حذّرت دول عربية وغربية ومنظمات إنسانية من تداعيات الهجوم الإسرائيلي المتوقع على مدينة رفح بجنوب قطاع غزة، وسط مخاوف من كارثة يواجهها ما يصل إلى 1.4 مليون شخص يتكدسون في هذه المنطقة على الحدود مع مصر. وجاءت هذه التحذيرات بعدما أمر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قواته بإعداد «خطّة لإجلاء» مئات آلاف المدنيّين من رفح قبل هجوم برّي مُحتمل.
وجددت المملكة العربية السعودية، في بيان لوزارة الخارجية نشرته «وكالة الأنباء السعودية» (واس)، مطالبتها بضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار في غزة. وقالت إن «هذا الإمعان في انتهاك القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي يؤكد ضرورة انعقاد مجلس الأمن الدولي عاجلاً لمنع إسرائيل من التسبب بكارثة إنسانية وشيكة يتحمل مسؤوليتها كل من يدعم العدوان».
كما حذّرت منظمة التعاون الإسلامي من أن توسيع الحرب الإسرائيلية إلى رفح سيقود إلى كارثة إنسانية ومجازر جماعية.
من جهته، طالب الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة الإدارة الأميركية (السبت) بإجبار إسرائيل على وقف ما سماها «مجازر الإبادة» ضد الشعب الفلسطيني، محذراً من أن ذلك سيدفع الأمور إلى «حافة الهاوية». وقال في بيان نشرته «وكالة الأنباء الفلسطينية» إن الهجوم الإسرائيلي على مدينة رفح ومحاولة تهجير المواطنين الفلسطينيين «لا يعفيان الإدارة الأميركية من المسؤولية».
وأشار أبو ردينة إلى أن «هذا التزامن المشبوه وغير المسبوق لمستوى التصعيد الإسرائيلي، مع شن حملة مسعورة للمس بالقرار الوطني الفلسطيني المستقل، والمس بالأجندة الفلسطينية، يشكل محاولة للتهرب من وقف الحرب، وتنفيذ قرارات مجلس الأمن ومبادرة السلام العربية».
وقال إن على العالم الوقوف صفاً واحداً لوقف «هذا العدوان الإسرائيلي وشلال الدم الفلسطيني والتصدي للتهجير»، وعلى الإدارة الأميركية أن تتحرك بشكل مختلف وجدّي لوقف «هذا الجنون الإسرائيلي، الذي أدى إلى توسع ساحات الحرب في المنطقة، ويمهد لحروب إقليمية مستمرة».
كذلك حذّرت حركة «حماس» السبت من «مجزرة» في حال شن عملية عسكرية إسرائيلية في رفح. وقالت الحركة في بيان: «نحذر من كارثة ومجزرة عالمية قد تُخلِّفان عشرات آلاف الشهداء والجرحى في حال تم اجتياح محافظة رفح». مضيفة: «نحمّل الإدارة الأميركية والمجتمع الدولي والاحتلال المسؤولية الكاملة».
من جانبها، حذرت وزارة الخارجية الأردنية السبت من خطورة إقدام إسرائيل على تنفيذ عملية عسكرية في مدينة رفح بجنوب قطاع غزة، مشيرة إلى أن المدينة تؤوي عدداً كبيراً من النازحين. وجدد المتحدث باسم الوزارة، سفيان القضاة، في بيان، رفض المملكة الأردنية المطلق لتهجير الفلسطينيين داخل أو خارج أراضيهم، مشدداً على ضرورة إنهاء الحرب على القطاع والتوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار يضمن حماية المدنيين وعودتهم إلى أماكن سكناهم ووصول المساعدات إلى مناطق القطاع كافة. كما دعا المتحدث باسم الخارجية الأردنية «المجتمع الدولي إلى الاضطلاع بمسؤولياته والتحرك الفوري والفاعل لمنع إسرائيل من الاستمرار بحربها المستعرة التي تسبب كارثة إنسانية غير مسبوقة».
وفي السياق نفسه، حذر وزير خارجية مصر سامح شكري، السبت، من أن الأمر يتطور بشكل سلبي وأن النشاط العسكري في رفح ينبئ بمزيد من الضحايا المدنيين ووضع إنساني كارثي. وقال شكري في مؤتمر صحافي مع نظيرته البلغارية ماريا غابرييل إن أي زيادة لرقعة الأعمال العسكرية في غزة «ستكون لها عواقب وخيمة»، مضيفاً أن الأمر لا يحتمل مزيداً من الضحايا المدنيين ومزيداً من التدمير.
وتابع وزير الخارجية المصري أن بلاده تواصل الاتصالات لوضع إطار يسمح بالتوصل إلى هدنة في قطاع غزة، مؤكداً رفض مصر «لأي تصفية للقضية الفلسطينية»، مشيراً إلى أن المفاوضات معقدة وكل طرف يسعى لتحقيق أكبر قدر من مصالحه.
كذلك أعربت وزارة الخارجية الكويتية عن القلق الشديد إزاء مخططات إسرائيل لمهاجمة مدينة رفح. وجددت الخارجية الكويتية، في بيان السبت، موقف دولة الكويت الرافض لـ «الممارسات العدوانية ومخططات التهجير ضد الشعب الفلسطيني». كما جددت موقفها الداعي إلى «ضرورة تحمل المجتمع الدولي ومجلس الأمن مسؤولياتهم في حماية المدنيين الفلسطينيين العزل وتفعيل آليات المحاسبة الدولية لوضع حد للانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وقرارات الشرعية الدولية».
إلى ذلك، حذرت منظمة «أطباء بلا حدود» الإنسانية الدولية (السبت) من الهجوم البري الإسرائيلي على رفح، وقالت إنه لا مكان آمناً في القطاع، مشيرة إلى أن التهجير القسري المتكرر دفع الناس إلى رفح وأصبحوا محاصرين من دون خيارات. وأضافت في بيان نشرته في حسابها على منصة «إكس»: «الهجوم البري الذي أعلنته إسرائيل على رفح سيكون كارثياً ويجب ألا يستمر... أكثر من مليون شخص في رفح يواجهون تصعيداً كبيراً وكثير منهم يعيشون في خيام وملاجئ مؤقتة».
وتابعت منظمة «أطباء بلا حدود»: «لقد أصبح العمل في غزة الآن شبه مستحيل، إذ تضاءلت كل محاولاتنا لتوفير الرعاية المنقذة للحياة للفلسطينيين بسبب سلوك إسرائيل في الأعمال العدائية»، مشيرة إلى تعرّض الطاقم الطبي والمرضى للاعتقال وسوء المعاملة والقتل «على مرأى ومسمع من قادة العالم».
ودعت مايني نيكولاي، المديرة العامة لـ«أطباء بلا حدود»، حكومة إسرائيل إلى الوقف الفوري لهذا الهجوم، كما طالبت جميع الحكومات الداعمة، بما في ذلك الولايات المتحدة، باتخاذ إجراءات ملموسة لتحقيق وقف كامل ومستدام لإطلاق النار، قائلة إن «الخطاب السياسي لا يكفي».
وفي سياق متصل، قالت منظمة «هيومن رايتس ووتش» (الجمعة) إن خطط إسرائيل لإخلاء منطقة رفح بجنوب قطاع غزة «كارثية وغير قانونية». وأضافت بموقعها الإلكتروني أن رفح تؤوي حالياً معظم سكان قطاع غزة، رغم أن عدد سكانها قبل اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي كان 280 ألفاً، بما في ذلك 1.7 مليون نازح في مخيمات مكتظة. وشددت المنظمة على أنها حذرت في أثناء المعارك في غزة من «تزايد خطر التهجير القسري، وهو جريمة حرب، وأن أي تهجير قسري لسكان غزة لا يُعفي القوات الإسرائيلية من مسؤوليتها باتخاذ جميع التدابير الممكنة لحماية المدنيين».
إلى ذلك، حذّرت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك السبت من هجوم محتمل للجيش الإسرائيلي على رفح، لافتةً إلى أنه قد يشكل «كارثة إنسانية متوقعة». وقالت الوزيرة في رسالة على صفحتها في منصة «إكس»، «إن المحنة في رفح تتجاوز فعلاً القدرة على الفهم. 1.3 مليون شخص يبحثون عن الحماية من القتال في منطقة محدودة جداً. هجوم للجيش الإسرائيلي على رفح سيشكّل كارثة إنسانية متوقعة».
ويشعر المجتمع الدولي بالقلق بعدما طلب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من جيشه «الاستعداد» للهجوم على رفح، الملاذ الأخير للنازحين جراء الحرب في قطاع غزة.
وفي واشنطن، قال مسؤولون أميركيون إنهم لم يروا أي استعدادات تشير إلى «هجوم كبير» أو «وشيك»، وحذروا من وقوع «كارثة»، معربين عن قلقهم من سيناريو مماثل لما حدث في الشمال.