مَن أبو تقوى الذي قُتل بضربة أميركية في بغداد؟

مسؤول «الصواريخ» منشقّ عن الصدر والخزعلي ودائم التنقل بين العراق وسوريا

أنصار حركة «النجباء» يحملون صورة السعيدي خلال تشييعه في بغداد الخميس (أ.ف.ب)
أنصار حركة «النجباء» يحملون صورة السعيدي خلال تشييعه في بغداد الخميس (أ.ف.ب)
TT

مَن أبو تقوى الذي قُتل بضربة أميركية في بغداد؟

أنصار حركة «النجباء» يحملون صورة السعيدي خلال تشييعه في بغداد الخميس (أ.ف.ب)
أنصار حركة «النجباء» يحملون صورة السعيدي خلال تشييعه في بغداد الخميس (أ.ف.ب)

تفيد المعلومات الواردة من العراق بأن أبو تقوى السعيدي الذي قُتل (الخميس)، في الهجوم الذي نفّذته القوات الأميركية على مقر حركة «النجباء» في العاصمة بغداد، هو المسؤول عن «كتيبة الصواريخ» التي نشطت على نحو غير مسبوق منذ بدء المعارك في قطاع غزة، متنقلاً بين مدن عراقية وسوريا.

وحسب بيانات «هيئة الحشد الشعبي»، فإن السعيدي هو «آمر لواء 12» في «الحشد الشعبي»، ضمن حركة «النجباء» التي يقودها أكرم الكعبي، وهو أيضاً «معاون قائد عمليات حزام بغداد»، في إشارة إلى المناطق الزراعية المحيطة بالعاصمة.

وتعد حركة «النجباء» من بين أكثر الفصائل المسلحة قرباً من طهران و«الحرس الثوري» في إيران، ورغم أنها لا تملك تمثيلاً في البرلمان العراقي فإنها يشار إليها على أنها «صاحبة نفوذ قوي للغاية داخل الإطار التنسيقي» الذي يقود الحكومة.

وأطلقت طائرة من دون طيار أميركية، صباح الخميس، 4 صواريخ على رتل عجلات تُقلّ عناصر من «النجباء» داخل مقر أمني في منطقة شارع فلسطين، شرقي بغداد.

وقالت مصادر، لـ«الشرق الأوسط»، إن الطائرة لاحقت الرتل من الحدود السورية حتى وصلت إلى بغداد، قبل أن تنفّذ العملية أخيراً داخل المقر الأمني، القريب من موقع وزارة الداخلية العراقية.

وقال الجيش الأميركي إنه «نفَّذ هجوماً على مقرٍّ لفصيل مسلح في بغداد، واستهدف شخصية كانت مسؤولة عن هجمات ضد القواعد العسكرية في البلاد».

صورة وزعتها جهة أمنية عراقية لموقع الهجوم على مقر «الحشد الشعبي» في بغداد الخميس (تلغرام)

ماذا نعرف عن السعيدي؟

اسمه الكامل مشتاق طالب السعيدي، الملقب في نطاق حركة «النجباء» باسم «أبو تقوى»، وهو من عائلة فقيرة تسكن حي «الكمالية»، أحد الأحياء الشعبية شرقيّ العاصمة، لكنّ عائلته تنحدر من محافظة ديالى، شرقي البلاد.

ويقول مقربون من السعيدي، لـ«الشرق الأوسط»، إنه كان أحد العناصر النشطة في التيار الصدري الذي يقوده مقتدى الصدر، قبل أن تعتقله القوات الأميركية بين عامي 2007 و2012.

وطبقاً لهذه المصادر، فإن السعيدي انشقّ عن التيار الصدري لينضم إلى حركة «عصائب أهل الحق» التي يقودها قيس الخزعلي، قبل أن ينشق مرة أخرى ويلتحق بحركة «النجباء».

وتشهد العلاقة بين التيار الصدري و«عصائب أهل الحق» توتراً حاداً طوال السنوات الماضية، لكنَّ العلاقة بين «العصائب» و«النجباء» لم تعد هادئة منذ خلاف نشب بينهما على المناصب الأمنية في حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، وتصاعُد الخلاف أكثر بسبب ما يشاع عن أنه «تباين في وجهات النظر بشأن استهداف القوات الأميركية».

وحسب المصادر، فإن السعيدي وافق على صفقة عرضها عليه مسؤول عراقي رفيع تضمنت شرط «الانشقاق عن التيار الصدري مقابل المساعدة من الأميركيين على إطلاق سراحه».

ومنذ انضمامه إلى حركة «النجباء»، تولى السعيدي مناصب محورية على صلة مباشرة بإدارة وتخطيط العمليات العسكرية، لا سيما استهداف القواعد العسكرية التي يشغلها التحالف الدولي في العراق وسوريا.

صورة نشرتها منصات إيرانية مقربة من «الحرس الثوري» تجمع زعيم «النجباء» أكرم الكعبي مع السعيدي (تلغرام)

وخلال المعارك ضد تنظيم «داعش»، كان السعيدي قائداً ميدانياً في مناطق الطارمية شمالي بغداد، قبل أن يرتقي إلى منصب أمني رفيع في عمليات «حزام بغداد» التابع لـ«الحشد الشعبي».

ولاحقاً تولى السعيدي منصب مسؤول «العمليات الخاصة في حركة النجباء»، قبل أن يتولى إدارة «كتيبة الصواريخ» منذ بدء «طوفان الأقصى» في قطاع غزة، وكان «من أكثر الشخصيات الميدانية التي تنقلت بين العراق وسوريا خلال الشهر الماضي».

وقال أكرم الكعبي، مسؤول «النجباء»، في بيان صحافي، إن «فراغ السعيدي لن يسده أحد»، وإنه «لن يهدأ قبل أن ينتقم له من الأميركيين».

وحمَّلت القوات المسلحة العراقية التحالف الدولي «مسؤولية الهجوم غير المبرر على جهة أمنية عراقية تعمل وفق الصلاحيات الممنوحة لها، الأمر الذي يقوّض جميع التفاهمات ما بين القوات المسلحة العراقية وقوات التحالف الدولي»، طبقاً لما ذكره المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة.

 


مقالات ذات صلة

بغداد: المنطقة تحت النار وهناك تهديدات واضحة من إسرائيل لنا

المشرق العربي وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين (الخارجية العراقية)

بغداد: المنطقة تحت النار وهناك تهديدات واضحة من إسرائيل لنا

قال وزير خارجية العراق فؤاد حسين، الجمعة، إن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني وجّه القوات المسلحة باتخاذ إجراءات بحق كل من يشن هجمات باستخدام الأراضي العراقية.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد متحدثاً أمام منتدى السلام في دهوك (شبكة روداو)

رئيس البرلمان العراقي: المنطقة قريبة من «نكبة ثانية»

قدم مسؤولون عراقيون تصورات متشائمة عن مصير الحرب في منطقة الأوسط، لكنهم أكدوا أن الحكومة في بغداد لا تزال تشدد على دعمها لإحلال الأمن والسلم.

«الشرق الأوسط» (أربيل)
المشرق العربي «تشاتام هاوس» البريطاني نظّم جلسات حول مصير العراق في ظل الحرب (الشرق الأوسط)

العراق بين حافتَي ترمب «المنتصر» و«إطار قوي»

في معهد «تشاتام هاوس» البريطاني، طُرحت أسئلة عن مصير العراق بعد العودة الدرامية لدونالد ترمب، في لحظة حرب متعددة الجبهات في الشرق الأوسط.

علي السراي (لندن)
المشرق العربي السوداني خلال اجتماع مجلس الأمن الوطني الطارئ (رئاسة الوزراء العراقية)

العراق: 12 خطوة لمواجهة التهديدات والشكوى الإسرائيلية لمجلس الأمن

أثارت الشكوى الإسرائيلية الموجهة إلى مجلس الأمن الدولي بشأن الهجمات التي تشنها الفصائل المسلحة العراقية عليها غضب حكومة محمد شياع السوداني.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي السوداني يزور مقر وزارة التخطيط المشرفة على التعداد صباح الأربعاء (رئاسة الوزراء العراقية)

العراق: انطلاق عمليات التعداد السكاني بعد سنوات من التأجيل

بدت معظم شوارع المدن والمحافظات العراقية، الأربعاء، خالية من السكان الذين فُرض عليهم حظر للتجول بهدف إنجاز التعداد السكاني الذي تأخر لأكثر من 10 سنوات.

فاضل النشمي (بغداد)

تحذير أممي من انزلاق سوريا إلى «حريق إقليمي واسع»

رجال أمن وإنقاذ في موقع استهدفته غارة إسرائيلية في دمشق (أرشيفية - أ.ب)
رجال أمن وإنقاذ في موقع استهدفته غارة إسرائيلية في دمشق (أرشيفية - أ.ب)
TT

تحذير أممي من انزلاق سوريا إلى «حريق إقليمي واسع»

رجال أمن وإنقاذ في موقع استهدفته غارة إسرائيلية في دمشق (أرشيفية - أ.ب)
رجال أمن وإنقاذ في موقع استهدفته غارة إسرائيلية في دمشق (أرشيفية - أ.ب)

رأت نائبة المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، نجاة رشدي، أن منطقة الشرق الأوسط تشهد «خطراً عميقاً»، ودعت إلى «عمل حاسم» من كل ذوي النفوذ لمنع انزلاق سوريا إلى «حريق إقليمي أوسع».

وكانت نجاة رشدي تقدم إحاطة عبر دائرة تلفزيونية مغلقة إلى أعضاء مجلس الأمن في نيويورك؛ إذ أفادت بأن عدداً كبيراً من السوريين يجدون أنفسهم محاصرين «في حلقة لا هوادة فيها من العنف والمعاناة»، مشيرة إلى فرار مئات الآلاف من لبنان، فضلاً عن أن العنف داخل البلاد أدى إلى موجات جديدة من النزوح، في ظل معاناة إنسانية متفاقمة وتقلُّص المساعدات. ورأت أن هذا «عام 2024 في طريقه ليكون الأكثر عنفاً منذ عام 2020»، محذرة من أن «إمكانية حدوث دمار أكبر تلوح في الأفق».

تلامذة عائدون إلى منازلهم في بلدة النيرب بريف إدلب (أرشيفية - د.ب.أ)

الغارات الإسرائيلية

وإذ شددت على ضرورة وقف النار في غزة ولبنان، أكدت المبعوثة الأممية أن هناك «حاجة ملحة» إلى العمل نحو وقف النار على مستوى البلاد بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن رقم 2254، وإلى «نهج تعاوني لمكافحة الجماعات الإرهابية المدرجة على قائمة في مجلس الأمن». وقالت إن سوريا «لا تزال في حالة حرب وانقسام عميقة وناشطة»، مضيفة أن «أكثر من 100 ألف شخص لا يزالون محتجزين تعسفاً أو مفقودين. والاقتصاد في حالة يرثى لها. والبنية التحتية مدمرة ومتدهورة. والجريمة المنظمة والنشاطات غير المشروعة في ازدياد، ما أَحْدَثَ تداعيات اجتماعية سلبية، وولَّد مزيداً من عدم الاستقرار». وفي ظل التصعيد الحالي للحرب الإسرائيلية في لبنان وغزة، قالت رشدي إن «الضربات الجوية الإسرائيلية على سوريا ازدادت بشكل كبير من حيث التكرار والنطاق». وأشارت إلى الغارات الإسرائيلية، الأربعاء الماضي، قرب مدينة تدمر التي أدت إلى مقتل العشرات، مرجحة أن تكون «الأشد فتكاً في سوريا حتى الآن». وأضافت: «تقول إسرائيل إن ضرباتها تستهدف مواقع مرتبطة بإيران أو (حزب الله) أو (الجهاد الإسلامي) الفلسطيني، لكننا مرة أخرى نشهد سقوط ضحايا من المدنيين، من ضمنهم جراء غارات ضخمة على مناطق سكنية في وسط دمشق».

معبر المصنع الحدودي بين لبنان وسوريا بعد استهدافه بغارة إسرائيلية (أرشيفية - أ.ف.ب)

وكررت أن إنهاء الحرب «يتطلب عملية سياسية ذات مغزى»، مؤكدة أن «هناك لحظة محورية لدفع العملية السياسية، من خلال الالتزام الحقيقي والعمل». وحذرت من أن «الرياح الجيوسياسية قد تبدأ في التحول مرة أخرى قريباً، في اتجاهات يصعب التنبؤ بها». وقالت أيضاً إنه «إذا أبدت جميع الأطراف استعدادها للعمل بشكل بناء ومسؤول وعملي، فستكون لدينا أفضل فرصة لتسخير الديناميكيات القائمة والجديدة وتحويلها إلى فرص للتقدم» عبر «استئناف اجتماعات اللجنة الدستورية ومواصلة تطوير تدابير بناء الثقة خطوة بخطوة» وغيرها من الأفكار الأممية لتطوير مسار شامل للخروج من الصراع السوري.

فارُّون من الحرب عند معبر المصنع الحدودي باتجاه سوريا الذي جرى استهدافه بغارة إسرائيلية (أرشيفية - أ.ف.ب)

العائدون من لبنان

كذلك تحدثت مديرة قسم العمليات والمناصرة لدى مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) إيديم وسورنو، التي قالت إن أكثر من 540 ألف شخص فروا إلى سوريا من الحرب في لبنان منذ أواخر سبتمبر (أيلول) الماضي، أكثر من نصفهم من الأطفال، وإن ثلثيهم من السوريين. وإذ رحبت باستعداد الحكومة السورية لإبقاء حدودها مفتوحة، وتسهيل الدخول إلى البلاد، أشارت إلى أن الغارات الجوية الإسرائيلية على طول الحدود جعلت المعابر أكثر خطورة. وأضافت أن الناس لجأوا إلى التنقل عبر المعابر سيراً، أو البحث عن طرق بديلة أطول وأكثر خطورة من المعابر الرسمية. ونقلت عن تقارير أن بعض العائلات اللبنانية بدأ بالفعل في العودة إلى لبنان بسبب نقص الخدمات وظروف المعيشة السيئة في سوريا.

وكذلك قالت: «يواجه ما يقرب من 13 مليون شخص بالفعل انعدام الأمن الغذائي الحاد في سوريا - خامس أعلى إجمالي عالمي - بينما اضطُرَّ برنامج الأغذية العالمي إلى خفض مساعداته بنسبة 80 في المائة في العامين الماضيين بسبب تخفيضات التمويل». وحذرت من أنه إذا لم يتم تلقي مزيد من التمويل «ستكون العواقب وخيمة»، خصوصاً مع حلول فصل الشتاء.