أكد الرئيس الأميركي، جو بايدن، مقتل 3 عسكريين أميركيين وإصابة كثيرين في هجوم بطائرة مسيّرة على قوات أميركية متمركزة على الحدود الأردنية - السورية، متهماً جماعات مدعومة من إيران بتنفيذ الهجوم. وقال بايدن في بيان: «في الوقت الذي لا نزال نجمع فيه الحقائق عن هذا الهجوم، فإننا نعرف أنه من تنفيذ جماعات مسلحة متشددة مدعومة من إيران تعمل في سوريا والعراق»، متعهداً بمحاسبة جميع المسؤولين عن مقتل الجنود الثلاثة «في الوقت وبالطريقة المناسبين».
وقال بايدن في البيان الذي أصدره البيت الأبيض: «سنبقي على الالتزام بمحاربة الإرهاب. وسنحاسب - دون شك - كل أولئك المسؤولين في الوقت الذي نحدده وبالطريقة التي نختارها»، لافتاً إلى أن إدارته تجمع مزيداً من المعلومات حول الهجوم. وشدد على أن إدارته تعلم أن الحادث جرى تنفيذه من قبل الجماعات المسلحة المتطرفة المدعومة من إيران والعاملة في سوريا والعراق.
كما أشاد «بهؤلاء الجنود المحاربين الذين قُتلوا في هذا الهجوم الخسيس والغاشم جداً». ولم يذكر بيان بايدن عدد الجنود الذين أصيبوا، لكن القيادة المركزية الأميركية قالت في بيان: «في 28 يناير (كانون الثاني)، قُتل 3 من عناصر الجيش الأميركي، وأصيب 25 آخرون في هجوم أحادي الاتجاه (بطائرة مسيّرة) استهدف قاعدة في شمال شرقي الأردن، بالقرب من الحدود السورية»، دون أن يذكر اسم القاعدة.
و قال مسؤول أميركي لوكالة «رويترز» إن عدد أفراد الجيش الأميركي الذين أصيبوا قد ارتفع، مضيفاً أنه تجري مراقبة نحو 34 فرداً للاشتباه في إصابات محتملة بالدماغ.
وقال مسؤولان آخران إن بعض المصابين في صفوف القوات الأميركية جرى إجلاؤهم من القاعدة لتلقي مزيد من العلاج. وقال مسؤول رابع إن الطائرة المسيرة قصفت منطقة قريبة من الثكنات العسكرية، وهو ما قد يفسر سقوط هذا العدد الكبير من القتلى إذا صحت هذه التصريحات.
ولم تنشر وزارة الدفاع الأميركية بعد تفاصيل بشأن طبيعة الإصابات، لكن إصابات الدماغ الرضّية أمر شائع بعد أي انفجار كبير.
وهذه الخسائر البشرية هي الأولى التي تتكبدها القوات الأميركية في المنطقة منذ بدء الحرب في غزة. وأكد البيت الأبيض أن بايدن اطلع صباح الأحد بشأن الهجوم بطائرة مسيّرة على قوات أميركية بالأردن مساء السبت.
وقال المتحدث باسم الحكومة الأردنية، مهند مبيضين، الأحد، إن الهجوم الذي استهدف القوات الأميركية قرب الحدود السورية «لم يقع داخل الأردن». وأوضح مبيضين لقناة تلفزيون «المملكة» أن الهجوم استهدف قاعدة «التنف» في سوريا.
وذكرت مصادر سياسية لصحيفة «الشرق الأوسط» أن الحادث وقع الأحد صباحاً، في قاعدة أميركية بمنطقة «قريبة من الحدود الأردنية».
وأكدت مصادر محلية أن الحادث وقع داخل الأراضي السورية ونفذته طائرة مسيّرة آتية من الداخل السوري، وشددت المصادر على أن المنطقة التي تعرضت لقصف هي في قاعدة «التنف» التي تبعد نحو 14 كيلومتراً عن الحدود الأردنية.
وكانت شبكة «سي إن إن» الأميركية قد نقلت عن مسؤولين أميركيين أن الموقع الأميركي المستهدف، وهو (البرج 22)، يقع قرب الحدود مع سوريا، مشيرة إلى أن الهجوم يمثل «تصعيداً خطراً» للوضع المتوتر بالفعل في الشرق الأوسط.
واستغل معارضون جمهوريون لبايدن الهجوم باعتباره دليلا على فشل الرئيس الديمقراطي في مواجهة إيران التي يضرب وكلاؤها القوات الأمريكية في أنحاء المنطقة.
وسرعان ما ندد رئيس مجلس النواب الأميركي، مايك جونسون، بمقتل الجنود الأميركيين. وقال جونسون عبر منصة «إكس» إن على الإدارة الأميركية توجيه رسالة قوية للعالم بأن الهجمات ضد القوات الأميركية لن تمر دون رد.
وبدوره، قال السناتور الجمهوري توم كوتون في بيان «الرد الوحيد على هذه الهجمات يجب أن يكون انتقاما عسكريا مدمرا ضد القوات الإرهابية الإيرانية... أي شيء أقل من ذلك سيؤكد أن جو بايدن جبان».
وربط سامي أبو زهري، القيادي في حماس، الهجوم بالحملة الإسرائيلية في غزة. وقال في تصريحات لرويترز «مقتل ثلاثة من الجنود الأميركيين هي رسالة للإدارة الأميركية بأنه ما لم يتوقف قتل الأبرياء في غزة فإن عليها أن تكون في مواجهة الأمة جميعا». وأضاف «استمرار العدوان الأميركي الصهيوني على غزة كفيل بتفجير كل الأوضاع في المنطقة».
هجوم شامل
في وقت سابق، قالت جماعة عراقية، الأحد، إنها قصفت بطائرة مسيّرة قاعدة أميركية قرب مطار أربيل مركز إقليم كردستان، وذلك في سياق هجمات تشنها الجماعات الوكيلة لإيران ضد القوات الأميركية في سوريا والعراق.
وأوضحت الجماعة التي تطلق على نفسها اسم «المقاومة الإسلامية في العراق»، في بيان مقتضب على «تلغرام»، أن الاستهداف يعكس «استمراراً في نهجنا في مقاومة قوات الاحتلال الأميركي بالعراق والمنطقة، وردّاً على مجازر إسرائيل بحق أهلنا في غزة»، وفق ما نقلت «وكالة أنباء العالم العربي».
وفي وقت لاحق، نقلت الوكالة عن مصدر في الفصائل العراقية المسلحة المدعومة من إيران أن «المقاومة الإسلامية» استهدفت 5 قواعد أميركية منذ ساعات الصباح الأولى يوم الأحد، بالطائرات المسيّرة والصواريخ، مشيرة إلى استمرار عملياتها ضد القواعد الأميركية.
وقال المصدر، الذي رفض الكشف عن اسمه، إن المعسكرات التي جرى استهدافها هي «قاعدة (الشدادي) وقاعدة (الركبان) وقاعدة (التنف) داخل الأراضي السورية ومنشأة (زفولون) البحرية في الأراضي الفلسطينية بالإضافة إلى قاعدة (حرير) قرب مطار أربيل».
وأعلنت الجماعة في وقت لاحق أنها قصفت قاعدة «عين الأسد» في غرب العراق، بطائرات مسيرة. ولم يصدر تعليق من الجيش الأميركي بشأن الهجوم على قاعدة «عين الأسد».
إسقاط مسيّرة فوق «التنف»
في الأثناء، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن قوات «التحالف الدولي»، الذي تقوده أميركا، أسقطت مسيّرة أطلقتها مجموعات موالية لإيران صباح الأحد.
وقال «المرصد»، ومقره لندن، في بيان صحافي الأحد، إن ذلك جاء في أثناء محاولة استهداف قاعدة «التنف» التي تتمركز فيها قوات «التحالف الدولي» عند مثلث الحدود السورية -العراقية - الأردنية.
ووفق المرصد؛ «تعرضت القواعد الأميركية داخل الأراضي السورية منذ تاريخ 19 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لـ104 هجمات من قبل الميليشيات المدعومة من إيران».
كما أعلنت جماعة «المقاومة الإسلامية في العراق»، أنها استهدفت قاعدة «خربة عدنان» الأميركية شمال شرقي سوريا، بطائرات مسيرة.
مهمة «التحالف»
أتى ذلك، في وقت أكد فيه الناطق باسم الحكومة العراقية، باسم العوادي، الأحد، أن مهمة «التحالف» الدولي ستنتهي خلال دورة الحكومة الحالية، وأن القوات المسلحة العراقية سوف تتولى كل مهام قوات «التحالف» الحالية.
ونقلت «وكالة الأنباء العراقية» عن العوادي قوله: «انطلاق أعمال اللجنة العسكرية العلیا المشتركة بين العراق و(التحالف الدولي)، هو حلم كبير جداً، حيث إن (التحالف الدولي) أنشئ عام 2014 وانتهت العمليات العسكرية عام 2018».
وأضاف: «ومنذ ذلك التاريخ و(التحالف) موجود داخل العراق... من المناسب البدء في دراسة مستقبل (التحالف) ووضع خارطة طريق متفق عليها للانتقال إلى مرحلة جديدة من التعاون الثنائي بدل التحالف».
وتابع: «رئيس الوزراء قدم تعهداً بأن مهمة (التحالف) ستنتهي خلال دورة حكومته الحالية، وهذا ما سيتم ويتحقق».
وكانت وزارة الخارجية العراقية قد أعلنت الخميس الماضي إطلاق أعمال لجنة عسكرية مع الولايات المتحدة بهدف صياغة جدول زمني لوجود مستشاري التحالف الدولي في البلاد.
وذكرت «وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)» أن اللجنة العسكرية العليا مع العراق ستتيح الانتقال إلى شراكة أمنية ثنائية دائمة بين البلدين.
وأكد وزير الدفاع العراقي، ثابت العباسي، أن القوات المسلحة على أتم الاستعداد لانسحاب قوات «التحالف» وتولي زمام الملف الأمني في البلاد بالكامل، مشيراً إلى أن اللجنة العسكرية ستستأنف حوارها مع دول «التحالف» في الأيام القليلة المقبلة.