أعلن العراق، اليوم الخميس، نجاح مفاوضات مع الحكومة الأميركية لإطلاق لجنة عسكرية عليا بهدف صياغة جدول زمني لوجود التحالف الدولي في البلاد.
وقالت وزارة الخارجية، في بيان، إن هذا يأتي تماشياً مع «تنامي قدرات الحكومة العراقية وكفاءتها». وجاء الإعلان في أعقاب تلقي الحكومة العراقية رسالة وصفت بـ«المهمة»، فيما كشفت «الشرق الأوسط» عن أنها تضمنت «تبعات والتزامات على بغداد»، وتشدد على أن ردع الأميركيين لفصائل إيران في المنطقة لن يتوقف حتى لو تحقق الانسحاب.
وذكر بيان الخارجية أن المفاوضات التي بدأت في أغسطس (آب) الماضي انتهت إلى «ضرورة إطلاق اللجنة العسكرية العليا على مستوى مجاميع العمل لتقييم تهديد (داعش) وخطره، والمتطلبات الظرفية والعملياتية وتعزيز قدرات القوات الأمنية العراقية، وذلك لصياغة جدول زمني محدد وواضح يحدد مدة وجود مستشاري التحالف الدولي في العراق».
وأضاف البيان أن من أهداف اللجنة أيضاً «مباشرة الخفض التدريجي المدروس لمستشاريه (التحالف) على الأرض العراقية، وإنهاء المهمة العسكرية للتحالف ضد (داعش)، والانتقال إلى علاقات ثنائية شاملة بدول التحالف».
وقالت الوزارة إن العراق يجدد التزامه «بسلامة مستشاري التحالف الدولي في أثناء مدة التفاوض في كل أرجاء البلاد، والحفاظ على الاستقرار ومنع التصعيد».
في وقت سابق، دعا ائتلاف «إدارة الدولة» الذي يضم قوى سنية وكردية وشيعية تشكل الحكومة، «جميع الدول إلى احترام سيادة العراق، وعدم تعريض أمنه الداخلي للخطر».
ودون الإشارة بشكل مباشر إلى القصف الأميركي، قال بيان الائتلاف: «أعرب المجتمعون عن استنكارهم ورفضهم وشجبهم الاعتداءات التي تطول الأراضي العراقية، والتي تكررت من أكثر من طرف خارجي، ويدعو الائتلاف جميع الدول إلى احترام سيادة العراق، وعدم تعريض أمنه الداخلي للخطر».
وأكد الائتلاف «دعمه الجهود الحكومية الرامية لإجراء الحوار الثنائي مع ممثلي التحالف الدولي، من أجل إعادة رسم العلاقة به، مع انتهاء مهمته الخاصة بمساعدة العراق في حربه ضد تنظيم (داعش) الإرهابي».
وفي الوقت الذي تدرس بغداد مضمون رسالة واشنطن فقد بحث وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين مع نظيره الإسباني الدور الإسباني في التحالف الدولي.
فيديو: نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية فؤاد حسين @Fuad_Husseein يستقبل وزير الشؤون الخارجية والإتحاد الأوروبي والتعاون الإسباني @SpainMFA السيد خوسيه مانويل @jmalbares pic.twitter.com/iFMvNYP7yQ
— وزارة الخارجية العراقية (@Iraqimofa) January 25, 2024
وخلال مؤتمر صحافي مشترك في مقر الخارجية العراقية ببغداد، أوضح حسين ونظيره الإسباني خوسيه مانويل، أن «الجنود الإسبان كانوا معنا في الحرب على (داعش)، ونثمن دور إسبانيا بصفتها عضواً في بعثة الناتو، ومساعدة القوات العراقية في مجال التدريب والاستشارة».
من جهته، أكد الوزير الإسباني أنه تم بحث «الهجمات العسكرية التي تستهدف القواعد والقوات الإسبانية، بوصفها جزءاً من التحالف الدولي، وسنعقد اللقاءات مع الجوانب والمسؤولين العسكريين في بغداد من أجل الحديث حول حماية قواتنا العسكرية في العراق».
وبالإضافة إلى الزيارة الحالية التي يجريها وزير الخارجية الإسباني إلى العراق، فإن المصادر العراقية تتوقع زيارة وشيكة لوزير الدفاع الإسباني إلى بغداد.
موافقة بعد رفض
وتداولت وسائل إعلام محلية، قبل وصول الرسالة الأميركية، أن واشنطن لم ترد على طلب العراق بشأن تفعيل اللجنة الثنائية بين الجانبين لبدء جولة الانسحاب الأميركي من العراق، التي كان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أعلن عنها في الرابع من شهر يناير (كانون الثاني) الحالي بعد قصف الطائرات الأميركية مقراً للحشد الشعبي وسط بغداد.
من جهته، ترأس السوداني اجتماعاً للمجلس الوزاري للأمن الوطني جرت خلاله مناقشة مستجدات الأوضاع الأمنية في العراق. وطبقاً للبيان الذي صدر عقب الاجتماع، فقد تضمن (الاجتماع) «عرضاً مستفيضاً للاعتداءات الأخيرة التي طالت العراق، وشكلت خرقاً صارخاً للسيادة العراقية، وجرى التأكيد على ضرورة اتخاذ كل الإجراءات السياسية والدبلوماسية والأمنية اللازمة لحماية سيادة العراق وحفظ أمنه».
سيناريو الانسحاب
في السياق، يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة «النهرين»، ياسين البكري لـ«الشرق الأوسط»، إن «توقيت الرسالة وظروف إرسالها وطريقة الإعلان عنها توحي أنها تتضمن تحديدات صارمة عن طبيعة الوجود الأميركي في العراق وطبيعة التعامل معه عراقياً».
ويضيف البكري: «في تقديري سيطلب الأميركان التزامات واضحة وجدية بشأن حماية مستشاريهم، مع تحميل الحكومة العراقية تبعات التداعيات الأمنية والسياسية والاقتصادية، بمعنى أن هناك أثماناً سيتوجب دفعها عراقياً». ويوضح البكري أن «المهم الآن هو معرفة كيف ستنظر القوى السياسية لعلاقة متوترة بأميركا، فالواضح والمعلن أنه لا إجماع على طلب الانسحاب، فالسنة والكرد مع البقاء، وهناك أطراف في الإطار تتفهم ثقل التداعيات، لكنها في حرج جماهيري من إعلان موقفها».
وبيّن أن «الصراع الآن - عراقياً - بين منطق الدولة ومنطق اللادولة، يسمح بربط المصلحة الداخلية بتداعيات التصعيد على إيران».