شدد راي بيسيلي نائب الرئيس للأعمال الدولية في شركة «لوكهيد مارتن» العالمية للصناعات الدفاعية، على أن السعودية شريك عالمي رئيسي، وهي أهم أسواق الشركة استراتيجية على مستوى العالم، مؤكداً أن الشراكة الممتدة لأكثر من 60 عاماً مع المملكة انتقلت من مجرد تزويد بالمنظومات إلى بناء منظومة دفاعية وصناعية متكاملة تتماشى مع مستهدفات «رؤية 2030».
وقال بيسيلي في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» إن «السعودية شريك عالمي رئيسي لـ(لوكهيد مارتن)، وليست مجرد سوق لمنتجات الدفاع المتقدمة»، موضحاً أن المملكة وضعت «ثقة كبيرة» في الشركة من خلال استثمارات واسعة في منصاتها وأنظمتها الدفاعية. وأضاف: «نحن لا نقدم مجرد منصات، بل نعمل مع المملكة على بناء هندسة دفاعية متعددة الطبقات، والمساهمة في تشكيل مستقبل قدراتها الدفاعية».
وأشار إلى أن الشراكة لا تقف عند حدود التسليح، بل تمتد إلى الصناعة ونقل المعرفة، قائلاً إن «(لوكهيد مارتن) أقامت شراكات متينة مع القطاع الصناعي المحلي، ووفرت فرصاً في سلاسل الإمداد، كما عملت مع شركاء سعوديين على تطوير تقنيات جديدة».

ولفت إلى أن أحد أبرز ما تعتز به الشركة هو تعاونها مع الجامعات السعودية في تنمية رأس المال البشري، خاصة في مجالات العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات (STEM)، مضيفاً: «مع انطلاق (رؤية 2030) كان واضحاً أن النمو الصناعي يحتاج إلى الكفاءات والمهارات المناسبة، واليوم كثير من الشباب الذين ساهمنا في تدريبهم أصبحوا جزءاً من القوى العاملة، يدعمون الشركات الجديدة ويسهمون في تطوير منتجاتنا داخل المملكة، وهذا عنصر محوري بالنسبة لنا».
وتُعد «لوكهيد مارتن» الشركة المصنِّعة للمقاتلة الشبحية المتقدمة «إف – 35»، التي شكّلت محوراً رئيسياً في النقاشات الدفاعية التي سيتم مناقشتها خلال زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة، لا سيما بعد تصريحات للرئيس الأميركي دونالد ترمب أمس والتي تحدث فيها عن اعتزام الولايات المتحدة بيع هذه الطائرة للسعودية، في خطوة عكست مستوى الثقة الاستراتيجية بين البلدين وحجم الدور الذي يمكن أن تضطلع به الصناعات الدفاعية الأميركية في دعم قدرات المملكة الدفاعية المستقبلية.
مستهدفات التوطين
وعن الدور الذي تلعبه «لوكهيد مارتن» في تحقيق مستهدفات توطين الصناعات العسكرية، أوضح بيسيلي أن الشركة كانت حاضرة «منذ اللحظة الأولى لإطلاق الرؤية»، حتى قبل استكمال الإطار التنظيمي للصناعة العسكرية في المملكة.
وقال: «بدأنا من قاعدة من الثقة المتبادلة، ومع تأسيس كيانات سعودية محورية مثل الهيئة العامة للصناعات العسكرية (GAMI) والشركة السعودية للصناعات العسكرية (SAMI)، اتضح مدى جدية المملكة؛ فالانتقال من توطين بنحو 2 في المائة إلى استهداف 50 – 60 في المائة قفزة ضخمة، ونحن فخورون بأن نكون شركاء في هذه الرحلة».
وبيّن أن قدرة الشركة على العمل داخل منظومة سلاسل الإمداد السعودية «تنمو بوتيرة متسارعة عاماً بعد عام»، مشيراً إلى أن منصات «لوكهيد مارتن» باتت حاضرة في المملكة، وأن التركيز الحالي يتجه إلى تعميق أعمال الصيانة والإصلاح والعمرة (MRO) وأنشطة الاستدامة، وبناء المهارات المحلية بهدف الوصول في المدى البعيد إلى تصنيع هذه المنصات داخل السعودية.
ثلاثة محاور
وأوضح بيسيلي أن استراتيجية الشركة في المملكة تقوم على ثلاثة محاور رئيسية تتمثل في تطوير رأس المال البشري، وتعزيز أنشطة الصيانة والدعم الفني و«MRO»، ودفع التقنيات المتقدمة في مجالات الأمن السيبراني والمرونة والتقنيات الناشئة، بما يواكب تطور التهديدات الحديثة.
وأضاف: «رؤيتنا أن تكون (لوكهيد مارتن) أول شركة تلجأ إليها المملكة عندما تواجه تحدياً، سواء لطلب حل أو مشورة أو شراكة موثوقة، سواء كان الجواب من خلال أحد منتجاتنا أو عبر مقاربة أخرى تناسب احتياجات حماية الشعب السعودي».
حجزت #السعودية مقعداً بجانب 20 دولة تتملك المقاتلة «الأكثر تقدما في العالم»، فماذا نعرف عن «إف 35» التي وافق #ترمب على بيعها للمملكة؟التـفاصيل كامـلة عبر #ثريد_الشرق_الأوسط pic.twitter.com/F9VQMSYQdc
— صحيفة الشرق الأوسط (@aawsat_News) November 18, 2025
وحول أسباب نجاح «لوكهيد مارتن» في السوق السعودية، أرجع بيسيلي ذلك إلى «مزيج من الرؤية والالتزام» من جانب المملكة، وقال: «عندما تقرر السعودية أن تفعل شيئاً، تستثمر فيه بجدية عبر توفير الموارد والتمويل والكوادر المتخصصة. منذ البداية كانت الاستثمارات كبيرة، وكان علينا أن نواكب هذا الطموح». وضرب مثالاً بطموح بناء قدرات في مجال المواد المركّبة، حيث تم توفير المعدات اللازمة بالتوازي مع تنمية الخبرات المحلية، مضيفاً: «تعاونّا مع الشركة الوطنية للتصنيع بالإضافة والابتكار (نامي) للمساهمة في إنشاء منشأة للمواد المركّبة ضمن مشاريعنا للتصنيع المحلي».
وأشار إلى أن هذه المنشأة باتت اليوم تخدم ليس فقط «لوكهيد مارتن»، بل نطاقاً أوسع من الصناعات الدفاعية والفضائية وقطاع السيارات وغيرها، «ما يخلق قدرة مستدامة تتجاوز أي مشروع منفرد».
تصنيع مكونات منظومة الدفاع
وكشف بيسيلي عن أن الشركة نجحت أيضاً في توطين تصنيع عدد من مكوّنات منظومة الدفاع الصاروخي «ثاد»، إلى جانب شراكات مع شركات سعودية مثل «ميبك» و«إيه آي سي ستيل» لدفع إنتاج الحساسات العالية التقنية باستخدام التصنيع بالإضافة إلى (الطباعة الثلاثية الأبعاد).
وقال إن «الشراكة الحقيقية تعني بناء منظومة متكاملة للصناعات الدفاعية والفضائية، تبدأ من الاستثمار في الجامعات، وتمتد إلى المشاريع المتقدمة في الفضاء والأقمار الصناعية»، مشدداً على أن الهدف هو «السير معاً على خريطة طريق للتقنية تضمن البقاء في موقع متقدم أمام التهديدات المتغيرة».
وشدد نائب الرئيس للأعمال الدولية في «لوكهيد مارتن» على تأكيد متانة العلاقة بالمملكة، وقال: «أستمتع بالعمل في السعودية ومع شعبها، وأعدّ المملكة واحدة من أهم عملائنا على مستوى العالم، وشريكاً طويل الأمد في بناء مستقبل الدفاع والصناعات المتقدمة».

