وزارة الموارد العراقية تعلن تجفيف نحو 3 آلاف بحيرة للأسماك

خبير اقتصادي يكشف أرقاماً مفزعة عن أزمة المياه

أحواض سمك تم تجفيفها في قرية البو مصطفى في الحلة وسط العراق (أ.ف.ب)
أحواض سمك تم تجفيفها في قرية البو مصطفى في الحلة وسط العراق (أ.ف.ب)
TT

وزارة الموارد العراقية تعلن تجفيف نحو 3 آلاف بحيرة للأسماك

أحواض سمك تم تجفيفها في قرية البو مصطفى في الحلة وسط العراق (أ.ف.ب)
أحواض سمك تم تجفيفها في قرية البو مصطفى في الحلة وسط العراق (أ.ف.ب)

قالت وزارة الموارد المائية العراقية، وفي إطار جهودها الحثيثة لمواجهة أزمة المياه المتصاعدة التي تمر بها البلاد، إنها نجحت في تجفيف وردم نحو 3 آلاف بحيرة أسماك غير مرخصة في عموم المحافظات العراقية.

وذكرت الوزارة، في بيان، أن «ملاكاتها مستمرة بحملتها لإزالة بحيرات الأسماك المنشئة تجاوزاً في عموم قواطع المسؤولية للحفاظ على الثروة المائية وضمان التوزيع العادل لها».

وأضافت أنه «تضمن العمل إزالة البحيرات ضمن حوض نهر دجلة بواقع 2212 وحوض نهر الفرات بعدد 753 بحيرة، إذ شمل العمل كخطوة أولى تجفيف البحيرات، ومن ثم فرش أكتافها، وقطع المصدر المائي ومغذيات الكهرباء عنها لعدم ملئها مرة أخرى».

وأشارت إلى أن «حملات الإزالة تتم بتعاون ملاكات الوزارة مع دوائر الزراعة والكهرباء في المحافظات وبإسناد القوات الأمنية ضمن قواطع المسؤولية».

وحول إجمالي نسب رفع التجاوزات التي قامت بها الوزارة، قال المتحدث باسمها خالد شمال في تصريح لوكالة الأنباء الرسمية، الاثنين، إن «التجاوزات على الأنهر كثيرة، وهي نتيجة تراكمات سنوات طويلة، وحملة رفع التجاوزات ما زالت مستمرة لغاية الآن، وحققت 40 في المائة من أهدافها»، لافتاً إلى أن «حملة رفع التجاوزات تتم من خلال التنسيق مع القوات الأمنية بمختلف صنوفها ومع مجلس القضاء الأعلى».

أحواض سمك تم تجفيفها في قرية البو مصطفى في الحلة وسط العراق (أ.ف.ب)

لكن شمال أعرب عن عدم رضاه عن «استجابة المواطنين» للحملة، وذكر أنها «ليست بالمستوى المطلوب، ونحتاج إلى دعم كل المؤسسات، لتحفيز المواطنين للحد من حالات التجاوز ومنعها والإبلاغ عنها، سواء المنظورة وغير المنظورة».

وعن طبيعة التجاوزات التي تتعرض لها الأنهار، ذكر أنها «كثيرة ومتعددة، منها التلوث المرتبط بمؤسسات حكومية، وبعضها الآخر التجاوزات على محرمات الأنهر، وأغلبها مرتبطة بمشروعات القطاع الخاص مثل المطاعم والمنتديات والكافيهات والأماكن التي تأخذ الطابع السياحي، وبعضها مرتبط بالحصص المائية والفلاحين والمشروعات الإروائية، وهذه النسبة كبيرة وتراكمية، ونعمل على الحد منها».

وتضافرت مجموعة عوامل خلال المواسم الأربعة الأخيرة على البلاد، وضعتها في موقف غاية في الخطورة بالنسبة لحالة المياه، فإلى جانب السياسات المائية التي تمارسها كل من تركيا وإيران حيال العراق، وأسهمت في تراجع خطير بمستوى مياهه وخزينه المائي، ساهمت مواسم الجفاف المتواصلة وضعف كميات الأمطار النازلة خلال فصل الصيف، إلى جانب سوء إدارة ملف المياه والتجاوزات التي تشتكي منها وزارة الموارد، في مفاقمة أزمة المياه هذا العام بطريقة غير مسبوقة.

وفي هذا الاتجاه، كشف أستاذ الاقتصاد في جامعة البصرة نبيل المرسوي، اليوم الاثنين، عن أرقام مهولة تتعلق بملف المياه، ففي إحصائية نشرها على منصته عبر «فيسبوك» ذكر المرسومي أن «معدل استهلاك المياه في العراق يساوي 60 مليار متر مكعب، وأن إيرادات العراق المائية عام 2019 تساوي 93 مليار متر مكعب، فيما إيرادات العراق المائية عام 2023 بلغت 15 مليار متر مكعب».

وأضاف أن «نقص مليار متر مكعب من حصة العراق المائية يعني بالمحصلة خروج 260 ألف دونم من الأراضي الزراعية».

وعن حجم التراجع الحاد في حصة الفرد من المياه، أشار المرسومي إلى أن «حصة الفرد من المياه عام 2019 تساوي 2389 متراً مكعباً، فيما حصته من المياه عام 2023 تساوي 348 متراً مكعباً، بمعنى أن حصة الفرد العراقي من المياه حالياً تعادل 14 في المائة فقط من حصته عام 2019».

قارب صيد على ضفاف أحد فروع نهر الفرات في ضواحي الحلة وسط العراق (أ.ف.ب)

وأكد أن «درجة الإجهاد المائي في العراق تبلغ 3.7 من 5 وفق مؤشر الإجهاد المائي، ليدرج العراق ضمن قائمة الدول المُصنفة بأن لديها (خطورة عالية) فيما يتعلق بالشح المائي ومخاطره».

واختتم المرسومي بالقول: «يتوقع المؤشر العالمي أنه بحلول عام 2040 ستصبح بلاد الرافدين أرضاً بلا أنهار، بعد أن يجف نهرا دجلة والفرات تماماً».

بدوره، يقول المزارع سجاد العتبي، أنه «لم يمر في حياته بموسم جفاف وندرة كما يحدث في هذا الموسم».

وفي إشارة إلى نظام «المراشنة» الذي تعتمده وزارة الموارد المائية خلال هذا الموسم في توزيع الحصص المائية على المزارعين، ذكر العتبي لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذا النظام يلحق أفدح الأضرار بالبساتين وعموم الأراضي الزراعية. المفترض وفق هذا النظام أن يحصل الفلاح على حصته من الماء كل ثلاثة أو أربعة أيام، المشكلة أن هذا لم يحدث، وفي بعض المرات يتأخر إلى أكثر من أسبوع ما يؤدي إلى هلاك المزروعات في ظل درجات الحرارة المرتفعة جداً».

وأضاف، أن «هذا النظام (المراشنة) بدائي على أي حال ولن يحل مشكلة المياه، لأنه يعتمد أيضاً على نظام السقي السيحي، وهو نظام بدائي وقديم، وقد لجأت إليه الوزارة لعدم وجود بدائل حديثة للري».

وتوقع العتبي «عزوف معظم المزارعين عن الزراعة خلال السنوات المقبلة، في حال استمرت حالة الشح الشديد في المياه».


مقالات ذات صلة

ثياو قبل «كوب 16»: العالم يحتاج 355 مليار دولار سنوياً لمكافحة التصحر

خاص قام أفراد المجتمع بزراعة أكثر من مليون شجيرة في متنزه ثادق السعودي لإصلاح الأراضي المتدهورة ومعالجة التصحر (برنامج الأمم المتحدة للبيئة)

ثياو قبل «كوب 16»: العالم يحتاج 355 مليار دولار سنوياً لمكافحة التصحر

مع اقتراب انعقاد «كوب 16» يترقّب العالم خطوات حاسمة في معالجة أكبر التحديات البيئية التي تواجه كوكب الأرض.

آيات نور (الرياض)
أميركا اللاتينية أطفال يمشون على شريط رملي في طريقهم إلى المدرسة في مجتمع سانتو أنطونيو في نوفو أيراو، ولاية أمازوناس، شمال البرازيل، 1 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

الجفاف في منطقة الأمازون يعرّض نحو نصف مليون طفل للخطر

قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، يوم الخميس، إن ندرة المياه والجفاف يؤثران على أكثر من 420 ألف طفل في 3 دول بمنطقة الأمازون.

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو)
يوميات الشرق تغير المناخ يرفع درجات الحرارة إلى مستويات جديدة خطيرة (أ.ف.ب)

تقرير: مستويات قياسية من الوفيات المرتبطة بالحرارة في عام 2023

حذّر تقرير جديد أعدّه مجموعة من الأطباء وخبراء الصحة من أن تغير المناخ يرفع درجات الحرارة إلى مستويات جديدة خطيرة، كما يفاقم مشكلة الجفاف والأمن الغذائي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا أطفال من قرية سيدي بوشتة يتزودون بالمياه الصالحة للشرب بعد تحليتها (أ.ف.ب)

بعد 6 سنوات من الجفاف... المغاربة يروون عطشهم من مياه البحر

بدأ سكان قرية سيدي بوشتة المغربية يروون عطشهم بمياه المحيط الأطلسي بعد تحليتها بفضل محطات متنقلة.

«الشرق الأوسط» (بدوزة (المغرب))
بيئة انخفاض منسوب المياه في بحيرة مورنوس الاصطناعية بعد الجفاف (أ.ف.ب)

​في اليونان... الجفاف يعيد إظهار قرية غمرتها المياه قبل عقود

عاودت مبانٍ مهجورة في قرية كاليو الغارقة وسط اليونان الظهور أخيراً بعد انخفاض مستوى بحيرة سدّ تشكّل خزان المياه الرئيسي لأثينا بسبب موجة جفاف تطال البلاد.

«الشرق الأوسط» (أثينا)

مقتل 3 فلسطينيات بسبب «ربطة خبز» في غزة

فتاة فلسطينية نازحة تأكل كسرة خبز في مخيم برفح جنوب قطاع غزة (د.ب.أ)
فتاة فلسطينية نازحة تأكل كسرة خبز في مخيم برفح جنوب قطاع غزة (د.ب.أ)
TT

مقتل 3 فلسطينيات بسبب «ربطة خبز» في غزة

فتاة فلسطينية نازحة تأكل كسرة خبز في مخيم برفح جنوب قطاع غزة (د.ب.أ)
فتاة فلسطينية نازحة تأكل كسرة خبز في مخيم برفح جنوب قطاع غزة (د.ب.أ)

قُتلت 3 سيدات فلسطينيات، صباح السبت، بعد إطلاق نار أمام أحد المخابز العاملة في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، في مشهد جديد يكشف عن حجم المأساة التي وصل إليها سكان القطاع في ظل تفاقم الظروف الإنسانية والحياتية. ووقع الحادث أمام مخبز «زادنا 2» في شارع البركة بدير البلح، حينما تم إطلاق نار في المكان، وسط تضارب للروايات حول ظروف إطلاق النار، وإذا ما كان مباشراً أو نتيجة خطأ.

فلسطينيون في دير البلح ينتظرون الحصول على خبز (أرشيفية - رويترز)

وتقف يومياً ولساعات، طوابير طويلة من الفلسطينيين أمام المخابز للحصول على «ربطة» خبز واحدة تتكون من نحو 22 رغيفاً، ومن بينها المخبز الذي وقعت أمامه الحادثة، وهو يعد من أشهر المخابز، كما أنه الوحيد الذي لم يتوقف تقريباً عن العمل، قبل أن يضطر لإغلاق أبوابه بعد الحادثة المؤلمة. وبينما قال أصحاب المخبز، إن النساء قُتلن بعد إطلاق نار من خارج المخبز، بعد تدافع وقع خارجه، وإن مصدره ليس من الحراس الذين يقفون للتنظيم ولحماية المخبز من السرقة، بل كان نتيجة إشكالية خارجه بين أفراد من عائلتين، قال شهود عيان إن إطلاق النار تمّ من قبل أحد الحراس، لكنه لم يكن مباشراً، بل كان نتيجة انفلات سلاحه منه بعد إطلاقه النار في الهواء.

فلسطينيون أمام مخبز مقفل وسط غزة (أرشيفية - أ.ب)

وقال مصدر صحافي من دير البلح لـ«الشرق الأوسط»، إن عائلة المتهم بإطلاق النار اضطرت لترك منزلها خوفاً من عملية انتقامية ضدها، مشيراً إلى أن النساء اللواتي قتلن هن نازحات من مدينة غزة. وأوضح المصدر أن مُطلِق النار كان يقف أمام المخبز للمشاركة والمساهمة في حمايته، ضمن اتفاق جرى بين أصحاب المخبز وعوائل دير البلح؛ لتمكين المواطنين من الحصول على الخبز في ظل المجاعة الكبيرة التي باتت تزداد صعوبةً في مناطق وسط وجنوب القطاع. ويوجد في دير البلح نحو 850 ألف نازح، يضاف إليهم أكثر من 300 ألف نسمة من سكان المدينة.

فلسطيني يلوح بيده بعد الحصول على ربطة خبز في مدينة غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)

ودفع الحادث مخاتير ووجهاء المدينة للتدخل لمحاولة منع تفاقم الأوضاع فيها، وأن تكون هناك ردة فعل انتقامية تخرج عن سيطرة الجميع. وحمَّل بعض المواطنين عبر شبكات التواصل الاجتماعي، المخاتير والوجهاء والشخصيات المختصة المسؤولية عن الحادث، بعد أن قرروا تخصيص كميات الطحين التي تدخل إلى دير البلح، لصالح المخابز، وبيع «ربطة واحدة» فقط لكل عائلة، لإتاحة الفرصة أمام العوائل الأخرى للحصول على حصة مماثلة. ورأى البعض أنه كان من الممكن أن يتم توزيع كيس طحين واحد على كل عائلة بدلاً من زيادة الازدحام على المخابز، وتحميل المواطنين فوق طاقاتهم بالانتظار لساعات طويلة جداً، من أجل الحصول على ربطة واحدة لا تكفي لوجبة طعام واحدة فقط.

فلسطيني يعبِّر عن فرحته بعد حصوله على أرغفة الخبز من مخبر في غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)

ويصل سعر «ربطة الخبز» الواحدة داخل المخبز بعد اصطفاف طابور لساعات طويلة إلى 3 شواقل (أقل من دولار واحد بقليل)، بينما يصل السعر خارجه إلى 30 أو 40 شيقلاً (ما يعادل نحو 11 دولاراً)، في حين وصل سعر كيس الطحين الواحد في وسط وجنوب القطاع، إلى 1000 شيقل أو أكثر (أي ما يعادل نحو 255 دولاراً). ويعاني وسط وجنوب قطاع غزة، من نقص حاد في توفر كميات الطحين بفعل الإجراءات الإسرائيلية وسرقة المساعدات من قبل بعض عصابات اللصوص، إلا أن الأوضاع في الشمال بالنسبة لتوفر الطحين أفضل حالاً بعد أشهر من المجاعة التي عانى منها سكان تلك المناطق، واضطروا حينها لطحن أكل الحيوانات من أجل سد رمق جوعهم. وبدأت هذه المعاناة في وسط وجنوب القطاع منذ نحو شهر فقط، مع توقف إمدادات المساعدات الغذائية، وسرقة غالبية ما كان يتم السماح بدخوله، الأمر الذي أدى لمفاقمة الوضع الإنساني. وأفاد المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، بأن القوات الإسرائيلية منعت ثلثي عمليات المساعدات الإنسانية المختلفة، البالغ عددها 129، من الوصول إلى قطاع غزة، الأسبوع الماضي. وأجبر الواقع الحالي، أصحاب المخابز لنشر مسلحين لحماية الطحين المتوفر لديها، ومنع سرقته من قبل عصابات اللصوص المنتشرة بشكل كبير. ولجأت بعض المخابز لاستئجار أولئك المسلحين على هيئة حراس أمنيين، في حين اتفق وجهاء ومخاتير وجهات مختصة مع مسلحين من عوائل لحماية المخابز في مناطقهم التي يعيشون فيها. ويتخوف السكان من استمرار إسرائيل في التلاعب بإدخال كميات مساعدات كافية، الأمر الذي سيفاقم من حالة المجاعة التي تزداد حالياً في مناطق وسط وجنوب القطاع بشكل أكبر من الشمال الذي عاش هذه الظروف بشكل أقسى لأشهر عدة.