خضع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لجلسة تحقيق مطوّلة أمام المحامي العام التمييزي القاضي عماد قبلان اليوم (الأربعاء)، الذي استجوبه على مدى ساعة و20 دقيقة، حول مضمون النشرة الحمراء الصادرة عن الإنتربول الدولي، استجابة لمذكرة التوقيف الفرنسية التي أصدرتها القاضية أود بوريزي الثلاثاء الماضي، إثر تغيبه عن جلسة استجوابه التي كانت مقررة في باريس.
وأفاد مصدر قضائي مواكب للجلسة، بأن قبلان «أطلع سلامة على التهم والجرائم المنسوبة إليه الواردة في متن النشرة الحمراء، وتتعلق بالاختلاس والتزوير والاحتيال وغسل الأموال». وأكد المصدر لـ«الشرق الأوسط» أن «سلامة نفى كل ما نسب إليه، واعتبر أن مذكرة التوقيف الفرنسية غير قانونية، وأنه تقدم بواسطة وكيله القانوني في باريس بطلب لإبطالها، كما أنه سيتقدم بطلب لدى الأمانة العامة للإنتربول الدولي لوقف العمل بالنشرة الحمراء وتعليقها إلى حين البت بالطعن الذي قدّمه في فرنسا».
حقائق
17 دولة
ستسلك مسلك فرنسا ضد رياض سلامة
ولم يفصل حاكم البنك المركزي بين هذه الإجراءات والحملة السياسية التي تستهدفه في بيروت والخارج. وبحسب المصدر القضائي، فإن سلامة «عزا تحريك هذه الدعاوى ضدّه في أوروبا لخلفيات سياسية، حيث قدّم جردة بالعقارات والحسابات المالية الطائلة التي كان يملكها قبل تعيينه حاكماً للبنك المركزي في العام 1993». وأشار إلى أن الحاكم «كرر ما أدلى به أمام الوفود القضائية الأوروبية، لجهة تبيان مصدر ثروته المالية التي جناها عبر استثماراته الخاصة قبل تعيينه حاكماً لمصرف لبنان، بالإضافة إلى راتبه الشهري في شركة (ميري لانش) الذي يفوق الـ150 ألف دولار شهرياً». وكشف المصدر أن سلامة «طلب من قبلان محاكمته في لبنان وعدم تسليمه إلى فرنسا».
وعلى إثر انتهاء الجلسة قرر المحامي العام التمييزي تركه رهن التحقيق ومنعه من السفر ومصادرة جوازي سفره اللبناني والفرنسي، وزوّده بصورة عنهما، وأرسل نسخة عن قرار منع السفر إلى جهاز الأمن العام لوضعه موضع التنفيذ.
صلاحية الملاحقة
وبحسب المصدر القضائي نفسه فإن قبلان «نظم محضراً بوقائع الجلسة وأقوال سلامة، وكلّف رئيس قسم المباحث الجنائية المركزية العقيد نقولا سعد، بتسليم شعبة الاتصال الدولي (الإنتربول) محضر الجلسة، لإرساله إلى السلطات القضائية الفرنسية لإخطارها بتنفيذ مضمون النشرة الحمراء، مرفقاً بطلبٍ لإيداع لبنان ملفّ الاسترداد». وقال المصدر: «عندما يتسلّم لبنان الملفّ الفرنسي يتثبّت ما إذا كانت الأدلة التي استندت إليها أود بوريزي للادعاء على سلامة وإصدار مذكرة التوقيف قوية وصلبة، عندها تبدأ ملاحقته في لبنان، أو يصار إلى حفظ الملفّ إذا ما كانت الأدلة غير كافيه»، مشيراً إلى «استحالة تسليمه إلى فرنسا لأن صلاحية الملاحقة تعود للقضاء اللبناني».
في هذا الوقت التقى النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات في مكتبه في قصر العدل وفداً من السفارة الألمانية في بيروت مؤلفاً من القنصل والملحق الأمني، حيث أبلغه الوفد بصدور مذكرة التوقيف بحق سلامة وأن المدعية العامة في ميونيخ ستعمّم هذه المذكرة عبر الإنتربول، وأن القاضية التي أصدرت المذكرة لديها الأدلة الكافية التي استندت إليها لاتخاذ هذا القرار.
اقرأ أيضاً
وكشف مصدر بارز في النيابة العامة التمييزية لـ«الشرق الأوسط»، عن معلومات تفيد «بأن 17 دولة ستسلك المسار القانوني الذي سلكته فرنسا، وتصدر مذكرات توقيف بحق سلامة»، معتبراً أن «هذه التطورات المتلاحقة تضع القضاء اللبناني أمام ضغط كبير يصعّب مهمّة تعاطيه مع هذا الكم الهائل من الدعاوى، والتي تستدعي فتح ملف لكل قضية، وربما لاحقاً إجراء محاكمة خاصة بملفّ كلّ دولة على حدة، إلّا إذا قررت المراجع القضائية في لبنان لاحقاً توحيد هذه القضايا في ملفّ واحد بالنظر لتلازم الجرائم المزعومة وتشابهها».
هنغاريا: مليون دولار
ووفق مصادر النيابة العامة، فقد «تلقى القاضي عماد قبلان اتصالاً من مسؤول قضائي في هنغاريا أبلغه فيه أنه جرت مصادرة مبلغ مليون دولار عائد لسلامة، ومودع بأحد مصارف بلاده». ولفت إلى أن المسؤول الهنغاري «أبلغ أن المبلغ حجز لصالح الخزينة اللبنانية وطلب تزويده برقم حساب في بيروت لتحويل المبلغ إليه».