في ظل الانشغال العالمي في حرب غزة، واصلت إسرائيل حملتها على الضفة الغربية، وممارساتها القمعية، وفي مقدمها الحصار الذي تفرضه على المسجد الأقصى للأسبوع الـ14 على التوالي، وتمنع بموجبه وصول المصلين المسلمين إليه خصوصاً في أيام الجمعة.
فهي تنشر قوات ضخمة من الشرطة وتقيم الحواجز العسكرية والسواتر الحديدية، وتستفز القادمين وتقمعهم وتفرض عليهم تفتيشات استفزازية ثم تعيدهم تحت التهديد من حيث أتوا، حتى بات الأقصى شبه خالٍ من المصلين والبلدة القديمة خالية من الزوار.
وفي الأسبوع الـ14 تكرر المشهد، فمنعت القوات الإسرائيلية آلاف المصلين من الدخول إلى الأقصى وسمحت لأعداد قليلة بالدخول إليه، من كبار السن والنسوة. وبحسب دائرة الأوقاف الإسلامية، لم يتعدَّ عدد المصلين، الجمعة، 12 ألفاً، وهو ربع العدد المتبع في الأيام العادية.
وقد أدى المصلون الصلاة في شوارع القدس والطرقات والأحياء القريبة، رغم الملاحقة والقمع والأجواء الماطرة في المدينة. وفي حي وادي الجوز، اعتدت القوات بالقنابل الغازية على مجموعة من المصلين خلال صلاتهم في الشارع، بالقنابل الغازية. وأيضاً فلسطينيو 48، الذين يعتبرون مواطنين إسرائيليين، حُرموا من دخول الأقصى.
وشهدت مدن وقرى ومخيمات اللاجئين في الضفة الغربية سلسلة اعتداءات كبيرة، كما في كل يوم منذ اندلاع الحرب على غزة. وواصلت إسرائيل تنفيذ مخططها لتدمير البنى التحتية في مخيمات اللاجئين لغرض جعل الحياة فيها مستحيلة. وكان أمس دور مخيم نور شمس الملاصق لمدينة طولكرم، الذي خلفت فيه قوات الجيش الإسرائيلي دماراً واسعاً في البنية التحتية، وذلك بعد عمليات دامت نحو 7 ساعات.
وشرعت طواقم الأشغال العامة وبلدية طولكرم، صباح الجمعة، بإزالة الأنقاض والسواتر الترابية وإعادة تأهيل بعض الشوارع، خصوصاً شارع نابلس الذي يعد المدخل الرئيسي للمخيم الذي يصل المدينة بقرى وبلدات وادي الشعير وباقي محافظات الضفة. وقال رئيس قسم الطوارئ في بلدية طولكرم حكيم أبو صفية، إن ما تعرض له المخيم هذه المرة هو هجمة أوسع وأشمل من الهجمات الأخيرة، وقد أحدثت خراباً أكبر في البنية التحتية من صرف صحي وماء وكهرباء، مضيفاً أنه لا يوجد شارع داخل المخيم وأزقته إلا وطاله الدمار والتخريب. وقد أدى تجريف البنية التحتية في المخيم إلى إلحاق أضرار بشبكات المياه والكهرباء والاتصالات، ما تسبب بانقطاعها بشكل كامل عن حاراته.
وقال مواطنون من المخيم، إن جرافات الاحتلال أغلقت الكثير من مداخل المنازل في ساحة المخيم وأزقته بالسواتر الترابية والأسفلت بعد تجريف الشوارع بشكل متعمد، وحالت دون خروجهم من منازلهم، ووصفوا هذا الاعتداء بأنه الأقوى من حيث التدمير الواسع للبنية التحتية.
كما أصاب الرصاص الذي أطلقه جنود الاحتلال بكثافة وبشكل عشوائي، نوافذ وأبواب المنازل وممتلكات المواطنين ومحالهم التجارية، ما فاقم من معاناة المواطنين الذين تتعرض ممتلكاتهم في كل اقتحام لتدمير وتخريب وتفجير، الأمر الذي يكبّدهم خسائر مادية فادحة.
وفي بلدة عرابة، جنوب جنين، تابعت قوات الجيش الإسرائيلي عمليات التدمير الانتقامية للنصب التذكارية والمعالم التاريخية. فكما حطمت في جنين النصب لتخليد ذكرى الصحافية شيرين أبو عاقلة، التي قُتلت برصاص الجنود، دمرت صرح الشهيد عمر القاسم في عرابة، بينما مزّق جنود الاحتلال صور شهداء.
وذكرت مصادر أمنية ومحلية، أن قوات الاحتلال اعتقلت الأسيرين المحررين عصام نواف لحلوح (62 عاماً)، بعد اقتحام البلدة ومداهمة منزله ومنزلي نجليه هاني وجواد، وتفتيشها، وعلي جمال أبو صلاح (29 عاماً)، على حاجز شافي شامرون قرب نابلس، أثناء عودته إلى منزله.
واقتحمت قوات إسرائيلية، صباح الجمعة، مناطق عدة في محافظة نابلس. وأفادت مصادر أمنية لـ«وفا»، بأن قوات الاحتلال اقتحمت مخيمي عسكر القديم والجديد، ومنطقة المساكن الشعبية شرق المدينة، وفتشت عدداً من المنازل، من دون أن يبلغ عن اعتقالات. وأضافت أن قوات الاحتلال اقتحمت، كذلك، قرية عزموط وبلدة بيت فوريك شرق نابلس، وقرية يتما، جنوباً، مشيرة إلى أن مواجهات اندلعت في بيت فوريك، دون أن يبلغ عن إصابات.
كذلك اقتحمت القوات الإسرائيلية بلدة سنجل شمال رام الله، وداهمت منزلاً. وأفاد رئيس بلدية سنجل معتز طوافشة، بأن جنود الاحتلال داهموا منزل المواطن حسام عواشرة، المغترب في أميركا، وقاموا بتحطيم الأبواب وخلعها، وحوّلوه إلى ثكنة عسكرية، ونصبوا خيمة على سطحه. ولفت طوافشة إلى أن هذه هي المرة الثانية التي يُقتحم فيها منزل عواشرة خلال 5 أيام.