بعد 12 عاماً من النزوح السوري... لبنان يبدأ تحصيل فواتير الكهرباء من مخيّماتهم

مفوّضية اللاجئين تخصّص نسبة مالية لاستهلاك الكهرباء

مخيم للنازحين السوريين في بر إلياس (رويترز)
مخيم للنازحين السوريين في بر إلياس (رويترز)
TT

بعد 12 عاماً من النزوح السوري... لبنان يبدأ تحصيل فواتير الكهرباء من مخيّماتهم

مخيم للنازحين السوريين في بر إلياس (رويترز)
مخيم للنازحين السوريين في بر إلياس (رويترز)

بعد 12 عاما على أزمة النزوح السوري إلى الأراضي اللبنانية، بدأت مؤسسة كهرباء لبنان منذ مطلع الأسبوع الحالي، تحرير محاضر لتحصيل قِيم استهلاك الكهرباء من مخيمات النازحين السوريين، حسب قراءات ما يقارب 900 عداد إلكتروني، والتي بدأ تركيبها منذ حوالي عام لهذه المخيمات على مختلف الأراضي اللبنانية، حسبما أعلنت المؤسسة (الخميس)، علماً بأنّه سيتم تركيب مزيد من العدادات لسائر المخيمات التي لم تكن بعد على الجداول المتوافرة لحينه.

ويعيش لبنان واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية والمالية في العالم، حيث فقدت الليرة أكثر من 90 في المائة من قيمتها أمام الدولار منذ 2019.

وتقوم فرق التفتيش التابعة للمؤسسة، بالتنسيق مع دوائر التوزيع المعنية، باحتساب القيم المالية المتوجبة عن استهلاك الكهرباء من قبل كل من هذه المخيمات، ووضع المحاضر بها لتحصيل قِيمها في كل من هذه الدوائر.

وتم إصدار 110 محاضر لغاية اليوم بالقِيم المتوجبة على عدد من هذه المخيمات، وُضعت قيد التحصيل خلال الأسبوع الحالي، على أن يتم استكمال تسجيل وتسعير محاضر للمخيمات المتبقية تباعاً.

وأوضحت المؤسسة في بيان، أن الإجراءات التي باشرت بها، لتحصيل قِيم استهلاك الكهرباء من قبل مخيمات النازحين السوريين، وفق ما تقدّم، تأتي أيضاً ضمن إطار تنفيذ خطة الطوارئ الوطنية لقطاع الكهرباء، وبعد إرسال عدة كتب إلى السلطات المعنية بشأن الآلية اللازمة لهذه الغاية، وبناءً على قرارات مجلس إدارة المؤسسة ذات الصلة، واستناداً إلى قرارات جانب اللجنة الوزارية المشكّلة بقرار مجلس الوزراء، وبعد عقد عدة اجتماعات بين المؤسسة والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) لهذه الغاية.

لاجئون سوريون في لبنان (أ.ف.ب)

وأشارت إلى ما أفادت به مفوّضية اللاجئين مؤسسة كهرباء لبنان بأن المفوّضية تخصّص نسبة مالية لزوم استهلاك الكهرباء من ضمن مجمل مبالغ المساعدات المالية المدفوعة من جانبها إلى النازحين السوريين، وقد عمّمت المفوّضية بتاريخ 29 - 8 - 2023 بياناً على هؤلاء النازحين، بعنوان «معلومات عن الحقوق والالتزامات حول استهلاك الكهرباء»، تبلغهم بموجبه بوجوب دفع قِيم استهلاكهم للكهرباء إلى مؤسسة كهرباء لبنان، وتنذرهم بأن الحصول على الكهرباء بشكل غير قانوني وعدم تسديد هذه القِيم من قبلهم يُعد مخالفةً للقانون وله عواقب، مثل قطع التيار الكهربائي عنهم، وترتّب غرامات عليهم، عدا عن مخاطر تحميل الشبكة الكهربائية بشكل زائد.

وطلبت مؤسسة كهرباء لبنان من النازحين السوريين التعاون مع فرق المؤسسة المولجة متابعة هذا الموضوع، والتقيّد بدفع المتوجبات المالية المطلوبة منهم لقاء استهلاكهم للطاقة الكهربائية، والتي هي أموال عامة، وذلك تحت طائلة قطع التيار الكهربائي عن المتخلفين من هذه المخيمات عن السداد، أسوة بما يطبق بهذا الشأن على المشتركين كافة في مختلف المناطق اللبنانية.

نحو 1.5 مليون لاجئ سوري يعيشون في لبنان حالياً (أ.ف.ب)

ويتصاعد الغضب بين اللبنانيين من عدم دفع مخيمات اللاجئين لتعريفة الكهرباء أو المياه، ما دفع وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية وليد فياض في يونيو (حزيران) الماضي إلى اقتراح فرض تعريفة كهرباء على المخيمات، نظرا إلى الوضع الصعب الذي تعيشه مؤسسات الدولة برمتها.

وقال حينها إن بلاده لا يمكنها فرض فواتير كهرباء على المواطن في الوقت الذي لا تفرضها فيه على اللاجئين السوريين والفلسطينيين، عاداً أن هذا قد يخلق حالة من الحساسية والسخط لدى الشعب اللبناني.

يذكر أنه وفقا لبيانات الأمم المتحدة، فإن نحو 1.5 مليون لاجئ سوري يعيشون في لبنان حاليا، منهم حوالي 950 ألفاً مسجلون لدى مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، بينما يقدّر عدد سكان البلد بحوالي ستة ملايين نسمة.


مقالات ذات صلة

الاقتصاد اللبناني «المنهك» ينزلق إلى هاوية الركود الشامل

المشرق العربي معبر جوسيه بين لبنان وسوريا إثر استهدافه بقصف إسرائيلي في 25 أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)

الاقتصاد اللبناني «المنهك» ينزلق إلى هاوية الركود الشامل

يعكس التباين في تقديرات الخسائر الاقتصادية للحرب حقيقة عمق حال «عدم اليقين» وصعوبات التحقّق من مستويات التدهور اللاحقة بالمؤشرات الأساسية والمرافق الإنتاجية.

علي زين الدين (بيروت)
المشرق العربي «مصرف لبنان المركزي»... (أرشيفية - رويترز)

لبنان يواجه حزمة استحقاقات مالية «داهمة»

يشهد لبنان زحمة استحقاقات مالية مهمة ومتزامنة خلال الشهر الحالي؛ تبدأ بشروع الحكومة في مناقشة مشروع قانون الموازنة للعام المقبل.

علي زين الدين
المشرق العربي حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة (رويترز)

رياض سلامة... من جوائز التكريم إلى أروقة المحاكم

يشكّل سلامة منذ ثلاثة أعوام محور تحقيقات محلية وأوروبية تشتبه في أنه راكم أصولاً عقارية ومصرفية بشكل غير قانوني، وأساء استخدام أموال عامة على نطاق واسع.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الحاكم السابق للمصرف المركزي في لبنان رياض سلامة (رويترز)

توقيف حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة بعد استجوابه

أوقف القضاء اللبناني، اليوم (الثلاثاء)، الحاكم السابق للمصرف المركزي رياض سلامة، بعد استجوابه بشأن قضية اختلاس أموال.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي صورة عامة لمعمل الجية الحراري المتوقف عن العمل (إ.ب.أ)

​مخرج سياسي لبناني لاستئناف إنتاج الكهرباء بالحد الأدنى

أثمرت الاتصالات بين المؤسسات العامة في لبنان مخرجاً لإعادة التغذية الكهربائية بالحد الأدنى لتشغيل المرافق الحيوية بعد يومين من العتمة الشاملة

«الشرق الأوسط» (بيروت)

«هدنة غزة»: حديث عن أيام حاسمة لـ«صفقة جزئية»

فلسطينيون يؤدون صلاة الجنازة على مواطنين لهم قضوا بغارة إسرائيلية في مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح (رويترز)
فلسطينيون يؤدون صلاة الجنازة على مواطنين لهم قضوا بغارة إسرائيلية في مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح (رويترز)
TT

«هدنة غزة»: حديث عن أيام حاسمة لـ«صفقة جزئية»

فلسطينيون يؤدون صلاة الجنازة على مواطنين لهم قضوا بغارة إسرائيلية في مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح (رويترز)
فلسطينيون يؤدون صلاة الجنازة على مواطنين لهم قضوا بغارة إسرائيلية في مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح (رويترز)

تتواصل مساعي الوسطاء في المفاوضات الرامية لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، لسد «فجوات»، وسط حديث إسرائيلي عن «أيام حاسمة» لعقد صفقة جزئية.

وأفاد مصدر فلسطيني تحدث لـ«الشرق الأوسط» بأن «الفجوات لا تزال مستمرة على طاولة المفاوضات بسبب طرح رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو عراقيل جديدة، بطلب جديد خاص بالرهائن، يتمثل في إطلاق سراح 11 رهينة من عمر الشباب مع القائمة المتفق عليها والتي تضم 23 آخرين»، وسط تحفُّظ من «حماس» ومطالبتها بإعادة الحديث بشأن مقابلهم من الأسرى الفلسطينيين، الذي حددته بنحو 200 إلى 300 عن كل أسير بما يصل إجمالاً إلى 3 آلاف، وهو ما يلاقي رفضاً إسرائيلياً.

ويتوقع المصدر أن الصفقة الجزئية تنتظر «الحسم» هذا الأسبوع بين لقاءات بالقاهرة والدوحة، لسد الفجوات، وإنهاء عراقيل نتنياهو باتفاق يحدث قبل بدء الرئيس الأميركي المنتخب ولايته في 20 يناير (كانون الثاني) على أن يُعْلَن ويُنَفَّذ على الأرجح، بداية العام المقبل.

فلسطينيون يتفقدون الأضرار في موقع غارة إسرائيلية بدير البلح وسط قطاع غزة (رويترز)

وكشفت صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية، الأحد، أن إسرائيل قدمت قائمة تضم 34 محتجزاً تطالب بالإفراج عنهم في المرحلة الأولى من الاتفاق، بما في ذلك 11 اسماً لا تنطبق عليهم معايير «حماس» للاتفاق.

ونقلت الصحيفة عن مصادر، لم تسمِّها، أن المناقشات تركز على شروط الانسحاب الإسرائيلي التدريجي من ممر فيلادلفيا وكذلك «القائمة الإنسانية» التي تعطي الأولوية لإطلاق سراح الذين تتعرض حياتهم لخطر واضح وفوري، لافتة إلى بعض الأسماء الواردة في القائمة الإسرائيلية التي تضم محتجزين تعدهم «حماس» جنوداً، بينما تقول الأخيرة إنَّها ستفرج فقط عن المرضى وكبار السن والأطفال.

ووفق المصادر، ستشمل المرحلة الأولى من الصفقة إطلاق سراح 250 أسيراً فلسطينياً، ليس بينهم القيادي الفلسطيني مروان البرغوثي الذي يرفض الاحتلال الإفراج عنه، مقابل إطلاق سراح محتجزين إسرائيليين.

وتطالب «حماس» بضمانات لإنهاء الحرب في حال تم التوصل إلى صفقة مستدامة، لكن الإصرار الإسرائيلي على القضاء على حكم الحركة في غزة قد يعرقل هذه المطالب، ما يجعل المرحلة الثانية من الصفقة التي تشمل إطلاق سراح الجنود وبقية الرهائن أكثر تعقيداً، بينما تركز المرحلة الثالثة على إعادة الجثث، وفق المصادر نفسها.

وبرأي الخبير المختص بالشؤون الإسرائيلية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور سعيد عكاشة، فإن «حماس» لو قدمت تنازلات أكثر إزاء هذه الضغوط الإسرائيلية، وقبلت بالانسحاب الرمزي الإسرائيلي وعدد الرهائن المطلوب، يمكن أن نرى اتفاقاً، لكن هذا غير مطروح من الحركة حالياً.

ويرى المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أنه كلما اقترب الاتفاق من مراحله الأخيرة اعتدنا أن نرى مثل تلك الضغوط الإسرائيلية لتعظيم المكاسب، متوقعاً أن تبذل القاهرة والدوحة جهوداً مكثفة لإنهاء أي فجوات أو شروط جديدة.

ووسط حالة الضبابية بشأن مخرجات المحادثات المستمرة في الدوحة، منذ الأسبوع الماضي، لا يزال التفاؤل يجد مكاناً بوسائل الإعلام الإسرائيلية، ونقلت «هيئة البث»، السبت عن مصدر مشارك في المفاوضات الجارية بشأن الصفقة قوله إن «المحادثات تسير في الاتجاه الصحيح»، على الرغم من مغادرة رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) ويليام بيرنز قطر، الخميس، موضحاً أن مغادرة بيرنز لا تعني بالضرورة أن المحادثات وصلت إلى طريق مسدود.

وكان بيرنز قد التقى رئيس وزراء قطر في الدوحة لمناقشة اتفاق لوقف إطلاق النار، وإطلاق سراح الرهائن، وفقاً لما نقلته وكالة «رويترز» بهدف تضييق الفجوات المتبقية بين إسرائيل و«حماس».

وكشف مسؤولون إسرائيليون مطَّلعون على المفاوضات أن «العملية في مراحلها النهائية، وأن الاتجاه إيجابي، لكن الأمور لا تزال غير محسومة»، مؤكدين أنه «لا يمكن أن تستمر إلى الأبد، وأنه سيجري تحديد المسار النهائي خلال أسبوع».

قضايا عالقة

رغم التقدم في المحادثات، فإن هناك قضايا خلافية لا تزال تعوق التوصل إلى اتفاق نهائي، وتشمل هذه القضايا: الوجود في محور «فيلادلفيا وبقطاع غزة، وعودة السكان إلى شمال القطاع، وآلية الإفراج عن الرهائن وعددهم، وإدارة المعابر الحدودية، وفق (هيئة البث)».

وإزاء التسريبات الإسرائيلية بشأن مدة الأسبوع والتقدم بالمحادثات، يرى عكاشة، أن «هناك ألغاماً كثيرة حالياً أمام الاتفاق، وبخلاف أن وسائل إعلام بإسرائيل تروج للتقدم فهناك أخرى تتحدث عن فشله»، معتقداً أن «المشكلة في حل تلك العراقيل أنها قد تقود إلى محاولة الذهاب لاتفاق هش غير منضبط بإطار ملزم، ويخرج في سياق عام، ومن ثم سيشهد خروقات كما رأينا في اتفاق الحرب بلبنان».

وبتقدير عكاشة، فإن هذا الاتفاق المحتمل لن يحدث قريباً، في ظل مخاوف نتنياهو بانهيار حكومته، واعتقاد «حماس» أن أي تنازل جديد سيكون بمثابة انتحار آيديولوجي، خصوصاً وهي لا تمتلك ما تخسره، وأفضل لها أن تذهب لتموت وهي تناضل كما تقول.

وبالمقابل، يتوقع الرقب أن تثمر جهود الوسطاء تجاوُزَ الخلافات، وإنضاج اتفاق يُنهي الفجوات التي تواجهه بحلول وسط في أقرب وقت، متوقعاً أن يحدث ذلك قبلة مهلة ترمب.

«تصريحات متناقضة»

توعد ترمب في منشور على منصة «تروث سوشيال» أوائل ديسمبر (كانون الأول) الحالي بـ«مشكلة خطيرة» في الشرق الأوسط ما لم يتم إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في قطاع غزة قبل تنصيبه في 20 يناير المقبل.

لكن عكاشة يستبعد أن يكون هناك تأثير لمهلة ترمب في مسار عقد الاتفاق، وأرجع ذلك إلى أن تصريحه السابق بشأن المهلة إنشائي ومتناقض مع مساعيه لإبرام السلام بالمنطقة، متسائلاً: «كيف سيحقق السلام وهو يتوعد بإشعال المنطقة إن لم تتم الصفقة؟»، قبل أن يجيب: «قد لا نرى هذا الاتفاق بنسبة 60 أو 70 في المائة وننتظر لما بعد وصول ترمب».