تحذيرات من تأجيل الانتخابات البلدية بحجة الحرب في الجنوب

مع بدء العد العكسي لموعدها وبعد تأجيلها مرتين

وزير الداخلية في مؤتمر صحافي عام 2023 معلناً استعداد وزارته لإجراء الانتخابات البلدية وداعياً الدولة إلى التمويل (الوكالة الوطنية للإعلام)
وزير الداخلية في مؤتمر صحافي عام 2023 معلناً استعداد وزارته لإجراء الانتخابات البلدية وداعياً الدولة إلى التمويل (الوكالة الوطنية للإعلام)
TT

تحذيرات من تأجيل الانتخابات البلدية بحجة الحرب في الجنوب

وزير الداخلية في مؤتمر صحافي عام 2023 معلناً استعداد وزارته لإجراء الانتخابات البلدية وداعياً الدولة إلى التمويل (الوكالة الوطنية للإعلام)
وزير الداخلية في مؤتمر صحافي عام 2023 معلناً استعداد وزارته لإجراء الانتخابات البلدية وداعياً الدولة إلى التمويل (الوكالة الوطنية للإعلام)

مع بدء العد العكسي للانتخابات البلدية في لبنان والتي يفترض أن تجرى كحد أقصى في 31 مايو (أيار) المقبل، بدأ الحديث عن تأجيل هذا الاستحقاق للمرة الثالثة على التوالي، بعدما كان قد أجّل مرتين في عامي 2023 و2024.

وإذا كان التأجيل الأخير بسبب عدم توفّر الاعتمادات المالية وعوائق لوجيستية مرتبطة بقدرة القوى الأمنية على حماية الانتخابات وتأمين عدد العناصر على الأرض، تأتي الحرب الدائرة في الجنوب اليوم، لتشكّل سبباً بالنسبة إلى مرجّحي وطارحي التأجيل هذه المرة، وهو ما تحذّر منه بعض الأحزاب والكتل النيابية، إضافة إلى الخبراء القانونيين والجمعيات المعنية بمتابعة الانتخابات في لبنان.

وبعدما كان وزير الداخلية بسام مولوي، أكد أن وزارته جاهزة لإجراء الانتخابات البلدية، رمى أخيراً الكرة في ملعب البرلمان اللبناني، قائلاً: «نأمل في أن تنتهي الحرب بالجنوب قبل شهر مايو المقبل، لنتمكّن من إجراء الانتخابات، وفي حال لم يؤجلها مجلس النواب لا يمكننا إلا أن نجريها وأن نطبق القانون».

وتشير مصادر وزارة الداخلية التي نشرت القوائم الانتخابية، إلى أن العمل على خطة إنجاز الانتخابات قد بدأ، ومن المفترض أن تجرى خلال شهر مايو المقبل، مرجّحة أن تبدأ في الأسبوع الثاني من الشهر، وتنتهي في الأسبوع الأخير منه، علماً بأنه وفق القانون من المفترض أن تتم دعوة الهيئات الناخبة قبل شهرين من موعد الانتخابات، أي في نهاية شهر فبراير (الحالي).

هذا ما يفترض أن يكون عليه الوضع لإنجاز الاستحقاق. أما عملياً فيبدو البعض مقتنعاً بأن الانتخابات لن تجرى لأسباب عدة؛ هي إضافة الى الفراغ في رئاسة الجمهورية، الحرب في الجنوب. وهذا ما تشير إليه مصادر نيابية، مذكّرة بموقف «التيار الوطني الحر» الذي رفض إجراء الانتخابات في غياب الرئيس، ومتوقفة عند الوضع في الجنوب، بالقول لـ«الشرق الأوسط»: «كيف يمكن إجراء الانتخابات في ظل الوضع القائم بالجنوب؟». وسألت المصادر: «هل منطقة جدرا (التي شهدت محاولة اغتيال قيادي في «حزب الله» وأدت إلى مقتل 3 أشخاص) في الجنوب؟ وهل منطقة الغازية على الحدود؟». وأضافت أن «قرار التأجيل ليس سهلاً، وعلى الحكومة أن تحمل على عاتقها مسؤولية إجرائها مع ما يمكن أن تحمله من تداعيات، أو على البرلمان القيام بخطوة تأجيلها».

ورغم أنه في عام 1998، كانت قد استثنت بلدات الجنوب الواقعة تحت الاحتلال الإسرائيلي في الانتخابات البلدية التي أجريت آنذاك، لا يبدو أن هناك توجّهاً لفصل بلدات الجنوب اليوم الواقعة تحت الحرب عن هذا الاستحقاق وإنجازه في بقية المناطق والمحافظات، بحسب ما تقول المصادر النيابية.

وفي حين تغيب الحركة الواضحة من قبل الأحزاب، باستثناء بعض التحركات التي تسجّل في بعض البلدات التي تخوض معركة البلديات بخلفيات عائلية وليست حزبية، ترفع معظم الأحزاب صوتها رافضة التأجيل، علماً بأن عدد البلديات المنحلة يبلغ 126 بلدية من أصل 1026، بحسب «الدولية للمعلومات».

وهذا ما يؤكد عليه كل من حزب «الكتائب اللبنانية» وحزب «القوات اللبنانية» والحزب «التقدمي الاشتراكي»، لا سيما أنه تم رصد 110 ملايين دولار في موازنة 2024 لهذه الانتخابات.

ويقول النائب بلال عبد الله (الاشتراكي) لـ«الشرق الأوسط»: «نحن طبعاً مع إجراء الانتخابات البلدية التي باتت ضرورية، لكن المشكلة تكمن في الوضع الأمني، تحديداً الحرب في الجنوب وتداعياتها في لبنان»، مضيفاً: «تم تجاوز العائق المالي الذي حال دون إجراء الانتخابات العام الماضي، لكن اليوم هناك المعطى الأمني الذي يجب التوقف عنده، ويبقى القرار عند الحكومة ومجلس النواب».

من جهتها، ترفض مصادر «الكتائب»، الذي سبق له أن قدّمت كتلته طعناً أمام المجلس الدستوري بالتمديد عام 2023، الحديث عن حجج لتأجيل الانتخابات البلدية، مشيرة إلى أنه في ظل الأوضاع التي يمر بها لبنان، حيث تعطّل عمل معظم مؤسسات الدولة، «نحن اليوم بحاجة إلى إجراء الانتخابات البلدية، لا سيما أن مهام كثيرة تقع على عاتق هذه البلديات».

كذلك تشدد مصادر «القوات» على ضرورة إجراء الانتخابات البلدية، مشيرة إلى أن الحزب بدأ التحضير للاستحقاق.

وفي هذا الإطار، أصدر رئيس «القوات» سمير جعجع، بياناً رفض فيه «التذرُّع بالوضع العسكري في الجنوب لإكمال شلل البلد»، مقترحاً تأجيلها فقط في البلدات التي تشهد عمليات عسكرية.

وأشار إلى أن قانون الانتخابات يقتضي دعوة الهيئات الناخبة أقله قبل 90 يوماً من موعد الاستحقاق، ما يتطلّب من وزير الداخلية إصدار مرسوم دعوة الهيئات الناخبة قبل 26 من الشهر الحالي، مقترحاً «التفكير بتأجيل الانتخابات في البلدات التي تشهد عمليات عسكرية كونها تعيش ظرفاً قاهراً». وذكّر بأنّ كثيراً من البلديات أصبح منحلاً، والغالبية الأخرى أصابها الشلل والملل جراء التمديد».

ومن الناحية القانونية، يقول الخبير الدستوري رئيس جمعية «جوستيسيا» الحقوقية، بول مرقص، لـ«الشرق الأوسط»، إن «أي تأجيل للانتخابات والتمديد للمجالس البلدية والاختيارية يحتاج إلى قانون يصدر عن البرلمان ويكون خاضعاً للمراجعة من المجلس الدستوري، في حال تقدّم 10 نواب أو إحدى المرجعيات الدستورية المعنية بطلب إبطاله». ومع تأكيد مرقص أنه «لا يجوز تأجيل الكل بحجة الجزء»، لفت إلى أنه يمكن إجراء التأجيل في المناطق التي تشهد نزاعات أو حرباً.

وفي الإطار نفسه، كانت «الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات - لادي»، قد حذّرت من تأجيل الانتخابات، كاشفة أن هناك «توجهاً لاستخدام الاعتداءات الإسرائيلية على جنوب لبنان ذريعة لتمديد ثالث تضمره السلطة».

وفي حين عدّت أنه تم تمديد ولاية المجالس البلدية والاختيارية مرّتين سابقاً لأسباب واهية، أكدت في بيان لها، أن «السلطة ملزمة بإجراء هذا الاستحقاق من دون تأجيل، ولأي سبب كان، انطلاقاً من اعتبارات عديدة، وهي وجوب احترام الدستور والقانون والمبادئ الديمقراطية والوكالة الشعبية، إضافة إلى ضرورة وجود مجالس بلدية تعالج التداعيات القاسية للأزمات المتعدّدة على المواطنين».


مقالات ذات صلة

لبنان مهدد بالانتقال إلى القائمة «الرمادية» لغسل الأموال في الخريف

المشرق العربي صندوق النقد الدولي بدأ منذ هذا العام بحجب التوقعات والبيانات المالية الخاصة بلبنان (رويترز)

لبنان مهدد بالانتقال إلى القائمة «الرمادية» لغسل الأموال في الخريف

عزّزت ظاهرة حجب البيانات المالية الخاصة بلبنان من قبل المؤسسات المالية العالمية ووكالات التصنيف الائتماني الدولية منسوب الريبة من سياسة عدم الاكتراث الحكومية.

علي زين الدين (بيروت)
المشرق العربي الدخان يتصاعد في جنوب لبنان إثر قصف إسرائيلي استهدف المنطقة (رويترز)

إسرائيل تتوعّد بتغيير الواقع الأمني عند الحدود... و«حزب الله» مستعد للمواجهة

يواصل المسؤولون الإسرائيليون تهديداتهم، متوعدين «بتغيير الواقع الأمني على الجبهة الشمالية»، وفق الجنرال أوري غوردين، الذي قال: «إن الهجوم سيكون حاسماً وقاطعاً».

كارولين عاكوم (بيروت)
المشرق العربي قائد الجيش العماد جوزاف عون (مديرية التوجيه)

باسيل يسعى لإسناد قيادة الجيش اللبناني بالوكالة للواء صعب

يسعى رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل لإسناد قيادة الجيش اللبناني بالوكالة للواء بيار صعب مستبقاً التمديد للعماد جوزاف عون.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل (رويترز)

باسيل متردد بفصل نواب خشية تضعضع داخلي في «التيار»

لم يحسم رئيس «التيار الوطني الحر» قراره بشأن فصل النائب آلان عون محاولاً أن يستوعب استباقياً أي ردود فعل ستؤدي لتقلص إضافي بعدد نواب التكتل.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي نواب المعارضة خلال لقائهم نواب الحزب «التقدمي الاشتراكي» لطرح خريطة الطريق الرئاسية (موقع القوات)

المعارضة اللبنانية تدرس خطة «المواجهة» بعد فشل مبادرتها الرئاسية

بدأت المعارضة بدراسة أفكار لما بعد «المبادرة الرئاسية» التي سقطت نتيجة أسباب عدة،أبرزها رفض «الثنائي الشيعي» (حزب الله وحركة أمل) البحث بها وحتى اللقاء بالنواب.

كارولين عاكوم (بيروت)

هجوم مسلح بـ«رسالة سياسية» على مقر بارزاني في كركوك

صورة من الجو لمدينة كركوك (غيتي)
صورة من الجو لمدينة كركوك (غيتي)
TT

هجوم مسلح بـ«رسالة سياسية» على مقر بارزاني في كركوك

صورة من الجو لمدينة كركوك (غيتي)
صورة من الجو لمدينة كركوك (غيتي)

تعرض مقر «الحزب الديمقراطي الكردستاني»، الذي يتزعمه مسعود بارزاني، فجر السبت، لهجوم بأسلحة خفيفة من قبل مجهولين في محافظة كركوك.

يأتي الهجوم في غمرة الحديث عن قيادة بارزاني لمفوضات مع المكونين العربي والتركماني لحسم معضلة الحكومة المحلية ومنصب المحافظ بعد نحو 7 أشهر على إجراء الانتخابات المحلية، فيما نفى مسؤول كردي رفيع ذلك، وذكر لـ«الشرق الأوسط» أن «مسعود بارزاني يوجد خارج البلاد هذه الأيام ولم يلتق أعضاء في مجلس كركوك».

وقالت مصادر أمنية في المحافظة إن مسلحين مجهولين أطلقوا فجر السبت النار على مقر «الحزب الديمقراطي الكردستاني» في منطقة ساحة العمال وسط كركوك ولم يسفر عن الهجوم أي إصابات بشرية أو أضرار مادية.

وحضرت قوة من الشرطة عقب الهجوم إلى موقع الحادث، وفتحت تحقيقاً وعممت أوصاف المهاجمين الذين فروا إلى جهة مجهولة.

وسبق أن أثار مقر «الحزب الديمقراطي» في كركوك أزمة كبيرة داخل المحافظة نهاية العام الماضي، بعد أن طالب قيادة العمليات العسكرية بتسليم المقر الذي تشغله منذ عام 2017، وحدثت مواجهات بين أنصار الحزب والقوات الأمنية أدت إلى مقتل أفراد إلى جانب ضابط في قوات «البيشمركة».

وانتهت الأزمة بعد قيام رئيس الحزب مسعود بارزاني بتسليم وإهداء المقر، في نوفمبر (تشرين الثاني) إلى جامعة كركوك لـ«يكون في خدمة طلب العلم والمثقفين في المدينة».

متظاهرون من الكرد فوق بناية مقر حزب بارزاني في كركوك (أرشيفية - شبكة روادو)

معلومات أولية عن الهجوم

وأعلن المتحدث باسم الفرع الثالث لـ«الديمقراطي» في كركوك عن امتلاك الحزب «معلومات عن استهداف المقر»، في حين قال الباحث الكردي كفاح محمود إن «الشبهات تحوم حول المستفيد من تعطيل عمل مجلس المحافظة وعدم التوصل إلى شخصية متفق عليها لإدارة المحافظة».

وأضاف محمود في حديث لـ«الشرق الأوسط» أنه «باستنتاج بسيط يمكن الربط بين عمليات حرق الأسواق في أربيل وكركوك ودهوك وبين هذه العملية التي كانت تستهدف اختراق سور الحماية والدخول إلى المبنى وإحراقه، خصوصاً وأنها تشبه توقيتات حرق الأسواق التي جرت في ساعة متأخرة من الليل وتحديداً في الساعات الأولى للصباح».

وتابع محمود: «هذه الأذرع لديها مراكز ووجود وتتسبب في إشكاليات إقليمية بين العراق وإقليم كردستان من جهة وبين دول الجوار من جهة أخرى».

وذكر محمود أن «الأمر المتعلق بمعرفة الجناة يبقى معلقاً لحين كشف تسجيلات منظومة الكاميرات التي صورت حركة تلك العناصر التي استخدمت مبنى قيد الإنشاء».

وتتهم أوساط «الحزب الديمقراطي»، منذ فترة طويلة، عناصر «حزب العمال» الكردستاني التركي بالتورط في مختلف الأعمال العدائية التي تقع ضده وضد بعض الشركات النفطية وشركات الغاز العاملة في الإقليم، خصوصاً في محافظتي كركوك والسليمانية، كما تحمله مسؤولية توغل القوات التركية داخل الأراضي العراقية في إقليم كردستان.

وقال المتحدث باسم الفرع الثالث لـ«الحزب الديمقراطي الكردستاني» في كركوك، مريوان جلال، السبت، إن «الفرع كان يمتلك معلومات عن استهداف المقر، وإن الهجوم يحمل طابعاً سياسياً وتزامن مع دور الحزب في تقريب وجهات النظر لتشكيل إدارة كركوك ومجلسها».

وأضاف في تصريحات صحافية أن «الهجوم يحمل طابعاً سياسياً وهو ليس استهدافاً للحزب الديمقراطي الكردستاني، بل يستهدف جميع مكونات كركوك، وجاء في وقت يعمل فيه الحزب الديمقراطي بتقريب وجهات النظر بين مكونات المحافظة للشروع بتشكيل إدارة المحافظة، وتفعيل عمل المجلس لغرض تقديم الخدمات لجميع مكونات المحافظة».

السوداني خلال استقباله نواباً من المكون التركماني (إعلام حكومي)

السوداني يجتمع بالتركمان

من جانبه، استقبل رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، السبت، عضوين من المكون التركماني في مجلس محافظة كركوك، وحثهم على الاتفاق بشأن اختيار منصب محافظ كركوك بما يلبّي تطلعات أبناء المحافظة.

ولم تفلح جهود رئيس الوزراء محمد السوداني حتى الآن في حل أزمة المحافظة برغم لقاءاته المتكررة مع القوى الفائزة في مقاعد مجلسها.

وأشار السوداني، خلال اللقاء، طبقاً لبيان صادر عن مكتبه، إلى «أهمية تقديم مصلحة أبناء كركوك في أي اتفاق بين القوى السياسية التي فازت بالانتخابات، إثر النجاح في إجرائها بعد تعطل استمر منذ عام 2005».

وشدد السوداني على ضرورة «اختيار الإدارات الحكومية المحلية الناجحة، والاتفاق بشأن اختيار منصب محافظ كركوك بما يلبّي تطلعات أبناء المحافظة».

وتتردد منذ أسابيع أنباء عن سعي القوى المتخاصمة في مجلس المحافظة للاتفاق على صيغة لحسم منصب المحافظ من خلال تدويره بين الكتل الفائزة، بحيث يشغل الأكراد المنصب في السنتين الأولى، ثم يذهب إلى العرب في السنتين الأخيرتين من عمر دورة مجلس المحافظة المحددة بأربع سنوات، وهناك حديث عن أن للتركمان حصة في عملية التدوير رغم امتلاكهم لمقعدين فقط من أصل 16 مقعداً في المجلس.