كرة القدم... متنفس لسكان غزة وعامل توحيد بعدما فرّقتهم السياسة

مشجعو كرة القدم الفلسطينية يحضرون مباراة ضمن دوري محلي شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
مشجعو كرة القدم الفلسطينية يحضرون مباراة ضمن دوري محلي شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

كرة القدم... متنفس لسكان غزة وعامل توحيد بعدما فرّقتهم السياسة

مشجعو كرة القدم الفلسطينية يحضرون مباراة ضمن دوري محلي شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
مشجعو كرة القدم الفلسطينية يحضرون مباراة ضمن دوري محلي شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

يجد سكان غزة في ملاعب كرة القدم متنفساً يبعدهم عن هموم الحصار والانقسام الداخلي المستمرين منذ عام 2007، ويعزز توافقاً يقضي بإبعاد الرياضة عن السياسة.

وتشهد ملاعب كرة القدم في قطاع غزة إقبالاً هائلاً من الجمهور.

ويحرص راجح الشيخ خليل (62 عاماً) على متابعة كل مباريات الدوري العام الفلسطيني. ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، وهو يتابع مباراة الشجاعية والشاطئ على ملعب اليرموك: «آتي لحضور المباريات هرباً من الملل، ولكي ننسى الحصار الذي نعيشه، لا يوجد لنا أي مفر سوى المباريات والملاعب والبحر».

وتتنقل وفود رياضية من الضفة الغربية إلى قطاع غزة بشكل دوري؛ إما بهدف تدريب مدربين أو حكام أو حتى لاعبين، بتنسيق بين الهيئات الرياضية القائمة في الجانبين، أهمها اللجنة الأولمبية الفلسطينية والمجلس الأعلى للشباب والرياضة.

في الملعب، ينتظر ناهض الرباعي (43 عاماً) أيضاً موعد المباريات بشغف مع زملاء له، وهم يعملون في القطاع الرياضي.

ويقول: «ننتظر المباريات للترفيه عن النفس والهروب من الواقع الصعب الذي نعيشه؛ من ضغوط نفسية واقتصادية وسياسية، لذلك نعدّ الرياضة المتنفَّس الوحيد لأهالي غزة ونتابعها بشغف».

ويوضح عاهد حرارة (50 عاماً) من مخيم الشجاعية: «البحر نهرب إليه لمدة شهرين فقط، لكن الرياضة هي المتنفس الوحيد والدائم، لا يوجد شيء آخر».

ويشير اتحاد كرة القدم إلى أن الملاعب السبعة التي تُقام عليها مباريات الدوري بمختلف الدرجات في قطاع غزة تكون ممتلئة عن بكرة أبيها دائماً، ولا تتسع غالبيتها للجمهور.

ويقول المدير التنفيذي لاتحاد اللعبة مصطفى صيام: «الحقيقة أن الملاعب والدوري العام أعادا الروح للشباب في غزة خلال السنوات الثلاث الماضية».

وتتراوح نسبة الحضور في المباريات «الجماهيرية» ما بين 7 آلاف و10 آلاف، وهو عدد كبير نسبة إلى حجم الملاعب الصغير. ويبلغ سعر التذكرة نحو 2 شيقل (0.52 دولار)، وتتراوح أعمار الحضور بين 5 و80 عاماً.

ويؤكد متابعون ومشجعون والاتحاد الفلسطيني لكرة القدم أن هذا الإقبال يُفَسر خصوصاً بالاتفاق الذي تم التوصل إليه منذ 5 سنوات بين حركتي «فتح» و«حماس»؛ يقضي بالنأي بالرياضة عن السياسة.

وسيطرت حركة «حماس» على قطاع غزة في الرابع عشر من يونيو (حزيران) من عام 2007، عقب اشتباكات مسلحة مع أجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية وحركة «فتح»، ما تسبب بوقوع عشرات القتلى من الطرفين. وانتهت المواجهات بطرد «فتح» من القطاع، وإن بقي لها مؤيدون بين الفلسطينيين العاديين. وفشلت محاولات كثيرة لتحقيق المصالحة بين الطرفين.

مشجعون يجسلون داخل احد الملاعب لحضور مباراة كرة قدم في غزة (أ.ف.ب)

«أنبل ظاهرة!»

في الملاعب الكروية داخل غزة، تغيب مظاهر الانقسام تماماً، في ظل الحضور الجماهيري الكبير والعمل الإداري المشترك بين ممثلين عن الحركتين.

قبل وقت قصير، توفي نائب رئيس اتحاد كرة القدم المقيم في غزة، وحل محله عضو الاتحاد صلاح أبو العطا الذي يشغل منصب أمين سر المكتب الحركي الرياضي لحركة «فتح»، لتسيير أعمال الاتحاد إلى حين إجراء الانتخابات.

ويقول أبو العطا لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «تحقق الوفاق الرياضي بين الحركتين منذ بداية الانقسام قبل 16 عاماً، والرياضيون كانوا السباقين إلى هذا الوفاق بعيداً عن كل المناكفات والتجاذبات السياسية».

ويعدّ عبد السلام هنية، نجل رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، إسماعيل هنية، المعروف بدعمه الدائم للرياضيين، من جهته، أن التوافق الرياضي في غزة «أنبل ظاهرة جاءت في عهد الانقسام».

ويضيف: «هذا التوافق ساهم في رفع نسبة متابعة الجمهور للمباريات».

ويقول هنية: «الرياضة يمكن أن تؤثر إيجاباً على إنهاء الانقسام، خصوصاً إذا أخذنا بالحسبان أن قياديين مثل إسماعيل هنية الداعم للرياضة وجبريل الرجوب (رئيس الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم) يمكنهما أن يحققا تقدماً سياسياً مثلما حققا التوافق الرياضي».


مقالات ذات صلة

شؤون إقليمية جنازة الفلسطيني الأميركي سيف الدين مصلط الذي قتله مستوطنون ضرباً حتى الموت قرب رام الله (وفا)

غضب ودعوات إلى مواجهة «إرهاب المستوطنين» في الضفة الغربية

دعا مسؤولون في السلطة الفلسطينية إلى انتفاضة في وجه المستوطنين والتصدي لهم بعد قتلهم شابَيْن فلسطينيين بدم بارد قرب رام الله في الضفة الغربية.

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي مستشار رئيس الوزراء الفلسطيني ناصر القطامي ورئيسة غرفة العمليات الحكومية للتدخلات الطارئة في المحافظات الجنوبية سماح حمد (وسط) ووزيرة الخارجية فارسين أغابيكيان (يسار) (مجلس الوزراء الفلسطيني عبر «فيسبوك») play-circle

الحكومة الفلسطينية تعرض استعداداتها للمرحلة الأولى من خطة إعادة إعمار غزة

قال مجلس الوزراء الفلسطيني، اليوم (الخميس)، إنه أطلع بعثات دبلوماسية عربية على استعدادات الحكومة للمرحلة الأولى من خطة إعادة إعمار قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
المشرق العربي فلسطينيون نازحون أجبروا على إخلاء قريتهم في معراجات يقيمون بيوتاً مؤقتة قرب أريحا (د.ب.أ)

بيان: عدد الفلسطينيين يتجاوز 15 مليون نسمة

قال الجهاز المركزي الفلسطيني للإحصاء إن عدد الفلسطينيين حتى منتصف العام الحالي تجاوز 15 مليون نسمة.

«الشرق الأوسط» (رام الله)
المشرق العربي الرئيس اللبناني جوزيف عون مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس في القصر الجمهوري قرب بيروت في مايو الماضي (أرشيفية - إ.ب.أ)

«منظمة التحرير» تطلب من لبنان تمديد المهل لجمع السلاح الفلسطيني

يتقدم ترتيب «البيت الفتحاوي» في لبنان على جمع السلاح الفلسطيني، رغم أن الرئيس الفلسطيني كان تعهّد بجمعه على مرحلتين.

محمد شقير (بيروت)

مسؤولة كردية سورية: قلقون إزاء تصاعد خطاب الكراهية في تصريحات جهات رسمية

القيادية إلهام أحمد المسؤولة بالإدارة الكردية لشمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)
القيادية إلهام أحمد المسؤولة بالإدارة الكردية لشمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)
TT

مسؤولة كردية سورية: قلقون إزاء تصاعد خطاب الكراهية في تصريحات جهات رسمية

القيادية إلهام أحمد المسؤولة بالإدارة الكردية لشمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)
القيادية إلهام أحمد المسؤولة بالإدارة الكردية لشمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)

عبّرت إلهام أحمد، الرئيسة المشتركة لدائرة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية لشمال شرقي سوريا، اليوم الأحد، عن قلقها إزاء ما وصفته بتصاعد خطاب «الكراهية والتخوين» في بعض التصريحات الصادرة من جهات رسمية.

وقال المسؤولة الكردية، عبر منصة «إكس»: «نعوّل على دور بنّاء يعزز الحوار لا يُضعفه»، مُشيدة «بدعم الولايات المتحدة وفرنسا المتواصل للحل السياسي في سوريا ومساهمتهما في تقريب وجهات النظر بين السوريين».

وعقد الرئيس السوري أحمد الشرع اجتماعاً ثلاثياً مؤخراً مع قائد «قوات سوريا الديمقراطية» الكردية (قسد) مظلوم عبدي، والمبعوث الأميركي توماس باراك، في دمشق، في مسعى لإزالة «عوائق» تطبيق الاتفاق المبرم بين الشرع وعبدي، في مارس (آذار) الماضي.

وجرى عقد الاجتماع «بدفع من التحالف الدولي وفرنسا التي يبدو أن لها دوراً في تذليل الخلافات بين الطرفين»، وفق وسائل إعلام سورية.

ويقضي الاتفاق بين الشرع وعبدي، الذي وصف بأنه «تاريخي»، بدمج المؤسسات المدنية والعسكرية كافة في شمال شرقي سوريا ضمن إدارة الدولة السورية، بحلول نهاية العام، بما فيها المعابر الحدودية والمطارات وحقول النفط والغاز.

وحتى الآن، لم يطبَّق كثير من بنود هذا الاتفاق، وإن طُبّقت أجزاء صغيرة تخص تبادل الأسرى في حلب، ووضع حيَّي الشيخ مقصود والأشرفية ذوي الغالبية الكردية تحت سيطرة مشتركة بين الحكومة والقوات الكردية.