في الدقيقة الـ100 من مواجهة ليفربول ضد برنتفورد الأسبوع الماضي، سنحت للفريق فرصة أخيرة للتعادل. استقبل أليكسيس ماك أليستر الكرة على الجهة اليسرى ومرر عرضية مثالية نحو القائم البعيد، حيث كان محمد صلاح يراقبها بكل تركيز. لكنّ النجم المصري، الذي اختار تسديدها بقدمه اليسرى القوية رغم أن الموقف كان أنسب لليمنى، أرسلها عالية فوق المرمى.
المشهد لا يُقصد به انتقاد صلاح، خصوصاً أنه سجّل قبل دقائق هدفاً رائعاً بقدمه اليمنى الضعيفة نسبياً. لكنه يُظهر مدى استعداد اللاعبين لتعديل أجسادهم بالكامل من أجل التسديد بقدمهم المفضّلة.
وبحسب شبكة «The Athletic»، فإن الجدل حول «ثنائية القدم» بين اللاعبين لا يتوقف. البعض يرى أن التسديد بالقدم الأقوى يمنح دقة أكبر، فيما يرى آخرون أن استخدام القدم الأضعف يفتح زوايا إضافية للتسديد ويجعل المهاجم أكثر تنوعاً.
دراسة شاملة عبر الدوريات الخمسة الكبرى في أوروبا أظهرت أن اللاعبين يميلون لاستخدام قدمهم الأقوى كلما ابتعدوا عن المرمى. ومن المنطقي أن يسدد اللاعبون القادمون من الجهة اليسرى بيمينهم، والعكس بالعكس.
منذ موسم 2018 - 2019، وُجد أن 70 في المائة من لاعبي «البريميرليغ» يعتمدون على القدم اليمنى (بأكثر من 60 في المائة من تسديداتهم)، مقابل 26 في المائة لليسرى، و4 في المائة فقط يُعدّون «ثنائيي القدم» (بفارق لا يتجاوز 10 في المائة بين التسديد باليمين واليسار).
في إنجلترا، تصدّر لاعب آرسنال إيثان نوانيري القائمة بأعلى نسبة تسديدات بالقدم اليسرى (96 في المائة)، يليه تايلر ديبلينغ وكول بالمر (92 في المائة لكل منهما). أما من ناحية القدم اليمنى، فجاء ماتيو كوفاسيتش ورايان غرافينبيرخ في المقدمة بنسبة (97 في المائة).
وفي المقابل، كان دانغو واتارا (برينتفورد) من أكثر اللاعبين توازناً (55 في المائة يسار و45 في المائة يمين)، يليه أنطوان سيمينيو (بورنموث) بنسبة شبه مثالية (54 في المائة يسار و46 في المائة يمين) - وهو اللاعب الأكثر تسديداً في إنجلترا منذ بداية موسم 2024 - 2025، بـ144 تسديدة غير ناتجة عن ركلات جزاء.
وعلى الرغم من أن محمد صلاح يفضل استخدام قدمه اليسرى بشكل شبه حصري (فقط 15 في المائة من تسديداته باليمنى الموسم الماضي)، فإنه أنهى الموسم بـ29 هدفاً، وحاز الحذاء الذهبي للمرة الرابعة في مسيرته، ليؤكد أن الإبداع لا يحتاج إلى التماثل بين القدمين.

مقارنة الثلاثي الأبرز في أوروبا تكشف فروقات مثيرة: هاري كين استخدم قدمه اليسرى في نحو 29 في المائة من تسديداته الموسم الماضي، وهي نسبة متزنة ساعدته في الفوز بلقب هداف «البوندسليغا» مرتين متتاليتين مع بايرن.
إيرلينغ هالاند رفع استخدام قدمه اليمنى بشكل لافت في موسم 2021 - 2022، بعدما عمل مع المهاجم الألماني السابق ألكسندر تسيكلر، لتحسينها في دورتموند.
لياندرو تروسار من آرسنال يُعد من القلائل الذين يملكون توازناً شبه مثالي، إذ استخدم القدمين بالتساوي خلال موسمي 2020 - 2021 و2022 - 2023.

النجم الفرنسي عثمان ديمبيلي هو المثال الأوضح على اللاعب «ثنائي القدم» الحقيقي في كرة القدم الحديثة. منذ أيامه في رين، قال ساخراً: «أنا أعسر، لكني أسدد أفضل بقدمي اليمنى».
ديمبيلي يبدّل قدمه المهيمنة كل موسم تقريباً - ففي بعض السنوات يسدد أكثر باليمين، وفي أخرى باليسار - دون أن يؤثر ذلك على فاعليته. تجلى هذا التوازن في ركلة الترجيح الشهيرة أمام ليفربول في ثمن نهائي دوري الأبطال الموسم الماضي، عندما تظاهر بالتسديد بيسراه، ثم دار حول الكرة ليسددها بيمناه مخادعاً أليسون.
بفضل هذا التنوع، أنهى الموسم بـ35 هدفاً، وقاد باريس سان جيرمان إلى رباعية تاريخية محلية وأوروبية.
اللاعبون القادرون على التسديد بكلتا القدمين يظلون عملة نادرة، لكن البيانات الحديثة تشير إلى زيادة تدريجية في عددهم. ومع تطور التحليل التكتيكي وكمّ المعلومات المتاحة للمدافعين، سيحتاج المهاجمون في المستقبل إلى مزيد من المرونة وعدم التنبؤ - تماماً كما يفعل ديمبيلي.
ربما يكون الفرنسي قد رسم بالفعل خريطة الطريق لجيل جديد من المهاجمين متعددي المهارة.

