ما المنتظر من اللجنة الوزارية العربية - الإسلامية لوقف الحرب على غزة؟

شكّلتها «قمة الرياض»... وتبدأ جولتها من الصين

مركبة مدرعة إسرائيلية تمر أمام فلسطينيين فارّين من القتال في غزة على طريق صلاح الدين في حي الزيتون (أ.ف.ب)
مركبة مدرعة إسرائيلية تمر أمام فلسطينيين فارّين من القتال في غزة على طريق صلاح الدين في حي الزيتون (أ.ف.ب)
TT

ما المنتظر من اللجنة الوزارية العربية - الإسلامية لوقف الحرب على غزة؟

مركبة مدرعة إسرائيلية تمر أمام فلسطينيين فارّين من القتال في غزة على طريق صلاح الدين في حي الزيتون (أ.ف.ب)
مركبة مدرعة إسرائيلية تمر أمام فلسطينيين فارّين من القتال في غزة على طريق صلاح الدين في حي الزيتون (أ.ف.ب)

بدأت اللجنة الوزارية المكلفة من القمة العربية - الإسلامية، الأحد، تحركاً دولياً لوقف الحرب على غزة، حيث توجه وزراء خارجية الدول الأعضاء إلى الصين، في بداية جولة تشمل عدداً من الدول الكبرى.

ويُعول دبلوماسيون وخبراء تحدثوا لـ «الشرق الأوسط» على «اللجنة ودورها في إقناع الدول الغربية بتغيير موقفها الداعم لإسرائيل، ودفعها للضغط عليها لوقف العدوان المستمر منذ أكثر من شهر على غزة».

قادة الدول العربية والإسلامية خلال «قمة الرياض» (الرئاسة المصرية)

وكانت القمة التي عُقدت في الرياض 11 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، قد قررت «تكليف وزراء خارجية السعودية - بصفتها رئيسة القمتين العربية والإسلامية - وكل من الأردن، ومصر، وقطر، وتركيا، وإندونيسيا، ونيجيريا وفلسطين، والأمينين العامين للجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، بدء تحرك فوري باسم جميع الدول الأعضاء لبلورة تحرك دولي لوقف الحرب على غزة، والضغط من أجل إطلاق عملية سياسية جادة وحقيقية لتحقيق السلام الدائم والشامل وفق المرجعيات الدولية المعتمَدة».

وثمَّن مندوب فلسطين الدائم لدى جامعة الدول العربية، السفير مهند العكلوك، بدء عمل اللجنة، وقال لـ«الشرق الأوسط»، إنه «يأمل أن يكون تحركها سريعاً وفاعلاً لوقف جرائم الاحتلال الإسرائيلي المستمرة».

بينما عدّ أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة د. أحمد يوسف أحمد، بدء عمل اللجنة «نوعاً من التأكيد على متابعة مقررات القمة وجدية التعامل مع قراراتها، وأنها ليست حبراً على ورق». وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «اللجنة ستكون أكثر فاعلية في التأثير في مواقف الدول الأوروبية المختلفة، لا سيما مع تغير مواقف بعضها بالفعل»، مدللاً على ذلك بمواقف آيرلندا وإسبانيا وبلجيكا والنرويج والبرتغال... الجيدة نوعاً ما تجاه القضية الفلسطينية»، على حد قوله.

ولفت أستاذ العلوم السياسية إلى «أهمية العمل على محور روسيا والصين»، موضحاً أن «الدولتين، وإن كانت مواقفهما إيجابية، لا تتجاوز مواقفهما الصعيد الدبلوماسي، وهو ما يستدعي محاولة دفعهما لاتخاذ مواقف أكثر خشونة».

وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان (رويترز)

وكان وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، قد أعلن في إفادة رسمية، أن «الصين ستكون المحطة الأولى» خلال جولة اللجنة الوزارية.

وتستهدف الجولة عواصم عدد من الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن، بهدف الدفع بمسار وقف الحرب الدائرة في قطاع غزة، والتعامل مع الأوضاع الإنسانية المتردية في القطاع، وفق إفادة رسمية سابقة للسفير أحمد أبو زيد، المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، أوضح خلالها أن «وزراء الخارجية المشاركين سيعقدون لقاءات مع القيادات السياسية ووزراء خارجية الدول التي تشملها الجولة، بهدف الدفع بضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار، وإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة بشكل مستدام، والدفع بضرورة معالجة جذور وأسباب الأزمة من خلال عملية سياسية جادة تنتهي بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة».

المندوب الصيني لدى الأمم المتحدة تشانغ جون بعد انتهاء جلسة مجلس الأمن حول غزة 8 أكتوبر (أ.ف.ب)

من جانبه، أشار مندوب فلسطين الدائم لدى الجامعة العربية، إلى «أهمية كل دقيقة في ظل استمرار العدوان». ولفت العكلوك إلى أهمية «اختيار الدول المستهدفة ولغة الخطاب، وأيضاً أدوات الضغط سواء كانت سياسية أو قانونية ذات تأثير مهم».

وأعرب عن أمله في أن «تتحرك اللجة بفاعلية، ومعها أدوات ضغط كافية ووافية على الدول التي تتوجه إليها، بهدف الوصول إلى وقف فوري لإطلاق النار، ولحرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني، تمهيداً للعمل على إنهاء الاحتلال». وأردف أن «التحرك يجب أن يكون عاجلاً وسريعاً ومؤثراً، والدول العربية والإسلامية تعرف ما هو المؤثر، وبإمكانها أن تفعل الكثير، وبدا من خطابات القادة في القمة إدراكهم لحرب الإبادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني».

وكان القرار الصادر عن القمة، قد دعا الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية «لممارسة الضغوط الدبلوماسية والسياسية والقانونية، واتخاذ أي إجراءات رادعة لوقف جرائم سلطات الاحتلال الاستعمارية ضد الإنسانية».

أكياس بيضاء فارغة تمثل ضحايا قُتلوا في غزة أثناء تظاهرة في كراتشي بباكستان الأحد (أ.ب)

وأكد القرار «الرفض المطلق والتصدي الجماعي لأي محاولات للنقل أو التهجير القسري أو النفي أو الترحيل للشعب الفلسطيني، سواء داخل قطاع غزة أو الضفة الغربية، بِعَدِّ ذلك خطاً أحمر وجريمة حرب».

وبينما عدّ أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة د. مصطفى كامل السيد، تحرك اللجنة الوزارية الآن «متأخراً، وأنه كان من المنتظر أن يبدأ قبل اجتياح إسرائيل شمال قطاع غزة»، فإنه «أعرب عن أمله في أن تنجح اللجنة في مهمتها». وقال السيد لـ«الشرق الأوسط»، إنه «في ظل استمرار العدوان فإنه لن يكون كافياً اعتماد اللجنة على الحجج المنطقية القوية، ولا بد من وجود أدوات ضغط للتأثير في الدول المستهدفة».

ومن جانبه، قال السفير رخا أحمد حسن، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، لـ«الشرق الأوسط»، إن «اللجنة هي محاولة دبلوماسية لإقناع الدول ذات التأثير في مجلس الأمن، باتخاذ قرار بإلزام إسرائيل بوقف إطلاق النار»، معرباً عن أمله في أن «تنجح اللجنة في مسعاها، وتقنع الولايات المتحدة بالضغط على تل أبيب لوقف العدوان».

أما العكلوك فشدد على أن «لدى الدول العربية والإسلامية أدوات ضغط عدة، لا سيما أن عدداً من هذه الدول لديه علاقات دبلوماسية مع إسرائيل».

ممثل فلسطين رياض منصور يتحدث مع المندوب الصيني تشانغ جون وممثل جامعة الدول العربية ماجد عبد العزيز بعد جلسة يوم 8 أكتوبر حول غزة (أ.ف.ب)

لكن أحمد، لفت إلى أن «اللجنة تنفيذية وليست صانعة قرار، فهي مشكَّلة بموجب قرار من القمة العربية - الإسلامية، ما يعني أن أي قرارات للضغط السياسيّ أو الاقتصادي لا بد من اعتمادها من القمة أولاً»، معرباً عن أمله في أن «تعمد اللجنة إلى تطوير مقترحات في هذا الصدد إن رأت ذلك ممكناً». وبشأن الموقف الأميركي قال، إنه «في ظل الانحياز الأميركي الواضح لإسرائيل فإن هناك صعوبة في إقناعها بتغيير موقفها»، لكنه في الوقت نفسه أكد «أهمية العمل على ذلك».

وطالبت القمة العربية الإسلامية جميع الدول بوقف تصدير الأسلحة والذخائر إلى سلطات الاحتلال التي تستخدم في قتل الشعب الفلسطيني وتدمير مقدراته والبنى التحتية، مجددة التأكيد على التمسك بالسلام بوصفه خياراً استراتيجياً، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وحل الصراع العربي الإسرائيلي وفق القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة.

وهنا يشير السفير العكلوك إلى «ضرورة البدء في تنفيذ بقية قرارات القمة، ومن بينها الدعوة لوقف تصدير السلاح لإسرائيل، واستخدام أدوات الضغط السياسي والدبلوماسي لتحقيق ذلك». وقال إن «هناك نحو 350 قتيلاً في الحرب يومياً، بينهم 150 طفلاً، ويقترب عدد القتلى منذ بدء العدوان من 12 ألف قتيل، بينهم ما يقرب من 5 آلاف طفل، ما يستدعي سرعة التحرك».


مقالات ذات صلة

السعودية تحصد 6 جوائز في «التميز الحكومي العربي 2025»

يوميات الشرق جانب من حفل جائزة التميز الحكومي العربي 2025 (الشرق الأوسط)

السعودية تحصد 6 جوائز في «التميز الحكومي العربي 2025»

حقّقت السعودية إنجازاً جديداً في مسيرة التطوير والابتكار الحكومي، بحصدها 6 جوائز ضمن جائزة التميز الحكومي العربي 2025.

«الشرق الأوسط» (دبي)
العالم العربي الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط (د.ب.أ)

أبو الغيط يطالب بقرارٍ أممي للانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق غزة

أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، الثلاثاء، أهمية استصدار قرار من مجلس الأمن بشأن الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف النار في غزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي أبو الغيط يتلو كلمته في افتتاح «الملتقى الإعلامي العربي» في بيروت (وزارة الإعلام)

أبو الغيط: الجامعة العربية تدعم مطالب لبنان بانسحاب إسرائيل من أراضيه

أكّد الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، أنّ الجامعة تقف إلى جانب لبنان في مطالبه بالانسحاب الإسرائيلي الكامل من أراضيه وتطبيق القرار «1701».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الرئيس اللبناني جوزيف عون (د.ب.أ)

عون يؤكد التزام لبنان بمكافحة الإرهاب

أكد الرئيس اللبناني جوزيف عون، اليوم الثلاثاء، التزام بلاده، حكومةً ومؤسسات وشعباً ومجتمعاً وأفراداً، ببذل كل جهد ممكن لمكافحة الإرهاب.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الخليج الأمير فيصل بن فرحان خلال مشاركته في اجتماع «الترويكا العربية» مع مجلس الأمن الدولي (الخارجية السعودية)

«الترويكا العربية» تبحث مع مجلس الأمن تنسيق العمل متعدد الأطراف

عقدت ترويكا القمة العربية اجتماعاً على مستوى وزراء الخارجية مع رئيس مجلس الأمن لشهر سبتمبر جو هيون، وذلك على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

قاسم: مشاركة مدني في لجنة وقف النار تنازل مجاني لإسرائيل

أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في احتفال «تعظيماً للعلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس» (الوكالة الوطنية للإعلام)
أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في احتفال «تعظيماً للعلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس» (الوكالة الوطنية للإعلام)
TT

قاسم: مشاركة مدني في لجنة وقف النار تنازل مجاني لإسرائيل

أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في احتفال «تعظيماً للعلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس» (الوكالة الوطنية للإعلام)
أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في احتفال «تعظيماً للعلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس» (الوكالة الوطنية للإعلام)

رفع الأمين العام لـ«حزب الله»، نعيم قاسم، سقف خطابه السياسي، مؤكداً أنّ المشاركة برئيس مدني في لجنة وقف إطلاق النار تمثل «إجراءً مخالفاً للتصريحات والمواقف الرسمية السابقة»، التي كانت تشترط، حسب تعبيره، وقف الأعمال العدائية من قبل إسرائيل قبل إشراك أي مدني في آلية التنفيذ.

وفيما أعرب عن تأييده «خيار الدبلوماسية» الذي تتبعه السلطات اللبنانية، رأى أن تعيين السفير سيمون كرم على رأس الوفد اللبناني، هو «تنازل مجاني لن يغيّر من موقف إسرائيل ولا من عدوانها ولا من احتلالها»، مشيراً إلى أنّ «المندوب المدني ذهب واجتمع فازداد الضغط، وأن إسرائيل ومعها أميركا تريدان إبقاء لبنان تحت النار».

وتأتي مواقف قاسم في وقتٍ لم يعلن فيه رئيس البرلمان نبيه بري اعتراضاً على تعيين السفير سيمون كرم رئيساً للوفد اللبناني، إنما أكد على ضرورة حصر دوره بالإطار التقني وعدم توسيعه إلى مستويات تفاوضية أو سياسية، وهو ما يعكس تمايزاً واضحاً حول هذا القرار بين الحليفين.

تقديم تنازلات في لحظة حساسة

ووصف قاسم في كلمة له خطوة تعيين مدني بـ«سقطة إضافية تُضاف إلى خطيئة 5 أغسطس (قرار الحكومة لحصرية السلاح)» معتبراً أنّه «بدلاً من اتخاذ خطوات إلى الأمام تُقدَّم تنازلات لن تنفع مع إسرائيل»، داعياً الحكومة للتراجع عن القرار، وأن «يجري تفاهم داخلي على قاعدة عدم السماح بأي تنازل حتى تطبق إسرائيل ما عليها».

مناصرون يحملون أعلام «حزب الله» اللبناني في بيروت (أرشيفية - رويترز)

«السفينة الغارقة»

واعتبر قاسم أنّ الحزب «قام بما عليه ومكّن الدولة من فرض سيادتها في إطار الاتفاق»، قبل أن ينتقل إلى تشبيه لبنان بـ«السفينة»، معتبراً أنّ «التماهي مع إسرائيل يعني ثقب السفينة، وعندها يغرق الجميع».

وقال إنه يجب مواجهة العدوان الإسرائيلي التوسعي بكل الوسائل والسبل، مضيفاً: «هناك اتفاق لم يتم الالتزام به رغم التزام لبنان، الاعتداءات ليست من أجل السلاح، بل من أجل التأسيس لاحتلال لبنان ورسم إسرائيل الكبرى من بوابة لبنان».

وفي المقابل، أكد قاسم أنّ «الدولة اختارت طريق الدبلوماسية لإنهاء العدوان، ونحن معها أن تستمر في هذا الاتجاه». لكنه شدد على أنّه «لا علاقة لأميركا وإسرائيل بكيفية تنظيم شؤوننا الداخلية، ولا علاقة لهما بما نختلف عليه أو نقرره في لبنان».

وشدّد على أنّ «الحدّ الذي يجب الوقوف عنده هو حدود الاتفاق الذي يتحدث حصراً عن جنوب نهر الليطاني، ولا وجود لما يسمى ما بعد جنوب نهر الليطاني».

وتابع قاسم: «هم يريدون إلغاء وجودنا»، لكن «سندافع عن أنفسنا وأهلنا وبلدنا، ونحن مستعدون للتضحية إلى الأقصى، ولن نستسلم».


الشيباني: نشكر كندا على رفع اسم سوريا من قوائم الدول الراعية للإرهاب

وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني (أ.ف.ب)
وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني (أ.ف.ب)
TT

الشيباني: نشكر كندا على رفع اسم سوريا من قوائم الدول الراعية للإرهاب

وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني (أ.ف.ب)
وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني (أ.ف.ب)

شكر وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني «كندا على قرارها رفع اسم سوريا من قوائم الدول الراعية للإرهاب». وأضاف، في بيان، اليوم (الثلاثاء): «نثمن دعم كندا لسوريا في مسيرتها الحالية نحو الاستقرار وإعادة الإعمار».

وتابع البيان: «إن هذا القرار يشكل لحظة مهمة لتعزيز العلاقات السورية – الكندية، ويمهِّد لمرحلة جديدة من الشراكات المتعددة... إن سوريا تشدد على استعدادها للعمل مع الشركاء الدوليين كافة والتواصل الإيجابي بما يسهم في دعم جهود التعافي الاقتصادي وإعادة الإعمار، ويصبّ في مصلحة الأمن والاستقرار الإقليميين والدوليين».


توافق رئاسي ثلاثي لبناني على الجانب «التقني - الأمني» للمفاوضات

رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع وفد مجلس الأمن في بيروت الجمعة (رئاسة البرلمان)
رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع وفد مجلس الأمن في بيروت الجمعة (رئاسة البرلمان)
TT

توافق رئاسي ثلاثي لبناني على الجانب «التقني - الأمني» للمفاوضات

رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع وفد مجلس الأمن في بيروت الجمعة (رئاسة البرلمان)
رئيس البرلمان نبيه بري مجتمعاً مع وفد مجلس الأمن في بيروت الجمعة (رئاسة البرلمان)

أكّدت مصادر وزارية أنه لا خلاف بين الرؤساء الثلاثة، مع دخول المفاوضات اللبنانية - الإسرائيلية مرحلةً جديدةً بإدخال مدني إليها، هو سفير لبنان السابق لدى واشنطن، المحامي سيمون كرم، لترؤس الوفد اللبناني للجنة الـ«ميكانيزم»، بغية تفعيل اجتماعاتها للتوصل إلى اتفاق أمني، قاعدته الأساسية تطبيق وقف الأعمال العدائية، بخلاف اجتماعاتها السابقة التي غلبت عليها المراوحة، وتشاركت وقيادة القوات الدولية «اليونيفيل» في تعداد الخروق والغارات الإسرائيلية.

ولفتت إلى أن توافق الرؤساء على إخراج الـ«ميكانيزم» من الدوران في حلقة مفرغة، تلازم مع رسم حدود سياسية للتفاوض، محصورة بوقف الخروق والاعتداءات الإسرائيلية، والانسحاب من الجنوب، وإطلاق الأسرى اللبنانيين، وإعادة ترسيم الحدود وتصحيحها، انطلاقاً من التجاوب مع تحفّظ لبنان على النقاط المتداخلة الواقعة على الخط الأزرق والعائدة لسيادته.

رئيس الحكومة نواف سلام مجتمعاً مع السفير سيمون كرم (رئاسة الحكومة)

وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن لبنان يصر على حصر جدول أعمال المفاوضات ببنود أمنية لا يمكن تجاوزها للبحث في تطبيع العلاقات اللبنانية - الإسرائيلية، والتوصل إلى اتفاقية سلام بين البلدين، وهذا ما أجمع عليه رؤساء «الجمهورية»، العماد جوزيف عون، و«الحكومة»، نواف سلام، و«المجلس النيابي»، نبيه بري، الذي كان أول من اقترح إدخال مدنيين للـ«ميكانيزم»، ومن ثم أصروا على تكرار موقفهم في هذا الخصوص استباقاً لانعقاد الجولة الأولى من المفاوضات، بحضور الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس ومشاركة كرم فيها، بما يتعارض مع جدول أعمالها الذي حدده رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو.

وقالت إن نتنياهو يريد تكبير الحجر لتحريض «حزب الله» على الدولة وإرباكها، فيما يواصل جيشه خروقه واعتداءاته لتأليب بيئته عليه، وهذا ما تبين باستهدافه عدداً من المنازل الواقعة بين جنوب نهر الليطاني وشماله، رغم خلوها من مخازن لسلاح الحزب. ورأت بأنه يواصل ضغطه بالنار لإلزام لبنان بالتسليم لشروطه، وإن كان يدرك سلفاً أنه لا مجال أمام المفاوضات لخروجها عن جدول أعمالها التقني - الأمني، بالتلازم مع إصرار الحكومة اللبنانية على تطبيق حصرية السلاح بيد الدولة، ولا عودة عنه.

وتوقفت المصادر أمام تأكيد بري أنه كان أول مَن اقترح إدخال مدنيين للـ«ميكانيزم»، وسألت، أين يقف الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم من اقتراحه؟ وهل سبق أن اعترض على اقتراح «أخيه الأكبر» في هذا الخصوص؟ رغم أنه في كتابه المفتوح إلى الرؤساء الثلاثة أكّد رفضه للمفاوضات مع إسرائيل، ليعود لاحقاً إلى تصويب ما حمله كتابه هذا، بتكليفه قيادياً في الحزب بأن ينقل رسالة إليه مفادها أنه لم يكن هو المقصود به، لقطع الطريق على افتعال مشكلة داخل البيت الشيعي.

كما سألت قاسم، ألم يوافق الحزب على اجتماعات الـ«ميكانيزم»، ما دام «أخوه الأكبر» هو مَن يفاوض باسمه وكان وراء التوصل لاتفاق وقف النار مع الوسيط الأميركي آنذاك أموس هوكستين؟ وقالت إنه ليس لدى الحزب من أوراق سوى رفع سقف اعتراضه على المفاوضات، ولم يعد يملك ما يسمح له بأن يعيد خلطها في ضوء اختلال ميزان القوى لمصلحة إسرائيل، بعد أن أفقده إسناده غزة منفرداً توازن الردع وقواعد الاشتباك.

الدخان يتصاعد في بلدة المجادل في جنوب لبنان إثر استهدافها بقصف إسرائيلي يوم الخميس (أ.ف.ب)

ولفتت المصادر إلى أن الحزب يفتقد إلى أي بدائل لقلب موازين القوى، ويكتفي بتسجيل اعتراض من العيار الثقيل على المفاوضات، من دون أن يكون في وسعه ترجمته عسكرياً، رغم إصراره على تمسكه بسلاحه واتهامه حكومة سلّام بارتكاب خطيئة بموافقتها على حصرية السلاح التي يُفترض أن تتقدم بدءاً من شمال الليطاني حتى حدود لبنان الدولية مع سوريا، بالتلازم مع تسجيل تقدم في المفاوضات.

ورأت أن الحزب مضطر لوزن موقفه، لأنه ليس وارداً كسر علاقته بعون وتهديد تحالفه ببري، ما يُسبّب انكشافه فيما هو بأمس الحاجة لحماية الداخل، إضافة لما يترتب على «خدش» علاقته بهما من تداعيات سلبية على الطائفة الشيعية، لا يريدها ويتفداها، وما هو المانع من أن يضع ما لديه من أوراق بعهدة بري، كونه الأقدر منه على مراعاته للمزاج الشيعي الذي ينشد تحرير الجنوب، وإفساحاً في المجال أمام عودة أهله إلى قراهم، ولا يرى من منقذ غيره، ويتطلع إليه خصومه على أنه الممر الإلزامي للتوصل إلى تسوية تُعيد إدراج لبنان على لائحة الاهتمام الدولي، وتفتح كوّة لإعادة إعمار البلدات المدمرة، خصوصاً أنه يحظى بعلاقات دولية وعربية، بخلاف الحزب الذي لم يعد له سوى إيران.

وأكدت المصادر أن دخول المفاوضات في مرحلة جديدة كان وراء الضغط الأميركي على إسرائيل لمنعها من توسعتها للحرب، بعد أن استجاب لبنان لطلبها بتطعيم الـ«ميكانيزم» بمدني كُلّف برئاسة وفده، وتمنت على «حزب الله» الوقوف خلف الدولة في خيارها الدبلوماسي، وأن مخاوفه من أن تؤدي إلى ما يخشاه بالتوصل مع إسرائيل إلى اتفاقية سلام ليست في محلها، ما دام أن حليفه بري هو أول من أيد تطعيمها بمدنيين، وبالتالي ما المانع لديه من أن يعطيها فرصة ليكون في وسعه بأن يبني على الشيء مقتضاه لاحقاً، بدلاً من أن يُبادر من حين لآخر إلى «فش خلقه» بسلام، رغم أنه ليس فاتحاً على حسابه، وينسق باستمرار مع عون، ويتعاونان لتطبيق حصرية السلاح التي نص عليها البيان الوزاري للحكومة.

وكشفت أن التواصل بين عون وبري لم ينقطع، وهما قوّما قبل انعقاد الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء الأجواء التي سادت اجتماع الـ«ميكانيزم» في الناقورة، وقالت إن بري كان أوصى النواب المنتمين لكتلته النيابية، والمسؤولين في حركة «أمل»، بعدم التعليق لا سلباً ولا إيجاباً على كل ما يختص بالمفاوضات، وأن توصيته جاءت بناءً على رغبته في حصر الموقف به شخصياً لتفادي إقحام محازبي الطرفين في سجال، سرعان ما يتحول إلى مناوشات في الشارع، فيما الحزب يحرص، كما تقول قيادته، على تحصين علاقته بحليفه الأوحد في الساحة اللبنانية، بعد أن تفرّق عنه شركاؤه السابقون في محور الممانعة بتأييدهم حصرية السلاح.

وقالت المصادر إن الحزب يدرك جيداً أن الأبواب ما زالت مقفلة أمام تصويب علاقاته العربية والدولية، بخلاف بري. وسألت على ماذا يراهن، بعد أن رفضت قيادته المبادرة المصرية إصراراً منها، حسب مصادر دبلوماسية غربية لـ«الشرق الأوسط»، بأن ترهن موقفها بالمفاوضات الأميركية - الإيرانية، ليكون بمقدورها أن تضعه في سلة إيران، لعلها تتمكن من الحفاظ على نفوذها في لبنان بعد تراجع محور الممانعة في الإقليم؟

لذلك، سيأخذ الحكم والحكومة علماً باعتراض «حزب الله»، من دون أن يكون له مفاعيل تصعيدية بتحريك الشارع لتفادي الاحتكاك مع محازبي «أمل»، ما دام أن انطلاقة المفاوضات لا تلقى اعتراضاً من بري، وتبقى تحت سقف تحرير الجنوب تطبيقاً للـ«1701»، إلا إذا ارتأى الدخول في مزايدة شعبوية مع حليفه لا طائل منها، وستؤثر سلباً على حمايته، على الأقل داخل طائفته.