مقتل 5 مهربين على الحدود الأردنية بعد ساعات من اجتماع وزراء الداخلية

الجيش يحبط تهريب كميات كبيرة من المواد المخدرة من الأراضي السورية

دوريات الجيش الأردني على طول الحدود مع سوريا لمنع تهريب المخدرات في أبريل 2023 (أ.ف.ب)
دوريات الجيش الأردني على طول الحدود مع سوريا لمنع تهريب المخدرات في أبريل 2023 (أ.ف.ب)
TT

مقتل 5 مهربين على الحدود الأردنية بعد ساعات من اجتماع وزراء الداخلية

دوريات الجيش الأردني على طول الحدود مع سوريا لمنع تهريب المخدرات في أبريل 2023 (أ.ف.ب)
دوريات الجيش الأردني على طول الحدود مع سوريا لمنع تهريب المخدرات في أبريل 2023 (أ.ف.ب)

قُتل 5 مهربين وأصيب 4 آخرون في عملية نفذتها القوات المسلحة الأردنية (الجيش العربي)، الأحد، على الواجهة العسكرية الشرقية، في وقت جرى فيه ضبط كميات كبيرة من المخدرات، وتحويل المضبوطات إلى الجهات المختصة. وجاء الإعلان العسكري بعد ساعات من انتهاء اجتماع رباعي لوزراء داخلية الأردن وسوريا والعراق ولبنان.

وصرَّح مصدر عسكري مسؤول في القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية بأن المنطقة العسكرية الشرقية، بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية العسكرية، وإدارة مكافحة المخدرات، «أحبطت فجر الأحد ضمن منطقة مسؤوليتها، محاولة تسلل وتهريب كميات كبيرة من المواد المخدرة قادمة من الأراضي السورية».

وفيما جاءت العملية التي أحبطها الجيش الأردني بعد ساعات من اجتماع وزراء الداخلية الأردني والعراقي والسوري واللبناني في عمان، السبت، اعتبر مراقبون أن توقيت العملية يحمل رداً سورياً على أي جهد لتطويق أزمة تهريب المخدرات بشكل منظم. كما أن توقيت العملية يندرج تحت بند ما يمكن اعتباره موقفاً سورياً رافضاً لـ«اتفاق تأسيس خلية اتصال مشتركة مع العراق وسوريا ولبنان، بهدف متابعة المعلومات وتتبع الشحنات حتى وجهتها النهائية بمواجهة آفة المخدرات».

اجتماع وزراء داخلية الأردن وسوريا ولبنان والعراق في عمان السبت (وكالة الأنباء الأردنية)

الاجتماع الذي حضره الوزير العراقي عبد الأمير الشمري، والسوري محمد خالد الرحمون، واللبناني بسام مولوي، استمر لنحو 3 ساعات بعيداً عن الإعلام، ولم تتضح الصورة حول مجريات المناقشات ومدى التباين أو التوافق بين الوزراء، ومن دون أن يخرج عن اللقاء الأول من نوعه، أي توصيات. كما لم يصدر بيان ختامي كما جرت العادة في مثل هذه اللقاءات، في حين لم يصرح أحد من الوفود المشاركة للصحافيين.

ولم يجب اللقاء الرباعي على سؤال الفرق بين «تأسيس» و«تشكيل» خلية التنسيق، ما يترك الباب مفتوحاً على تحليل التباينات في مواقف الأطراف المشاركة. وجاء التعامل مع أزمة اقترب عمرها من 10 سنوات، وانفجرت تداعياتها مؤخراً لتطول ما هو أبعد من دول جوار سوريا، وأن «التأسيس» ليس مطلباً للمرحلة، بمقدار أولوية مواجهة خطر المخدرات من خلال «التشكيل» لخلية العمل، مسنودة بالخبرات العملياتية والاستخباراتية.

صورة نشرتها حركة «رجال الكرامة» بالسويداء لمصنع إنتاج المخدرات في مقر مجموعة مسلحة جنوب سوريا

الاجتماع، الذي عقد صباح السبت في العاصمة عمان، جاء بعد أسابيع قليلة من تصريحات رسمية سورية أردنية متبادلة، حول «عدم جدية» دمشق في وضع حدّ لعمليات تهريب المخدرات القادمة من أراضيها، واتهام عمان لدمشق «بعدم ممارسة سيادتها على أراضيها، ورعايتها الرسمية لميليشيات محسوبة على الجيش النظامي وعلى (حزب الله) اللبناني المدعوم من إيران»، الأمر الذي استدعى تنفيذ 4 طلعات جوية قصفت مصانع ومستودعات في الجنوب السوري، دون أن يتبنى الأردن رسمياً تلك العمليات.

مبنى مدمر في أعقاب غارة جوية أردنية على السويداء جنوب سوريا في يناير الماضي (رويترز - السويداء 24)

دمشق من جهتها استنكرت تنفيذ تلك الطلعات الجوية التي سقط نتيجتها ضحايا من الأطفال والنساء، معتبرة أن عمليات «القصف غير مبررة» في الداخل السوري، لتردّ مصادر رسمية أردنية وقتها بأن الموقف السوري جاء «مشبعاً بالمغالطات»، وقلّلت ذات المصادر من أهمية ردود الفعل السورية، التي جاءت لـ«احتواء غضب» مناطق في الجنوب السوري، من عشائر ومجاميع سكانية، تتهم «النظام السوري بالتحالف ودعم ميليشيات تهريب المخدرات نحو الأردن، وأن الجهات المحسوبة على النظام تغامر بأمن وسلامة السكان المدنيين، وأن تلك أزمة سورية داخلية».

قصف طيران مجهول الصيف الماضي مزرعة يعتقد أنها تنتج المخدرات بالسويداء جنوب سوريا (مواقع التواصل)

وعلى مدى السنة الماضية، دُفنت توصيات سلسلة الاجتماعات التشاورية التي عُقدت على المستوى السياسي في الرياض وعمان، بحضور أردني سعودي مصري عراقي سوري، منتصف العام الماضي، في حين توقفت اجتماعات الفرق الأمنية السورية الأردنية التي تمت الدعوة إليها على أعلى المستويات، بحضور قيادات الجيش وأجهزة المخابرات. خصوصاً في ظل ما قالت عنه عمان، على لسان مصادر رسمية، إن الجانب السوري لم «يلتزم بتطبيق ما خلصت إليه سلسلة اجتماعات أمنية بين الطرفين، وما خرج عنها من توصيات، وإن جميع ما تم التوافق عليه لم يُنفذ من قِبل السوريين، بعد تردد واضح وتباطؤ في تنفيذ وعودهم، وهو ما لا يمكن التعامل معه بحسن نوايا».

مهربون محليون قبض عليهم لتعاونهم مع عصابات في جنوب سوريا (القوات المسلحة الأردنية)

وفيما تؤكد مصادر محلية وجود نشاط يومي للمهربين القادمين من الأراضي السورية بنيَّة التسلل وتنفيذ عمليات تهريب منظمة على الحدود الشمالية الشرقية في المملكة. فقد أعلنت مصادر أردنية لـ«الشرق الأوسط»، في وقت سابق، أن ميليشيات التهريب في الجنوب السوري على ارتباط مع مجموعات محلية تقطن شرق البلاد (منطقة رويشد) القريبة من الحدود العراقية، وقد تم إلقاء القبض على مجموعات محلية منظَّمة تستقبل المهرَّبات، وتعيد تصديرها نحو العراق، أو تعيد بيعها في السوق المحلية.

وشهد الشهر الأخير من العام الماضي اشتباكات مسلحة بين قوات حرس الحدود الأردنية ومجموعات مسلحة قادمة من الداخل السوري، وألقي القبض على مجموعة منهم، في حين تم ضبط كميات كبيرة من المخدرات بحوزتهم.


مقالات ذات صلة

حرب غزة تدخل شهرها الثاني عشر... ولا مؤشرات على هدنة

المشرق العربي خيام النازحين الفلسطينيين على شاطئ مدينة رفح الفلسطينية جنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)

حرب غزة تدخل شهرها الثاني عشر... ولا مؤشرات على هدنة

دخلت الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة «حماس» شهرها الثاني عشر من دون مؤشرات إلى تراجع حدة القصف والغارات الإسرائيلية الدامية.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي دخان يتصاعد من بلدة مرجعيون في جنوب لبنان بعد قصف إسرائيلي (أ.ف.ب)

الجيش الإسرائيلي يشن ضربات على «حزب الله» في جنوب لبنان

أعلن الجيش الإسرائيلي، صباح الأحد، أنه شن سلسلة من الغارات الجوية على أهداف لـ«حزب الله» في جنوب لبنان، مؤكداً أنه اعترض عدداً من المقذوفات التي أطلقت من لبنان.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية دخان يتصاعد جنوب لبنان بعد قصف إسرائيلي يوم أمس السبت (ا.ف.ب)

«حزب الله» يعلن قصف شمال إسرائيل رداً على مقتل مسعفين بجنوب لبنان

أعلن «حزب الله» اللبناني أنه أطلق وابلاً من الصواريخ على شمال إسرائيل رداً على هجوم أسفر، وفقاً لوزارة الصحة اللبنانية، عن مقتل ثلاثة مسعفين بجنوب لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي دخان أبيض كثيف يتصاعد من منطقة مرجعيون في جنوب لبنان قبالة مستوطنة «مطلة» الإسرائيلية بعد قصف إسرائيلي عنيف (د.ب.أ)

لبنان: «حزب الله» يقصف قاعدة إسرائيلية بصواريخ «كاتيوشا»

أعلن «حزب الله» اليوم (السبت) قصف قاعدة جبل نيريا الإسرائيلية بصليات من صواريخ «الكاتيوشا».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي غارة إسرائيلية تستهدف أحراج بلدة زبقين في جنوب لبنان (رويترز)

تراجع لهجة وعمليات «حزب الله» يقابله مواصلة إسرائيل قصفها المكثف

دخلت المواجهات العسكرية بين «حزب الله» وإسرائيل منذ فترة في مرحلة من الاستقرار النسبي، بعدما بات واضحاً أنه لا مصلحة للطرفين بتوسعة القتال.

بولا أسطيح (بيروت)

لبنان يواجه حزمة استحقاقات مالية «داهمة»

«مصرف لبنان المركزي»... (أرشيفية - رويترز)
«مصرف لبنان المركزي»... (أرشيفية - رويترز)
TT

لبنان يواجه حزمة استحقاقات مالية «داهمة»

«مصرف لبنان المركزي»... (أرشيفية - رويترز)
«مصرف لبنان المركزي»... (أرشيفية - رويترز)

يشهد لبنان زحمة استحقاقات مالية مهمة ومتزامنة خلال الشهر الحالي، تبدأ بشروع الحكومة في مناقشة مشروع قانون الموازنة للعام المقبل، التي خُصصت لها جلسة بعد ظهر الثلاثاء، بعد إحالة المشروع قبل أيام من قبل وزارة المال، ولا تنتهي بانتظار قلق للغاية من صدور قرار «مجموعة العمل المالي الدولية (فاتف)» الذي يقضي بضم البلد إلى قائمة الدول غير المتعاونة كفاية في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، فضلاً عن اليوميات القضائية المرتقبة لقضية توقيف الحاكم السابق لـ«البنك المركزي» رياض سلامة.

رياض سلامة قبيل مغادرته مكتبه في «مصرف لبنان» يوم 31 يوليو 2023 بعد 30 عاماً من توليه المنصب (رويترز)

ويُبنى على كيفية إدارة هذه القضايا ومآلاتها لدى السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، وفق مسؤول مالي معني، لكشف مدى التغيير المنهجي وحدوده في معالجة الأزمات المتفاقمة اقتصادياً واجتماعياً، عشية مرور السنة الخامسة على انفجار الأزمات المالية والنقدية والاجتماعية، وما أنتجته من انكماش حاد في الناتج المحلي، وتبديد الثروات والاحتياطات، وارتفاعات قياسية في نسب التضخم ومعدلات الفقر، ووسط انغماس إضافي في حال «عدم اليقين» ربطاً بالمخاوف من توسع الحرب المستمرة على الحدود الجنوبية.

تجاهل الإصلاحات

وباستثناء إيجابية التوجه لالتزام الحكومة بإحالة مشروع الموازنة في موعده الدستوري قبل بدء الدورة الخريفية لمجلس النواب في الشهر المقبل، لمس المسؤول المعني «استمرار تجاهل الإصلاحات الهيكلية في إدارة المالية العامة، والاطمئنان الوهمي إلى التوازن الرقمي بين الإنفاق والواردات بالاعتماد على عزل الإنفاق الاستثماري وموجبات الدين العام، وبما يشمل خصوصاً مستحقات سندات الدين الدولية التي تعدّت مع فوائدها المعلقة حاجز 40 مليار دولار، بعدما أقدمت الحكومة السابقة في ربيع عام 2020 على إشهار عجز الدولة عن دفع أقساط الديون العامة».

حقائق

5 مليارات دولار

وفرة في أموال الدولة لدى «مصرف لبنان»

ورغم تحقيق وفرة في حساب الدولة لدى «البنك المركزي» بما يتعدى 5 مليارات دولار، موزعة بالليرة وبالدولار المحلي (المصرفي) والدولار النقدي (الفريش)، فإن أرقام مشروع الموازنة لحظت عجزاً بنحو 200 مليون دولار؛ أي بنسبة 4 في المائة، محتسبة على نفقات تبلغ نحو 4.78 مليار دولار، ومن دون احتساب خدمة الدين العام، مما سيثير تلقائياً إشكالات إضافية في المناقشات النيابية اللاحقة لإقرار المشروع في مجلس الوزراء، لا سيما في ظل الهواجس المتصاعدة من إمكانية إقدام حملة سندات «اليوروبوندز» الأجانب على مقاضاة الدولة لدى المحاكم الأميركية وفق مندرجات عقود الاستدانة، بعد مرور مهلة 5 سنوات على تعليق دفع الأصول والفوائد في الربيع المقبل.

لذلك، يرجّح، وفقاً للمسؤول المالي، أن يخضع مشروع الموازنة لعمليات تمحيص وتدقيق واسعة النطاق لدى لجنة المال النيابية واللجان المشتركة، طبقاً لخلاصاتها في تفنيد وتعديلات موازنة العام الحالي، لا سيما لجهة الإمعان في تغييب الرؤيتين الاقتصادية والاجتماعية لمشروع الموازنة، وتدني نسبة الاعتمادات المخصصة للنفقات الاستثمارية، فضلاً عن الخلل المتعلق بإعادة هيكلة القطاع العام وسلسلة الرواتب، والتمادي في تجاهل موجبات الشروع في التفاوض مع الدائنين بالدولار بعد تآكل وعدم معالجة فئة الديون المتوجبة بالليرة، ومعظمها يعود إلى «البنك المركزي» والمصارف وصندوق الضمان الاجتماعي وصناديق نقابية ومهنية.

إشكالية سعر الصرف

وبالترابط مع بنود الموازنة العامة، تبرز إشكالية سعر الصرف المعتمدة على سحوبات المودعين غير المستفيدين من الحصص الشهرية المتاحة بمعدل 400 دولار و330 و150 دولاراً وفق تعاميم خاصة صادرة عن «البنك المركزي». فالسحوبات الدولارية من الودائع، لا تزال تخضع لسعر صرف يبلغ 15 ألف ليرة لكل دولار، بينما يتكبد المودعون انفسهم سداد كامل الرسوم والضرائب وبدلات الخدمات العامة المختلفة بالسعر الساري البالغ 89.5 ألف ليرة للدولار الواحد.

وتمثل هذه الالتباسات منذ اعتماد الحاكم السابق، رياض سلامة، السعر الرسمي السابق لليرة في شهر فبراير (شباط) من عام 2023، فجوة إضافية في الجهود المنشودة لإعادة الانتظام المالي والمصرفي، بوصفها تكريساً غير مشروع للظلم اللاحق بالمودعين، خصوصاً لعشرات الآلاف من المتقاعدين الذين يعانون أساساً من هشاشة مداخيلهم، بعد اضمحلال شبه تام وبنسبة 98 في المائة لتعويضاتهم المحررة بالليرة، والمخاوف الكامنة من الاقتطاعات الكبيرة التي تقترحها المقاربات الحكومية لفئة المدخرات التي جرى تحويلها للدولار بعد انفجار الأزمات، عبر تصنيفها ضمن خانة «غير المؤهلة للسداد»، وبواقع 36 في المائة فقط بالتقسيط على 11 سنة لمبلغ مائة ألف دولار.

 

القائمة الرمادية

ويشير المسؤول المالي المعني إلى استحقاق لا يقل وزناً وأهمية خلال الشهر الحالي؛ لبُعده الدولي المؤثر في مجمل كيانات القطاع المالي وعملياته اليومية عبر الحدود. فرغم الجهود المضنية التي بذلتها السلطة النقدية في عواصم القرار المالي الدولية، فإن الاحتمال يظل مرتفعاً في مسألة إدراج لبنان أواخر الشهر الحالي من قبل «مجموعة العمل المالي الدولية (فاتف)» ضمن اللائحة الرمادية للدول التي تعاني قصوراً ملحوظاً في مكافحة الجرائم المالية.

وأفلحت المهمة الشائكة التي قادها حاكم «البنك المركزي» بالإنابة، الدكتور وسيم منصوري، في تحييد القنوات المالية للقطاع المالي والتحويلات من لبنان وإليه عن تداعيات القرار المحتمل لخفض تصنيفه في مجال مكافحة غسل الأموال، وربما تعديله إيجاباً في الأيام المقبلة، بعد جولة اجتماعات ومشاورات ختمها للتو في لندن مع رؤساء ومديرين في بنوك مراسلة لـ«المركزي» ولبنوك لبنانية، والمسبوقة بجولة مماثلة أجراها قبل نحو شهر في واشنطن، وشملت مسؤولين كباراً في وزارة الخزانة الأميركية و«صندوق النقد» و«البنك» الدوليين.