بايدن... صك براءة لإسرائيل وضوء أخضر لهجوم غزة

نتنياهو أبلغه بأن الحرب على غزة «ستكون حرباً من نوع آخر»

TT

بايدن... صك براءة لإسرائيل وضوء أخضر لهجوم غزة

الرئيس بايدن خلال لقاء مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت في تل أبيب الأربعاء (أ.ب)
الرئيس بايدن خلال لقاء مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت في تل أبيب الأربعاء (أ.ب)

اختتم الرئيس الأميركي جو بايدن، مساء (الأربعاء)، زيارة قصيرة لإسرائيل أعلن خلالها دعمه التام لها في وجه «إرهاب حماس»، ومنحها صك براءة من مذبحة مستشفى المعمداني في غزة التي أوقعت مئات الضحايا في هجوم نسبه الفلسطينيون لإسرائيل التي نسبته بدورها إلى صاروخ أطلقته حركة «الجهاد الإسلامي»، وسقط خطأً على المنشأة الطبية المكتظة.

وقال بايدن للإسرائيليين خلال الزيارة التي دامت ساعات: «أريد أن تعلموا أنكم لستم لوحدكم»، و«ستحصلون على كل شيء تطلبونه»، معتبراً أن «على العالم أن يعرف أن إسرائيل هي مرسى الأمن للبشرية»، و«أنا فخور بأنني في إسرائيل لأعبّر شخصياً عن دعمنا لها»، و«لو لم تكن إسرائيل موجودة لتعين علينا أن نخترعها، ولا ينبغي أن يكون المرء يهودياً كي يكون صهيونياً». وأشاد الإسرائيليون بكلامه هذا، خصوصاً أنه يمنحهم، كما يبدو، ضوءاً أخضر لإكمال هجومهم المزمع على قطاع غزة رداً على هجوم دموي شنته حركة «حماس» وأوقع ما يصل إلى 1400 إسرائيلي فجر 7 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري.

جانب من لقاء الرئيس بايدن مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تل أبيب الأربعاء (أ.ب)

وعدَّ الجانب الإسرائيلي زيارة بايدن القصيرة (ست ساعات) أهم زيارة لرئيس أميركي منذ 75 عاماً. فهي تأتي، وللمرة الأولى، في خضم الحرب. وفيها عبّر عن دعمه المطلق لإسرائيل في حربها في قطاع غزة، بعد أن اعتبرها حرباً بالنيابة عن العالم كله ضد التهديد على أمن البشرية وضد مخططات الإرهاب الإيراني. ووعد بتقديم مساعدات غير مسبوقة لإسرائيل (تبلغ بحسب بعض المصادر 12 مليار دولار)، وأعرب عن موافقته على استمرار الحرب الإسرائيلية ضد «حماس»، ولكنه وضع لها قيوداً محددة: «إدخال المساعدات من مصر بالماء والوقود والأغذية، وفقط في الجنوب، وفقط بعد ضمان ألا تصل إلى (حماس) و(الجهاد)»، كما أنه طلب أن تُسقط إسرائيل من حساباتها احتلال غزة أو المبادرة إلى حرب على لبنان.

وحرص بايدن على التأكيد في كل اللقاءات التي أجراها في فندقه في تل أبيب، مع الرئيس إسحاق هيرتسوغ ومع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ومع طاقم قيادة الحرب، ثم في مطار بن غوريون مع مندوبين عن عائلات الأسرى الإسرائيليين والأجانب لدى «حماس»، على تكرار تصريحات الاحتضان الحميم لإسرائيل، وتحذير إيران و«حزب الله» من المشاركة في الحرب، ودحض الاتهامات بأن إسرائيل هي المسؤولة عن مجزرة المستشفى المعمداني في غزة، وقال إن وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أخبرته بأن لديها إثباتات بأنه من فعل «الطرف الآخر»، في إشارة إلى الفلسطينيين وليس إسرائيل.

باحة مستشفى المعمداني في غزة... بايدن منح إسرائيل صك براءة من المذبحة (أ.ف.ب)

وتفوه الرئيس الأميركي بالكثير من التعابير العاطفية الهادفة إلى بعث الراحة والأمان في نفوس الإسرائيليين، بمن في ذلك خصوم إدارته من قوى اليمين. وأشاد بتشكيل حكومة الطوارئ لإدارة الحرب، بمشاركة حزب المعارضة «المعسكر الرسمي» بقيادة بيني غانتس. وركز عدة مرات على «أهمية أن تبقى إسرائيل ذات قيم ديمقراطية». وأن «تحافظ على القانون الدولي في الحروب وتجنب المساس بالمدنيين»، وقال إن «حماس» هي حركة «داعشية» و«نازية»، لكنها لا تمثل الشعب الفلسطيني برمته، وهو شعب ينشد الحرية والعدل.

وقد قرأ قادة اليمين المتطرف والعديد من المحللين والخبراء هذا الخطاب على أنه «احتضان شديد لإسرائيل مع كثير من اللسعات ضد الخطة الحكومية للانقلاب على منظومة الحكم وإضعاف القضاء، وعديد من الإشارات إلى أنه متمسك بخطته الإقليمية، الهادفة إلى صد المشروع الصيني للهيمنة ومجابهة المحور الصيني الروسي الإيراني، ولكنه في الوقت ذاته يعطي ضوءاً أخضر لاستمرار الحرب في قطاع غزة، مع بعض القيود والمحاذير.

الرئيس بايدن خلال لقاء مع الرئيس الإسرائيلي إسحاق هيرتسوغ في تل أبيب الأربعاء (أ.ب)

وعدَّ داني إيلون، النائب الأسبق لوزير الخارجية الإسرائيلي والذي شغل منصب سفير إسرائيل في واشنطن، ما قاله بايدن في زيارته «خطاباً انتخابياً كاسحاً». وأشار هو والعديد من الخبراء إلى خصم بايدن من الحزب الجمهوري دونالد ترمب، معتبرين أنه يكسب ليس فقط غالبية المصوتين اليهود الأميركيين، بل أيضاً الكثير من الصامتين المترددين الذين يقفون في الوسط بينهما.

وكان رئيس الوزراء نتنياهو قد أعلن أمام بايدن، خلال اجتماع «كابينيت الحرب»، أن الحرب على غزة «ستكون حرباً من نوع آخر؛ لأن (حماس) هي عدو من نوع آخر». وادعى نتنياهو أنه «فيما تبحث إسرائيل عن تقليص عدد المواطنين المستهدفين، تبحث (حماس) عن تضخيمه. و(حماس) تريد قتل أكبر عدد ممكن من المواطنين الإسرائيليين، ولا تهتم أبداً بحياة فلسطينيين. واليوم هي استهدفت مواطنينا وتختبئ خلف مواطنيها، وتستخدمهم دروعاً بشرية. و(حماس) مسؤولة عن جميع عمليات استهداف المدنيين، ورأينا ثمن ذلك أمس (يقصد تفجير المستشفى في غزة)». وأضاف نتنياهو أن «(حماس) قتلت أعداداً كبيرة من الإسرائيليين، وعلى العالم أن يتحد لهزيمتها مثلما اتحد لمحاربة النازية وهزيمتها ولمحاربة (داعش) وهزيمته».

دمار أحدثه قصف إسرائيلي في قطاع غزة اليوم (رويترز)

ورد بايدن قائلاً: «أريد أن تعلموا أنكم لستم لوحدكم. ومثلما أكدت سابقاً، سنستمر في دعم إسرائيل في الدفاع عن مواطنيها. وسنستمر في العمل بشراكة في المنطقة كلها من أجل منع أحداث تراجيدية مشابهة». وتابع بايدن أن «مؤسسي الدولة قبل 75 عاماً تحدثوا عن أنها تستند إلى الحرية والقانون والسلام. والولايات المتحدة موجودة إلى جانبكم كي تدافع عن هذه الحرية وتؤيد السلام، اليوم وغداً وإلى الأبد، وأنا أعدكم بذلك». وأضاف: «ستحصلون على كل شيء تطلبونه لمحاربة (حماس)». وتابع: «(حماس) ارتكبت فظائع في إسرائيل، وقتلت أميركيين واحتجزت رهائن، منهم أطفال».

ومعلوم أن بايدن كان يفترض أن ينتقل إلى عمّان بعد تل أبيب لعقد قمة رباعية مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والرئيس الفلسطيني محمود عباس، لكن الأردن أعلن إلغاء القمة في أعقاب مذبحة المستشفى في غزة.


مقالات ذات صلة

عائلات جنود إسرائيليين تناشد نتنياهو إنهاء الحرب في غزة

المشرق العربي نتنياهو يلتقي مجندين في الجيش (إكس)

عائلات جنود إسرائيليين تناشد نتنياهو إنهاء الحرب في غزة

دعت مجموعة من عائلات الجنود الإسرائيليين الخميس رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لإنهاء الحرب في قطاع غزة حفاظاً على حياة أبنائهم متّهمين إياه بإطالة أمد هذا النزاع

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
تحليل إخباري أشخاص يبحثون عن ممتلكاتهم وسط أنقاض مبانٍ مدمرة وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري «هدنة غزة»: حديث عن «تقدم» و«ضغوط» لتسريع الاتفاق

تحدثت واشنطن عن «تقدم» في المفاوضات وإمكانية أن يتم الاتفاق «قريباً جداً».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
المشرق العربي أكد لازاريني أن «الأونروا» تحظى بدعم مالي وسياسي قوي من السعودية (صور الأمم المتحدة) play-circle 01:02

لازاريني: متمسكون بالأمل ونتطلع لاستئناف الدعم الأميركي لـ«الأونروا»

تواجه وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) تحديات غير مسبوقة، مع اقتراب موعد تنفيذ قرار الاحتلال الإسرائيلي منع عملها في الأراضي…

عبد الهادي حبتور (الرياض)
شمال افريقيا فلسطينيون يحملون جريحاً في موقع غارة جوية إسرائيلية على مأوى للنازحين وسط قطاع غزة (رويترز)

مشاورات «اليوم التالي» في غزة... مساعٍ مصرية للتوافق بين «فتح» و«حماس»

مشاورات «اليوم التالي» لحرب غزة عادت للقاهرة مجدداً، عقب تباين في وجهات النظر بين حركتي «حماس» و«فتح» التي تتولى السلطة، بشأن تشكيل «لجنة إدارة القطاع».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شؤون إقليمية آثار الدمار الواسع من جراء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة (أ.ب)

إسرائيل تصنّف الضفة «ساحة رئيسية» للتهديدات

وسعت إسرائيل عمليتها في الضفة الغربية بعدما صنّفتها "ساحة رئيسية" في خريطة التهديدات، وقال وزير الدفاع إن الجيش يستعد للرد وفقاً لذلك.

كفاح زبون (رام الله)

وزير الخارجية التركي: لا مطامع لنا في الأراضي السورية

TT

وزير الخارجية التركي: لا مطامع لنا في الأراضي السورية

فيدان خلال مؤتمر صحافي (الخارجية التركية)
فيدان خلال مؤتمر صحافي (الخارجية التركية)

أكد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، الجمعة، أن بلاده لا مطامع لها في أي جزء من الأراضي السورية بعد الإطاحة بحكم بشار الأسد.

وقال فيدان، خلال مؤتمر صحافي في إسطنبول، في حين تكثر المخاوف من تهديدات أنقرة للفصائل الكردية في سوريا: «لا مطامع لتركيا في أي جزء من الأراضي السورية».

 

قوات تركية عقب دخولها مناطق في شمال شرقي سوريا خلال عملية «نبع السلام» العسكرية عام 2019 (أرشيفية - الدفاع التركية)

وقال وزير الخارجية التركي إنه ينبغي منح الإدارة السورية الجديدة فرصة لحل مسألة وجود المسلحين الأكراد في البلاد، لكنه أكد أن أنقرة ستتخذ إجراءات ضدهم إذا لم يحدث ذلك. وأضاف فيدان أنه من الخطأ تصنيف معركة بلاده ضد المسلحين الأكراد على أنها معركة ضد الأكراد، مشيراً إلى أن أنقرة تقيّم في الوقت الراهن وجودها في سوريا في ضوء الوضع الجديد هناك. وقال إن روسيا اتخذت قراراً عقلانياً جداً عندما أوقفت دعم الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد، بينما كان بوسعها أن تدعمه عسكرياً في وقف تقدم مقاتلي المعارضة.

جانب من مباحثات فيدان والشرع بدمشق في 22 ديسمبر الماضي (أ.ف.ب)

وذكر وزير الخارجية التركي أن بلاده تملك «القدرة والعزم» على القضاء على كل التهديدات الأمنية. وقال فيدان: «تملك تركيا السلطة والقدرة، خصوصاً العزم للقضاء على كل ما يهدد وجودها، من جذوره»، في إشارة إلى المقاتلين الأكراد في سوريا المرتبطين، بحسب تركيا، بـ«حزب العمال الكردستاني» الذي تعدّه أنقرة إرهابياً.

أحد أفراد «قوات سوريا الديمقراطية» التي يقودها الأكراد في الحسكة (رويترز)

وأضاف أن واشنطن تُشكِّل المُحاوِر الوحيد لبلاده بشأن التطورات في شمال شرقي سوريا، في حين حذَّرت أنقرة من أنها ستتحرك عسكرياً ضد المقاتلين الأكراد في هذه المنطقة. وأوضح: «الولايات المتحدة هي مُحاوِرُنا الوحيد... بصراحة لا نولي اعتباراً لدول تحاول أن تخدم مصالحها الخاصة في سوريا»، في تلميح واضح إلى فرنسا.

ورأى وزير الخارجية التركي أن فرنسا لا تأخذ بالاعتبار أمن تركيا بشأن قضية المتطرفين الأجانب في سوريا. وشدّد فيدان على أن باريس «يجب أن تستعيد مواطنيها وتضعهم في سجونها وتحاكمهم». ورداً على سؤال حول سياسة فرنسا بشأن المتطرفين المعتقلين في سوريا، قال فيدان: «لديهم سياسة لا تقوم على إعادة السجناء من أعضاء تنظيم (داعش) إلى بلدهم. لا يأبهون لأمننا... يعطون الأولوية دائماً لمطالبهم الخاصة». ولفت فيدان إلى أن باريس تعتمد في احتجاز المتطرفين الفرنسيين على قوات «سوريا الديمقراطية (قسد)» المدعومة من واشنطن، والتي تُشكِّل وحدات «حماية الشعب الكردية» عمودها الفقري.