العراق: تصعيد «متبادل» يقترب من «الفوضى»

واشنطن ترد بعنف على استهداف الفصائل قاعدة «حرير»... ومسؤول يتحدث بـ«إحباط» عن التهدئة

العشرات من أنصار «الحشد الشعبي» شيعوا عنصراً قتل في غارة أميركية جنوب البلاد الثلاثاء (أ.ف.ب)
العشرات من أنصار «الحشد الشعبي» شيعوا عنصراً قتل في غارة أميركية جنوب البلاد الثلاثاء (أ.ف.ب)
TT

العراق: تصعيد «متبادل» يقترب من «الفوضى»

العشرات من أنصار «الحشد الشعبي» شيعوا عنصراً قتل في غارة أميركية جنوب البلاد الثلاثاء (أ.ف.ب)
العشرات من أنصار «الحشد الشعبي» شيعوا عنصراً قتل في غارة أميركية جنوب البلاد الثلاثاء (أ.ف.ب)

كشف مسؤول عراقي بارز أن اتصالات «مكثفة» بدأت، الثلاثاء، لوقف التصعيد المتزايد، بعد قصف فصائل مسلحة قاعدة «حرير» في أربيل (شمال)، والرد الأميركي بضرب منشآت تابعة للحشد الشعبي جنوب بغداد، فيما تتحدث مصادر عراقية عن «إحباط يخيم على مكاتب الحكومة العراقية من أن جهودها النشطة الآن لن تحقق تهدئة صلبة ومستدامة».

وقتل عنصر تابع لفصيل عراقي مسلح وأصيب 24 آخرون بجروح، بينهم 8 من أفراد الأمن والدفاع المدني، في قصف أميركي طال مواقع لفصائل عراقية موالية لإيران في محافظتي واسط وبابل، وسط وجنوب العراق.

وفي وقت لاحق، شيّع العشرات المقاتل الذي قضى في هذا القصف، رافعين أعلام «الحشد الشعبي»، وصور نائب رئيس الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس والجنرال الإيراني قاسم سليماني اللذين قضيا بضربة أميركية في مطار بغداد قبل نحو أربع سنوات، وفقاً لما ذكره مصور في «وكالة الصحافة الفرنسية».

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية يشيعون العنصر الذي قتل في الغارة الأميركية الثلاثاء (أ.ف.ب)

وجاء القصف الأميركي رداً على هجوم شنته الفصائل استهدف القوات الأميركية، ليل الاثنين وفجر الثلاثاء، في سوريا والعراق، أسفر عن إصابة ثلاثة جنود أميركيين.

وقالت مصادر ميدانية، لـ«الشرق الأوسط»، إن «طائرة مسيرة ملغمة ضربت نقطة عسكرية تابعة للقوات الأميركية قرب مطار أربيل الدولي»، فيما قال شهود عيان، إن «حركة الطائرات توقفت لبضع ساعات، إثر الهجوم»، الذي تبنته لاحقاً المجموعة التي تسمي نفسها «المقاومة الإسلامية في العراق».

وتزعم هذه الجماعة، وفقاً لبيان أصدرته، الثلاثاء، أنها تنفذ هجمات ضد الأميركيين في المنطقة للرد على «المجازر الإسرائيلية في غزة».

وقال الناطق الرسمي باسم القائد العام للقوات المسلحة يحيى رسول، إن «استهداف مطار أربيل عمل إرهابي»، مؤكداً أن «القوات العراقية ستصل للفاعلين».

وقالت مصادر مطلعة، إن الهجوم الذي جاء بكتلة نارية أقوى هذه المرة، ربما كان رداً على مقتل رضا موسوي، مسؤول التسليح في الحرس الثوري الإيراني.

ونقلت «رويترز»، الثلاثاء، عن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، أن بلاده في حرب متعددة الجبهات، و«نتعرض للهجوم من 7 مناطق، من بينها العراق، وقد قامت بالرد بالفعل واتخذت إجراءات في 6 من هذه المناطق».

عنصر من «كتائب حزب الله» العراقية يعاين موقع الغارة الأميركية في الحلة جنوب بغداد الثلاثاء (أ.ف.ب)

وقالت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي الأميركي أدريين واتسون، في بيان صحافي، إن الهجوم على قاعدة أربيل الجوية أدّى لإصابة ثلاثة عسكريين أميركيين بجروح، أحدهم حالته خطرة.

واطلع الرئيس الأميركي جو بايدن «على الفور» على الهجوم، وأمر وزارة الدفاع بإعداد خيارات الرد ضد المسؤولين عن الهجوم، ثم عُرضت هذه الخيارات خلال اتصال هاتفي بعد الظهر مع وزير الدفاع أوستن وأعضاء فريق الأمن القومي للرئيس، وخلال تلك المكالمة، وجه الرئيس بشن ضربات على ثلاثة مواقع تستخدمها «كتائب حزب الله» والجماعات التابعة لها، والتي تركز بشكل خاص على أنشطة الطائرات المسيرة، وفقاً لما ذكرته واتسون.

ويعتقد المسؤول العراقي، الذي طلب عدم كشف اسمه، أن «حجم الخسائر في الهجوم الأخير دفع واشنطن إلى رد سريع وعنيف في بابل وواسط».

وأصدر مكتب رئيس الحكومة محمد شياع السوداني بياناً صحافياً تضمن «إدانة لاستهداف الفصائل لمطار أربيل وقصف الأميركيين لمنشآت عسكرية عراقية وسط البلاد»، مشيراً إلى أن «هذه الأعمال تعيق التفاهمات على إنهاء وجود قوات التحالف الدولي في العراق».

وقال السوداني: «تنظيم (داعش) الإرهابي لم يعد يشكل تهديداً للأمن الوطني العراقي، وبالتالي فإن المحافظة على ثمار هذا الانتصار من صلب أولوياتنا الأمنية والاستراتيجية، ولن نسمح لأي طرف بالمساس بما تحقق وترسّخ عبر آلاف التضحيات».

قلق من «منزلق الفوضى»

وأكد المسؤول العراقي أن السلطات العراقية بدأت «اتصالات مكثفة» مع سياسيين عراقيين وقنوات دبلوماسية؛ للتأكد من أن «التصعيد المتبادل يمكنه أن يتوقف بأسرع وقت ممكن».

وقال المسؤول: «ليس من الواضح أن تمتثل الجماعات المسلحة العراقية لدعوات وقف التصعيد؛ لأنها سبق أن رفضت محاولات مماثلة»، كما أن الأميركيين «لن يترددوا في الرد على هجمات عنيفة ضد مواطنيهم ومصالحهم».

ووفقاً للمسؤول الذي أكد أنه على اطلاع بجهود التهدئة، فإن «حالة من الإحباط تسود مكاتب الفاعلين في الحكومة والإطار التنسيقي؛ لأنهم قد يصلون إلى مرحلة الفلتان».

وحذر تحالف «قوى الدولة» الذي يتزعمه عمار الحكيم ورئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، من أن يؤدي التصعيد العسكري والأمني المتبادل بين أميركا وأطراف عراقية إلى منزلق الفوضى والاضطراب.

لكن السفيرة الأميركية، التي لم تشر في بيانها المباشرة، الثلاثاء، إلى موقف رئيس الحكومة كما جرت العادة، شددت على أن «هجمات الإرهابيين يجب أن تتوقف»، وقالت إن الرئيس الأميركي يضع أولوية في حماية الأفراد الأميركيين على حساب أي شيء آخر».

ويبدو أن القلق السياسي والحكومي من التصعيد له ما يبرره، بعدما شنت فصائل موالية لإيران هجوماً حاداً على الحكومة العراقية، على خلفية بيانها الأخير.

وقال المتحدث باسم «كتائب حزب الله» العراقية، الذي يحمل اسم «أبو علي العسكري»، في منشور عبر منصة «إكس»، إن بيان الحكومة الأخير «يبرر للأميركيين أفعالهم في العراق، وتنفيذ هجمات جديدة ضد الحشد الشعبي»، مشيراً إلى أن «من يدخل السفارة الأميركية من بابها الخلفي بأسماء مستعارة خارج عن القانون».


مقالات ذات صلة

«الديمقراطي» الكردستاني: لا «فيتو» على مشاركة أي طرف في حكومة الإقليم

المشرق العربي رجل كردي يرتدي الملابس التقليدية يُصوِّت بمركز اقتراع خلال الانتخابات البرلمانية في إقليم كردستان بأربيل الأسبوع الماضي (إ.ب.أ)

«الديمقراطي» الكردستاني: لا «فيتو» على مشاركة أي طرف في حكومة الإقليم

يشدد الحزب الديمقراطي الكردستاني الفائز الأكبر في انتخابات برلمان إقليم كردستان (39 من أصل 100 مقعد) على أهمية حماية كيان الإقليم

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي مقاتلة تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي تغادر لتنفيذ ضربات على إيران (رويترز)

غموض يحيط استخدام إسرائيل الأجواء العراقية لضرب إيران

لا يزال الغموض يكتنف ما إذا كانت إسرائيل قد استخدمت الأجواء العراقية لقصف إيران، في وقت أعلنت فصائل مسلحة عراقية توجيهها ضربات فجر الأحد إلى الجولان وإيلات.

حمزة مصطفى (بغداد)
شؤون إقليمية رتل لقوات من الجيش العراقي (رويترز)

مسؤول عسكري: الهجوم الإسرائيلي على إيران لم يشمل العراق

نفى مسؤول عسكري رفيع تعرُّض مواقع عراقية للقصف من الطيران الإسرائيلي في أثناء قيامه، فجر السبت، بمهاجمة إيران.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي أوقفت الخطوط الجوية العراقية جميع رحلاتها بشكلٍ مؤقت لأسباب احترازية (الخطوط العراقية)

استئناف حركة الطيران في العراق وإيران بعد توقفها لساعات

أعلن وزير النقل العراقي، رزاق السعداوي، إيقاف حركة الطيران بشكل تام في جميع المطارات العراقية بشكل مؤقت.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين (أ.ب)

فؤاد حسين: سماء العراق ليست فضاء للحرب

عبَّر وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، عن قلق حكومة بلاده من استخدام سماء البلاد فضاءً للحرب التي تلوح بين إيران وإسرائيل.

ميشال أبونجم (باريس)

غزة... «هدنة تدريجية» على طاولة التفاوض

الشرطة الإسرائيلية تتفقد يوم الأحد موقع اصطدام شاحنة بمحطة حافلات قرب تل أبيب (أ.ب)
الشرطة الإسرائيلية تتفقد يوم الأحد موقع اصطدام شاحنة بمحطة حافلات قرب تل أبيب (أ.ب)
TT

غزة... «هدنة تدريجية» على طاولة التفاوض

الشرطة الإسرائيلية تتفقد يوم الأحد موقع اصطدام شاحنة بمحطة حافلات قرب تل أبيب (أ.ب)
الشرطة الإسرائيلية تتفقد يوم الأحد موقع اصطدام شاحنة بمحطة حافلات قرب تل أبيب (أ.ب)

تبلورت ملامح مقترح مصري لإبرام ما بدا «هدنة تدريجية» في غزة، أمس (الأحد)، في وقت بدأت فيه جولة جديدة من المفاوضات بين مسؤولين من قطر وأميركا وإسرائيل في الدوحة لإحراز اتفاق لتبادل المحتجزين والسجناء، ووقف إطلاق النار.

وأفاد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أمس، بأن القاهرة اقترحت وقفاً لإطلاق النار لمدة يومين في غزة، لتبادل 4 رهائن إسرائيليين مع بعض السجناء الفلسطينيين.

وأضاف السيسي، خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الجزائري عبد المجيد تبون، أمس، في القاهرة، أن مصر أطلقت مبادرة لتحريك الموقف وإيقاف إطلاق النار لمدة يومين، يجري خلالهما تبادل 4 رهائن مع أسرى. وأردف: «ثم خلال 10 أيام يتم التفاوض على استكمال الإجراءات في القطاع، وصولاً إلى إيقاف كامل لإطلاق النار».

واستبق وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، جولة مفاوضات الدوحة بالحديث عن أهمية تقديم «تنازلات مؤلمة» لإتمام صفقة.

وعادت مجدداً إلى الواجهة، الضغوط الداخلية لإبرام صفقة مع «حماس»، بعدما قاطع أقارب قتلى هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال إحياء الذكرى السنوية للهجوم، وفق التقويم العبري، وصرخ بعضهم تجاه نتنياهو بعبارة: «عارٌ عليك».

من جهة أخرى، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أمس، عن شعوره بـ«الصدمة لمستويات القتل والإصابات والدمار الهائلة» في شمال غزة. وقال ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم غوتيريش: «إن معاناة المدنيين الفلسطينيين العالقين في شمال غزة لا تحتمل».