في إطار ملاحقتها على كتابتها «لا غالب إلا الله»، قررت محكمة الصلح في الناصرة، ظهر اليوم الأربعاء، إحالة الفنّانة دلال أبو آمنة، على الحبس المنزلي في بيت والدتها في مدينة الناصرة لمدة أسبوع، ومنعها من نشر أي مدونة تتعلق بالحرب الحالية في غزة والظروف الراهنة لمدة 45 يوماً.
وكانت الشرطة قد اعتقلت الفنانة استناداً إلى أوامر الطوارئ الحربية، التي اعتمدتها الحكومة وهي قوانين الانتداب البريطاني التي أُعدّت قبل مائة سنة. وقد استخدم هذا القانون في الأسبوعين الأخيرين بشكل واسع، بأمر من القائد العام للشرطة، يعقوب شبتاي، وبدعم من وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير. وقال شبتاي إنه أصدر أوامر واضحة بالتصدي لكل تحريض على الدولة والتعامل معه بقبضة حديدية. وبحسب تقديرات أولية، تم اعتقال حوالي 120 مواطناً عربياً في إسرائيل بتهمة التحريض والتماهي خلال الحرب.
وقال المحامي أحمد مصالحة، الخبير في القانون الجنائي، إن «السلطات الإسرائيلية تفرض أجواء ترهيب معتمدة على قانون جائر يتيح محاكمة أي إنسان على أي شيء حتى لو كان رأياً سياسياً أو تضامناً مع أطفال». وأضاف: «هناك قوى في إسرائيل معنية بإشعال النار بين العرب في إسرائيل كي يستغلوا الحرب ويبطشوا بنا. وعندما رأوا أن العرب يتروون ويكتفون بالإعراب عن موقفهم الرافض للعنف الدموي الذي يصيب المدنيين، أكان من اليهود أو العرب، ويساند أهالي غزة ضد العمليات الحربية المدمرة، بكتابات في الشبكات الاجتماعية، قرروا الذهاب إلى قانون التحريض. ومن يقرأ المنشورات في هذه الشبكات يجد أن 70 في المائة وأكثر من المنشورات، ينطوي على تحريض من يهود متطرفين ضد العرب. لكن هؤلاء لا يجدون من يحاسبهم».
يذكر أن محكمة الصلح في الناصرة اعتمدت في محاكمة الفنانة دلال أبو آمنة على القانون الذي سنّه الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) في سنة 2016، بأكثرية الائتلاف الحاكم بقيادة رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، تحت عنوان مكافحة الإرهاب. وهو يحاكم أي مواطن بتهمة فضفاضة هي «التماهي مع منظمة إرهابية». وتقوم الشرطة باستخدام القانون ضد عشرات المواطنين العرب. وقررت محكمة الصلح يوم الثلاثاء اعتقال دلال أبو آمنة، وهي فنانة معروفة في العالم العربي وتحظى بشعبية كبيرة، لمدة يوم واحد، بسبب منشور في شبكة التواصل الاجتماعي على خلفية الحرب على غزة، اقتبست عبارة «لا غالب إلا الله» من القرآن الكريم. وتبيّن أن دلال أبو آمنة كانت قد تعرضت لتهديد بالقتل والاغتصاب والطرد من البلاد من نشطاء في اليمين الإسرائيلي، فمحت المنشور وتوجهت إلى شرطة الناصرة لتقديم شكوى. وإذا بالشرطة تداهم بيتها وتعتقلها بتهمة التحريض على القتل والتماهي مع تنظيم إرهابي وبتهمة عرقلة عمل الشرطة لأنها اعترضت على وضع يديها بالأصفاد.
وفي جلسة المحكمة الأربعاء، شطبت الشرطة معظم التهم واكتفت بتهمة التماهي مع منظمة إرهابية. فقررت المحكمة إطلاق سراحها من السجن وإحالتها على الحبس المنزلي بشروط مقيدة لمدة أسبوع.
وتشير القيادات السياسية في المجتمع العربي في إسرائيل إلى أن الأجواء العدائية للعرب في المجتمع الإسرائيلي تتسع، على الرغم من أن حوالي 40 شخصاً منهم قتلوا بالصواريخ التي أطلقتها حركتا «حماس» و«الجهاد» من غزة و«حزب الله» من لبنان باتجاه إسرائيل، فسقطت في بلداتهم. كما أن المئات من العمال العرب تعرّضوا للفصل من أماكن عملهم، في حين تعرض عشرات من الطلبة الجامعيين للتهديد بالفصل من الجامعات والكليات المختلفة بسبب منشورات منددة بـ«العدوان على غزة».
وأشاد قائد الشرطة، شبتاي، بشعبة التحقيقات والمخابرات وشعبة «السايبر» في الشرطة المعنية بشبكات الاتصال والمعلومات وأنظمة التحكّم عن بُعد، في جهودها للتصدي لظاهرة «التحريض» على شبكة الإنترنت، وقال شبتاي: «ليعلم الجميع ممن يحرّض ضد دولة إسرائيل ورموز حكومتها ومنتخبيها وجنودها وشرطتها، بأن شرطة إسرائيل ستضربه بقوة ولن تتسامح معه مطلقاً. ترى الشرطة الإسرائيلية أهمية قصوى في كبح الدعم لـ(حماس) وتنظيم (داعش)».