اتصالات روسية مع الأطراف المعنية بحرب غزة

بوتين يدخل على خط الحرب... وجهود لمواجهة احتمالات التصعيد

الرئيس الروسي بوتين يرأس اجتماعاً لقيادات أمنية وسياسية في مقره بمنطقة نوفو-أوغاريوفو خارج موسكو لبحث الأوضاع في غزة الاثنين (سبوتنيك - أ.ف.ب)
الرئيس الروسي بوتين يرأس اجتماعاً لقيادات أمنية وسياسية في مقره بمنطقة نوفو-أوغاريوفو خارج موسكو لبحث الأوضاع في غزة الاثنين (سبوتنيك - أ.ف.ب)
TT
20

اتصالات روسية مع الأطراف المعنية بحرب غزة

الرئيس الروسي بوتين يرأس اجتماعاً لقيادات أمنية وسياسية في مقره بمنطقة نوفو-أوغاريوفو خارج موسكو لبحث الأوضاع في غزة الاثنين (سبوتنيك - أ.ف.ب)
الرئيس الروسي بوتين يرأس اجتماعاً لقيادات أمنية وسياسية في مقره بمنطقة نوفو-أوغاريوفو خارج موسكو لبحث الأوضاع في غزة الاثنين (سبوتنيك - أ.ف.ب)

بعد مرور عشرة أيام على اشتعال المواجهات العنيفة في غزة، أكد خلالها الكرملين أكثر من مرة مخاوفه من توسيع التصعيد في المنطقة، دخل الرئيس فلاديمير بوتين بشكل مباشر، الاثنين، على خط الحرب الدائرة عبر سلسلة اتصالات هاتفية هدفت، كما قال الكرملين، إلى احتواء احتمالات التصعيد والدعوة إلى وقف النار وتسريع إيصال المساعدات الإنسانية.

وكان لافتاً أن بوتين اختار استهلال تدخله المباشر بمكالمة هاتفية مع الرئيس السوري بشار الأسد، بحث خلالها الجانبان ما وصفته الحكومة السورية، في بيان، بـ«سبل وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وضرورة الإدخال الفوري للمساعدات الإنسانية للمدنيين في القطاع».

ورغم أن المكالمة جرت، وفقاً لمصادر روسية، بمبادرة من الجانب السوري، فإنها مهّدت لقيام بوتين بنشاط واسع انعكس في سلسلة اتصالات لاحقة مع رؤساء إيران ومصر وفلسطين ورئيس الوزراء الإسرائيلي. وقال مساعد الرئيس الروسي لشؤون السياسة الخارجية يوري أوشاكوف، إن تحرك بوتين مثّل «فرصة قوية» لتدخل يهدف إلى وقف التصعيد. وأوضح: «خمس محادثات هاتفية الاثنين (...) لقد تحدث الرئيس (بوتين) بالفعل صباحاً مع الرئيس السوري (بشار الأسد) والرئيس الإيراني (إبراهيم رئيسي). وخلال النهار، سيتم إجراء المزيد من الاتصالات. هناك محادثات مع رئيس مصر (عبد الفتاح) السيسي، وفلسطين (محمود) عباس، وكذلك مع رئيس الوزراء الإسرائيلي (بنيامين) نتنياهو».

نازحون فلسطينيون في مدرسة تابعة للأمم المتحدة في خان يونس بجنوب قطاع غزة الاثنين (د.ب.أ)
نازحون فلسطينيون في مدرسة تابعة للأمم المتحدة في خان يونس بجنوب قطاع غزة الاثنين (د.ب.أ)

ولم يصدر الكرملين فوراً بياناً يوضح مجريات الاتصالات التي تمت، لكن الرئاسة السورية قالت إن الرئيسين بوتين والأسد «أكدا ضرورة وقف القصف والتهجير الذي تنتهجه إسرائيل ضد الأبرياء في غزة».

ونقلت وكالة «نوفوستي»، الاثنين، عن نائب وزير الخارجية سيرغي ريابكوف، قوله إن خطر خروج الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي عن السيطرة مرتفع. وجاء هذا التحذير خلال اجتماع الرئيس بوتين بالأذرع الأمنية في البلاد، حيث طلب من المسؤولين إحاطته بالوضع في غزة. وقال ريابكوف، في هذا الإطار، إن التصعيد الفلسطيني - الإسرائيلي يميل إلى مزيد من الحدة، مضيفاً أن لروسيا رعايا على طرفي الصراع. وأضاف ريابكوف أن العملية الإسرائيلية عشوائية، والتهديد بعملية برية والدخول إلى غزة لا يزال قائماً، مشدداً على أن المسؤولية الأساسية للتصعيد الحالي في منطقة الشرق الأوسط «تقع على عاتق الولايات المتحدة» التي «حاولت لسنوات عديدة احتكار قضية التسوية، وتجاهلت قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وتعرقل الحل المناسب».

وكان مساعد الرئيس بوتين يوري أوشاكوف قد شدد في وقت سابق على ضرورة وقف طرفي النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي إطلاق النار في أسرع وقت ممكن، وبدء المفاوضات، مؤكداً أن الهدف من أي مفاوضات سلام يجب أن يكون «تنفيذ حل الدولتين الذي وافقت عليه الأمم المتحدة، والذي يتضمن قيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، تعيش في أمن وسلام جنباً إلى جنب مع إسرائيل»، بحسب قناة «روسيا اليوم».

الدخان يتصاعد عقب غارة إسرائيلية على قطاع غزة الاثنين (رويترز)
الدخان يتصاعد عقب غارة إسرائيلية على قطاع غزة الاثنين (رويترز)

وكان بوتين قد شدد من لهجته خلال الأيام الأخيرة، ووصف في تصريحات سابقة، حصار غزة بأنه «غير مقبول»، مضيفاً أن الدعوات في الإدارة الأميركية لتشديد الحصار على القطاع تعيد إلى الأذهان حصار لينينغراد في الحرب العالمية الثانية.

وأوضح بوتين، في تصريحاته، أن قرارات إنشاء دولة فلسطينية تم اتخاذها على مستوى الأمم المتحدة، ومن حق الفلسطينيين التعويل على تنفيذ هذه الوعود.

في الوقت ذاته أشار بوتين إلى تفهمه التحركات الإسرائيلية، وإن كان عدّ رد الفعل الإسرائيلي مبالغاً فيه. وقال بوتين خلال قمة رابطة الدول المستقلة في بيشكيك عاصمة قرغيزستان، إن «إسرائيل اصطدمت بهجوم غير مسبوق، ليس فقط في الحجم، ولكن أيضاً في طبيعة التنفيذ».

ورأى مراقبون أن تنشيط التحركات الروسية حالياً يعكس مخاوف جدية لدى موسكو من احتمال اتساع رقعة الحرب، وانضمام أطراف إقليمية إليها، وخصوصاً إيران و«حزب الله» في لبنان وسوريا. وهذا الأمر كانت موسكو قد حذّرت من «خطورته» في الأيام الماضية، خصوصاً بعد تكرار القصف الإسرائيلي على مواقع حساسة في سوريا خلال الأيام الماضية. وكان الجيش الإسرائيلي أعلن أنه قصف مناطق في سوريا (السبت) بعد إطلاق تحذير من غارة جوية في مستوطنات بهضبة الجولان المحتلة، على خلفية النزاع مع حركة «حماس» في قطاع غزة. وقال الجيش الإسرائيلي في بيان: «إثر تقارير أولية عن سماع صافرات الإنذار في بلدتي أفني آيتان وألما، تقوم مدفعية جيش الدفاع الإسرائيلي راهناً بقصف مصدر النيران في سوريا».

آليات إسرائيلية تتجه صوب الحدود مع قطاع غزة الاثنين (أ.ف.ب)
آليات إسرائيلية تتجه صوب الحدود مع قطاع غزة الاثنين (أ.ف.ب)

وفي بيان لاحق، قال الجيش الإسرائيلي إن «صاروخين أُطلقا من سوريا باتجاه الأراضي الإسرائيلية وسقطا في منطقة مفتوحة».

من جهته، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن فصائل فلسطينية متعاونة مع «حزب الله» اللبناني المدعوم من إيران «أطلقت صاروخاً باتجاه الجولان السوري المحتل من... ريف درعا الغربي» في جنوب سوريا.

كذلك، شن سلاح الجو الإسرائيلي ليلة الأحد هجوماً استهدف مطار حلب شمال سوريا، وذلك للمرة الثانية خلال 48 ساعة، مما أدى إلى خروجه عن الخدمة، بعدما كان مطارا حلب ودمشق قد تعرضا لقصف إسرائيلي متزامن. وقال مصدر عسكري سوري في بيان: «نحو الساعة 11:35 من مساء يوم السبت نفذ العدو الإسرائيلي عدواناً جوياً من اتجاه البحر المتوسط غرب اللاذقية مستهدفاً مطار حلب الدولي، ما أدى إلى وقوع أضرار مادية بالمطار وخروجه من الخدمة».

وذكرت وزارة النقل السورية في بيان أنه تم تحويل الرحلات الجوية المقررة عبر مطار حلب الدولي (قدوم ومغادرة) إلى مطار اللاذقية الدولي.

اللافت أن وسائل إعلام روسية كتبت أن استهداف مطاري حلب ودمشق يحمل رسالة موجهة إلى الإيرانيين، الذين لديهم وجود عسكري مباشر في المطارين، في حين لم توجه إسرائيل تهديدات تجاه المطار السوري الثالث في سوريا، وهو مطار اللاذقية الذي تنتشر فيه قوات روسية.

وأشارت التقارير الروسية إلى أن حجم الهجوم الإسرائيلي الجديد يوحي بأن تل أبيب أرادت توجيه رسالة قوية، خصوصاً أنها استخدمت في الهجوم أكثر من 34 صاروخاً موجهاً في ضربة تعد الأكثر كثافة منذ فترة طويلة.

وكان لافتاً أيضاً أن الغارات الأولى جاءت قبل يوم واحد من زيارة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان الرسمية إلى سوريا، علماً أن تقارير أشارت إلى أنه اضطر إلى تغيير مسار رحلته عقب القصف الإسرائيلي على مطار دمشق، فبدأها في بغداد، ثم بيروت، ولاحقاً في العاصمة السورية.


مقالات ذات صلة

كيف غيّر زيلينسكي موقف ترمب من بوتين؟

الولايات المتحدة​ الرئيسان الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والأميركي دونالد ترمب يتحدثان بـ«كاتدرائية القديس بطرس» في الفاتيكان (إ.ب.أ) play-circle

كيف غيّر زيلينسكي موقف ترمب من بوتين؟

شكَّل لقاء زيلينسكي والرئيس الأميركي منعطفاً في لهجة ترمب تجاه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)

بوتين: موسكو ستُصلح علاقاتها بالدول الأوروبية عاجلاً أم آجلاً

قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اليوم الأربعاء، إنه لا يشك في أن موسكو ستُصلح علاقاتها بالدول الأوروبية عاجلاً أم آجلاً، وفقاً لـ«رويترز».

أوروبا الرؤساء الفرنسي إيمانويل ماكرون والأوكراني فولوديمير زيلينسكي والأميركي دونالد ترمب ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر يتحدثون في كاتدرائية القديس بطرس بالفاتيكان (إ.ب.أ) play-circle

كييف تطالب بـ«هدنة فعلية» وموسكو منفتحة على السلام... لكن التسوية «صعبة للغاية»

كييف تطالب بـ«هدنة فعلية» وموسكو منفتحة على السلام، لكن التسوية «صعبة للغاية» وعودة الربيع قد تحرم اعتماد أوكرانيا على الطائرات المسيَّرة في صد الهجمات الروسية

إيلي يوسف (واشنطن) «الشرق الأوسط» (كييف - موسكو)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث بينما يستمع وزير الخزانة سكوت بيسنت (يسار الصورة) ومرشح وزير التجارة حينها هوارد لوتنيك بينما يستعد ترمب لتوقيع أمر تنفيذي في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض 3 فبراير 2025 (أ.ب)

قائمة البيت الأبيض لـ«أفظع الأكاذيب» التي تعرض لها ترمب

أصدر البيت الأبيض، الثلاثاء، قائمةً بما وصفها بـ«أفظع الأكاذيب» التي روّجت لها وسائل الإعلام خلال أول 100 يوم من الولاية الثانية للرئيس الأميركي دونالد ترمب.

أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (رويترز)

تقرير: بوتين يصرّ على المطالبة ﺑ4 مناطق أوكرانية خلال المحادثات مع أميركا

أشارت مصادر إلى إصرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على المطالبة بسيطرة روسيا على 4 مناطق أوكرانية لا تحتلها بشكل كامل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

الرئاسة السورية: الهجوم الإسرائيلي قرب القصر الرئاسي تصعيدٌ خطير

طائرة حربية إسرائيلية تطلق صاروخاً أثناء تحليقها فوق منطقة بالقرب من العاصمة السورية دمشق 30 أبريل 2025 (أ.ف.ب)
طائرة حربية إسرائيلية تطلق صاروخاً أثناء تحليقها فوق منطقة بالقرب من العاصمة السورية دمشق 30 أبريل 2025 (أ.ف.ب)
TT
20

الرئاسة السورية: الهجوم الإسرائيلي قرب القصر الرئاسي تصعيدٌ خطير

طائرة حربية إسرائيلية تطلق صاروخاً أثناء تحليقها فوق منطقة بالقرب من العاصمة السورية دمشق 30 أبريل 2025 (أ.ف.ب)
طائرة حربية إسرائيلية تطلق صاروخاً أثناء تحليقها فوق منطقة بالقرب من العاصمة السورية دمشق 30 أبريل 2025 (أ.ف.ب)

قالت الرئاسة السورية في بيان، الجمعة، إن القصف الجوي الإسرائيلي قرب القصر الرئاسي في دمشق يُعد «تصعيداً خطيراً».

وجاء في البيان الرئاسي الذي نقلته وكالة «سانا» الرسمية السورية: «أدانت رئاسة الجمهورية العربية السورية بأشد العبارات القصف الذي تعرّض له القصر الرئاسي يوم أمس على يد الاحتلال الإسرائيلي، والذي يشكّل تصعيداً خطيراً ضد مؤسسات الدولة وسيادتها، مؤكدةً أن هذا الهجوم المدان يعكس استمرار الحركات المتهورة التي تسعى لزعزعة استقرار البلاد وتفاقم الأزمات الأمنية، ويستهدف الأمن الوطني ووحدة الشعب السوري».

وطالبت الرئاسة، في بيان نشرته عبر قناتها على «تلغرام»، المجتمع الدولي والدول العربية بالوقوف إلى جانب سوريا في مواجهة هذه الاعتداءات العدوانية التي تنتهك القوانين والمواثيق الدولية. ودعت رئاسة الجمهورية الدول العربية إلى توحيد مواقفها والتعبير عن دعمها الكامل لسوريا في مواجهة هذه الهجمات، بما يضمن الحفاظ على حقوق الشعوب العربية في التصدي للممارسات الإسرائيلية العدوانية.

وأكدت الرئاسة أن هذه الاعتداءات التي تستهدف وحدة سوريا، سواء كانت محلية أو خارجية، لن تنجح في إضعاف إرادة الشعب السوري أو في إعاقة جهود الدولة لتحقيق الاستقرار والسلام في المناطق كافة، مشيرة إلى أن الأجهزة الأمنية المختصة تواصل التحقيقات اللازمة لمعاقبة المسؤولين عن هذه الاعتداءات، وستواصل العمل بكل حزم لمنع أي تهديدات قد تستهدف أمن الوطن والمواطنين.

وجددت رئاسة الجمهورية دعوتها جميع الأطراف إلى الالتزام بالحوار والتعاون في إطار وحدة الوطن، والتصدي لكل محاولات التشويش التي تهدف إلى إطالة أمد الأزمة، مبينةً أن سوريا ماضية في مسار البناء والنهضة، وأن عجلة الإصلاح لن تتوقف مهما كانت التحديات. واختتمت الرئاسة بيانها بالقول: «إن سوريا لن تساوم على سيادتها أو أمنها، وستواصل الدفاع عن حقوق شعبها بكل الوسائل المتاحة».

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس قد ذكرا، في بيان مشترك، أن القصف الإسرائيلي الذي استهدف دمشق «رسالة واضحة للنظام السوري: لن نسمح للقوات (السورية) بالانتشار جنوب دمشق أو بتشكيل أي تهديد للدروز».