اتسعت رقعة الاشتباكات بين إسرائيل و«حزب الله» ليصل القصف الإسرائيلي للمرة الأولى إلى عمق مدينة بنت جبيل القريبة من الحدود حيث قتل مدنيان اثنان وعنصر في «حزب الله»، فيما ردّ الحزب باستهداف مستوطنة كريات شمونة بثلاثين صاروخا وفق ما أعلن، بعدما كان قد جدد مسؤولوه التأكيد على أنه «لن تمر جريمة ضد المدنيين من دون أن يدفع العدو الثمن».
وقتل ثلاثة أشخاص من عائلة واحدة في بنت جبيل باستهداف منزلهم، ليعود «حزب الله» ويعلن أن أحدهم ويدعى علي بزي مقاتل في صفوفه «ارتقى شهيدا على طريق القدس».
وردّ «حزب الله» بعد الانتهاء من تشييعهم باستهداف كريات شمونة، وقالت «المقاومة الإسلامية» في بيان لها «دعماً لشعبنا الفلسطيني الصامد في قطاع غزّة وإسناداً لمقاومته الباسلة والشريفة ورداً على جرائم العدو المتكرّرة واستهدافه لمنازل المدنيّين في بنت جبيل استهدف مجاهدو المقاومة الإسلامية بعد ظهر الأربعاء مستعمرة كريات شمونة بثلاثين صاروخ كاتيوشا».
من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي الأربعاء، أنه قصف بنى تحتية ومواقع عسكرية لـ«حزب الله» في جنوب لبنان بعد إطلاق مقذوفات باتجاه مناطق في شمال إسرائيل خلال الساعات الماضية. وأضاف في بيان أنه رصد إطلاق ثلاث طائرات من لبنان سقطت في منطقة بمزارع شبعا.
وكانت قد أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بأن الطائرات الحربية الإسرائيلية أغارت قبيل منتصف الليل على منزل من آل بزي في حي الدورة وسط مدينة بنت جبيل، ودمرته، فهرعت إلى المكان فرق الإسعاف من الدفاع المدني وكشافة الرسالة الإسلامية والهيئة الصحية الإسلامية والصليب الأحمر وعملت على البحث تحت الركام والإغاثة طوال ساعات الليل، حتى تمكنت من انتشال جثامين كل من علي بزي وشقيقه إبراهيم بزي وزوجة إبراهيم شروق حمود، ونقلوا إلى المستشفى بالإضافة إلى جريح من آل بزي. وكان إبراهيم بزي حضر إلى لبنان منذ أيام من أستراليا حيث يقيم منذ أعوام، ليصطحب زوجته شروق ومغادرة لبنان والاستقرار في أستراليا، بحسب «الوطنية».
وجدد النائب في «حزب الله» حسن فضل الله أثناء التشييع التأكيد على أنه «لن تمر جريمة ضد المدنيين من دون أن يدفع العدو الثمن». وقال «المقاومة لن تتساهل مع استهداف المدنيين، وأن كل جريمة في الوقت الذي تزيدنا إصراراً على الثبات هنا، سنرد عليها وسيدفع العدو ثمنها، ولن تمر جريمة ضد المدنيين من دون أن يدفع العدو الثمن، وهذا ما تكرسه المقاومة في كل يوم ومواجهة وعملية...».
وتكثف إسرائيل في الفترة الأخيرة استهدافها للمنازل بطريقة غير مسبوقة حتى أنه في بعض الأحيان تقوم بقصف المنزل نفسه مرات عدّة، وهو ما أدى إلى رد «حزب الله» عبر إعلانه قبل أيام أيضا عن استهدافه منازل في إسرائيل.
ويضع العميد المتقاعد، ناجي ملاعب المستجدات الأخيرة في جنوب لبنان ضمن خانة الرسالة العسكرية من قبل إسرائيل لـ«حزب الله»، مشيرا في الوقت عينه إلى أن المنازل التي تستهدف تعود في معظمها لأشخاص أو عناصر تابعين لـ«حزب الله»، وهو ما يلفت إليه مصدر محلي في جنوب لبنان، مؤكدا أن معظم المنازل التي تستهدف هي تابعة لأشخاص مرتبطين بالحزب.
وفي سياق استهداف المنازل، أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» الأربعاء عن استهداف منزلين بغارات من مسيرة إسرائيلية، الأول في بلدة كفركلا والثاني في طيرحرفا حيث اندلعت النيران في داخله. ويقول ملاعب لـ«الشرق الأوسط» ليس لـ«حزب الله» مواقع ومراكز ثابتة في الجنوب وهو يطلق صواريخه وأسلحته من الأحراج، لكن إسرائيل ورغم تدمير الحزب لمعظم المراصد وأجهزة الرقابة التابعة لها فإنها لا تزال تمتلك وسائل استطلاع واستخبار بواسطة الطائرات المسيرة والأقمار الاصطناعية التي ترصد كل حركة على الأرض لمقاتلين وعناصر في «حزب الله». ويضيف «استهداف بنت جبيل لا شك أنه تطور جديد لكنه في الوقت عينه ليس بعيدا عن المستجدات التي تسجل في الفترة الأخيرة حيث يستهدف حزب الله كريات شمونة ومستوطنات إسرائيلية». ويرى أن القصف على بنت جبيل هو رسالة عسكرية بالنار استباقا لأي محاولة قد يقوم بها الحزب للرد على مقتل أحد كبار مستشاري الحرس الثوري في سوريا رضي موسوي.
في غضون ذلك، تواصلت المواجهات بين إسرائيل و«حزب الله» الذي أعلن عن تنفيذه سلسلة من العمليات منها تلك التي استخدم فيها المسيرات الانقضاضية التي كان قد استخدمها للمرة الأولى قبل نحو شهرين وأعلن أمين عام الحزب حسن نصرالله أنها من بين الأسلحة الجديدة التي أدخلت في المعركة.
وقال في بيانات متفرقة إن مقاتليه شنوا «هجوماً مشتركاً بالمسيرات الهجومية الانقضاضية والأسلحة الصاروخية والمدفعية على تجمعات جنود في الجيش الإسرائيلي المستحدثة وآلياته خلف مواقعه في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة وأوقعوا فيها إصابات مؤكدة».
وأعلن كذلك أنه استهدف موقع خربة ماعر ومرابض المدفعية فيه وتموضع القوات الإسرائيلية حوله بصواريخ بركان إضافة إلى «خيمة لقوة خاصة في الجيش الإسرائيلي جنوب موقع الضهيرة بالصواريخ الموجّهة، وحقّقوا فيها إصابات مباشرة وأوقعوا أفرادها بين قتيل وجريح».
وصباحا كانت «المقاومة الإسلامية» أعلنت عن استهدافها «تموضعاً قيادياً مستحدثاً للجيش الإسرائيلي في محيط الموقع البحري بالأسلحة المناسبة».
ومنذ الصباح لم يتوقف القصف الإسرائيلي على عدد من البلدات الجنوبية، وتعرضت أطراف بلدة الناقورة لقصف مدفعي في حين دوت صفارات الإنذار في مقر «اليونيفيل»، كما سمعت أصوات صواريخ اعتراضية في المنطقة، بحسب «الوطنية».
كذلك استهدفت أحراج اللبونة في منطقتي الناقورة واللبونة وصولا لإحراج الضهيرة ويارين بقصف مدفعي من عيار 155ملم، كما نفذت مسيرة إسرائيلية غارات على المنطقة الواقعة ما بين الضهيرة وطيرحرفا وعلى أطراف بلدة مروحين وبلدات الجبين وطيرحرفا ويارين.
وبعد إطلاق «حزب الله» عددا من الصواريخ بلغ أكثر من ثمانين صاروخا باتجاه المواقع الإسرائيلية في مزارع شبعا، عاد الجيش الإسرائيلي واستهدف المنطقة حيث طال القصف المدفعي خراج بلدة كفرشوبا ومزارع شبعا في وقت تكثف فيه القصف الذي استهدف غرب ميس الجبل.