الجيش الإسرائيلي يواصل حربه الأخرى على الضفة

الاقتحامات النهارية تؤجج التوترات... ومصدر أمني فلسطيني: يريدون إعادة الاحتلال مثل غزة

فلسطينيون في مخيم بلاطة بالضفة الغربية اليوم الثلاثاء (إ.ب.أ)
فلسطينيون في مخيم بلاطة بالضفة الغربية اليوم الثلاثاء (إ.ب.أ)
TT

الجيش الإسرائيلي يواصل حربه الأخرى على الضفة

فلسطينيون في مخيم بلاطة بالضفة الغربية اليوم الثلاثاء (إ.ب.أ)
فلسطينيون في مخيم بلاطة بالضفة الغربية اليوم الثلاثاء (إ.ب.أ)

قتل الجيش الإسرائيلي فلسطينياً في مخيم بلاطة في نابلس شمال الضفة الغربية، في اقتحام نهاري طال مناطق واسعة في الضفة، وانتهى بقتل وجرح واعتقال فلسطينيين وتدمير بنى تحتية، في ظل مخاوف فلسطينية من لجوء إسرائيل إلى احتلال الضفة على غرار ما يحصل حالياً في قطاع غزة.

وهاجم الجيش الإسرائيلي مخيمي «بلاطة» في نابلس شمالاً و«الدهيشة» في بيت لحم جنوباً، وداهم رام الله وأريحا والخليل وجنين، في ساعات الصباح الأولى، في مشهد يومي متكرر منذ هجوم «حماس» على إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وكان الجيش الإسرائيلي قبل السابع من أكتوبر يعتمد المداهمات الليلية في الضفة، لكنه بعد ذلك أصبح يتعمد المداهمات النهارية كذلك في محاولة لفرض أمر واقع جديد، يقوم على وجود إسرائيلي دائم، وهو ما يوتر ويعطل الحياة اليومية للفلسطينيين.

أطفال في مخيم بلاطة قرب نابلس اليوم الثلاثاء (إ.ب.أ)

واشتبك الفلسطينيون مع جيش الاحتلال في مناطق مختلفة ودارت اشتباكات في مخيم بلاطة، تبادل خلالها مسلحون إطلاق النار مع الجنود الإسرائيليين، واستخدموا أيضاً عبوات ناسفة، قبل أن يتعمد الجيش تخريب بنى تحتية بشكل كبير في المخيم.

وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية أن حسين أبو جعصة من مخيم بلاطة قضى متأثراً بإصابته برصاص الاحتلال في مخيم بلاطة، صباح الثلاثاء، فيما أصيب 5 آخرون بالرصاص.

وأصيب بالرصاص كذلك فلسطينيون في بيت لحم وجنين.

والهجوم على مخيم بلاطة جاء بعد 3 أيام من قتل الجيش الإسرائيلي 5 مطلوبين له في قصف استهدف مقر حركة «فتح» في المخيم، في خطوة لم تحصل منذ عقود، وأشارت إلى تغيير كبير في السياسة الإسرائيلية في الضفة.

وتعيش الضفة الغربية توترات متصاعدة منذ عامين، لكن إسرائيل فرضت عليها أجواء حرب منذ السابع من أكتوبر الماضي، بعدما أغلقت مدن الضفة وطوقتها بالكامل، ومنعت التنقلات، وراحت تقتل وتعتقل وتعتدي على الفلسطينيين بشكل غير مسبوق، وتلاحق كل متضامن مع قطاع غزة وتهدد كل شخص ينتمي للفصائل المسلحة، ومعه كل أقاربه، وذلك في وقت أطلقت فيه العنان للمستوطنين الذين قتلوا أيضاً فلسطينيين وهاجموهم، وهددوهم بالترحيل قسراً إلى الأردن.

جانب من المواجهات بين الفلسطينيين والجنود الإسرائيليين في مخيم بلاطة اليوم الثلاثاء (أ.ف.ب)

وقال مصدر أمني فلسطيني لـ«الشرق الأوسط» إن إسرائيل تعمل بشكل واضح على إعادة احتلال الضفة الغربية، مثلما تفعل في قطاع غزة، مستهدفة الوجود الفلسطيني. وأضاف: «إسرائيل التي تردد كل يوم أن جيشها متأهب ويأخذ إجراءات من أجل منع تحوّل الضفة الغربية إلى جبهة ثالثة محتملة في الحرب الحالية، هي التي تصعد وتوتر هذه الجبهة، لأنها تشن حرباً على الوجود الفلسطيني كله، لا تريد سلطة وطنية ولا شعباً فلسطينياً».

وقتلت إسرائيل في الضفة الغربية، منذ السابع من أكتوبر الماضي، نحو 217 فلسطينياً، واعتقلت أكثر من 3000 فلسطيني من مختلف الفصائل، بينهم مسنون وشبان ونساء وأسرى محررون وناشطون وصحافيون.

وواصل الجيش الإسرائيلي الثلاثاء حملة اعتقالاته، واعتقل نحو 50 فلسطينياً من أنحاء متفرقة في الضفة الغربية، وهؤلاء عادة ما يتم تحويلهم إلى الاعتقال الإداري من دون محاكمات. وبحسب مكتب إعلام الأسرى الفلسطيني، فقد وصل عدد المعتقلين الإداريين للمرة الأولى منذ نشأة الحركة الأسيرة إلى أكثر من 2200 أسير نصفهم من حركة «حماس».

ويعيش الأسرى ظروفاً غير مسبوقة منذ عملية «حماس»، في ظل عزل تام ومنع الزيارات عنهم، وتعرضهم للتنكيل والضرب والإهانة، بحسب روايات أسرى أفرج عنهم.


مقالات ذات صلة

فريق ترمب للشرق الأوسط... «أصدقاء لإسرائيل» لا يخفون انحيازهم

شؤون إقليمية ترمب ونتنياهو يتصافحان في «متحف إسرائيل» بالقدس يوم 23 مايو 2017 (أ.ب)

فريق ترمب للشرق الأوسط... «أصدقاء لإسرائيل» لا يخفون انحيازهم

اختصر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب سياسته المحتملة في الشرق الأوسط باختياره المبكر شخصيات لا تخفي توجهها اليميني وانحيازها لإسرائيل.

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي قوات إسرائيلية تقوم بتأمين مَسيرة للمستوطنين في البلدة القديمة بالخليل (وفا)

الخارجية الفلسطينية: قرار إلغاء الاعتقال الإداري للمستوطنين يشجعهم على ارتكاب الجرائم

قالت وزارة الخارجية الفلسطينية، اليوم الجمعة، إن قرار إسرائيل إلغاء الاعتقال الإداري للمستوطنين يشجعهم على ارتكاب المزيد من الجرائم.

شؤون إقليمية  قوات إسرائيلية تقيم إجراءات أمنية في البلدة القديمة للخليل تحمي اللمستوطنين اليهود (د.ب.أ)

إسرائيل تنهي استخدام الاعتقال الاداري بحق المستوطنين اليهود في الضفة الغربية

أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، اليوم الجمعة، أنه قرر إنهاء استخدام الاعتقال الإداري بحق المستوطنين اليهود في الضفة الغربية المحتلة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي جرافات وآليات إسرائيلية تغلق شوارع مدينة جنين، خلال عملية عسكرية نفذتها القوات الإسرائيلية (د.ب.أ)

الجيش الإسرائيلي: مقتل 9 مسلحين في اشتباكات خلال مداهمة في جنين

أعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم (الخميس)، أن قواته نفذت «عمليات لمكافحة الإرهاب» في جنين، خلال اليومين الماضيين.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية قوات إسرائيلية حول منشأة زراعية ومنزل بعد مداهمة قُتل خلالها 3 فلسطينيين في قباطية جنوب جنين بالضفة الغربية المحتلة يوم الثلاثاء (أ.ف.ب)

التصعيد يعود إلى الضفة و«طنجرة الضغط» تقتل 3 فلسطينيين في جنين

قتل الجيش الإسرائيلي 3 فلسطينيين في جنين، شمال الضفة الغربية، في أحدث هجوم على المدينة، بعد هدوء نسبي أعقب سلسلة دامية من الهجمات.

كفاح زبون (رام الله)

العراق... فقدان 5500 ميغاواط من إمدادات الكهرباء

السوداني مع الرئيس الإيراني خلال زيارة في سبتمبر الماضي (رئاسة الوزراء العراقية)
السوداني مع الرئيس الإيراني خلال زيارة في سبتمبر الماضي (رئاسة الوزراء العراقية)
TT

العراق... فقدان 5500 ميغاواط من إمدادات الكهرباء

السوداني مع الرئيس الإيراني خلال زيارة في سبتمبر الماضي (رئاسة الوزراء العراقية)
السوداني مع الرئيس الإيراني خلال زيارة في سبتمبر الماضي (رئاسة الوزراء العراقية)

أعلنت وزارة الكهرباء العراقية، الأحد، عن فقدان المنظومة الكهربائية 5500 ميغاواط نتيجة توقف إمدادات الغاز الإيراني بالكامل، ما سيؤدي إلى تراجع توفير الطاقة الكهربائية للمؤسسات الحكومية والمواطنين بنحو 20 في المائة. وأوضحت الوزارة أن إنتاجها من الكهرباء تجاوز 27 ألف ميغاواط في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

ورغم أن الوزارة عزت «التوقف المفاجئ» إلى «أغراض الصيانة»، فإن مصادر مطلعة على ملف الكهرباء ترجح أن السبب الرئيسي يعود إلى «أسباب مالية»، حيث إن بغداد مدينة لطهران بأكثر من 10 مليارات دولار، لكنها تجد نفسها غير قادرة على سدادها بسبب العقوبات الأميركية المفروضة على إيران.

وأكدت وزارة الكهرباء في بيان، الأحد، «توقف إمدادات الغاز الإيراني بالكامل لأغراض الصيانة لمدة 15 يوماً (وفقاً للجانب الإيراني) عن بغداد والمنطقة الوسطى ومحافظات الفرات الأوسط، مما أدى إلى فقدان المنظومة 5500 ميغاواط».

وأضافت الوزارة أنه «كان من المتفق عليه أن تكون إمدادات الغاز اليوم الأحد بواقع 25 مليون متر مكعب يومياً، ولكن الكمية المدفوعة حالياً هي 7 ملايين متر مكعب، تم تحويلها من بغداد والوسط إلى المنطقة الجنوبية».

أكدت الوزارة أنها «ستعزز التنسيق مع وزارة النفط لتعويض ما فقدته المنظومة من الغاز، وأنها تنفذ حالياً خططها الاستراتيجية والطارئة لرفع قدرات المنظومة الكهربائية الوطنية في جميع قطاعاتها (الإنتاج، والنقل، والتوزيع)».

كما أشارت الوزارة إلى أنها «تعيد العمل بالمشاريع المتلكئة والمتوقفة منذ سنوات عديدة لاستحصال طاقات توليدية كانت ضائعة وغير مستغلة لتحسين الإنتاج ورفع معدلاته بما يناسب استقرار التجهيز، معتمدة في ذلك على جزء من تشغيل محطاتها الإنتاجية بالغاز الوطني، وجزء آخر بالوقود الوطني، وآخر بالغاز المستورد، ريثما تكتمل مشاريع الحكومة العاملة على تأهيل حقول الغاز الوطنية».

وتحدثت عن أنها «ستنسق مع وزارة النفط بشكل أكبر لتعويض ما خسرته المنظومة من غاز». ومعروف أن الغاز المستثمر في الحقول العراقية لا يغطي حاجة محطات توليد الكهرباء.

العقوبات الأميركية

ويميل مصدر مطلع على ملف الكهرباء إلى «الاعتقاد بأن القرار الإيراني المفاجئ مرتبط بمطالبات إيران المالية من العراق».

ويقول لـ«الشرق الأوسط» إن «إيران لا تقوم بإيقاف إمدادات الغاز في هذه الأوقات من السنة في العادة، لأنها ليست أوقات الذروة والأحمال بسبب اعتدال الأجواء المناخية حتى الآن، أغلب الظن أن الأمر مرتبط بالأموال، خاصة ونحن نعلم أن زيارة الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان الأخيرة إلى العراق لم تنجح في حل هذه المشكلة».

ولا يستبعد المصدر أن «يرتبط الضغط الإيراني الجديد على العراق بهدف الحصول على أموالها لمواجهة أزمتها الاقتصادية واستثمارها في الحرب مع إسرائيل، وكذلك مواجهة تداعيات عملتها الأخيرة».

كانت أخبار تحدثت عن مفاوضات صعبة خاضها بزشكيان خلال زيارة إلى بغداد في سبتمبر (أيلول) الماضي، وذكرت أنه «عرض على العراق أن يتم تسليم الديون عبر عُملة مشتركة»؛ الأمر الذي رفضته بغداد لخشيتها من العقوبات الأميركية، وجراء هذه الخشية يلتزم العراق بالاتفاقيات السابقة التي تتضمن تسليم الديون، من خلال «شراء سلع غير خاضعة للعقوبات مثل النفط الأسود ومنتجات أخرى».

وتراكمت ديون إيران بذمة العراق، التي تتراوح بين 10 و15 مليار دولار منذ أعادت الولايات المتحدة فرض عقوبات على إيران نهاية عام 2018، إثر انسحاب إدارة الرئيس دونالد ترمب من الاتفاق النووي، لكن واشنطن أعطت بعض الاستثناءات للجانب العراقي خلال السنوات الماضية لتسديد بعض من تلك الديون وخاصة في فترات الصيف التي يتصاعد فيها الطلب على الكهرباء، ومع عدم قدرة المحطات العراقية العمل من دون الغاز الإيراني.

وبهدف التغلب على مشكلة العقوبات المفروضة ضد إيران وتنويع العراق لمصادر استيراده للغاز، أعلنت وزارة الكهرباء في أكتوبر الماضي أنها «وقعت عقداً مع تركمانستان لتوريد 20 مليون متر مكعب من الغاز إلى العراق يومياً، بيد أن العقد لم يدخل حيز التنفيذ حتى الآن».

وقال وزير الكهرباء، زياد علي فاضل، نهاية أكتوبر الماضي، إن «كميات الغاز المستوردة تصل إلى 50 مليون متر مكعب يومياً خلال فصل الصيف، سوف تؤمن من تركمانستان 20 مليون متر مكعب يومياً، والمتبقي من ضمن عقد الغاز الإيراني الذي مدته 5 سنوات».

نقص إمدادات الطاقة بإيران

في 10 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، أعلنت السلطات الإيرانية عن خطة لترشيد استهلاك الكهرباء في طهران وعدة محافظات أخرى، بسبب نقص الوقود اللازم لتشغيل المحطات. وتشمل الخطة قطع الكهرباء في مناطق مختلفة من العاصمة لمدة ساعتين يومياً بين الساعة السابعة صباحاً والخامسة مساءً، حسبما أوردت وكالة «إرنا» الرسمية.

وأوضحت الشركة العامة لتوزيع الكهرباء أن القرار جاء نتيجة «محدودية إمدادات الغاز المستخدم وقوداً في المحطات»، إضافة إلى مرسوم حكومي يمنع استخدام المازوت في بعض المحطات الكهربائية. ولم تُحدّد السلطات مدة تطبيق الخطة.

على مدى السنوات الأخيرة، واجهت العديد من المدن الإيرانية الكبرى مشكلة التلوث الناتج عن رداءة المازوت المستخدم في المحطات، وفقاً لخبراء. وللحد من هذه الأضرار، أمرت الحكومة بوقف استخدام المازوت في ثلاث محطات كهرباء في أراك وأصفهان (وسط البلاد) وكرج (غرب طهران) حفاظاً على صحة المواطنين.

يُذكر أن الانقطاعات المتكررة للكهرباء، خاصة خلال فصل الصيف، أثارت استياءً شعبياً واسعاً. ففي يوليو (تموز) الماضي، أعلنت السلطات عن تقليص ساعات العمل في المؤسسات العامة إلى النصف لعدة أيام لتوفير الطاقة.