الراعي لـ«حزب الله»: البطولة في تجنب الحرب

عودة انتقد مصادرة «قرار الدولة» اللبنانية

صورة من صفحة البطركية في «فيسبوك» للراعي أثناء القداس
صورة من صفحة البطركية في «فيسبوك» للراعي أثناء القداس
TT

الراعي لـ«حزب الله»: البطولة في تجنب الحرب

صورة من صفحة البطركية في «فيسبوك» للراعي أثناء القداس
صورة من صفحة البطركية في «فيسبوك» للراعي أثناء القداس

رفع رئيسا أكبر طائفتين مسيحيتين في لبنان سقف الانتقادات لـ«حزب الله»، من غير أن يُسمّياه، حيث أكد البطريرك الماروني بشارة الراعي أن «البطولة هي في تجنّب الحرب، لا في صنعها»، في حين رأى متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس، المطران إلياس عودة، أن «قرار الدولة مُصادَر، والحرب تفرض عليها وعلى المواطنين».

وجاء الانتقادان في وقتٍ يعلن فيه «حزب الله» أنه ماضٍ في مواصلة العمليات العسكرية ضد إسرائيل من جنوب لبنان، حتى التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة؛ كون المعركة في الجنوب هي «جبهة دعم ومساندة لغزة».

وقال الراعي، في عظة الأحد: «في ضوء تعليم الكنيسة، نقول إن البطولة ليست في صنع الحرب بالأسلحة المتطوّرة الهدّامة، بل البطولة هي في العقل والإرادة والقلب الداعية والساعية إلى صنع السلام وتحقيق العدالة وتغليب المحبّة». وتابع: «البطولة هي في تجنّب الحرب، لا في صنعها».

وأكد الراعي أنه «لا يمكن الاستمرار في هذه الحالة من التباعد واللاثقة المتبادلين التي تُعطّل حياة الدولة وتُسمم المجتمع. فليضع الجميعُ فوق كلّ شيء هدف بناء الوحدة الوطنيّة بسُبل جديدة ولغة جديدة، وخصوصاً الولاء لوطننا النهائيّ لبنان». وأضاف: «فلنصلِّ إلى الله كي يمنحنا نعمة البطولة في تغليب السلام على الحرب، والتفاهم على التنازع، والحبّ على البغض، والخير على الشرّ، والوحدة على التفكّك».

من جانبه، قال المطران عودة، في عظة الأحد: «بلدنا يتقهقر لأنه يخسر مقوّمات ديمقراطيته، وينحدر إلى العشوائية والغوغائية والتسلط والفوضى». وسأل: «كيف ينمو بلد ويزدهر وهو بلا رئيس يقوده وفق ما يمليه دستوره؟ كيف يبنى بلد جيشه مستضعف؟ كيف ينعم بلد بالاستقرار والازدهار، والسلاح منتشر، وحدوده مستباحة، وقضاؤه مقموع، وإداراته قد أُفرغت من الكفاءات، وقرار الدولة مُصادَر، والحرب تُفرض عليها وعلى المواطنين؟!». وتابع: «ما ذنب المدنيين الأبرياء الذين يسقطون يومياً جرّاءها؟ كيف تُبنى الدولة عندما يستقوي البعض عليها، ويتخطى البعض قراراتها، ويتجاهل البعض الآخر وجودها؟ كيف تُبنى دولة والجميع يستغلّها؟ وكيف يكون المواطنون متساوين في الحقوق والواجبات فيما الرأي لمن في يده القوة والمال والسلطة؟!».

«حزب الله»: أحبطنا مخططاً إسرائيلياً

ويقول «حزب الله» إنه أحبط مخططاً إسرائيلياً لضرب لبنان، من خلال المشاركة الاستباقية في الحرب بعد اندلاع حرب غزة. وقال عضو كتلة «حزب الله» النيابية (الوفاء للمقاومة) النائب حسن فضل الله: «من الزاوية اللبنانية، فإن بلدنا، وخصوصاً الجنوب، من أكثر المعنيين بنتائج العدوان على غزة؛ لأنه في قلب الخطر وبلد مستهدَف من العدو الإسرائيلي، ومن أدلة ذلك ما سُرّب عن الضربة الاستباقية، وكذلك ممارسة الضغوط السياسية».

«حزب الله» يشيّع القيادي علي الدبس في مدينة النبطية الجمعة (د.ب.أ)

وتابع فضل الله، في تصريح: «بعد طوفان الأقصى، طرح العدو على كل الموفدين الذين يأتون إلى لبنان، وكذلك على الإدارة الأميركية، أنه بمعزل عن أي تطور على الجبهة اللبنانية، وعن المواجهة التي تجري اليوم، فإن إسرائيل لا تستطيع التعايش مع حدود لبنانية فيها قوة مثل قوة المقاومة، وطالبتهم بالذهاب إلى لبنان، وممارسة الضغوط لإيجاد معالجة والتخلص من وجود المقاومة في المنطقة الحدودية، وهذا ما جرى الرد عليه بوضوح بأن من يقرر في لبنان هم اللبنانيون من موقع القوة والقدرة التي توفرها المقاومة وصلابة شعبها».

ورأى أن «العدو الإسرائيلي ما كان مستعدّاً لترك هذه الجبهة، لذلك من بركات قتالنا أننا كشفنا كل المخطط الإسرائيلي، وأسقطناه قبل أن يبدأ، سواء بضربة استباقية أم بضغوط وتهديدات، لذلك فإن التضحيات التي يبذلها الشهداء ويدفعها أبناء الحدود من دمائهم وأرزاقهم، تحمي البلد وتمنع عنه حرباً إسرائيلية واسعة، وتُسقط مخططات إسرائيلية تريد تقويض عناصر القوة التي يمتلكها لبنان، وهي هذه المقاومة».


مقالات ذات صلة

رئيس الوزراء اللبناني: لا خيار لدينا سوى الحل الدبلوماسي

المشرق العربي رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي (رويترز)

رئيس الوزراء اللبناني: لا خيار لدينا سوى الحل الدبلوماسي

قال رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان، الأحد، إنه ليس لديه خيار سوى الخيار الدبلوماسي، رداً على سؤال بشأن الجهود الدبلوماسية لوقف تصعيد إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أنصار الأمين العام لـ«حزب الله» اللبناني حسن نصر الله يحملون صوره أثناء تجمعهم في صيدا بعد مقتله في غارة جوية إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)

بطريرك الموارنة: قتل إسرائيل لنصر الله جرح قلوب الشعب اللبناني

دعا بطريرك الموارنة في لبنان بشارة بطرس الراعي، وهو أكبر رجل دين مسيحي في البلاد، إلى الدبلوماسية في الصراع بين إسرائيل وجماعة «حزب الله» اللبنانية.

«الشرق الأوسط» (بيروت )
المشرق العربي عناصر من «حزب الله» يستقلون دراجة داخل إحدى القواعد بينما تظهر صور حسن نصر الله وقاسم سليماني على الجدار خلفهم (لقطة من فيديو لـ«حزب الله»)

«حزب الله» أمام مفترق طرق: رد حازم أو الهزيمة الكاملة

بعد مقتل أمينه العام حسن نصر الله، يبدو «حزب الله» أمام مفترق طرق، فإما أن يردّ بشكل غير مسبوق على إسرائيل، أو أن يكرّس صورة العاجز عن مقارعتها.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
آسيا وزير الخارجية الصيني وانغ يي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة 28 سبتمبر 2024 (رويترز)

وزير خارجية الصين يطالب بوقف شامل لإطلاق النار في الشرق الأوسط دون تأخير

قال وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، اليوم (السبت)، إنه يجب ألا يكون هناك أي تأخير في التوصل إلى «وقف شامل لإطلاق النار» في الشرق الأوسط.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي مناصرون لـ«حزب الله» يرفعون صورة نصر الله في احتفال في الضاحية الجنوبية إثر اغتيال قاسم سليماني (أ.ف.ب)

«حزب الله» يعلن مقتل نصر الله... ونعيم قاسم للقيادة مؤقتاً

تتجه الأنظار اليوم إلى الشخصية التي ستخلف نصر الله الذي يناديه مناصروه بـ«السيّد» أو «أبو هادي».

«الشرق الأوسط» (بيروت)

اغتيال نصر الله: ما الذي قد يفعله «حزب الله» وإسرائيل وإيران تالياً؟

مؤيد لـ«حزب الله» يحمل صورة حسن نصر الله خلال احتجاج على مقتله في العاصمة العراقية بغداد (إ.ب.أ)
مؤيد لـ«حزب الله» يحمل صورة حسن نصر الله خلال احتجاج على مقتله في العاصمة العراقية بغداد (إ.ب.أ)
TT

اغتيال نصر الله: ما الذي قد يفعله «حزب الله» وإسرائيل وإيران تالياً؟

مؤيد لـ«حزب الله» يحمل صورة حسن نصر الله خلال احتجاج على مقتله في العاصمة العراقية بغداد (إ.ب.أ)
مؤيد لـ«حزب الله» يحمل صورة حسن نصر الله خلال احتجاج على مقتله في العاصمة العراقية بغداد (إ.ب.أ)

يعد اغتيال إسرائيل لحسن نصر الله، زعيم «حزب الله» منذ أكثر من 30 عاماً، تصعيداً كبيراً في حرب الدولة العبرية مع الجماعة اللبنانية. ومن المحتمل أن يكون ذلك قد جعل المنطقة أقرب خطوة إلى صراع أوسع نطاقاً وأكثر ضرراً، يجذب كلاً من إيران والولايات المتحدة.

فإلى أين قد يتجه الأمر بعد هذا الاغتيال؟ يعتمد الأمر على حد كبير على الإجابة عن 3 أسئلة أساسية.

ماذا سيفعل «حزب الله»؟

تعاني الجماعة اللبنانية من «ضربة تلو الأخرى»، وفق ما ذكرته هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي). وقد تم تفكيك هيكلها القيادي، مع اغتيال أكثر من 12 من كبار قادتها، كما تم تخريب سلسلة اتصالاتها من خلال تفجيرات أجهزة «البيجر» وأجهزة الاتصال اللاسلكية الخاصة بها، كما تم تدمير كثير من أسلحتها في الغارات الجوية الإسرائيلية.

يقول محمد الباشا، المحلل الأمني ​​لشؤون الشرق الأوسط المقيم في الولايات المتحدة، إن «خسارة نصر الله ستكون لها تداعيات كبيرة، ومن المحتمل أن تؤدي إلى زعزعة استقرار الجماعة وتغيير استراتيجياتها السياسية والعسكرية على المدى القصير».

لكن أي توقع بأن الجماعة سوف تستسلم فجأة وتسعى للسلام بشروط إسرائيل، من المرجح أن يكون في غير محله. وقد تعهد «حزب الله» بالفعل بمواصلة القتال. ولا يزال لديه آلاف المقاتلين وهم يطالبون بالانتقام. كما لا تزال لديه ترسانة كبيرة من الصواريخ، كثير منها عبارة عن أسلحة بعيدة المدى ودقيقة التوجيه يمكنها الوصول إلى تل أبيب ومدن إسرائيلية أخرى. وسيكون هناك ضغط داخل صفوف الحزب لاستخدامها قريباً، قبل أن يتم تدميرها أيضاً.

لكن إذا فعلوا ذلك، في هجوم جماعي يتغلب على الدفاعات الجوية الإسرائيلية ويقتل مدنيين، فمن المرجح أن يكون رد إسرائيل مدمراً، ويلحق الدمار بالبنية التحتية في لبنان، أو حتى يمتد إلى إيران.

ماذا ستفعل إيران؟

يشكل هذا الاغتيال ضربة لطهران بقدر ما يمثل ضربة لـ«حزب الله». ولقد تم الإعلان بالفعل عن الحداد لمدة 5 أيام في إيران. كما تم اتخاذ احتياطات طارئة، حيث تم نقل الزعيم علي خامنئي إلى منطقة آمنة.

ولم تنتقم إيران بعد لـ«الاغتيال المهين» لرئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» الفلسطينية إسماعيل هنية، في دار ضيافة بطهران في يوليو (تموز). ومن المرجح أن اغتيال نصر الله سوف يدفع المتشددين في صفوف النظام إلى التفكير في نوع من الرد.

وتدعم إيران عدة ميليشيات وحركات مسلحة في المنطقة. فإلى جانب «حزب الله»، هناك الحوثيون في اليمن، وكثير من الجماعات في سوريا والعراق. ويمكن لإيران أن تطلب من هذه الجماعات تكثيف هجماتها على إسرائيل والقواعد الأميركية في المنطقة.

لكن أياً كان الرد الذي ستختاره إيران، فمن المرجح أن تكون حذرة فيه، بحيث لا يؤدي إلى إشعال حرب لا يمكنها أن تأمل في الفوز بها.

ماذا ستفعل إسرائيل؟

إذا كان هناك أي شك في نوايا إسرائيل قبل هذا الاغتيال، فلن يكون كذلك الآن. ومن الواضح أن إسرائيل ليس لديها أي نية لوقف حملتها العسكرية ضد لبنان، ولا حتى لوقف إطلاق النار لمدة 21 يوماً الذي اقترحته 12 دولة، بما في ذلك أقرب حليف لها، الولايات المتحدة.

ويعتقد الجيش الإسرائيلي أن «حزب الله» أصبح في موقف دفاعي الآن، لذا فهو يريد الاستمرار في هجومه، حتى تتم إزالة التهديد الذي تشكله صواريخ الحزب.

ومن دون استسلام «حزب الله»، وهو أمر غير مرجح، فمن الصعب أن نعرف كيف تستطيع إسرائيل تحقيق هدفها الحربي المتمثل في إزالة التهديد الذي تشكله هجمات الحزب دون تدخل بري في لبنان. ونشر الجيش الإسرائيلي لقطات لتدريبات المشاة بالقرب من الحدود لهذا الغرض بالذات، وفق «بي بي سي».

لكن «حزب الله» أمضى أيضاً السنوات الـ18 الأخيرة، منذ نهاية الحرب الأخيرة مع إسرائيل، في التدريب لخوض الحرب التالية. وفي خطابه العلني الأخير قبل وفاته، أخبر نصر الله أتباعه بأن التوغل الإسرائيلي في جنوب لبنان سيكون، على حد تعبيره، «فرصة تاريخية». وبالنسبة للجيش الإسرائيلي، سيكون الدخول إلى لبنان سهلاً نسبياً، لكن الخروج قد يستغرق شهوراً، كما يحدث في قطاع غزة.