النيران تواصل التهام أحراج بإقليم الخروب في لبنان

لجنة البيئة: 99 % من الحرائق مفتعلة

جانب من حريق إقليم الخروب (وسائل إعلام محلية)
جانب من حريق إقليم الخروب (وسائل إعلام محلية)
TT

النيران تواصل التهام أحراج بإقليم الخروب في لبنان

جانب من حريق إقليم الخروب (وسائل إعلام محلية)
جانب من حريق إقليم الخروب (وسائل إعلام محلية)

لليوم الثاني على التوالي، لا تزال النيران مشتعلة ​في الأحراج الفاصلة بين بلدتي بعاصير والدبية في منطقة إقليم الخروب (قضاء الشوف) بجبل لبنان، وذلك رغم الجهود الكبيرة، التي بذلتها عناصر الدفاع المدني وطوافتان للجيش طوال نهار أمس، حسبما أكدت «الوكالة الوطنية للإعلام».

وتم إخماد مساحات كبيرة من الحريق، اليوم (السبت)، إلا أن صعوبة المنطقة ووعورتها، وعدم وجود طرق توصل إلى مواقع الحريق، حالت من السيطرة على النيران، في ظل تسارع حركة الرياح، التي ساهمت في توسع رقعتها، وهي ما زالت مشتعلة في الأودية التي من الصعب الوصول إليها، رغم الاستنفار الكامل للدفاع المدني وجاهزيته وحضوره على الأرض لتنفيذ المهمات.

وفي حديث للشرق الاوسط يوضح رئيس لجنة البيئة النيابية، النائب غياث يزبك أن «امكانات الدفاع المدني نظرا للظروف الاقتصادية الصعبة ونظرا لكون  آلياته نفسها متهالكة ولم يتم تحديثها منذ 25 سنة، يواجه صعوبة في معالجة الحرائق حتى لو كانت بسيطة، وبالتالي الامر يكون اصعب في معالجة الحرائق الكبيرة والمفتعلة».

كما يتمنى «وصول موجة الشتاء، المتوقعة في لبنان يوم الأحد، في وقت أقرب، لمساعدة فرق الدفاع المدني بترطيب الأرض وإطفاء الحرائق».

النيران تلتهم المساحات الخضراء في إقليم الخروب (وسائل إعلام محلية)

وكان المدير الإقليمي للدفاع المدني في جبل لبنان الجنوبي، الموجود بالقرب من مواقع الحريق في الدبية، حسام دحروج، منذ الصباح الباكر، قد أكد أنه يتواصل مع المديرية العامة للدفاع المدني، طلباً للمساعدة عبر الاستعانة بمراكز أخرى للسيطرة على الحريق، الذي بات يهدد المنطقة وأهلها، لافتاً إلى أن النيران المشتعلة في أودية بعاصير والدبية لا يمكن الوصول إليها وإخمادها إلا عبر طوافات الجيش.

ويسجل لبنان سنوياً موجة حرائق في مختلف الغابات المنتشرة في عدد من البلدات، وتقدر خسائر المساحات الزراعية بألوف الهكتارات، وسط تضاعف الخشية من استحالة مواجهتها.

 

وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2019، التهمت حرائق ضخمة مساحات حرجية واسعة، وحاصرت مدنيين في منازلهم وسط عجز السلطات التي تلقت دعماً من دول عدة لإخمادها، ما عدّه اللبنانيون حينذاك دليلاً إضافياً على إهمال وعدم كفاءة السلطات.

وأثارت تلك الحرائق غضباً واسعاً حتى إنها شكلت أحد الأسباب خلف الاحتجاجات الشعبية غير المسبوقة التي شهدها لبنان في 17 أكتوبر 2019، والمعروفة بـ«ثورة تشرين» ضد الطبقة السياسية.

وعام 2022، عاش لبنان مأساة بيئية أخرى، بعدما اندلع حريق في غابات بطرماز - الضنية (شمال لبنان)، وهي أكبر غابة صنوبر بري في الشرق الأوسط.

ويؤكد يزبك أن «99.99 في المائة من الحرائق في لبنان إما مفتعلة، أو عن إهمال متعمد وعدم اكتراث بالبيئة من قبل اللبنانيين».

وعادة ما تكثر الحرائق في لبنان في شهري سبتمبر (أيلول) وأكتوبر، وغالباً ما تكون مفتعلة في هذا الموسم للحصول على الحطب وبيعه مقابل مبالغ مرتفعة. وفي هذا الإطار، يشرح يزبك أن العشب اليابس يصبح أشبه بالوقود، مع انتهاء فصل الصيف، أي شرارة تتسبب باشتعاله.

وإذ يشير إلى أن نسبة الحرائق المفتعلة جرمياً للحصول على الحطب هي الأساس الأكبر لاشتعال الحرائق، يقول: «طن الحطب يباع بحوالي 250 دولاراً، وما يحصل أن أصحاب الأملاك يتواطأون مع الحطابين الذين يتعهدون الأحراج، والذين يمارسون نوعاً من التوحش في العملية، فالبعض يقصون الأشجار في قطعة الأرض المرخص لها، ويتوسعون إلى الأراضي المجاورة من أجل الحصول على أموال أكثر».

ويضيف: «أما المناطق التي لا توجد فيها رخصة فيشعلون النار فيها للحصول على الحطب. والعملية جرمية بامتياز بحجة الحاجة إلى المال».

لكن يزبك يلفت إلى أن الحرائق انخفضت بنسبة 80 أو 90 في المائة هذا العام مقارنة مع السنوات السابقة بفضل الوعي لدى الناس الذي ساهمت فيه لجنة البيئة ووزارة البيئة والإعلام.

أضف إلى ذلك، يشير يزبك، إلى أنه في ظل الأزمة البشرية والتقنية التي يعاني منها الدفاع المدني، وجد في كل المناطق والأطراف والضيع نوع من فرق التبليغ الأولى عن الحرائق، كما تقوم بعض المناطق بمراقبة المساحات الحرجية فيها عبر طائرات الدرونز لإجراء مسح للتدخل السريع.

ويضيف: «هذه الخطوات ساهمت في تقليل حدوث الحرائق في لبنان، واستطعنا المحافظة على بساطنا الأخضر وثروتنا الحرجية بسبب وعي الناس».


مقالات ذات صلة

نشوب حريق كبير في سوق جدة الدولي

يوميات الشرق سوق جدة الدولي يخرج عن الخدمة لنشوب حريق به بعد 40 عاماً من العطاء (تصوير: غازي مهدي)

نشوب حريق كبير في سوق جدة الدولي

اندلع حريق ضخم في سوق تجاري قديم بمدينة جدة، يعود تاريخ إنشائه لأكثر من 40 عاماً، ويعد وجهة شهيرة للتسوق والاستثمار.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق الحريق التهم ديكور فيلم «الحب كله» (حساب شريف مندور على «فيسبوك»)

غموض بشأن مصير فيلم «الحب كله» بعد حريق ديكوره

أكدت الفنانة المصرية إلهام شاهين أن الحريق الهائل الذي اندلع مساء الاثنين، في «الحارة الشعبية» بمدينة الإنتاج الإعلامي المصرية قضى بشكل كامل على ديكور فيلمها.

داليا ماهر (القاهرة )
العالم حريق غابات في قرية فيغا بأغويدا في البرتغال - 17 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

الاتحاد الأوروبي: الفيضانات وحرائق الغابات تظهر أن الانهيار المناخي بات القاعدة

حذّر الاتحاد الأوروبي من الفيضانات المدمّرة وحرائق الغابات التي تظهر أن الانهيار المناخي بات سريعاً القاعدة، مؤثراً على الحياة اليومية للأوروبيين.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
الولايات المتحدة​ اندلع حريق هائل في خط أنابيب بالقرب من طريق سبنسر وسومرتون بولاية تكساس (أ.ب)

حريق ضخم بأنبوب غاز في تكساس وإخلاء المنطقة المحيطة (فيديو)

اندلعت النيران في أنبوب للغاز الطبيعي في منطقة سكنية قرب هيوستن بولاية تكساس الأميركية ما دفع السلطات لإخلاء المنطقة المحيطة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا رجال الإطفاء يعملون خارج المباني التي اشتعلت فيها النيران جراء القصف في بيلغورود (رويترز)

حريق ضخم... إجلاء سكان منطقة روسية بعد هجوم بمسيّرة أوكرانية

تسبب حريق ضخم اندلع بعد هجوم بمسيّرة أوكرانية في منطقة فورونيج الروسية المتاخمة لأوكرانيا، في انفجار مواد متفجرة اليوم (السبت).

«الشرق الأوسط» (موسكو)

«مركز إنساني» أسسه الحوثيون يشرف على «حرب السفن»

نيران تشتعل في ناقلة نفط استهدفها الحوثيون بالبحر الأحمر مؤخراً (رويترز)
نيران تشتعل في ناقلة نفط استهدفها الحوثيون بالبحر الأحمر مؤخراً (رويترز)
TT

«مركز إنساني» أسسه الحوثيون يشرف على «حرب السفن»

نيران تشتعل في ناقلة نفط استهدفها الحوثيون بالبحر الأحمر مؤخراً (رويترز)
نيران تشتعل في ناقلة نفط استهدفها الحوثيون بالبحر الأحمر مؤخراً (رويترز)

أظهر تحقيق من منظمة غير حكومية سويسرية أن الهجمات البحرية التي يشنها الحوثيون في اليمن، على خلفية الحرب بين إسرائيل و«حماس» في غزة، يشرف عليها مركز لتنسيق العمليات الإنسانية أسسه الانقلابيون هذا العام.

وأفاد تحقيق من منظمة «إنباكت (InPact)»، تلقت «وكالة الصحافة الفرنسية» نسخة منه، بأن العمليات التي استهدفت حركة الملاحة قبالة سواحل اليمن، أشرف عليها «مركز تنسيق العمليات الإنسانية (HOCC)».

أنشئ المركز في فبراير (شباط) الماضي بمرسوم أصدره رئيس «المجلس السياسي الأعلى»، مهدي المشاط؛ أعلى مسؤول سياسي في حركة «أنصار الله» المدعومة من إيران. ويتبع المركز «مكتب القائد الأعلى للقوات المسلحة ويخضع لإشرافه»، وفق نصّ المرسوم الذي نشرته وسائل إعلام تابعة للحوثيين في حينه. ومن مهامه «التخفيف من الآثار والتداعيات الإنسانية... في مسرح العمليات العسكرية» عبر «الامتثال للقانون الدولي الإنساني والقوانين والمواثيق الدولية الأخرى ذات العلاقة»، و«التواصل والتنسيق داخلياً وخارجياً مع جميع الأطراف والجهات الحكومية وغير الحكومية والمنظمات الدولية».

وأكدت المنظمة السويسرية أن المركز يديره «أحمد حامد، وهو من الشخصيات النافذة لدى الحوثيين، وقريب من مهدي المشاط والقوات المسلحة الحوثية».

وكان تقرير صادر عن فريق خبراء تابع للأمم المتحدة بشأن اليمن عام 2021، رأى أن حامد «ربما يكون أقوى زعيم مدني حوثي من خارج أسرة الحوثي».

«طابع مؤسسي» لحرب السفن

وتطرق تحقيق المنظمة السويسرية إلى أسلوب عمل «مركز تنسيق العمليات الإنسانية» الذي يتحكم في اختيار الشركات التي يُسمح لسفنها بعبور الممرات المائية قبالة اليمن، خصوصاً مضيق باب المندب. وقال التحقيق: «يشارك (مركز تنسيق المساعدات الإنسانية) على الأرجح في تحديد الأهداف والهجمات».

وأفادت المنظمة بأن «(المركز) يضفي الطابع المؤسسي على حرب العصابات البحرية التي تشنّها الجماعة المسلحة»، وأنه «وفّر وسائل للسفن للتواصل مع المنظمة مباشرة» مثل أجهزة الاتصال الإذاعي وأرقام هواتف وعناوين بريد إلكتروني.

ونشرت المنظمة السويسرية رسالة بالبريد الإلكتروني، وجهها الحوثيون في مارس (آذار) الماضي إلى «المنظمة البحرية الدولية» التابعة للأمم المتحدة، المسؤولة عن السلامة البحرية.

ومنع هذا المستند عبور السفن العائدة إلى 4 فئات من شركات النقل: العائدة إلى إسرائيل أو الولايات المتحدة أو بريطانيا، وتلك المشغّلة، أو المُدارة، من قبل هذه الدول الثلاث، إضافة إلى تلك التي تتجه إحدى سفنها إلى ميناء إسرائيلي.

وطلب «المركز» من المنظمة الأممية إبلاغ الشركات المالكة والمشغّلة للسفن، إضافة إلى شركات التأمين، بذلك.

وأدت هجمات الحوثيين إلى تراجع حاد في حركة الملاحة قبالة سواحل اليمن.

وأكدت شركة بحرية دولية لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أنها تلقّت بضع رسائل من الحوثيين، تعود الأخيرة منها إلى نحو 8 أشهر. وكانت الرسائل تطلب عدم عبور السفن قبالة اليمن تحت طائلة التهديد باستهدافها.

وقالت المنظمة السويسرية إن حامد، وهو مدير مكتب المشاط، «يعرف باسم (رئيس الرئيس)؛ لأن كل القرارات الاستراتيجية لحكومة الحوثيين لا تُتخذ من دون موافقته».