محاولة اغتيال علاوي... المنفّذ شاب بشوش لكنه لا يترك أحياء


إياد علاوي... منفذ محاولة اغتياله في بريطانيا بشوش لكنه لا يترك أحياء (إ.ب.أ)
إياد علاوي... منفذ محاولة اغتياله في بريطانيا بشوش لكنه لا يترك أحياء (إ.ب.أ)
TT
20

محاولة اغتيال علاوي... المنفّذ شاب بشوش لكنه لا يترك أحياء


إياد علاوي... منفذ محاولة اغتياله في بريطانيا بشوش لكنه لا يترك أحياء (إ.ب.أ)
إياد علاوي... منفذ محاولة اغتياله في بريطانيا بشوش لكنه لا يترك أحياء (إ.ب.أ)

> سألت ضابطاً سابقاً في مخابرات نظام صدام حسين عن منفّذ محاولة اغتيال الدكتور إياد علاوي. قال: «أعرفه. لم يكن صديقي، لكننا كنا نتصافح حين نلتقي. لم يكن معنا في المركز الرئيسي. كان يعمل في (العمليات الخاصة) واسمها (إم 14)، وكانت مديرية مستقلة مقرها في منطقة سلمان باك (جنوب بغداد)». ربما كان عزل هؤلاء يرمي إلى عدم تعرّف كثيرين إلى ملامحهم وأسمائهم.

يمكنني أن أقول إنه كان يعطي انطباعاً بأنه شاب ودود وبشوش وحبّاب. لا يوحي للوهلة الأولى بأي ميول إجرامية أو عنفية. عريض الأكتاف مع شاربين وشعر كثيف أسود. في الوقت نفسه كان كامل الولاء وفولاذي الإرادة ويتمتع بقوة بدنية عالية جداً وصرامة في تنفيذ الأوامر. وكان شائعاً أنه لا يمكن أن يترك الشخص المكلّف باستهدافه حياً. هناك من يعتبره الرجل الأشرس في جهاز العمليات الخاصة.

بصمات «م.ع.ج»

ظهرت بصمات «م.ع.ج» في أماكن أخرى. ذات يوم هرب الضابط ماجد عبد الكريم حسين الذي كان يعمل في الخدمة السرية. كانت تبدو عليه تصرفات غير مريحة في العمل وأصبح يرتبط بعلاقات مشبوهة من وجهة نظر المخابرات. كتبت عنه تقارير إلى أمن الدائرة حيث أصدرت أمراً بنقله إلى خارج الجهاز. كان ذلك في عام 1978. هرب المذكور عبر الحدود إلى سوريا وتم التحقيق معه من جانب المخابرات السورية وبعد أن استنفدت جمع المعلومات منه سهّلت تسفيره إلى السويد وهناك بدأ يجري اتصالات مع الصحف ويتحدث عن أسرار عمل المخابرات، الأمر الذي دفع الجهاز إلى اتخاذ قرار بالتخلص منه. طلب من محطة المخابرات في أستوكهولم متابعته ولم يكن المذكور حذراً وكانت الأماكن التي يتردد عليها معروفة.

كان لجهاز المخابرات مصادر نسوية صائدة للأهداف من ضمنها (...) التي سافرت بصحبة ضابط العمليات «م ع ج» وهناك وُضعت السيدة في طريق ماجد، وسرعان ما ابتلع الطعم حيث اصطحبته معها إلى الشقة حيث كان زميلها الضابط بانتظاره. وما أن دخل ماجد الشقة حتى فوجئ بوجود ضابط العمليات الذي كان يعرفه شخصياً فأدرك أنه وقع في الفخ فقال: «ها جاي هنا حتى تصفيني؟». تمت تصفية ماجد وتقطيع جسده إلى 16 قطعة وضعت في أكياس نفايات. عند الفجر قام ضابط العمليات برميها في غابة ثم غادر أستوكهولم بسلام مع رفيقته.

رؤوس بالبريد الدبلوماسي

بصمات الرجل الذي لا يرحم ستظهر أيضاً في كراتشي.

في عام 1986 استهدفت المخابرات الإيرانية مدير محطة المخابرات العراقية في باكستان (ن.ع) عندما كان يسير بسيارته في سوق مزدحمة تاركاً نافذة السيارة مفتوحة. ألقى العملاء قنبلة يدوية داخل سيارته. لم يتمكن من مغادرة السيارة وتوفي في الحال. زار مدير الجهاز والدة الشهيد معزياً وقطع وعداً بجلب رؤوس القتلة إلى بغداد. بعد متابعة حثيثة من قبل محطة المخابرات في كراتشي، توصلت مصادر الجهاز إلى تحديد هوية الفاعلين، وكانوا أربعة.

توجه إلى كراتشي فريق العمليات الخاصة المكوّن من ضابط المخابرات (ك.ب) واثنين من العمليات على رأسهم الضابط (م.ع.ج). وبخطة محكمة تم استدراج القتلة إلى شقة تم استئجارها من طرف الجهاز مسبقاً لغرض تنفيذ القصاص. ما أن دخل القتلة حتى وجدوا أنفسهم في كمين محكم فكان الموت مصيرهم المحتوم، وقيل إن رؤوسهم نقلت إلى بغداد في حقيبة البريد الدبلوماسي.


مقالات ذات صلة

العراق: عودة قوية للحلبوسي إلى المشهد السياسي

المشرق العربي صورة نشرها مكتب الحلبوسي من لقائه مع رئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد يوم 14 أبريل الحالي

العراق: عودة قوية للحلبوسي إلى المشهد السياسي

سبّب قرار القضاء العراقي تبرئة رئيس البرلمان السابق، محمد الحلبوسي، صدمة كبيرة داخل الأوساط الشعبية، فضلاً عن خصومه ومناوئيه من القوى السياسية، خصوصاً السُّنية.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي صورة نشرها موقع «الاتحاد الوطني الكردستاني» من لقاء قوباد طالباني ومسرور بارزاني

تحالف جديد في إقليم كردستان يعجّل تقارب «الديمقراطي» و«الوطني»

يزداد التفاهم بين الحزبين الرئيسيين في كردستان، بينما يستعد تحالف كردي جديد لمنافستهما في الانتخابات المقبلة.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي صياد سمك على مركبه في منطقة الأهوار بمحافظة ذي قار العراقية يسعى لصيد ما أمكن رغم تناقص الأمطار الذي يهدد بجفاف مخزون النهر من المياه (أرشيفية - أ.ف.ب)

«صيف قاس» ينتظر العراق

يتوقع معظم المسؤولين والمهتمين بالمناخ والمياه والشؤون البيئية أن يواجه العراق هذا العام صيفاً قاسياً نتيجة الجفاف وقلة تساقط الأمطار في موسم الشتاء المنصرم.

فاضل النشمي (بغداد)
تحليل إخباري موظف بمفوضية الانتخابات العراقية يحمل صندوقاً لفرز أصوات الاقتراع المحلي في ديسمبر 2023 (أ.ف.ب)

تحليل إخباري معارك «كسر عظم» وتصفية حسابات تسبق الانتخابات العراقية

على الرغم من طول المدة التي تفصل القوى السياسية العراقية عن الموعد القانوني لإجراء الانتخابات البرلمانية المقبلة، فإن معارك «كسر العظم» بدأت من الآن.

حمزة مصطفى (بغداد)
الاقتصاد منظر عام لخط أنابيب «كركوك - جيهان» الذي يربط العراق وتركيا في ميناء «جيهان» التركي على البحر الأبيض المتوسط (رويترز)

أزمة نفط إقليم كردستان... لا اتفاقات ملموسة في الأفق

أعلنت رابطة صناعة النفط في كردستان (أبيكور) أن الاجتماع بين حكومة العراق وحكومة إقليم كردستان وشركات النفط العالمية «لم يسفر عن أي اتفاقات».

«الشرق الأوسط» (لندن)

هل يتعمد الحوثيون استخدام السجناء والمعتقلين دروعاً بشرية لتجنب القصف؟

رجل يمشي وسط مركز إيواء الأفارقة في صعدة (رويترز)
رجل يمشي وسط مركز إيواء الأفارقة في صعدة (رويترز)
TT
20

هل يتعمد الحوثيون استخدام السجناء والمعتقلين دروعاً بشرية لتجنب القصف؟

رجل يمشي وسط مركز إيواء الأفارقة في صعدة (رويترز)
رجل يمشي وسط مركز إيواء الأفارقة في صعدة (رويترز)

أعادت عملية قصف نُسبت للولايات المتحدة لمركز إيواء للاجئين الأفارقة في صعدة وراح ضحيتها نحو 68 قتيلاً وفق جماعة الحوثيين، الشكوك بشأن استخدام الجماعة للسجناء والمعتقلين دروعاً بشرية بشكل متعمد لتجنب القصف.

وأكد مسؤولون وباحثون يمنيون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» تعمُّد جماعة الحوثي الإرهابية وضع سجناء ومعتقلين مدنيين في 4 حالات سابقة على الأقل، أهدافاً للقصف الجوي في سنوات مختلفة.

رجل يمشي وسط مركز إيواء الأفارقة في صعدة (رويترز)
رجل يمشي وسط مركز إيواء الأفارقة في صعدة (رويترز)

الجماعة التي تتعرض لقصف أميركي مكثف منذ منتصف مارس (آذار) الماضي، تبحث عن أي ملف أو ذريعة لاستخدامها في جلب التعاطف الدولي بما يساعدهم في إيقاف العمليات العسكرية الأميركية، وفقاً للمحللين أنفسهم.

وأعلن الدفاع المدني التابع للحوثيين، الاثنين، مقتل 68 مهاجراً أفريقياً، وإصابة 47 آخرين، جراء قصف أميركي استهدف مركز إيواء للمهاجرين غير الشرعيين في مدينة صعدة، وفق ما ذكرت وسائل إعلام تابعة لهم.

يؤكد رماح الجبري، وهو باحث سياسي يمني، أن «استخدام الميليشيا الحوثية السجناء والمحتجزين دروعاً بشرية نهج وأسلوب دأبت عليه الجماعة، وتكررت هذه الجريمة كثيراً خلال السنوات العشر الماضية».

وأضاف الجبري في حديث لـ«الشرق الأوسط» بقوله: «كانت بدايتها حين وضعت قيادات سياسية وحزبية وصحافيين في مخزن للسلاح بمنطقة هران في محافظة ذمار في مايو (أيار) 2015، وقُتل العشرات حينها بينهم الصحفيان يوسف العيزري وعبد الله قابل».

وبحسب الباحث السياسي اليمني فقد «تكررت هذه الجريمة حين زجت الميليشيا الحوثية بعشرات المختطفين من خصومها إلى معسكر الشرطة العسكرية في العاصمة صنعاء عام 2017، وقُتل العشرات أيضاً، ومثلها في يناير (كانون الثاني) 2022 حين تم استهداف معسكر للأمن الحوثي الخاص لتعلن الميليشيا الحوثية مقتل نحو 80 قالت إنهم محتجَزون وسجناء بالإضافة إلى عشرات الجرائم الحوثية المماثلة».

طائرة المراقبة «هوك آي» تقلع من فوق متن حاملة الطائرات «هاري ترومان» (الجيش الأميركي)
طائرة المراقبة «هوك آي» تقلع من فوق متن حاملة الطائرات «هاري ترومان» (الجيش الأميركي)

وأعلنت وزارة الداخلية التابعة للحوثيين أن «القصف الأميركي استهدف مركزاً يضم 115 مهاجراً؛ جميعهم من جنسيات أفريقية، ما أسفر عن سقوط عشرات القتلى والجرحى».

وقالت وزارة داخلية الحوثيين إنّ المركز الواقع في سجن صعدة الاحتياطي تابع لإشراف «منظمة الهجرة الدولية ومنظمة الصليب الأحمر»، ولم تؤكد المنظمتان الأمميتان هذه المعلومات على الفور.

لكن الباحث السياسي رماح الجبري يشير هنا إلى أن الميليشيا الحوثية «تبحث عن ضحايا مدنيين وأبرياء تستخدمهم لتحقيق مكاسب سياسية؛ ولذلك تحتمي قيادات حوثية بالمدنيين، وتختبئ بينهم بينما تعرّض الأعيان المدنية للخطر».

وتحدث الجبري عن «معلومات متداولة تفيد باختباء قيادات حوثية في (بدرومات) المستشفيات والأعيان المدنية المحصَّنة من القصف، كما تخزن الأسلحة وسط الأحياء المكتظة بالسكان لتستخدمهم دروعاً بشرية».

وعن قصف مركز إيواء اللاجئين الأفارقة في صعدة، لا يستبعد الجبري قيام جماعة الحوثي بوضع «المهاجرين الأفارقة دروعاً بشرية في موقع عسكري، أو تحويل مركز الإيواء إلى مخزن لأسلحتها ومكان اختباء قياداتها، وهو أمر مرتبط بسوابقها خلال السنوات الماضية، فضلاً عن أن الميليشيات الحوثية تبحث عن أي ملف تستخدمه لجلب التعاطف الدولي يمكن أن يخدمهم في إيقاف العمليات العسكرية الأميركية»، على حد تعبيره.

من جانبه، أوضح عبد الرحمن النهاري وكيل وزارة الثقافة اليمنية أن «ميليشيا الحوثي منفلتة لا تحكمها قوانين ولا مبادئ، ومنذ بداية الصراع والحرب في اليمن الذي تسببت به وفجرته استخدمت كل الوسائل الإرهابية لتدمير الأرض والإنسان ومقدرات اليمن، واستخدمت المدنيين والأهداف المدنية دروعاً؛ ما أدى إلى جرائم فظيعة وأضرار بالغة».

عنصر حوثي يقف على أنقاض أحد الأهداف التي قصفتها الولايات المتحدة في صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يقف على أنقاض أحد الأهداف التي قصفتها الولايات المتحدة في صنعاء (أ.ف.ب)

وأضاف في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «قامت (الجماعة) بإقحام التجمعات السكانية في عملياتها العسكرية الإرهابية بوصفها مراكز للقيادة والسيطرة ومستودعات ومخازن للأسلحة ومقرات للاتصالات الحربية عن قصد وعمد في عداوة واضحة للحياة، وعسكرة للمؤسسات المدنية كالمستشفيات والمدارس والفنادق والمتنزهات والمساجد في المناطق التي تسيطر عليها؛ ما يضاعف الخسائر في الأرواح والممتلكات التي لا يقيم لها الحوثي أي اهتمام».

ويرى النهاري أن «الحل الأسلم والنهائي لهذه الجرائم هو دعم السلطة الشرعية لكسر هذه الميليشيات وإسقاط انقلابها وإخراجها من المعادلة العسكرية واستبعادها من الشأن العام في أسرع وقت لتجنب مزيد من الدمار والقتل، والحفاظ على اليمن وأمنها وسلامتها واستقرارها ووحدة أراضيها».