشرين (إكس)

جاءت تصريحات المسؤول بعد ساعات من إعلان «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، اندلاع اشتباكات عنيفة بين قوات «مجلس منبج العسكري»، وفصائل «الجيش الوطني السوري» الموالي لتركيا، بعد منتصف ليل الأربعاء - الخميس، في محيط سد تشرين، بريف منبج، شرق حلب، استُخدمت خلالها الأسلحة المتوسطة والثقيلة.

وتزامنت الاشتباكات مع حركة نزوح كبيرة للمدنيين من المنطقة باتجاه المناطق الأكثر أمناً.

وأشار «المرصد» إلى مقتل ما لا يقل عن 21 عنصراً من فصائل «الجيش الوطني»، وإصابة اثنين آخرين بنيران قوات مجلس منبج العسكري، في هجوم للفصائل على مساكن في سد تشرين قرب مدينة عين العرب (كوباني)، بدعم جوي من طيران الاستطلاع التركي على سد تشرين، جنوب شرقي منبج، أعقبه اشتباكات عنيفة بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة.

وقال المرصد إن قوات «مجلس منبج العسكري» أفشلت الهجوم، وقامت بتمشيط محيط منطقة سد تشرين، وأسقطت طائرة مسيَّرة تركية من نوع «بيرقدار» كانت تحلق في أجواء المنطقة.

«قسد تتوعد»

من جهتها، تعهَّدت «قوات سوريا الديمقراطية (قسد)» بقتال تركيا والجماعات التي تدعمها في مدينة كوباني بشمال سوريا.

قصف بالمسيرات التركية في محيط سد تشرين بمنبج (إكس)

وقالت «قسد»، في بيان الخميس: «إننا في (قوات سوريا الديمقراطية) نؤكد على أهمية وقف التصعيد ووقف جميع العمليات العسكرية وحل كافة المواضيع العالقة عبر الحوار. لكننا لن نتردد في التصدي لأي هجوم أو استهداف لشعبنا ومناطقنا». وأضافت: «ستحارب قواتنا بمشاركة أهالي كوباني بكل ما أوتيت من قوة».

مساع للتفاهم

وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر، أعلن، مساء الثلاثاء، أنه تم تمديد اتفاق وقف إطلاق النار المبدئي الذي تم التوصل إليه، الأسبوع الماضي، بين تركيا و«قسد»، حول مدينة منبج، حتى نهاية الأسبوع الحالي. لكن أنقرة عادت ونفت، الخميس، الإعلان الأميركي عن هدنة.

وفي هذا السياق، قال وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، إن بلاده تعمل على التوصل إلى تفاهم بين تركيا والأكراد في شمال شرقي سوريا، وإنه يجب أن يكون الأكراد جزءاً من أي عملية انتقال سياسي في سوريا.

وأضاف أن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أوضح هذه النقطة للرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، عندما تحدثا هاتفياً، الأربعاء.

بدوره، قال وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، إنه «لا سبب قد يدفع بلاده لشنّ هجوم ضد الوحدات الكردية في سوريا، إذا عالجت السلطات السورية الجديدة (بالطريقة الصحيحة) وضع هذه المجموعات التي تصنفها أنقرة (إرهابية)».

وأكد فيدان، في مقابلة تلفزيونية، مساء الأربعاء، ما سبق أن أعلنه، بشأن «(تصفية الوحدات الكردية)، وضرورة مغادرة المقاتلين الأجانب المنخرطين فيها وتسليم المقاتلين السوريين أسلحتهم».

تصفية قيادية كردية

وفي سياق قريب، قالت مصادر أمنية تركية، الخميس، إن المخابرات التركية قتلت القيادية في تنظيم «بجاك»، الذي يُعدّ ذراع «حزب العمال الكردستاني»، في إيران، يايلا كيزل كايا، في عملية نوعية نفذتها في منطقة القامشلي بمحافظة الحسكة، شمال شرقي سوريا.

وقالت المصادر إن كيزل كايا انضمت إلى صفوف «العمال الكردستاني»، منذ كان عمرها 14 عاماً، ونشطت في «أعمال إرهابية مسلحة» نفذها التنظيم في تركيا والعراق وسوريا.

القيادية الكردية في تنظيم «بجاك» يايلا كيزل كايا (إعلام تركي)

من ناحية أخرى، قال المسؤول العسكري التركي إن قرار إسرائيل توسيع المستوطنات غير القانونية في مرتفعات الجولان، التي تحتلها منذ عام 1967، يلقى إدانة شديدة.

وأضاف أن إسرائيل تواصل أعمالها غير القانونية واحتلالها للأراضي السورية، ومن الضروري إعلان وقف إطلاق النار في غزة في أقرب وقت ممكن، وضمان الاستقرار الإقليمي.