تحاط زيارة يقوم بها موفد قطري إلى بيروت بكثير من التكتم، في حين لا تزال المواقف السياسية على حالها لناحية تمسك كل فريق بموقفه إن لجهة الحوار، بين الداعم والرافض له، أو لجهة دعم مرشح دون آخر.
وبعد خمسة أيام من وصول الموفد القطري إلى بيروت، لم يصدر حتى الساعة أي موقف رسمي عنه أو عن الذين التقاهم باستثناء بعض المعلومات التي أشارت إلى أن الجهود القطرية هي استطلاعية مترافقة مع طرح الانتقال إلى الخيار الثالث، وهو الأمر الذي لا يبدو أنه يسير بإيجابية، لا سيما من جانب الثنائي الشيعي (حزب الله وحركة أمل) المتمسك حتى الآن بمرشحه رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية، في حين أعلن أكثر من طرف في المعارضة (التي كانت قد دعمت الوزير السابق جهاد أزعور) استعداده للانتقال إلى خيار جديد.
لقاءات القطري
وبحسب المعلومات، التقى الموفد القطري كلاً من رئيس البرلمان نبيه بري ورئيسي حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، و«التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل ومعاون الأمين العام لـ«حزب الله» حسين الخليل، إضافة إلى مسؤولين أمنيين.
اقرأ أيضاً
وجدد رئيس المجلس السياسي لـ«حزب الله» إبراهيم أمين السيد تمسك فريقه بترشيح فرنجية. ولفت في لقاء حواري سياسي، في البقاع، إلى «أن هناك محاولات خارجية مع بعض الداخل للتوصل إلى انتخاب رئيس يرضى به الجميع، ونحن نتابع ما سينتج من جولة الوفد القطري، مع التأكيد أن موقفنا حتى الآن دعم ترشيح الوزير سليمان فرنجية».
وردّ النائب بلال عبد الله (الحزب «التقدمي الاشتراكي») على موقف «حزب الله» والمعلومات التي أشارت إلى أن مسؤوليه أكدوا أمام الموفد القطري تمسكهم بفرنجية، مجدداً التأكيد على أن لبنان لا يحتمل مرشح تحد.
وينظر عبد الله بتشاؤم إلى المسار السياسي الذي يحيط بالانتخابات الرئاسية. ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «يبدو أن الموفد القطري يقوم بلقاءات ومشاورات تمهيدية، وهو مشكور على جهوده كما الجهود الفرنسية وغيرها من الدول، لكن المشكلة تكمن في غياب الجهود اللبنانية، حيث لا يزال التصلب في المواقف على حاله»، مضيفاً «وهذا يعني أن الجهود الخارجية غير كافية». ويوضح: «المطلوب من الجميع خطوة إلى الوراء للتأسيس على أمر ما جديد علّنا نصل إلى حل يرضي الجميع».
بدوره، عدّ النائب رازي الحاج («القوات اللبنانية»)، أن «الأزمة الرئاسية لا تزال عالقة في المربع الأول بسبب تعنت فريق الممانعة المسؤول أيضاً عن تعطيل الدستور».
وقال في حديث إذاعي: «لن نقبل برئيس مرتهن لمحور الممانعة، ونحن لم نتمسك بأي مرشح، ولكننا إذا توافرت الظروف لوصول مرشح من المواصفات التي طرحناها، سننتخبه وسننتقل من مرشح إلى رئيس».
ورأى «أن مهمة الموفد القطري إقليمية أكثر منها داخلية، وهو يعتقد أنه باستطاعته إقناع الطرف الإيراني لارتباط الطرف الآخر، الذي يجاهر علناً بأنه جندي في ولاية الفقيه»، في إشارة إلى «حزب الله».
وجدد الحاج التأكيد على أن «القوات» يرفض فرض أعراف جديدة «ولا بفرض مرشح علينا من خارج مفاهيمنا السياسية، يكرس لبنان ساحة للصراعات التي يخوضها (حزب الله)»، وقال «لن نقبل بأن تكون الدعوة للحوار لذر الرماد في العيون».
ورأى أن «فريق الممانعة يستشعر التغييرات في المنطقة والمعركة الأساسية اليوم هل نسمح بسقوط لبنان بيد الممانعة؟»، مضيفاً: «نحن أمام خيارين، إما أن يتحول لبنان ساحة صراع وخراب، أو ليستعيد عافيته، ويستعيد دوره التاريخي، وهذان خياران لا ثالث لهما».
دريان - المشنوق
في إطار الجهود الرئاسية، قال النائب السابق نهاد المشنوق بعد لقائه مفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان: إن الأخير «سيقوم بجهود جدية باتجاه جميع الأطراف، مكملة لجهوده التي بدأت حين التقى المبعوث الرئاسي الفرنسي مع النواب السنة في دارة السفير السعودي وليد بخاري الأسبوع الماضي، حيث كانت جلسة هادئة ومثمرة أكد خلالها إمكان التفاهم على موقف وطني موحّد يساعد على إنقاذ ما تبقى من الوطن».
ونقل المشنوق عن المفتي دعوته إلى التسريع في «إعادة تكوين السلطة وانتخاب رئيس جمهورية وتشكيل حكومة، وعدم تعريض اللبنانيين إلى مزيد من الانهيارات»، قائلاً: «إن سماحته يوصل هذه الدعوة إلى كل من يلتقيهم من أعضاء اللجنة الخماسية وممثلي الدول الخمس فيها، والأطراف اللبنانية التي تدعو إلى الحوار، وأولهم رئيس البرلمان نبيه بري».
في موازاة ذلك، عدّ المشنوق أن «المبادرة القطرية هي استكشاف للآراء أكثر مما هي قرار بالوقوف إلى جانب مرشح دون آخر»، وسماها «عملية استكشاف، يعود بعدها الجانب القطري إلى اللجنة الخماسية، وبعد الاستكشاف سيعرض القطريون نتائج جولتهم للخروج بخلاصات»، مضيفاً «لا أتوقع فشل أو نجاح المسعى القطري، لكنه سينجح في استكشاف مواقف الجميع بشكل جدي من سلة الأسماء التي يحملها».