فيما احتدمت الاشتباكات أكثر في مناطق وسط قطاع غزة وجنوبه، عادت الخطة الإسرائيلية للاستيلاء على محور «فيلادلفيا» الحدودي مع مصر إلى الواجهة، مع إعلان مسؤول عسكري إسرائيلي أن بلاده تحتاج إلى السيطرة على الحدود هناك لدوافع أمنية.
وقالت صحيفة «وول ستريت جورنال» إن إسرائيل تنوي إطلاق عملية عسكرية للسيطرة على محور فيلادلفيا الحدودي، الذي يعتبر منطقة عازلة بين قطاع غزة وشبه جزيرة سيناء، وقد أبلغت مصر بذلك. وسيطرة إسرائيل على هذه المنطقة تعني وضع قوات إسرائيلية على الحدود وإنهاء أي وجود فلسطيني رسمي هناك.
ويوضح تقرير الصحيفة أن إسرائيل تريد السيطرة على المنطقة، لأن ذلك سيشكل «ضربة استراتيجية» لحركة «حماس»، وسيسمح لإسرائيل باستهداف الأنفاق الحدودية، بما يضمن الحد من قدرة «حماس» على تهريب الأسلحة ومنع التسلل من مصر وإليها.
وقال مسؤول عسكري إسرائيلي رفيع إن بلاده لا تريد أن تكون مسؤولة عن غزة، ولكن بسبب دوافع أمنية فإنها تحتاج إلى السيطرة على حدود القطاع.
ولم يحدد الإسرائيليون موعد العملية، ويعتمد ذلك، بحسب التقرير، على مفاوضات مع عدة جهات.
وكان مسؤولون إسرائيليون، بينهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، أعلنوا مرات عدة منذ بداية الحرب أنه يجب السيطرة على الشريط الحدودي مع مصر، وهي خطوة منعتها حتى الآن التوترات التي قد تنشب مع المصريين الذين يرفضون هذه الخطوة، كما نفوا وجود أي تنسيق من أي نوع حول ذلك.
وحتى الآن توغلت إسرائيل في شمال قطاع غزة، وتخوض معارك ضارية في مناطق وسط وجنوب القطاع، لكنها لم تتحرك باتجاه الشريط الحدودي مع مصر.
وتصاعدت حدة الاشتباكات بين الجيش الإسرائيلي والمقاتلين الفلسطينيين في مناطق وسط وجنوب قطاع غزة، السبت، وقصفت إسرائيل مناطق واسعة هناك، وردّت الفصائل بقصف الغلاف بضربتين صاروخيتين.
وقالت مصادر في الفصائل الفلسطينية في غزة لـ«الشرق الأوسط» إن الاشتباكات في خان يونس جنوب القطاع وفي مناطق الوسط مثل دير البلح والمغازي ضارية وصعبة ومعقدة، وإن التقدم الإسرائيلي بطيء بسبب المقاومة العنيفة وتعقيدات المنطقة.
وأكدت المصادر أن الاشتباكات أعنف بكثير من اشتباكات الشمال، كما أن طبيعة الأرض أكثر تعقيداً.
وأعلن الجيش الإسرائيلي، السبت، أنه يواصل القتال في منطقة خان يونس جنوباً وفي مناطق وسط القطاع.
وقال الناطق العسكري الإسرائيلي إن الجيش هاجم مسلحين في خان يونس، ودمر فتحات أنفاق وقصف أبنية فيها مقاتلون وذخيرة ومنصات إطلاق قذائف، كما دمر في وسط قطاع غزة، وتحديداً في حي المغراقة، موقعين يحتويان على منصات جاهزة لإطلاق القذائف الصاروخية.
في مقابل ذلك، أعلنت «كتائب القسّام» التابعة لـ«حماس» أنها استهدفت 6 دبابات «ميركافا» وناقلة جند وجرافة بقذائف «الياسين 105» وعبوات «شواظ» شرق خان يونس، واستهدفت قوة راجلة بقذيفة «TBG» مضادة للتحصينات شرق المدينة كذلك، وقتلت هناك عدداً من أفرادها، وأجهزت على جنديين بشكل مباشر من مسافة صفر، وفجّرت عبوة مضادة للأفراد في قوة خاصة مكونة من 4 جنود تقدمت صوب عين نفق وأوقعتهم بين قتيل وجريح، كما استهدفت قوة ثانية بعبوة مضادة للأفراد «رعدية»، ودكت تجمعاً لآليات وجنود الاحتلال بقذائف الهاون من العيار الثقيل واستهدفت طائرة مروحية بصاروخ أرض - جو.
ولاحقاً أعلنت «كتائب القسام» و«سرايا القدس» التابعة لـ«الجهاد الإسلامي» أن مقاتليها قصفوا إيرز ومستوطنات غلاف غزة برشقتين صاروخيتين من شمال القطاع.
وأقرّ الجيش الإسرائيلي بوقوع مزيد من الخسائر في صفوفه، مشيراً إلى مقتل ضابط احتياط برتبة رائد خلال المعارك وسط قطاع غزة، ليرتفع عدد قتلاه منذ 7 أكتوبر إلى 521. وقال الجيش إن ضابطين أصيبا بجروح خطيرة، بالإضافة إلى جندي آخر خلال اليومين الماضيين في معارك وسط وجنوب قطاع غزة.
وتتركز الاشتباكات في منطقتي الوسط وخان يونس، لأن إسرائيل تعتقد أن قيادة «حماس» موجودة هناك.
وكشفت صحيفة «نيويورك تايمز»، نقلاً عن مسؤولين أميركيين، أن وكالة الاستخبارات المركزية «سي آي إيه» تزود إسرائيل بمعلومات عن قادة «حماس» وأماكن احتجاز المحتجزين في غزة. وقامت «سي آي إيه» بتأسيس فرقة عمل جديدة بعد الهجمات التي نفذتها «حماس» على إسرائيل في 7 أكتوبر الماضي، أولويتها «جمع المعلومات الاستخباراتية عن (حماس)».
ويوجد في غزة 136 محتجزاً، بينهم أميركيون، بعدما أطلقت «حماس» سراح العشرات في صفقة تبادل سابقة خلال هذه الحرب.
وكان مقاتلو «حماس» وفصائل أخرى يحتجزون نحو 240 رهينة عادوا بهم إلى غزة أثناء هجوم 7 أكتوبر، و4 آخرين منذ عام 2014. وفي هذا الإطار، أعلنت «القسّام» أنها فقدت الاتصال بخلية مسؤولة عن الأسرى الـ4 في القطاع منذ عام 2014، فيما قد يكون تمهيداً لإعلان مقتلهم.
أثناء ذلك، واصلت إسرائيل قصف مناطق واسعة في غزة في اليوم الـ99 للحرب، وقتلت مزيداً من الفلسطينيين، وخلّفت دماراً أكثر. وقالت وزارة الصحة في غزة إن الاحتلال ارتكب 13 مجزرة ضد العائلات في قطاع غزة خلال الـ24 ساعة الماضية، راح ضحيتها 151 شهيداً و248 إصابة.