المعارضة مستعدة للانتقال إلى «الخيار الثالث»... وداعمو فرنجية: للتوافق عبر الحوار

بعد موقف لودريان الذي أكد فيه أنه لا يمكن لأي من الخيارين أن ينجح

الموفد الفرنسي جان إيف لودريان (رويترز)
الموفد الفرنسي جان إيف لودريان (رويترز)
TT

المعارضة مستعدة للانتقال إلى «الخيار الثالث»... وداعمو فرنجية: للتوافق عبر الحوار

الموفد الفرنسي جان إيف لودريان (رويترز)
الموفد الفرنسي جان إيف لودريان (رويترز)

جاء تصريح الموفد الفرنسي إلى لبنان جان إيف لودريان يوم الاثنين، بدعوة اللبنانيين للذهاب إلى «خيار ثالث» في الانتخابات الرئاسية، ليؤكد أن المبادرة الفرنسية التي كانت تدعم رئيس «تيار المردة» النائب السابق سليمان فرنجية قد سقطت وأسقطت معها خيار المعارضة بترشيح الوزير السابق جهاد أزعور. ويأتي موقف لودريان الصريح بعدما كان ممثلون للمعارضة، التقاهم لودريان في بيروت، ونقلوا عنه هذه الأجواء، في حين كان فريق «حزب الله» وحلفاؤه يرفضون هذا الأمر متمسكين بخيارهم.

لكن اليوم ومع وضوح الصورة بشكل أكبر، فإن المعارضة التي سبق أن انتقلت من دعم النائب ميشال معوض إلى ترشيح جهاد أزعور، تبدي استعدادها للانتقال إلى «الخيار الثالث»، رامية الكرة في ملعب الفريق الآخر، في حين يتمسك هذا الفريق، وتحديداً «الثنائي الشيعي» (حزب الله وحركة أمل)، بـ«الحوار» الذي سبق أن دعا إليه رئيس البرلمان نبيه بري ولم يلق تجاوباً من معظم الكتل المسيحية، ويرى أن التوافق على الخيار الثالث لن يكون أيضاً إلا بالحوار.

وكان لودريان قال لوكالة الصحافة الفرنسية، بعد ثلاثة أشهر من بدء مهمته بشأن لبنان: «من المهم أن تضع الأطراف السياسية حداً للأزمة التي لا تطاق بالنسبة إلى اللبنانيين، وأن تحاول إيجاد حل وسط عبر خيار ثالث»، مؤكداً «ليس بإمكان أي منهما الفوز، ولا يمكن لأي من الخيارين أن ينجح».

وأكد: «الدول الخمس (السعودية، ومصر، وفرنسا، والولايات المتحدة وقطر) موحدة تماماً، ومنزعجة للغاية، وتتساءل عن جدوى استمرار تمويل لبنان، في وقت يتمادى المسؤولون السياسيون في عدم تحمّل المسؤولية».

وتتفق مصادر كل من حزب «القوات اللبنانية» وحزب «الكتائب اللبنانية» على عدّ أن الموقف الذي عبّر عنه لودريان هو نتيجة ثباتها ونضالها وتعاضدها في مواجهة خيار الممانعة، معولة على تراجع الأخيرة عن موقفها للانتقال إلى مرحلة جديدة، مبدية بذلك انفتاحها واستعداداها للخيار الثالث شرط تراجع الفريق الآخر عن تصلّبه بدعم فرنجية.

وتطرح في لبنان أسماء عدة كخيار ثالث للرئاسة، لا سيما بعد اللقاءات التي يقوم بها الموفد القطري إلى بيروت، وأبرزها قائد الجيش العماد جوزيف عون والوزير السابق زياد بارود والنائب نعمة افرام، إضافة إلى مدير عام الأمن العام بالإنابة اللواء إلياس البيسري. مع العلم أن معظم أفرقاء المعارضة التي دعمت ترشيح أزعور، لم يبدوا رفضهم لانتخاب العماد عون، باستثناء رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل الذي يشنّ هجوماً واضحاً عليه، رافضاً ترشيحه.

وتذكر مصادر «الكتائب» بموقفها الذي تعدّ خلاله بأن نجاح مرشح «حزب الله» للرئاسة يعني استمرار الخراب وتحكماً أكبر بالدولة؛ ولذلك بذلت المعارضة جهودها بكل الوسائل للمواجهة ضمن عملية تصدي متكاملة. وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «هذه الجهود أثبتت جدواها وأكدت أن التعاضد قادر على التغيير، وخير دليل على ذلك الموقف الأخير للموفد الفرنسي».

من هنا، ترى المصادر أن «المؤشرات إيجابية جداً، لكن لا يعني ذلك أن انتخاب رئيس سيحصل في وقت قريب؛ لأن المطلوب من الفريق الآخر ملاقاة التحرك الدولي في منتصف الطريق بعدما كانت المعارضة قد تراجعت عن خيارها الأول، وتؤكد «لا نريد رئيساً يحارب (حزب الله) إنما يحاوره».

بدورها، ترى مصادر «القوات» أن أهمية موقف لودريان تكمن في أنه يؤكد ما كانت تقوله المعارضة التي واجهت بحسم وصبر وإصرار. وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «الممانعة كانت تستخدم وتعول على مبادرة خارجية (الفرنسية) التي تدعم مرشحها، لكن اليوم هذا الخارج انتقل ليؤيد موقف المعارضة الداعم لخيار ثالث، وهو ما تتبناه اللجنة الخماسية، وبالتالي يمكن وصف ما حصل بـ(الانتصار)، وهو رسالة بأن المعارضة نجحت في أن تتغلب على مشروع السلاح». وتضيف: «إذا استمرت الأمور على ما هي عليه، فهذا الخارج لا بد أن ينتقل إلى تحميل الممانعة مسؤولية استمرار الشغور وتداعياته».

لكن في المقابل، يبدو الفريق الداعم لترشيح فرنجية، خضع للمستجدات السياسية المرتبطة لموقف لودريان الأخير، ومن خلفه ما يعرف بـ«اللجنة الخماسية»، لكنه يتمسك بأهمية الحوار لإيجاد حل للأزمة، وهو ما ترفضه الكتل المسيحية وتختلف بشأنه مع حلفائها الذين دعموا أزعور في الجلسة الأخيرة، بحيث أن الحزب «التقدمي الاشتراكي»، على سبيل المثال كان يدعم مبادرة بري والحوار وينتقد رافضيها.

مبادرة بري

وفي هذا الإطار، تسأل مصادر نيابية في كتلة «التنمية والتحرير» التي يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري، «من يرفض الحوار كيف يريد الذهاب إلى خيار ثالث؟». وتقول لـ«الشرق الأوسط» «الحوار لا بد وأن يؤدي إلى التوافق إما من الأسماء المطروحة أو غيرها»، وتذكر بأن مبادرة بري الجوارية تؤكد على أنه إذا لم يتم التوافق على مرشح خلال الحوار عندما سيتم الذهاب مباشرة إلى جلسات مفتوحة لانتخاب رئيس ولــيفُز من يحصل على عدد أكبر من الأصوات».

وفي حين تلفت المصادر إلى أن مبادرة بري جمّدت بعد رفضها من قِبل بعض الكتل النيابية، تدعو إلى انتظار ما تعمل عليه قطر عبر حراك موفدها الأخير، وتؤكد «منفتحون على أي جهد يساعد بإنجاز حل، ومن يطرح الحوار لا يمكن أن يرفض أي دعوة لحوار يدعو لها أي طرف».

وكان لافتاً تحميل رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» السابق وليد جنبلاط في حديث صحافي، «القوات» و«التيار» مسؤولية إفشال فرصة؛ وهو ما استدعى رداً من قبل «القوات».

واستغربت «القوات» في بيان لها، «تحميل جنبلاط القوات مسؤولية إجهاض الانتخابات الرئاسية ومبادرة الرئيس نبيه بري للحوار، في حين لا يخفى عليه من عطل جلسات الانتخاب بخروجه كل مرة منها، ومن لا يدعو إلى جلسة بدورات متتالية، ومن عطّل مبادرة الاشتراكي والموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، والآن القطريون باتجاه خيار ثالث».

وذكّر القوات بأن «الانتخابات الرئاسية تحصل عن طريق جلسة بدورات متتالية بعد حوار وتواصل ثنائي أو أكثر على غرار التقاطع الذي تبنى ترشيح جهاد أزعور، ولا يوجد أي مسار رئاسي آخر، ولن نقبل بتكريس عرف جديد لا دستوري يلغي دور مجلس النواب والانتخابات النيابية»، وأكد «ليست القوات، من أجهض فرصة انتخاب رئيس للجمهورية، إنما مَن أجهض هذه الفرصة هو الذي يتمسك بمرشحه على رغم عدم قدرته على انتخابه، ومن يعطل كل الآليات الدستورية الانتخابية، ومن يصر على حوار ملهاة يحمل من خلاله كل من يشارك في الحوار مسؤولية الشغور، بينما من يتحمل هذه المسؤولية هو الفريق الذي يخرج من الجلسات ويعطلها ولا يقبل باللعبة الديموقراطية الدستورية».


مقالات ذات صلة

«كباش» بين جعجع وباسيل على المرجعية المسيحية رئاسياً

المشرق العربي البطريرك الماروني بشارة الراعي (الوكالة الوطنية)

«كباش» بين جعجع وباسيل على المرجعية المسيحية رئاسياً

لا تزال الحركة الناشطة على صعيد الملف الرئاسي «من دون بركة»، كما يؤكد مصدر معني بالمشاورات الحاصلة.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي أحمد الشرع خلال استقباله وفداً برئاسة الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط في دمشق (رويترز)

الشرع: سوريا لن تكون حالة تدخل سلبي في لبنان

تعهد القائد العام للإدارة الجديدة بسوريا أحمد الشرع الأحد بأن بلاده لن تمارس بعد الآن نفوذاً «سلبياً» في لبنان وستحترم سيادة هذا البلد المجاور

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي من آخر جلسة فاشلة لانتخاب رئيس للجمهورية (البرلمان اللبناني)

عون يتقدم رئاسياً ويصطدم برفض «الثنائي الشيعي» تعديل الدستور

يتبين من خلال التدقيق الأولي في توزّع النواب على المرشحين لرئاسة الجمهورية، أن اسم قائد الجيش العماد جوزف عون لا يزال يتقدم على منافسيه.

محمد شقير
المشرق العربي برّي مُصرّ على عدم تأجيل موعد الانتخابات (الوكالة الوطنية للإعلام)

بري لـ«الشرق الأوسط»: انتخابات الرئاسة في موعدها... ولا نشترط تفاهمات مسبقة حول الحكومة

أكد رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري أن المساعي مستمرة لإنجاح الجلسة النيابية المقررة في 9 يناير (كانون الثاني) المقبل لانتخاب رئيس للجمهورية.

ثائر عباس (بيروت)
خاص ناشطون يحملون أعلاماً لبنانية وسورية وصور الصحافي سمير قصير الذي اغتاله النظام السوري السابق لمعارضته له في تحرك ببيروت تحت شعار «مِن بيروت الحرية» احتفالاً بسقوط نظام بشار الأسد (إ.ب.أ)

خاص مصادر لـ«الشرق الأوسط»: ميقاتي أعطى تعليمات للمؤسسات اللبنانية للتعاون مع «هيئة تحرير الشام»

فُتِحَت قنوات التواصل بين لبنان والحكومة السورية المؤقتة، ونَقَل دبلوماسيون رسالة من قائد «هيئة تحرير الشام» إلى لبنان بأنه لا مشكلة مع الدولة اللبنانية

يوسف دياب

جنبلاط يلتقي الشرع في «قصر الشعب»: عاشت سوريا حرة أبية

رئيس «الاشتراكي» السابق وليد جنبلاط ونجله تيمور خلال اللقاء مع الشرع (أ.ف.ب)
رئيس «الاشتراكي» السابق وليد جنبلاط ونجله تيمور خلال اللقاء مع الشرع (أ.ف.ب)
TT

جنبلاط يلتقي الشرع في «قصر الشعب»: عاشت سوريا حرة أبية

رئيس «الاشتراكي» السابق وليد جنبلاط ونجله تيمور خلال اللقاء مع الشرع (أ.ف.ب)
رئيس «الاشتراكي» السابق وليد جنبلاط ونجله تيمور خلال اللقاء مع الشرع (أ.ف.ب)

في زيارة هي الأولى لزعيم ومسؤول لبناني إلى دمشق، بعد سقوط نظام بشار الأسد، التقى رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» السابق، وليد جنبلاط، القائد العام للإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع في «قصر الشعب».

وزار جنبلاط، الذي كان أول زعيم ومسؤول لبناني يبادر إلى التواصل مع الشرع، دمشق، على رأس وفد من الحزب وكتلة «اللقاء الديمقراطي»، يضم نجله تيمور، برفقة شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ سامي أبي المنى، ووفد من المشايخ والإعلاميين.

لعودة العلاقات ومحاكمة عادلة

وتحمل هذه الزيارة، التي هنّأ خلالها جنبلاط، الشرع، بـ«انتصاره»، بعداً وطنياً يرتكز على مستقبل العلاقة بين لبنان وسوريا، فهي تحمل كذلك بعداً درزياً يرتبط بما ستكون عليه علاقة السلطة الجديدة في سوريا مع الأقليات، تحديداً الطائفة الدرزية، في ظل الضغوط الإسرائيلية التي تمارس عليها، وهو ما كان الشرع واضحاً بشأنه في لقائه مع الزعيم الدرزي بالقول: «سوريا لن تشهد بعد الآن استبعاداً لأي طائفة»، مضيفاً أن «عهداً جديداً بعيداً عن الحالة الطائفية بدأ».

وفي كلمة له أثناء لقائه الشرع، هنأ جنبلاط القيادة السورية الجديدة بـ«التحرّر من نظام حكم (بشار) الأسد، والتطلع نحو سوريا الموحدة... عاشت سوريا حرّة أبية كريمة».

أحمد الشرع والزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط (رويترز)

وقال جنبلاط: «من جبل لبنان، من جبل كمال جنبلاط، نحيي هذا الشعب الذي تخلص من الاستبداد والقهر، التحية لكم ولكل من ساهم في هذا النصر، ونتمنى أن تعود العلاقات اللبنانية - السورية من خلال السفارات، وأن يحاسب كل الذين أجرموا بحق اللبنانيين، وأن تقام محاكم عادلة لكل من أجرم بحق الشعب السوري، وأن تبقى بعض المعتقلات متاحف للتاريخ».

وأضاف: «الجرائم التي ارتبكت بحق الشعب تشابه جرائم غزة والبوسنة والهرسك، وهي جرائم ضد الإنسانية، ومن المفيد أن نتوجه إلى المحكمة الدولية لتتولى هذا الأمر والطريق طويل»، مشيراً إلى أنه سيتقدم بـ«مذكرة حول العلاقات اللبنانية السورية».

الشرع: النظام السابق قتل الحريري وجنبلاط والجميل

في المقابل، تعهد الشرع، الذي التقى جنبلاط للمرة الأولى مرتدياً بدلة وربطة عنق، بأن بلاده لن تمارس بعد الآن نفوذاً «سلبياً» في لبنان، وستحترم سيادة هذا البلد المجاور. وفيما لفت إلى أن «المعركة أنقذت المنطقة من حربٍ إقليميّة كبيرة، وربما من حرب عالمية»، أكد أن «سوريا لن تكون حالة تدخل سلبي في لبنان على الإطلاق، وستحترم سيادة لبنان ووحدة أراضيه واستقلال قراره واستقراره الأمني، وهي تقف على مسافة واحدة من الجميع».

ولفت الشرع إلى أن «النظام السابق كان مصدر قلق وإزعاج في لبنان، وهو عمل مع الميليشيات الإيرانية على تشتيت شمل السوريين»، مؤكداً أن «نظام الأسد قتل رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري وكمال جنبلاط وبشير الجميل». وتعهد بأن «يكون هناك تاريخ جديد في لبنان نبنيه سوية بدون حالات استخدام العنف والاغتيالات»، وقال: «أرجو أن تمحى الذاكرة السورية السابقة في لبنان».

أحمد الشرع خلال استقباله وفداً برئاسة الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط في دمشق (رويترز)

وشدد الشرع على حماية الأقليات، قائلاً: «مع اعتزازنا بثقافتنا وبديننا وإسلامنا... لا يعني وجود الإسلام إلغاء الطوائف الأخرى، بل على العكس هذا واجب علينا حمايتهم». وأضاف: «اليوم يا إخواننا نحن نقوم بواجب الدولة في حماية كل مكونات المجتمع السوري».

دروز سوريا

وتحدث عن دروز سوريا تحديداً، مذكراً بأن «الإدارة الجديدة أرسلت وفوداً حكومية إلى مدينة السويداء ذات الأغلبية الدرزية في جنوب غرب البلاد»، وقال: «أهلنا في السويداء كانوا سباقين في مشاركة أهلهم في الثورة، وساعدونا في تحرير منطقتهم في الآونة الأخيرة».

وأضاف: «سنقدم خدمات كثيرة، نراعي خصوصيتها، ونراعي مكانتها في سوريا»، وتعهد بتسليط الضوء على ما وصفه بأنه تنوع غني للطوائف في سوريا.

أبي المنى وشعار الدروز

من جهته، قال الشيخ أبي المنى إن «شعب سوريا يستحق هذا السلم، ويستحق الازدهار، لأن سوريا قلب العروبة النابض». وأشار إلى أن «الموحدين الدروز لهم تاريخ وحاضر يُستفاد منه، فهم مخلصون للوطن وشعارهم شعار سلطان باشا الأطرش وشعار الكرامة، وكرامتهم من كرامة الوطن، لذلك نحن واثقون أنكم تحترمون تضحياتهم وهم مرتبطون بوطنهم».

رئيس «الاشتراكي» السابق وليد جنبلاط في «قصر الشعب» بدمشق قبيل لقائه الشرع (أ.ف.ب)

ارتياح في السويداء

ولاقت زيارة الزعيم الدرزي إلى دمشق ارتياحاً في أوساط السوريين الدروز. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر أهلية متقاطعة في السويداء، جنوب سوريا، أن هناك توافقاً بين الزعامات الروحية حول الموقف من «إدارة العمليات» ممثلة بقائدها أحمد الشرع، والتأكيد على العمقين الإسلامي والعربي لطائفة الدروز الموحدين وخصوصية جبل العرب، ودورهم التاريخي في استقلال سوريا كمكون سوري أصيل، وتطلعهم إلى دستور جديد يجمع عليه السوريون.

وحسب المصادر، فإن «هذا الموقف كان مضمون الرسالة التي حملها الوفد الدرزي إلى قائد الإدارة الجديدة أحمد الشرع، الأحد، وقد كانت نتائج الاجتماع إيجابية»، واعتبر دروز السويداء أن زيارة جنبلاط «خطوة عقلانية وحكيمة باتجاه الحفاظ على وحدة سوريا، وقطع الطريق على كل من يحاول تخريب العيش المشترك بين جميع السوريين، ووأد الفتن ما ظهر منها وما بطن».

ووفق المصادر، كان وفد درزي من لبنان زار السويداء قبل يوم من زيارة جنبلاط إلى دمشق، والتقى مشيخة العقل في السويداء، حيث قال شيخ العقل حمود الحناوي إنهم يتطلعون إلى «مواقف جنبلاط وأهلنا في لبنان باعتبارها سنداً ومتنفساً للتعاون من أجل مصالحنا كمواطنين سوريين لنا دورنا التاريخي والمستقبلي».

بعد 13 عاماً

ودخل الجيش السوري، لبنان، عام 1976 كجزء آنذاك من قوات عربية للمساعدة على وقف الحرب الأهلية، لكنه تحوّل إلى طرف فاعل في المعارك، قبل أن تصبح دمشق «قوة الوصاية» على الحياة السياسية اللبنانية تتحكّم بكل مفاصلها، حتى عام 2005، تاريخ خروج قواتها من لبنان تحت ضغط شعبي بعد اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري في انفجار وجهت أصابع الاتهام فيه إليها ولاحقاً إلى حليفها «حزب الله»، قبل أن تحكم المحكمة الدولية الخاصة بلبنان على اثنين من قادة الحزب بالسجن مدى الحياة، على خلفية قتل 22 شخصاً بينهم الحريري.

ويتهم جنبلاط، دمشق، باغتيال والده كمال في عام 1977 خلال الحرب الأهلية، في عهد الرئيس الراحل حافظ الأسد.

ونُسبت اغتيالات العديد من المسؤولين اللبنانيين الآخرين المناهضين لسوريا إلى السلطة السورية السابقة.

وعلى خلفية هذه الاغتيالات، تأرجحت علاقة الزعيم الدرزي مع النظام السوري السابق، الذي كان قد قاطعه وشنّ هجوماً غير مسبوق على رئيسه المخلوع، واصفاً إياه بـ«القرد» في المظاهرات التي نظمها فريق «14 آذار» إثر اغتيال الحريري عام 2005، قبل أن تعاد هذه العلاقة وترمّم بشكل محدود في عام 2009، لتعود إلى مرحلة العداوة مجدداً مع مناصرة جنبلاط للثورة السورية التي انطلقت عام 2011.

أما اليوم، وبعد 13 عاماً، عاد الزعيم الدرزي إلى دمشق «شامخاً مظفراً بالنصر»، وفق ما وصفه أمين سر كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب هادي أبو الحسن، عبر حسابه على منصة «إكس»، مضيفاً: «ها قد عدنا إلى سوريا الحرة مع الأمل الكبير الواعد بأن تنعم سوريا وشعبها بالحرية والديمقراطية والتنوّع والاستقرار والازدهار»، داعياً إلى «بناء أفضل العلاقات التي تحفظ سيادة وحرية واستقلال وطننا الحبيب لبنان وتحفظ سوريا الواحدة الموحدة الأبية».

وتوجه إلى السوريين بالقول: «هنيئاً لكم ولنا الانتصار الكبير، ويبقى الانتصار الأكبر هو الحفاظ على الوحدة الوطنية والحرية والهوية».