توافق سعودي - مصري على التنسيق المشترك لتعزيز الأمن الإقليمي

لجنة «التشاور السياسي» أكدت أولوية وقف «حرب غزة»... وحرية الملاحة بالبحر الأحمر

سامح شكري وزير الخارجية المصري يستقبل الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي (الخارجية المصرية)
سامح شكري وزير الخارجية المصري يستقبل الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي (الخارجية المصرية)
TT

توافق سعودي - مصري على التنسيق المشترك لتعزيز الأمن الإقليمي

سامح شكري وزير الخارجية المصري يستقبل الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي (الخارجية المصرية)
سامح شكري وزير الخارجية المصري يستقبل الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي (الخارجية المصرية)

توافقت السعودية ومصر، خلال اجتماع لجنة «المتابعة والتشاور السياسي» الدوري، الذي استضافته القاهرة، (الأحد)، برئاسة وزيرَي خارجية البلدين، على «مواصلة التنسيق والتشاور المستمر بما يسهم في تعزيز الأمن والاستقرار الإقليميَّين والدوليَّين، وبما يرقى لطموحات قيادتَي البلدين».

وقال الأمير فيصل بن فرحان، وزير الخارجية السعودي، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره المصري سامح شكري، إن «التطورات في المنطقة أثبتت أهمية عامل الاستقرار الذي يمثله البلدان بالنسبة للمنطقة، فضلاً عن أهمية هذه العلاقة، وتعزيز التعاون والتنسيق فيما يخدم استقرار المنطقة وازدهارها»، مضيفاً أن هذه التطورات «تتطلب تعزيز التعاون والتكامل بين البلدين، وأيضاً في إطار العمل العربي».

وبحث الاجتماع السعودي - المصري، «آليات التعاون المشترك والأوضاع في فلسطين، وتأكيد أولويتنا المشتركة تجاه الوقف الفوري لإطلاق النار، وإدخال المساعدات الإنسانية الكافية والضرورية إلى غزة، بما يمهد الطريق لحل سياسي عادل ومستدام على أساس حل الدولتين»، كما أشار الوزير السعودي.

ورداً على سؤال حول رفض إسرائيل تنفيذ قرار محكمة العدل الدولية، وما الذي يمكن فعله لحثها على تنفيذه، أجاب الوزير السعودي: «أهم ما نحتاجه هو احترام الجميع القانون الدولي، وأن تكون للمجتمع الدولي قيمة أمام الجميع، وهذا ينطبق على إسرائيل كما ينطبق على غيرها، وهذا هو التحدي الكبير ويجب أن يتم الالتزام بحكم المحكمة».

وأضاف بن فرحان: «رفض إسرائيل التجاوب مع القانون الدولي هو ما أوصلنا لما نحن فيه؛ نحو 30 ألف مدني قتيل في غزة، سياسة ممنهجة للتجويع، عقاب جماعي للشعب الفلسطيني في غزة وحصار... مخالفات واضحة للقانونين الدولي والإنساني الدولي».

المؤتمر الصحافي الذي جمع وزيرَي خارجية مصر والسعودية في القاهرة (إ.ب.أ)

ووجّه الوزير السعودي سؤالاً للمجتمع الدولي: هل القانون الدولي خيار تريدون أن يكون له مكان وله قيمة وهل تريدون السلام؟... مشدداً على ضرورة أن «يكون هناك تحرك دولي واحد تجاه هذه الأزمة، ومواصلة الجهود، وأن يكون هناك التزام إسرائيلي بما يلتزم به الجميع وهو التقيد بالقانون الدولي».

وعلى صعيد العلاقات الثنائية، أشاد بن فرحان بمستوى العلاقات بين البلدين، السعودية ومصر، مؤكداً تطلع المملكة لتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين في مختلف المجالات.

ونوه بأن اجتماع لجنة «المتابعة والتشاور السياسي» الدوري يأتي في إطار حرص البلدين على مواصلة التنسيق والتشاور المستمر بما يسهم في تعزيز الأمن والاستقرار الإقليميَّين والدوليَّين، وبما يرقى لطموحات قيادتَي البلدين، لافتاً إلى حرص متبادل على استمرار التنسيق والتعاون في تسهيل المعوقات الاستثمارية بيننا كافة؛ لتعزيز التبادل التجاري وتقوية العلاقات الاقتصادية بين البلدين.

من جهته، جدد وزير الخارجية المصري، تأكيد «المطالبة بالوقف الفوري والشامل لإطلاق النار في قطاع غزة». وقال شكري، إن «القاهرة والرياض تحرصان على انعقاد آلية التشاور السياسي على المستوى الوزاري بشكل سنوي، بالإضافة إلى المشاورات على مستوى كبار المسؤولين بشكل رُبع سنوي؛ مما يعكس الأولوية والأهمية التي توليها القاهرة والرياض للتشاور والتنسيق فيما يتعلق بمختلف الموضوعات بشكل معمق ومستمر».

وأوضح شكري أنه «في هذه اللحظات الصعبة، تزداد أهمية التنسيق بين الأشقاء وتكامل الأدوار، خصوصاً إذا ما اشتركت الأهداف والرؤى والمصالح على النحو القائم بين القاهرة والرياض».

اجتماع لجنة «المتابعة والتشاور السياسي» بين السعودية ومصر على مستوى وزيرَي الخارجية (الخارجية المصرية)

وشدد الوزير المصري على أن «استمرار الأزمة في غزة وإطالة أمدها يضع المجتمع الدولي أمام مفترق طريق جوهري، فإما السماح باستمرار الممارسات الإسرائيلية دون ردع والسماح للحكومة الإسرائيلية بضرب عرض الحائط بكل الحقوق والواجبات التي يفرضها القانون الدولي والقرارات الأممية على نحو يجعلنا مستمرين في نفق استمرار اتساع رقعة الصراع إلى مختلف الجبهات والغرق في دوامة العنف والعنف المقابل والإبقاء على مصائر المنطقة وشعوبها وأجيالها القادمة والعالم بأسره رهينة في أيدي المتطرفين دعاة الحروب والعنف والدمار، أو أن تظهر إرادة دولية سريعة وحاسمة لدفع الجميع إلى وقف العنف والخراب والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية كافة إلى قطاع غزة وتنفيذ قرارات مجلس الأمن وأخرها القرار 2720 بما في ذلك السماح للمنسقة الأممية بنشر المعدات والأفراد اللازمين داخل قطاع غزة بإنشاء آلية لتسهيل دخول المساعدات».

وحول تعليق عدد من الدول تمويل «الأونروا»، قال شكري إن «(الأونروا) تضطلع بمسؤولية ضخمة، والحد من قدرتها على القيام بذلك نظير أي خروج غير مقبول لأعداد فردية، ومحاولة إلقاء المسؤولية على المنظمة، هو تجنٍ».

وتساءل شكري عن «توقيت هذه الاتهامات وهذه الحملة تجاه المنظمة، ومدى ارتباط ذلك بالقرار الذى صدر عن محكمة العدل الدولية، ومحاولة تحويل دفة الاهتمام عن هذا الحكم وما ينطويه من إشارات واضحة بما يتعلق بما يحدث في غزة». وأعرب عن «تقديره كثيراً لما تقوم به (الأونروا) وما تظهره من التزام، وما تتحمله في هذه الأوقات، وما تظهره من حيادية والتزام، واستعدادها لاتخاذ الإجراءات الملائمة لمواجهة أي خروج عن الإطار الذى تعمل فيه أو أي تجاوزات فردية».

وبشأن رؤية مصر لقرار محكمة العدل الدولية، أكد شكري ضرورة تنفيذ قرار المحكمة احتراماً لقواعد المؤسسات الدولية ومنظومة الأمم المتحدة والقانون الدولي، وهناك حيز للمؤسسات الدولية في هذا الشأن، مشيراً إلى «ضرورة أن يحترم الجميع ما يصدر من أحكام دولية وقرارات من مجلس الأمن والمؤسسات الدولية»، لافتاً إلى أن «حكم محكمة العدل الدولية ضروري، ويراعي الاعتبارات الإنسانية، ويجب تنفيذه».

وقال شكري إن الاجتماع تناول التطورات الأخيرة في البحر الأحمر واليمن وتبعاتها السلبية الجسيمة على أمن المنطقة وحرية الملاحة والتجارة العالمية، مشدداً على أن «حرية الملاحة والتجارة العالمية حق ومبدأ دولي ثابت، وعلى الجميع الالتزام به»، مع التأكيد مجدداً على أن «ما يشهده البحر الأحمر من مخاطر هو نتاج مباشر للتوتر في المنطقة؛ بسبب الممارسات الإسرائيلية في غزة، وأنه من الضروري التعامل مع جذور الأزمات وليس فقط أعراضها».

وأوضح أن المباحثات تناولت التطورات الأخيرة في السودان، وتم التوافق على «ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار لإتاحة المجال للنفاذ الإنساني الكامل للمواطنين السودانيين، تمهيداً لتدشين مسار سياسي»، كما أكدنا على «الشواغل والقلق بشأن تطورات منطقة القرن الأفريقي، وضرورة احترام سيادة الصومال على كامل أراضيه، ورفض أي إجراءات من شأنها الانتقاص من ذلك».

وأحاط شكري نظيره السعودي بالموقف الحالي بالنسبة لمسألة «سد النهضة» الإثيوبي، وقرار مصر بانتهاء المسار التفاوضي، اتصالاً بما وصفه بـ«استمرار السياسة الإثيوبية المتعنتة وتراجعها عمّا سبق الاتفاق بشأنه»، والذي يثبت وفق شكري «استمرار غياب الإرادة السياسية لدى الجانب الإثيوبي للتوصل إلى اتفاق، وإنما السعي إلى فرض الأمر الواقع».

وكذلك تم استعراض تطورات المشهد في كل من ليبيا وسوريا واليمن، حيث جرى التوافق على «ضرورة العمل معاً نحو تأمين الاستقرار والدعم للدول الشقيقة، وتعزيز التضامن العربي المشترك في مواجهة مختلف التحديات»، كما أشار شكري.


مقالات ذات صلة

مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

العالم العربي نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)

مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

بحث وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي في سلطنة عمان، الاثنين، ملف التوترات الأمنية في البحر الأحمر، مؤكداً أهمية سلامة الملاحة البحرية وحرية التجارة الدولية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا علماء الأحياء البحرية وجدوا أن لدى أسماك القرش مستويات عالية من الكوكايين في عضلاتها وكبدها (أرشيفية - رويترز)

مقتل سائح وإصابة آخر في هجوم لسمكة قرش بمصر

قالت وزارة البيئة المصرية إن سائحاً لقي حتفه وأُصيب آخر في هجوم سمكة قرش بمنتجع مرسى علم المطل على البحر الأحمر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يلتقي نظيره الصومالي أحمد معلم فقي بالقاهرة (الخارجية المصرية)

مصر ترفض وجود أي طرف «غير مشاطئ» بالبحر الأحمر

تزامناً مع تأكيد دعمها وحدة الصومال وسيادته، أعلنت القاهرة رفضها وجود أي طرف «غير مشاطئ» في البحر الأحمر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)

من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

«السادسة صباحاً» و«أغنية سيما» أكثر من مجرّد فيلمين تنافسيَّيْن؛ هما دعوة إلى التأمُّل في الكفاح المستمرّ للنساء من أجل الحرّية والمساواة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق رئيسة «مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد فخورة بما يتحقّق (غيتي)

ختام استثنائي لـ«البحر الأحمر»... وفيولا ديفيس وبريانكا شوبرا مُكرَّمتان

يتطلّع مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» لمواصلة رحلته في دعم الأصوات الإبداعية وإبراز المملكة وجهةً سينمائيةً عالميةً. بهذا الإصرار، ختم فعالياته.

أسماء الغابري (جدة)

سكان غزة يأملون بنجاح الاتفاق وإنهاء معاناتهم

TT

سكان غزة يأملون بنجاح الاتفاق وإنهاء معاناتهم

فلسطينيون يسيرون قرب مبانٍ هدمها القصف الإسرائيلي في خان يونس جنوب قطاع غزة الخميس (رويترز)
فلسطينيون يسيرون قرب مبانٍ هدمها القصف الإسرائيلي في خان يونس جنوب قطاع غزة الخميس (رويترز)

عمَّت أجواء من الفرح العارم في شوارع قطاع غزة، عند اللحظة التي أعلنت فيها الولايات المتحدة وقطر، التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، وتبادل الأسرى، سيدخل حيز التنفيذ ظهر يوم الأحد المقبل، وسط ضغوط من الوسطاء لاستعجال دخوله في وقت أقرب.

وبالزغاريد وإطلاق النار والألعاب النارية في الهواء، والتصفيق والتهليل والتكبير، جاب السكان شوارع مختلفة من القطاع رغم الأسى الذي عايشوه طوال فترة 15 شهراً، واستمر حتى في لحظات الفرح التي تزامن معها استمرار الغارات الإسرائيلية.

مبانٍ مهدمة جراء القصف الإسرائيلي في قطاع غزة الخميس (أ.ب)

وأعرب الكثير من السكان الذين تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» عن أملهم في أن تنجح جهود الوسطاء في تكليل الاتفاق المعلن عنه، بنجاح المراحل الأخرى، لتتوقف الحرب نهائياً، وتنتهي معاناتهم مع الحروب التي لم تتوقف منذ ما يزيد على عقد ونصف من الزمن، وهي المدة التي بدأت فيها حركة «حماس» حكمها للقطاع منذ عام 2006.

يقول المواطن عاطف الصباح (53 عاماً) وهو من سكان مدينة غزة ونازح إلى خان يونس جنوب القطاع: «تعبنا من الحروب، هذه أشرس وأصعب حرب نعيشها ومن أسوئها حياتياً، والآن يجب أن يتوقف كل هذا ونعيش بسلام واستقرار كباقي الشعوب، وتُحل كل الخلافات سياسياً بعيداً عن القتل والدمار الذي يلاحقنا كل فترة وأخرى».

وأعرب الصباح عن سعادته الكبيرة بأنه سيعود إلى مكان سكنه في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، رغم الدمار الذي لحق بمنزله، قائلاً: «سأعيش في خيمة عند منزلي أفضل من العيش هنا قرب البحر في أجواء صعبة وظروف لم نعهدها... أنا مثل أي مواطن أحنّ للعودة إلى منزلي على الرغم من أنه تحول إلى ركام»، معرباً عن أمله في أن تجري عملية إعادة الإعمار سريعاً.

فلسطينيون يسيرون قرب مبانٍ هدمها القصف الإسرائيلي في خان يونس جنوب قطاع غزة الخميس (رويترز)

وقالت الشابة يارا المصري، من سكان بلدة بيت حانون والنازحة إلى مخيم الشاطئ في مدينة غزة بعد اقتحام بلدتها مجدداً من إسرائيل منذ 3 أشهر: «يكفينا نزوحاً والعيش في ذل، بدنا نعيش حياة تحفظ إلنا كرامتنا... أنا سعيدة بالاتفاق لكن بدّنا إياه يُطبَّق كاملاً وما نرجع للحرب وتفشل المراحل الأخرى». فيما قالت صديقتها روان الكفارنة، التي تعيش في صف مدرسي بجانب الصف الذي تعيش فيه صديقتها بإحدى مدارس مخيم الشاطئ: «فرحنا كثيراً بالاتفاق، ورغم الجرح الذي أصابنا فإننا خرجنا وزغردنا وصفقنا وهللنا لأنه أخيراً راح تقف الحرب اللي دمَّرت وقتلت كل إشي حلو بحياتنا».

كما قال الشاب راجح أبو العمرين، من سكان حي الشيخ رضوان: «أخيراً بدنا نعيش بدون ما نسمع صوت إطلاق نار ولا تفجيرات ولا قصف... بدنا نرجع لحياتنا ولدراستنا.. ما بدّنا نعود للحروب أبداً، بدّنا سلام وأمن وأمان، بيكفينا اللي عشناه من ظلم».

تصعيد ميداني

ورغم الأجواء الصاخبة التي صاحبت إعلان وقف إطلاق النار، فإنه لم تمر سوى لحظات حتى صعَّدت إسرائيل من مجازرها المرتكَبة في قطاع غزة، وشنت سلسلة من الغارات العنيفة على كثير من الأهداف، مخلفةً عشرات الضحايا والإصابات.

مدرعات إسرائيلية قرب حدود قطاع غزة الخميس (أ.ب)

وقصفت إسرائيل مربعاً سكنياً في حي الشيخ رضوان شمال مدينة غزة، مخلفةً أكثر من 20 قتيلاً، بعد أن طال القصف 4 منازل لعوائل فلسطينية بعضها نازحة من جباليا، مما تسبب في دمار هائل في المنطقة.

كما قُتل 9 فلسطينيين في غارتين بحيي الرمال والدرج وسط مدينة غزة إثر قصف شقتين سكنيتين، فيما قُتلت فلسطينيتان نتيجة غارة استهدفت صفاً مدرسياً في مدرسة الزيتون التي تؤوي نازحين جنوب المدينة التي تشهد منذ أسابيع تكثيفاً للغارات الإسرائيلية فيها مقارنةً بمناطق أخرى من قطاع غزة.

ولم تقتصر الأعداد على هؤلاء الضحايا، حيث قُتل آخرون في غارات على مناطق متفرقة من القطاع منها جباليا البلد، وبعض أحياء مدينة غزة، ومخيم النصيرات، وخان يونس، وسط وجنوب قطاع غزة.

صبي فلسطيني يجلس وسط أنقاض مبانٍ دمَّرها القصف الإسرائيلي في مدينة غزة الخميس (رويترز)

وحسب جهاز الدفاع المدني في قطاع غزة، فإنه منذ لحظة الإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار، قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي ما لا يقل عن 77 فلسطينياً (حتى الساعة 2 ظهراً بتوقيت غزة، الثالثة بتوقيت السعودية) منهم 66 في مدينة غزة وحدها، و7 في خان يونس، و4 في المنطقة الوسطى، ومن بين مجملهم 21 طفلاً، و25 سيدة، وأكثر من 250 إصابة، مشيراً إلى أن عمليات القصف ما زالت متواصلة وبوتيرة متسارعة مع قرب دخول الاتفاق حيز التنفيذ.

وتزامن ذلك مع عمليات نسف عنيفة لمنازل ومبانٍ في مناطق شمال قطاع غزة، مما تسبب في سماع دويّ انفجاراتها في غالبية مناطق القطاع، وسط اهتزاز المباني، ووصلت إلى مستوطنات الغلاف وتسببت في تفعيل صافرات الإنذار فيها بفعل شدتها.

وفُعِّلت صافرات الإنذار عدة مرات في كيبوتس «نير عام» القريب من بلدة سديروت المحاذية لحدود شمال قطاع غزة، خشيةً من إطلاق صواريخ، ليتبين لاحقاً أنها نتيجة عمليات النسف وتم تصنيف ما جرى على أنه «تشخيص خاطئ».

فلسطينيون يعاينون مباني أصابها القصف الإسرائيلي خلال الليل في جباليا شمال قطاع غزة الخميس (أ.ف.ب)

وحسب مصادر ميدانية تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، فإن قوات الاحتلال الإسرائيلي وسَّعت عمليات نسف المنازل لتطول مناطق جديدة في شمال قطاع غزة، مشيرةً إلى أنها خلال ساعات الليل تكثف من هذه العمليات التي تستهدف في الأيام الأخيرة بشكل مركّز مناطق في حي الصفطاوي غرب مخيم جباليا، ومحيط أطراف جباليا البلد وجباليا النزلة إلى الشمال من المخيم.

ولفتت إلى أن بعض العمليات تطول أيضاً منازل بقيت سليمة ولم يطلها سوى بعض الأضرار في مخيم جباليا وبلدة بيت لاهيا، في عملية انتقامية هدفها تدمير ما تبقى في تلك المناطق، كما جرى إحراق منازل أخرى متهالكة.

قصف رهينتين

وكشفت مصادر فلسطينية لـ«الشرق الأوسط»، صباح الخميس، أن إسرائيل كادت تقتل اثنين من أسراها لدى حركة «حماس» في قطاع غزة، خلال غارة نفّذتها في مدينة غزة خلال اليومين الماضيين.

وقالت المصادر، وهي من أحد فصائل المقاومة، إن الأسيرين أُصيبا بجروح نتيجة القصف الإسرائيلي الذي استهدف منزلاً في أحد أحياء مدينة غزة، رافضةً الإفصاح عن حالتهما الصحية ومدى خطورة إصابتهما، أو هويتهما ولأي فئة من المختطفين ينتمون.

جثة فلسطيني قرب حذائه بعد قصف إسرائيلي في مدينة غزة الخميس (رويترز)

وحسب المصادر، فإن الأسيرين تلقيا العلاج اللازم ونُقلا إلى مكان آمن بعد الغارة الإسرائيلية. وقالت: «إن هذين الأسيرين كادا ينضمان إلى أعداد القتلى من الأسرى الذين قُتلوا إثر عمليات إسرائيلية مماثلة». وأضافت: «الضغط العسكري وارتكاب المجازر لا يقتلان الفلسطينيين وحدهم، بل يؤديان إلى مقتل مزيد من الأسرى، وعلى حكومة إسرائيل أن تفهم ذلك».

وتشير التقديرات الإسرائيلية إلى أن أكثر من نصف الأسرى الموجودين في غزة والبالغ عددهم 98 ما زالوا على قيد الحياة.