اتهامات متبادلة بين الحزبين الرئيسيين في كردستان

في الذكرى الـ27 لاستعانة أربيل بنظام صدام حسين

صورة وزعها مكتب السوداني لاستقباله وفد الحزب الديمقراطي أغسطس الماضي
صورة وزعها مكتب السوداني لاستقباله وفد الحزب الديمقراطي أغسطس الماضي
TT

اتهامات متبادلة بين الحزبين الرئيسيين في كردستان

صورة وزعها مكتب السوداني لاستقباله وفد الحزب الديمقراطي أغسطس الماضي
صورة وزعها مكتب السوداني لاستقباله وفد الحزب الديمقراطي أغسطس الماضي

مع حلول الذكرى الـ27 لاستعانة زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني بنظام الرئيس الراحل صدام حسين للمساعدة في حربه ضد قوات حزب «الاتحاد الوطني» الكردستاني الذي كان يقوده وقتذاك الرئيس الراحل جلال طالباني، تجددت المناوشات الكلامية والاتهامات الخطيرة بين الجانبين، الأمر الذي يكرس حالة الأقسام الدائمة بين أكبر الأحزاب الكردية، ويعيد التذكير بإمكانية انفصال الإقليم إلى إدارتين بشكل شبه رسمي.

ورد المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني، اليوم (الخميس)، على بيان شديد اللهجة كان حزب الاتحاد الوطني قد أصدره، الثلاثاء، بمناسبة الذكرى السنوية لدخول القوات العراقية التابعة للنظام السابق مدينة أربيل لدعم «الديمقراطي»، وإخراج «الاتحاد الوطني» الذي تمكنت قواته من السيطرة على المدينة عام 1996.

أحداث 31 آب

وخلافاً للبيان المطول حول الأحداث، الذي أصدره حزب الاتحاد، قال الديمقراطي في بيان شبه مقتضب: «أصدر المكتب السياسي للاتحاد الوطني الكردستاني بياناً مطولاً بمناسبة أحداث 31 آب (أغسطس) 1996 وهو بعيد كل البعد عن الحقيقة ومليء بالتضليل. لقد شكلت أحداث 31 آب 1996 نقطة تحول في تاريخ نضال شعبنا، وبفضل نتائجها تحرك إقليم كردستان نحو إعادة الإعمار الوطني والاستقرار».

وأضاف: «لن نرد على هذا البيان المليء بالاتهامات والبعيد عن الحقيقة؛ لأن مضمونه يوضح مستواهم و(جواب الأحمق السكوت)».

ويدافع الديمقراطيون عن قضية الاستعانة بقوات صدام حسين في أربيل ومناطق أخرى كان الاتحاد قد سيطر عليها بعد سنوات من الصراع بين الجانبين خلال عقد التسعينات، بأن الأخير كان يستعين بالدعم العسكري والمالي الإيراني وقتذاك، فيما ينفي الاتحاديون ذلك.

بيان «الاتحاد الوطني»

وكان المكتب السياسي للاتحاد الوطني الكردستاني تحدث في بيان سابق عما وصفها «ذكرى خيانة 31 آب العظمى»، في إشارة إلى دخول القوات الحكومية التابعة لنظام صدام حسين في أغسطس 1996 محافظة أربيل، بعد نحو 5 سنوات من مغادرتها غداة قرار حظر الطيران الذي فرضه التحالف الدولي على بغداد ومنع دخول قواتها العسكرية إلى مناطق الإقليم.

وقال بيان الاتحاد: «قبل 27 عاماً، وباستدعاء وإرشاد من قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني، احتلت قوات الحرس الجمهوري التابعة للنظام الديكتاتوري البعثي، مدينة أربيل، عاصمة كردستان وعاصمة حلم الحرية ومركز المؤسسات السيادية لبلدنا، وألحقوا أضراراً جسيمة بمعاني القومية والوطنية، لا يمكن نسيانها إلى الأبد».

وأضاف: «لم يكن قد مر سوى 6 أعوام على انتفاضة شعب كردستان ضد ظلم واضطهاد النظام البعثي، حيث حرروا جزءاً من أرض الوطن من قبضته، إلا أن الحزب الديمقراطي، وبذريعة اختلال ميزان القوى الواهية خلال الاقتتال الداخلي، أعاد مرة أخرى جيش الأنفال والقصف الكيماوي إلى أرض كردستان وتحديداً مدينة أربيل، وأسفر ذلك عن استشهاد وجرح المئات من بيشمركة ومناضلي الاتحاد الوطني الكردستاني وقوى المعارضة العراقية، كما تم أسر المئات منهم وتغييبهم».

لطخة حالكة السواد

وتابع: «على الرغم من أن هذه الخيانة، وكمثيلاتها في تاريخ هذا الحزب، تبقى لطخة حالكة السواد في ذاكرة شعبنا، ولن تتمكن مئات الذرائع من الخطب الإعلامية والكتب المزيفة والسرد التضليلي للأحداث من محوها، فإن الاتحاد الوطني الكردستاني والأحزاب والقوى السياسية الكردستانية الحريصة الأخرى، مستندون إلى أملهم بمستقبل شعبنا ومشروعية القضية الكردية، وبأنه لا يمكن أن تتعطل وتتجمد العملية السياسية في نقطة معينة».

وتابع: «المؤسف، أن الطرف المسؤول عن خيانة 31 آب، بدل أخذ العبر من دروس التاريخ، ماض على سياسته العوجاء نفسها وبروحية المصالح الحزبية الضيقة ذاتها، ومنهمك من جديد في إذكاء الصراعات والغدر، حيث يبدو أنه أساء تفهم الصبر الواعي للحريصين على مستقبل كردستان، فها هو يواصل اختبار ذكريات التاريخ الأليمة، عن طريق اختلاق التهم والتشهير الواهي بحق القوى الوطنية، وفي مقدمتها الاتحاد الوطني الكردستاني».

وخاطب بيان الاتحاد شعب كردستان بالقول: «إننا نود دوماً محو الإفرازات والتأثيرات النفسية والمعنوية السيئة لهذه الكارثة القومية وجميع الكوارث الأخرى نهائياً، بدلاً من نشر الضغينة والانتقام، وندعو بحرص لرفض التسلط وترسيخ خيار تصحيح مسار الحكم والعملية الديمقراطية والعدالة الحقيقية في كردستان، ومستعدون للنضال الواعي والتضحية من أجل نجاح هذه السياسة الوطنية الصائبة، دون أن نغفل عن التاريخ الأسود لشهر آب 1996 والنواقص والعيوب الأخرى».

ورغم اللهجة الشديدة التي وردت في البيان، قلل القيادي في حزب الاتحاد الوطني غياث السورجي، من ذلك، معتبراً أن «البيان تحدث بشكل واقعي وذكر تفاصيل تاريخية وقعت بالأمس القريب».

خلاف سنوات

وحول ما إذا كان التنافس بين الحزبين حول الانتخابات المحلية المقررة في ديسمبر (كانون الأول) المقبل في كركوك ومناطق أخرى، دخلا في التصعيد الأخير، نفى السورجي في حديث لـ«الشرق الأوسط» ذلك، وذكر أن «الخلافات بين الجانبين تمتد لسنوات ماضية، وتعمقت أكثر بعد إعلان نتائج الانتخابات البرلمانية العامة عام 2021، حين فضل الحزب الديمقراطي التحالف مع بعض الأطراف العربية على حساب المصالح الكردية».

وبشأن إمكانية انقسام الإقليم إلى إدارتين بشكل رسمي بعد حالة التصعيد الراهنة والمتنامية بين الحزبين الرئيسين، قال السورجي: «رسمياً لدى الإقليم إدارة واحدة، ومن الناحية العملية لدينا إدارتان، تصور أن الوصول إلى أربيل من محافظة السليمانية أصعب بكثير من الوصل إليها من أي مكان آخر، إنهم يضعون العراقيل الكثيرة أمامنا وهناك العشرات من نقاط التفتيش بيننا».


مقالات ذات صلة

تركيا: صدامات بين الشرطة ومحتجين بعد عزل رئيسي بلديتين معارضين

شؤون إقليمية محتجون أشعلوا النار في الشوارع المحيطة ببلدية تونجلي في شرق تركيا بعد عزل رئيسه وتعيين وصي عليها (إعلام تركي)

تركيا: صدامات بين الشرطة ومحتجين بعد عزل رئيسي بلديتين معارضين

وقعت أعمال عنف ومصادمات بين الشرطة ومحتجين على عزل رئيسَي بلدية منتخبَين من صفوف المعارضة في شرق تركيا، بعد إدانتهما بـ«الإرهاب»، وتعيين وصيين بدلاً منهما.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

حذرت تركيا من جرّ العراق إلى «دوامة العنف» في منطقة الشرق الأوسط، في حين رجحت «انفراجة قريبة» في ملف تصدير النفط من إقليم كردستان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان متحدثاً في البرلمان التركي (الخارجية التركية)

أنقرة: الأسد لا يريد عودة السلام في سوريا

أوضح وزير الخارجية التركي فيدان أن الرئيس السوري لا يريد السلام في سوريا، وحذر من أن محاولات إسرائيل لنشر الحرب بدأت تهدد البيئة التي خلقتها «عملية أستانة».

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية أكراد يرفعون صور أوجلان في مظاهرة للمطالبة بكسر عزلته (رويترز)

تركيا: أوجلان إلى العزلة مجدداً بعد جدل حول إدماجه في حل المشكلة الكردية

فرضت السلطات التركية عزلة جديدة على زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان بعد دعوة رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي للسماح له بالحديث بالبرلمان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية ترمب مستمعاً إلى مرشحه لوزارة الخارجية السيناتور ماركو روبيرو خلال حملته لانتخابات الرئاسة الأميركية (رويترز)

إردوغان «قلق» من تعيينات إدارة ترمب الجديدة

لم يُخفِ الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قلق حكومته بشأن بعض الأسماء التي أعلن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب ضمها إلى إدارته.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

بعد أنباء استهدافه في بيروت... مَن هو طلال حمية الملقب بـ«الشبح»؟

صورة متداولة للقيادي في «حزب الله» طلال حمية
صورة متداولة للقيادي في «حزب الله» طلال حمية
TT

بعد أنباء استهدافه في بيروت... مَن هو طلال حمية الملقب بـ«الشبح»؟

صورة متداولة للقيادي في «حزب الله» طلال حمية
صورة متداولة للقيادي في «حزب الله» طلال حمية

ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن هدف الغارات العنيفة على منطقة البسطة في قلب بيروت فجر اليوم (السبت)، كان طلال حمية القيادي الكبير في «حزب الله».

ونقل إعلام إسرائيلي أن «حزب الله» عيّن طلال حمية رئيساً للعمليات خلفاً لإبراهيم عقيل الذي اغتالته إسرائيل في 20 سبتمبر (أيلول) الماضي.

وكان برنامج «مكافآت من أجل العدالة» الأميركي رصد مكافأة تصل إلى 7 ملايين دولار مقابل الإدلاء بمعلومات عن طلال حمية المعروف أيضاً باسم عصمت ميزاراني.

وقال البرنامج إن طلال حمية يُعد رئيس منظمة الأمن الخارجي التابعة لـ«حزب الله» التي تتبعها خلايا منظمة في جميع أنحاء العالم.

وبحسب البرنامج، تشكل منظمة الأمن الخارجي أحد عناصر «حزب الله» المسؤولة عن تخطيط الهجمات الإرهابية خارج لبنان وتنسيقها وتنفيذها.

مكافأة تصل إلى 7 ملايين دولار مقابل معلومات عن طلال حيدر الملقب بـ«الشبح»

وفي 13 سبتمبر 2012، صنَّفت وزارة الخزانة الأميركية حمية بشكل خاص كإرهابي عالمي بموجب الأمر التنفيذي «13224» بصيغته المعدلة على خلفية دعم أنشطة «حزب الله» الإرهابية في منطقة الشرق الأوسط وفي مختلف أنحاء العالم.

ونتيجة لهذا التصنيف تم حظر جميع ممتلكات حمية، والفوائد العائدة عليها التي تخضع للولاية القضائية الأميركية، وتم منع الأميركيين بوجه عام من إجراء أي معاملات مع حمية.

أبو جعفر «الشبح»

يعد طلال حمية المُكنّى بـ«أبو جعفر» والذي يبلغ من العمر نحو 50 عاماً، القائد التنفيذي للوحدة «910»، وهي وحدة العمليات الخارجية التابعة لـ«حزب الله»، والمسؤولة عن تنفيذ عمليات الحزب خارج الأراضي اللبنانية.

وهو القائد التنفيذي الحالي للوحدة، ومُلقَّب بـ«الشبح» من قِبل القيادات العسكرية الإسرائيلية لعدم وجود أي أوراق ثبوتية رسمية له في لبنان، ولابتعاده تماماً عن الحياة الاجتماعية والظهور العلني، واتباعه بصرامة الاحتياطات الأمنية المشددة لحظياً.

ويُدير حميّة الوحدة في منصب شغله قيادي «حزب الله» الأشهر عماد مغنية الذي اغتيل في دمشق عام 2008، كما يحمل عدّة أسماء مستعارة من بينها طلال حسني وعصمت ميزاراني.

طلال حمية خليفة بدر الدين

وقد خلف طلال حمية قائد الوحدة السابق مصطفى بدر الدين، صهر مغنية وخليفته والذي قُتل أيضاً في سوريا عام 2016.

وينحدر طلال حمية من منطقة بعلبك الهرمل، وقد عمل إلى جانب كلٍّ من بدر الدين ومُغنية ووزير الدفاع الإيراني السابق أحمد وحيدي، كما كان وفق معلومات «الموساد» مسؤولاً عن نقل ترسانة «حزب الله» عبر سوريا.

بدأ نشاطه مع «حزب الله» في منتصف الثمانينات، وكانت انطلاقته الأولى كمسؤول أمني في الحزب من برج البراجنة، حيث كان المسؤول عن العديد من العناصر التي أصبحت فيما بعد من أهم القيادات العملياتية في الحزب، كما كان حميّة نائب مغنية في شبكة «الجهاد»، وهي وحدة البعثات الخاصة والهجمات الخارجية في «حزب الله».