ضغوط لبنانية لوقف جولة جديدة من العنف في «عين الحلوة»

بعد عودة الاشتباكات بين «فتح» والمتطرفين

عوائل يفرون من مخيم عين الحلوة (أ.ب)
عوائل يفرون من مخيم عين الحلوة (أ.ب)
TT

ضغوط لبنانية لوقف جولة جديدة من العنف في «عين الحلوة»

عوائل يفرون من مخيم عين الحلوة (أ.ب)
عوائل يفرون من مخيم عين الحلوة (أ.ب)

لا تزال الضغوط اللبنانية، سواء السياسية أو الأمنية، بأوجها في محاولة لوقف جولة العنف الجديدة التي اندلعت مساء الخميس في مخيم «عين الحلوة» للاجئين الفلسطينيين الواقع جنوب البلاد. فالتطورات العسكرية التي شهدها المخيم في الساعات الماضية، أكدت أن طرفي الصراع، أي حركة «فتح» من جهة، والقوى المتطرفة من جهة أخرى، يخوضان معركة جديدة، خصوصاً بعد تعذر تسليم المطلوبين باغتيال قائد قوات الأمن الوطني الفلسطيني في صيدا اللواء أبو أشرف العرموشي ورفاقه الشهر الماضي، كما باغتيال عبد الرحمن فرهود المحسوب على المتشددين.

وشهد المخيم، مساء الخميس وصباح الجمعة، اشتباكات «عنيفة جداً» استخدمت خلالها الأسلحة الرشاشة والقذائف ما أدى لقطع عدد من الطرق خارج المخيم ونزوح عدد كبير من أهالي «عين الحلوة» في اتجاه مسجد «الموصلي».

وقالت مصادر حركة «فتح» إنه «بعد ظهر الخميس تم إلقاء قنبلة وعبوة ناسفة من مدرسة الناقورة التي يتحصن بها المتشددون باتجاه منازل المدنيين في البستان اليهودي، حيث هناك مواقع ونقاط مراقبة لـ(فتح)»، موضحة في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنه «بعد ذلك تم إلقاء عبوة ثانية، وحاولت عناصر منهم التسلل لمواقعنا ونقاطنا بتغطية نارية فتم التصدي لهم». وأضافت المصادر: «بعض التغطية النارية أتت من منطقة الصفصاف التي يفترض أن (عصبة الأنصار) تبسط سيطرتها عليها وتمنع بعض المتشددين الموجودين فيها من استخدامها لدعم المجموعات الموجودة في (التعمير)».

وأشارت المصادر إلى أن «عناصر (فتح) تعاملوا مع مصادر النيران بشكل مباشر، وتقدموا باتجاه الجهة الشرقية من حي التعمير»، مشددة على أن «المطلب الأساسي للحركة يبقى تسليم قتلة اللواء العرموشي، وإن كنا قد نعطي فرصة أخرى ليتم ذلك سلمياً».

دخان المعارك يتصاعد فوق عين الحلوة (أ.ف.ب)

وبعد قتال عنيف صباحاً، شهد المخيم، الجمعة، هدوءاً حذراً تخللته أوقات مستقطعة للقتال. وأظهرت مجموعة من الفيديوهات التي تم تناقلها عبر وسائل التواصل الاجتماعي عناصر تطلق القذائف الصاروخية محاطة بالدمار وبألسنة النار.

وحسب مصادر ميدانية داخل المخيم، لا يمكن الحسم بأن الهدوء سيتواصل، معتبرة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن هناك احتمالاً كبيراً لانفجار الوضع مجدداً في أي لحظة.

وقالت «الوكالة الوطنية للإعلام» إن «هدوءاً حذراً ساد المخيم ظهر الجمعة نتيجة المساعي والاتصالات المكثفة التي أجرتها القيادات اللبنانية والفلسطينية»، لافتة إلى «سقوط 20 إصابة، من ضمنها إصابات ضمن صفوف أعضاء (لجنة حطين) داخل المخيم أثناء مساعيهم وقف إطلاق النار».

حقائق

20 إصابة

نتيجة تجدد الاشتباكات في مخيم عين الحلوة


وأدى الرصاص الطائش الذي طال بعض أحياء مدينة صيدا إلى إصابة عنصر في الأمن العام برصاصة في رأسه. 

وكانت إحدى قذائف الاشتباكات سقطت صباحاً على سطح مبنى سرايا صيدا الحكومي، ومكتب تابع للأمن العام فيها، ما تسبب بأضرار جسيمة في سطح المبنى وتحطم زجاج أحد مكاتب الأمن العام في السرايا. 

من جهتها، أكدت «هيئة العمل الفلسطيني المشترك»، في بيان، «ضرورة تثبيت وقف إطلاق النار فوراً وإفساح المجال أمام هيئة العمل الفلسطيني المشترك في منطقة صيدا، لأخذ دورها في تثبيت الأمن والاستقرار وتعزيز دورها في معالجة الأحداث الأخيرة في المخيم».

يُذكر أنه بعد استنفاد كل الجهود والوسائل السلمية لإقناع المتطرفين المتمركزين في حي التعمير بـ«عين الحلوة» بتسليم المشتبه بهم بعملية اغتيال العرموشي ورفاقه، قررت هيئة العمل الفلسطيني المشترك في لبنان، التي تضم القوى والفصائل الفلسطينية الأساسية، هذا الأسبوع، تكليف القوة الأمنية الفلسطينية المشتركة في المخيم جلب المطلوبين بالقوة.  

مقاتلان فلسطينيان في مخيم عين الحلوة (أ.ب)

وقُتل 13 شخصاً في أعمال عنف اندلعت في 29 يوليو (تموز) في «عين الحلوة» بين مجموعات متطرفة ومقاتلين من «فتح»، كانت الأعنف منذ سنوات في المخيم.

ولا تدخل القوى الأمنية اللبنانية المخيمات بموجب اتفاق بين «منظمة التحرير الفلسطينية» والسلطات اللبنانية. وتتولى الفصائل الفلسطينية نوعاً من الأمن الذاتي داخل المخيمات.

 

ويُعرف «مخيم عين الحلوة» بإيوائه مجموعات متشددة وخارجين عن القانون. ويقطن فيه أكثر من 54 ألف لاجئ فلسطيني مسجلين لدى الأمم المتحدة، انضم إليهم خلال الأعوام الماضية آلاف الفلسطينيين الفارين من النزاع في سوريا. وغالباً ما يشهد المخيم عمليات اغتيال، وأحياناً اشتباكات، خصوصاً بين الفصائل الفلسطينية ومجموعات متشددة.


مقالات ذات صلة

جعجع: «محور الممانعة» يزجّ بلبنان في حرب عبثيّة لا أفق لها

المشرق العربي رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع في احتفال «ذكرى شهداء المقاومة اللبنانية» (القوات اللبنانية)

جعجع: «محور الممانعة» يزجّ بلبنان في حرب عبثيّة لا أفق لها

أكد رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، أن «اليوم التالي للحرب يجب أن يكون يوماً لإعادة النظر في كلّ شيء ما عدا حدود لبنان ووحدته».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي نزلاء سجن رومية ينتظرون قانون العفو العام (الوكالة الوطنية للإعلام)

وفاة سجين في «رومية» تحيي قضية «الموقوفين الإسلاميين»

عادت قضية «الموقوفين الإسلاميين» إلى الواجهة مع وفاة سجين السبت جرّاء أزمة قلبية والتأخر في تقديم الإسعافات له ما دفع برفاقه إلى التحرّك داخل سجن رومية المركزي.

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي سيدات يقفن إلى جانب أحد المنازل المدمرة في بلدة الخيام (أ.ف.ب)

غالانت: سنواصل ضرب «حزب الله» حتى إعادة سكان الشمال

جدّد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت تأكيده على مواصلة المواجهات مع «حزب الله» حتى إعادة سكان الشمال إلى منازلهم.

«الشرق الأوسط»
تحليل إخباري سفراء «اللجنة الخماسية» خلال اجتماع لهم بسفارة قطر في بيروت (السفارة القطرية)

تحليل إخباري تبادل الشروط يبقى تفصيلاً أمام توافر النيات لانتخاب رئيس للبنان

يتجدد الرهان في لبنان على إمكانية إخراج الوضع السياسي من مرحلة تقطيع الوقت بانتخاب رئيس للجمهورية وظهور بوادر تشير إلى اعتزام «اللجنة الخماسية» استئناف جهودها.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي النازحون السوريون في لبنان تحوّلوا إلى مادة سجال داخلي (أ.ب)

معظم القوى اللبنانية لا تمانع حواراً مع النظام السوري لإعادة النازحين

عاد ملف النازحين السوريين في لبنان إلى الموائد السياسية اللبنانية.

بولا أسطيح (بيروت)

القضاء العراقي: معلومات «شبكة التنصت» مبنية على «التحليل والاستنتاج»

رئيس الوزراء العراقي محمد شيّاع السوداني (د.ب.أ)
رئيس الوزراء العراقي محمد شيّاع السوداني (د.ب.أ)
TT

القضاء العراقي: معلومات «شبكة التنصت» مبنية على «التحليل والاستنتاج»

رئيس الوزراء العراقي محمد شيّاع السوداني (د.ب.أ)
رئيس الوزراء العراقي محمد شيّاع السوداني (د.ب.أ)

أعاد مجلس القضاء الأعلى العراقي، الأحد، التذكير بقضية «شبكة التنصت» التي تفجرت قبل نحو أسبوعين، وضمت مسؤولين وضباطاً متخصصين في الأمن الرقمي، يعملون في مكتب رئاسة الوزراء.

ووصف مجلس القضاء الأعلى المعلومات المتداولة بشأن القضية بأنها «غير دقيقة». وأكد في بيان «عدم دقة المعلومات المتداولة في بعض مواقع التواصل الاجتماعي، بخصوص التحقيق فيما تعرف بقضية (شبكة محمد جوحي) كون هذه المعلومات مبنية على التحليل والاستنتاج، بعيداً عن الحقيقة». وجوحي المشار إليه شغل منصب معاون مدير عام الدائرة الإدارية في مكتب رئيس الوزراء، وهو ابن أخٍ لرائد جوحي، مدير مكتب رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي.

وفي مقابل البيان القضائي الذي أشار إلى المتورط في «قضية التنصت» بصراحة، أصدر الناطق الرسمي باسم الحكومة، باسم العوادي، الأحد، بياناً يشير إلى القضية نفسها التي تتوالى فصولها منذ أيام.

وقال بيان الناطق إن حكومته «تتابع من منطلق التزامها ومسؤولياتها القانونية، الحملات المضللة التي تستهدف إعاقة عملها في مختلف المجالات، ومنها ما جرى تناوله من معلومات غير دقيقة تستبطن الغمز، وبعضها تضمن الاتهام المباشر للحكومة تجاه قضايا تخضع الآن لنظر القضاء؛ إذ تنتظر السلطة التنفيذية ما سيصدر عنه بهذا الصدد، مع تأكيد الحكومة المستمر على الالتزام بالقانون واحترام قرارات القضاء».

وأضاف أن «الحكومة تشدد على المضي في محاربة الفساد وكل أشكال التعدي على القانون، وذلك بالتعاون المستمر والوثيق مع السلطتين القضائية والتشريعية، كما أنها تعوّل في هذا المسار على يقظة المواطن ووعيه، حتى لا يكون ضحيّة لمن يشوه الحقائق ويتعمد تضليل الرأي العام».

وذكر بيان الناطق الحكومي أن «هناك من يعمل على جرّ الحكومة وإشغالها عن نهجها الوطني، عبر محاولات يائسة لا تصمد أمام الإجراءات القانونية الحقيقية والفعلية التي تعمل الحكومة على تنفيذها ودعمها. وقد أثبتت السنتان الماضيتان من عمر الحكومة قوة الإرادة في هذا الاتجاه، والتصميم المتواصل على تنفيذ الإصلاحات، وعدم التهاون في الحق العام، مهما كانت الضغوط والتبعات».

رد متأخر

بيان القضاء الجديد، وكذلك الحكومة، صدرا بعد 4 أيام من بيان مماثل أصدره القضاء، وقال فيه إنه «لا صحّة لما يجري تداوله على وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، بشأن وجود محاولات تنصت على القاضي فائق زيدان»، بالنظر إلى أن المعلومات التي رشحت عن عمل شبكة التنصت، ذهبت إلى أن زيدان كان ضمن لائحة المستهدفين.

ويضفي البيانان الجديدان مزيداً من الغموض على القضية بدلاً من تفكيك تفاصيلها، حسب مراقبين؛ خصوصاً مع ما يتردد عن تورط مسؤولين كبار في رئاسة الوزراء. وتشير بعض المصادر إلى صدور أوامر قبض جديدة على مسؤولين رفيعين في مكتب رئيس الوزراء.

وكان السوداني قد أمر في 20 أغسطس (آب) الماضي بـ«تشكيل لجنة تحقيقية بحقّ أحد الموظفين العاملين في مكتب رئيس مجلس الوزراء؛ لتبنّيه منشوراً مُسيئاً لبعض المسؤولين، وعدد من السادة أعضاء مجلس النواب، وإصدار أمر سحب يد لحين إكمال التحقيق».

وأبلغت مصادر مطلعة «الشرق الأوسط» الخميس الماضي، بأن «زعيمين بارزين في (الإطار التنسيقي) من ضحايا عملية التنصت التي قامت بها الشبكة المذكورة، وأنهما أبلغا القضاء بمعطيات القضية».

وحسب إفادات سابقة للنائب مصطفى سند، فإن محكمة تحقيق الكرخ، المختصة بقضايا الإرهاب، قامت، الأسبوع الماضي، بـ«اعتقال شبكة من القصر الحكومي لمكتب رئيس الوزراء؛ وعلى رأسهم المقرَّب (محمد جوحي)، وعدد من الضباط والموظفين».

وذكر أن الشبكة «كانت تمارس عدة أعمال غير نظيفة؛ ومنها التنصت على هواتف عدد من النواب والسياسيين (وعلى رأسهم رقم هاتفي)، كذلك تقوم الشبكة بتوجيه جيوش إلكترونية، وصناعة أخبار مزيفة، وانتحال صفات لسياسيين ورجال أعمال ومالكي قنوات».

حجاج شيعة على طريق كربلاء لإحياء «ذكرى عاشوراء» في أغسطس 2024 (رويترز)

«تمثيلية» أو تصفية حساب

وترى أوساط مقربة من السوداني أن تلك محاولات لتصفية الحسابات معه، نظراً إلى أن معلومات كهذه سوف تتسبب في إحراج كبير له، قد يؤثر على وضعه السياسي على مشارف الانتخابات. لكن القيادي السابق بالتيار الصدري، ونائب رئيس الوزراء الأسبق، بهاء الأعرجي، وصف الأمر بأنه لا يخرج عن إطار «التمثيلية».

الأعرجي -في لقاء متلفز- قال إن «(الإطار التنسيقي) قام بتمثيلية إعلامية ضد رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، من أجل أن يعود إلى صفوفه في الانتخابات المقبلة». وأضاف الأعرجي أن «بعض الخلافات بين السوداني و(الإطار) قديمة، وظهرت الآن مع قرب الانتخابات»، مضيفاً أن «الهجمة الإعلامية ضد رئيس الوزراء هي تمثيلية، من أجل أن يعود إلى صفوف (التنسيقي) في التحالفات الانتخابية». وأكد الأعرجي أن «بعض الأطراف في (الإطار) كانت تتصور أن يكون السوداني سهلاً، ويمكن أن يمرر كثيراً من الأمور والعقود والمصالح، وأن يكون مديراً لهم؛ لكنه لا يقبل بذلك، وأصبح قائداً سياسياً».

ورقة ضغط انتخابية

في وقت بدأت فيه بعض الأطراف داخل «الإطار التنسيقي» الشيعي التي بدأت خلافاتها مع السوداني تظهر على السطح، ترفع سقف طموحاتها بشأن نتائج التحقيقات في قضية التنصت، والتي أشاعوا تسميتها «شبكة التجسس»، لا تزال هناك قوى ضمن دائرة «الإطار» نفسه، لا ترغب في هذا التصعيد؛ كونها داعمة للسوداني أصلاً، ولكونها ترى أن أي هزة في البيت الشيعي، وفي هذا الظرف، لن تتوقف تداعياتها عند منصب رئيس الوزراء.

وفي هذا السياق، ورغم عدم عقد اجتماع دوري لقوى «الإطار التنسيقي»، فإن قائدين بارزين، هما: زعيم «تيار الحكمة» عمار الحكيم، وزعيم «العصائب» قيس الخزعلي، التقيا مؤخراً ليصدرا بياناً يؤازران فيه حكومة السوداني.

لكن بالنسبة للأطراف التي تعتمد على تسريبات متداولة حول تقديم موعد الانتخابات البرلمانية، من نهاية العام المقبل إلى منتصفه، بعدما فشلت في إجراء انتخابات مبكرة نهاية العام الحالي، فإن تركيزها الآن ينصب على المطالبة بتغيير قانون الانتخابات، من الدائرة الواحدة إلى دوائر متعددة، للحد من قدرة السوداني والمتحالفين معه على الحصول على الأغلبية التي تؤهلهم لتشكيل الحكومة المقبلة.