بتسديدة «على الطاير»، ومتابعة على خط المرمى، ورأسية قوية مذهلة، فرض مهاجم الجزائر المخضرم بغداد بونجاح نفسه منقذاً لبلاده خلال كأس أمم أفريقيا لكرة القدم في كوت ديفوار، بتسجيله أهداف «محاربي الصحراء» الثلاثة بالبطولة، حيث يأمل في تفادي الخروج من دور المجموعات عندما يلاقي موريتانيا، الثلاثاء.
وبعمر الـ32 عاماً، لا يكف الهداف الخطير عن الركض حول الصندوق، ومشاكسة المدافعين، والقتال على كل العرضيات منذ الدقيقة الأولى حتى إطلاق صفارة النهاية.
أمام أنغولا افتتاحاً، وخلال 25 دقيقة فقط، كان لاعب السد القطري وصاحب المجهود الوفير قد هزّ الشباك مرتين.
حوّل «على الطاير» كرة عالية أرسلها يوسف بلايلي وفشل الدفاع في التعامل معها في الدقيقة الثامنة عشرة، قبل أن يهيئ عرضية لاعب أينتراخت فرنكفورت الألماني فارس شايبي على صدره ويتابعها بمقصية جميلة داخل المرمى، لكنّ الحكم ألغى الهدف بداعي التسلل.
في المباراة الثانية، وفي ظل ظروف مناخية صعبة من حرارة مرتفعة ونسبة رطوبة عالية، وبينما كانت بلاده على وشك الهزيمة أمام بوركينا فاسو (1 - 2)، انبرى بونجاح برأسه، وأطلق قذيفة قوية وسط مدافعي «الخيول» منقذاً بلاده من هزيمة محبطة (90+5)، بعدما أدرك التعادل مطلع الشوط الثاني بمتابعة على خط المرمى (51).
رفع بونجاح (30 هدفاً في 66 مباراة دولية) غلته إلى 3 أهداف في هذه النسخة وإلى 5 إجمالاً في 3 مشاركات أفريقية، لكنّ أهمهم على الإطلاق هدفه في 19 يوليو (تموز) 2019 في الدقيقة الثانية من مباراة بلاده النهائية ضد السنغال.
يتمتع بطل كأس العرب 2021 ببنية جسدية قوية وبلياقة بدنية عالية، وهو لا يكف عن طلب الكرة كلما تَسَلَّمَها زملاؤه على الرواقين.
ولا تزال الجزائر بانتظار الفوز الأول لها، منذ تخطي السنغال في نهائي 2019 في القاهرة، وهي مطالبة به أكثر لتفادي الخروج من دور المجموعات مرة ثانية توالياً، بعد تعادلها مع أنغولا 1 - 1 ثم بوركينا فاسو 2 - 2.
كان بونجاح الذي استهل مسيرته مع اتحاد الحراش الجزائري، بعيداً عن اختيارات مدربَي الجزائر السابقين البوسني وحيد خليلوزيتش والفرنسي كريستيان غوركوف اللذين لم يستدعياه أو يعتمدا عليه بشكل أساسي، رغم تألقه اللافت مع ناديه أو حين انتقل للنجم الساحلي التونسي.
وشكّل تعيين جمال بلماضي مدرباً للجزائر في أغسطس (آب) 2018 نقطة التحول في مسيرته الدولية؛ حيث وثق به وأشركه أساسياً، ففازا معاً بكأس أمم أفريقيا 2019 بعد غياب 29 عاماً.
هو الآن مطالب برد الديّن لبلماضي الذي واجه انتقادات كبيرة بعد الإخفاق في الصعود لمونديال 2022، وتوديع أمم أفريقيا 2021 التي أقيمت في العام نفسه من الدور الأول، ومساعدة بلاده على تحقيق الفوز والصعود إلى الدور ثُمن النهائي.
وقال بونجاح في تصريحات تلفزيونية بعد مباراة بوركينا فاسو: «سنحاول أن نفوز على موريتانيا ونحقق التأهل».
وتعد المباراة سهلة نظرياً أمام المنتخب الذي لقبُه «المرابطون»، والذي يشارك للمرة الثالثة توالياً دون تحقيق أي فوز على الإطلاق، والذي لم يتغلب على الجزائر في تاريخ مواجهاتهما.
هي فرصة جيدة لبونجاح، هداف كأس العالم للأندية 2020 مع السد، لزيادة غلته من الأهداف والمنافسة على لقب الهداف.
ويحب المهاجم المولود في وهران، والذي لم يهتم كثيراً بدراسته من أجل تسجيل الأهداف رفقة «أصحابه» في الشارع أو ناديه، الاستقرار، وهو ما برهن عليه باللعب لـ3 أندية فقط في مسيرته.
وبعد فوزه بكأس الاتحاد (الكونفدرالية) الأفريقي 2015 (متوجاً هدافاً للمسابقة بسبعة أهداف)، وكأس تونس 2014 و2015 رفقة النجم الساحلي، غادر اللاعب المشهور بـ«السفاح» فريق مدينة سوسة الساحلية على البحر المتوسط نحو السد على الخليج العربي في 2015.
ومن ذلك الحين تألق وسجل أكثر من 200 هدف في كل المسابقات، بينهم 13 هدفاً في دوري أبطال آسيا 2018 توّجته هدافاً حينها للمسابقة. ويعيش فورمة جيدة هذا الموسم، حيث سجل 10 أهداف في 16 مباراة في مختلف المسابقات، وأصبح هداف فريقه التاريخي.
وبعد لقاء بوركينا فاسو قال بونجاح أفضل لاعب في الجزائر في 2018: «بالنسبة لي التهديف يعطيني ثقة وعزيمة... أكيد أنا مهاجم لا بد أن أسجّل أهدافاً». لكنّه شدّد أيضاً «على ضرورة اللعب مع المجموعة، والمساهمة في الدفاع».