مصارف لبنان تنذر برفع دعوى قضائية ضد الدولة

على خلفية إهمال مذكرة «ربط النزاع» مع وزارة المال

مودعون لبنانيون خلال مشاركتهم الأسبوع الماضي في تحرك للمطالبة باستعادة أموالهم المحتجزة في المصارف (إ.ب.أ)
مودعون لبنانيون خلال مشاركتهم الأسبوع الماضي في تحرك للمطالبة باستعادة أموالهم المحتجزة في المصارف (إ.ب.أ)
TT
20

مصارف لبنان تنذر برفع دعوى قضائية ضد الدولة

مودعون لبنانيون خلال مشاركتهم الأسبوع الماضي في تحرك للمطالبة باستعادة أموالهم المحتجزة في المصارف (إ.ب.أ)
مودعون لبنانيون خلال مشاركتهم الأسبوع الماضي في تحرك للمطالبة باستعادة أموالهم المحتجزة في المصارف (إ.ب.أ)

لم تتأخر مجموعة من أكبر المصارف اللبنانية في سلوك خيار التصعيد والإنذار برفع دعوى لدى القضاء الإداري (مجلس شورى الدولة) ضد الدولة، وفقاً لمندرجات مذكرة «ربط نزاع» رفعتها قبل نحو شهرين إلى وزارة المال تطلب بموجبها إلزام الدولة بتنفيذ موجباتها القانونية والتعاقدية تجاه مصرف لبنان المركزي، وبالأخص سداد المبالغ المستحقة بذمتها تجاهه.

وترتكز الدعوى التي يرتقب رفعها قريباً لدى مجلس شورى الدولة بصفة أساسية، ومع عدم إسقاط احتمالات رفع شكاوى إضافية لاحقاً، إلى حقيقة أن المصارف المدعية هي دائنة لمصرف لبنان ومتضررة من عدم مطالبته الدولة اللبنانية بديونها؛ لذا فهي تطلب إلزام الدولة بتسديد ديونها والتزاماتها إلى البنك المركزي لكي يتمكّن بدوره من تسديد التزاماته إلى المصارف، وبالتالي تتمكّن هي من إعادة أموال المودعين.

وبما يشبه «الإنذار» غير الرسمي، أكد أمين عام جمعية المصارف الدكتور فادي خلف، أن الخطوة القادمة تتمثل برفع دعوى غير مباشرة على الدولة، وذلك استكمالاً لخطوة ربط النزاع في حال لم تتجاوب الدولة مع المطالبات. واستطراداً فإن «أياً من المطالبات التي تقوم بها المصارف لن تعود في حال تحقيقها إليها مباشرة، إنما لمصرف لبنان، على أن يساهم ذلك بوفائه بالتزاماته تجاه المصارف».

ورغم التنويه المعتاد بالمسؤولية الشخصية لمداخلات خلف، فإن ورود التلويح بإقامة الدعوى في افتتاحية التقرير الشهري للجمعية، أكسبها جدية في تبنّي مضمونها من قبل المصارف المدعية. كذلك الأمر لجهة التوقع بانضمام مصارف جديدة إلى جانب المصارف الأحد عشر التي تقدمت أساساً بمذكرة ربط النزاع.

وبالفعل، يتطابق التصعيد المستجد مع معلومات نشرتها «الشرق الأوسط» قبل أيام نقلاً عن مصادر مصرفية معنية، وأكدت حتمية اللجوء إلى التصعيد القانوني في حال عدم ورود أجوبة واضحة من قبل وزارة المال وكالة عن «الدولة» على مضمون مذكرة ربط النزاع، وسنداً إلى أن المصارف المتضررة بيّنت أن توظيفاتها المالية التي أودعتها في مصرف لبنان هي أموال المودعين، سواء تم ذلك بإرادتها أو بقوة التعاميم والقرارات التي كان يصدرها «المركزي» وهي ملزمة للمصارف.

ولاحظ خلف أنه في الوقت الذي تحاول فيه الدولة اللعب على وتر الوضع المالي المتعثر لتأجيل الوفاء بالتزاماتها، ينعكس هذا التأجيل حكماً على القطاع المصرفي ككل، مما يضع النظام المالي اللبناني بأكمله على المحك، متسائلاً: كيف يمكن لمصرف لبنان أن يفي بالتزاماته تجاه المصارف والمصارف تجاه مودعيها إذا ما تصرفت الدولة على أساس أن إنكار المسؤوليات كفيل بالتعمية على الحقيقة والتهرب منها؟

بالتالي، فإن تصرف الدولة على هذا الشكل يتطلب، حسبما ورد في المداخلة، خطوات مالية وقضائية حاسمة من قبل المصارف لضمان استقرار القطاع المصرفي وحماية مصالح المودعين. ومن هذا المنطلق، تقدمت المصارف بمذكرة ربط النزاع مع الدولة وتتحضر حالياً للتقدم بدعوى غير مباشرة عليها في حال لم تجد أي تجاوب مع مطالباتها.

وتهدف الخطوات القانونية التي تقدم بها أساساً 11 مصرفاً، إلى إلزام الدولة بتسديد المتوجب قانوناً بذمتها لمصرف لبنان؛ أي ما يزيد على 68 مليار دولار، إضافة إلى العجز المحقّق عن عامي 2021 و2022، وذلك لكي يتمكن «المركزي» من تسديد ودائع المصارف لديه، وتعيدها بدورها إلى المودعين.

حقائق

11 مصرفاً

تتجه لمقاضاة الدولة اللبنانية لاسترداد 68 مليار دولار

وتؤكد المصارف المدعية أن الجزء الوازن من المسؤولية يقع على عاتق الدولة التي تسبّبت بممارساتها وعجوزاتها المالية المتراكمة في خلق عجز كبير في ميزانية البنك المركزي. وهو ما سعت إلى تضمينه في مذكرة ربط النزاع، معززاً بالسرد المفصّل للطريقة التي أدّت إلى تجميع الخسائر في البنك المركزي، من خلال استخدام الدولة للأموال. كما أسندتها بوثائق وبخلاصات التدقيق الجنائي التي وردت في تقرير الشركة الدولية «الفاريز أند مارسال».

 

وفي المستندات، أظهر المدقق الجنائي أن ميزانيات مصرف لبنان لم تكن صحيحة وكانت تظهر أرباحاً وهمية. كما قام مصرف لبنان بتوزيع أرباح للدولة من جيب المصارف والمودعين، في حين كانت ميزانيته تخفي في الحقيقة عجزاً. كذلك حدد التقرير الجنائي قيمة العجز المتراكم في ميزانيات مصرف لبنان للفترة من عام 2015 وحتى عام 2020، والذي تعدّى 51 مليار دولار. كما بدأ مصرف لبنان للمرة الأولى في مطلع سنة 2023 إظهار الدين العائد له بذمة الدولة اللبنانية والذي حدده بمبلغ 16.5 مليار دولار.

 

وبالإضافة إلى ذلك، نوّه خلف بما ورد في بيان صادر عن مصرف لبنان أوائل العام الحالي، وبالتحديد ما أشار إليه الحاكم بالإنابة الدكتور منصوري عن وجود خسائر يتوجب على الدولة تغطيتها بموجب المادة «113» من قانون النقد والتسليف. كذلك فإن المدقق الجنائي العالم، الذي أوكلته الدولة نفسها، حدّد حجم هذه الخسائر، وصنّف الجزء الأكبر منها بأنه ناجم عن تغطية عجز الموازنات المتعاقبة للدولة.


مقالات ذات صلة

هل تسمح تحولات المنطقة للبنان باستكمال تنفيذ «اتفاق الطائف»؟

تحليل إخباري جانب من المشاركين في حفل إطلاق تجمع «الدستور أولاً» (حساب الدستور أولاً عبر إكس)

هل تسمح تحولات المنطقة للبنان باستكمال تنفيذ «اتفاق الطائف»؟

في ظل التحولات السياسية الكبرى التي يشهدها لبنان والمنطقة، أُطلق مؤخراً «تجمّع الدستور أولاً»، وهو مبادرة سياسية تهدف إلى تفعيل تطبيق الدستور اللبناني بشكل كامل

«الشرق الأوسط» (بيروت)
خاص وزير المال اللبناني لـ«الشرق الأوسط»: استعادة أموال المودعين على 3 مراحل play-circle 01:09

خاص وزير المال اللبناني لـ«الشرق الأوسط»: استعادة أموال المودعين على 3 مراحل

أكد وزير المال اللبناني ياسين جابر لـ«الشرق الأوسط» أن «الحضن العربي» هو «المكان الطبيعي» للبنان. وأعلن أن ودائع اللبنانيين في المصارف ستُعاد على 3 مراحل.

علي بردى (واشنطن)
خاص خضر عواضة أمام ركام منزله الجاهز الذي استهدفته إسرائيل ليلة عيد الفطر (الشرق الأوسط)

خاص الاستهدافات الإسرائيلية للمنازل الجاهزة بجنوب لبنان تحرم السكان من «المأوى المؤقت»

نشطت في الفترة الأخيرة الاستهدافات الإسرائيلية التي طالت المنازل الجاهزة في القرى الحدودية الجنوبية، إذ اختارها جنوبيون كثر للسكن المؤقت.

حنان حمدان (بيروت)
المشرق العربي أفراد من الجيش اللبناني في موقع استهداف إسرائيلي لقيادي في «الجماعة الإسلامية» جنوب بيروت (أ.ف.ب)

عون: اللبنانيون ملّوا الحروب ولا حل للانتهاكات الإسرائيلية إلا بالدبلوماسية

جدد الرئيس اللبناني جوزيف عون تمسكه بالحلول الدبلوماسية لأزمة الاحتلال الإسرائيلي في الجنوب والخروق الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي طلاب يتجمعون على درج المتحف الوطني في بيروت (رويترز)

المناصفة الطائفية في انتخابات بلدية بيروت يكتنفها الغموض ومخاوف من خلط الأوراق

أحدثت اقتراحات القوانين الرامية إلى تعديل قانون البلديات لحماية المناصفة بين المسلمين والمسيحيين في المجلس البلدي لبيروت إرباكات.

محمد شقير (بيروت)

سقوط طائرة «إف - 18» من على متن حاملة طائرات أميركية بالبحر الأحمر

طائرة من طراز «إف - 18» (أرشيفية - رويترز)
طائرة من طراز «إف - 18» (أرشيفية - رويترز)
TT
20

سقوط طائرة «إف - 18» من على متن حاملة طائرات أميركية بالبحر الأحمر

طائرة من طراز «إف - 18» (أرشيفية - رويترز)
طائرة من طراز «إف - 18» (أرشيفية - رويترز)

قالت البحرية الأميركية اليوم (الاثنين)، إن أحد بحاريها أصيب بجروح طفيفة عندما سقطت طائرة مقاتلة من طراز «إف - 18» وقاطرتها من على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر.

وأكدت البحرية في بيان أن جميع أفرادها بخير. وتُشارك حاملة الطائرات «هاري ترومان» في الضربات الجوية التي تستهدف جماعة الحوثي المتحالفة مع إيران في اليمن.